شتاءٌ أخرس

נכתב על ידי ii7ii7ii

36.3K 2.6K 4.7K

أولا ترى؟ أولا تشعُر ايها الشتاء؟ لماذا لا يمسُك دفئي لمره؟ עוד

سقوط
توجُّس
شُعله
ليْـل
صمت
ندم
رُكود
غَرَق
عَوْم
وعـي
مغفره
ذهاب
نُضج
منفى
بحر
وهج

عُزله

1.6K 133 191
נכתב על ידי ii7ii7ii

تجمدت أطرافي وعيوني عليه، اشعُر بخفقان قلبي يتسارع أكثر فأكثر حتى بردَ صدري، مشيت أجرُّ اقدامي الرافضه نحوَ من افترشَ الأرض موتًا ولمّا وضعتُ يدي على عُنقه ولم اشعُر بنبضه خرجت شهقةً مصعوقةً من قلبي

"جونغكوك قتلته!"
قلتُ التفت إليه وصوتي ماتَ موتةً أكبر، ويداي التي رفعتُها الكم بها صدره كانت اشدُّ غيظًا مني فلم تتوقف عن إيلامه لثانيه

تجاهلني يُدخل مُسدسه في جيبه فرفعتُ رأسه مدهوشًا منه، ولم يندم ولم ينظُر تجاهَ والتر مرةً واحده على الأقل بل اخرجَ هاتفه يُحادث شخصًا ليأتي ويأخذ الجُثة!

"لنذهب"
همسَ بهدوء واحسُّ بلوعة قلبي ودموعي التي احرقت وجهي تؤنبه بكل ما لم استطع إخباره، لكنهُ استمرَ في سحقي وهوَ يأخذ نموذج تجربتي ويمشي قبلي الى السيارة كما لو انهُ لم يفعل شيئًا ..

عدتُ للخلف اتمسكُ بالطاوله عندما لم تحملني اقدامي، كنتُ خائفًا من والتر الميت بجانبي لكن خوفي لم يكُن بشيء امامَ خوفي ممن خرجَ قبل قليل وكأنهُ لم يقتل

"أبي"
قلتُ بسرعه بعد ان اتصلتُ عليه باكيًا وارى اطرافي ترتجف اكثرَ من قبل وكتفاي تعلو وتهبط لشدة بُكائي

"عزيزي؟"

"أبي جونغكوك قاتل"
قلتُ بسرعه واشعُر بأنفاسي تأكُل صوتي وعيناي خرجت تُحدق في الباب خوفًا من قدومه

"تايهيونق اهدأ ما بك؟"

"جونغكوك قتلَ صديقي أمامي، انا خائف ارجوك تعالَ إلي"
بكيتُ بقوه اتوسله محاولًا عدم النظر لوالتر، كان كل شيءٍ بي يرتجف وانا سُجنت في رصاصته دونَ خلاص

ان قلتُ ان الخذلان شيءٌ متجذرٌ بي فهل يشمل ذلك جونغكوك؟ رغم ان عيونه كانت تنطقُ بأنهُ قاتل لمَ انا اتألمُ الآن لفكرة انها حقًا قاتل؟ ماذا كنتُ أُريده؟ وقلبي الآن يضيقُ بي حتى اسقطتُ الهاتف من يدي وبدأتُ الكمه، الكمه بقوةٍ لم احسُّ بها ستوقف هذا الوجع

كانت عيون جونغكوك التي تُحدق بي وهو يقف بجانب الباب تلتفُ حولَ عُنقي وتختقني، أكانَ الليلُ باردًا هكذا من قبل؟ أكانَ سرمديًا حتى؟ لماذا وانا اعلم كم اني كثيرُ التساؤل، لكن حقًا لماذا لا ينتهي الليل حينَ أُريد؟ قسمًا لأنهيتُه قبل ان تفعل وتقتله، قبل ان تربط ايامي القادمه بدماء والتر التي بدأت تتسرب بجانبي، واعلم وانتَ تراني الآن مُنهارًا اجهشُ بالبُكاء والعنُك بما يعرفهُ لساني من لعنات واكرهُك كثيرًا في داخلي انك قتلتَ ما تبقى لي من أشخاص، سلبتني اشياءً لم تبدأ بعد

شمسًا مُشرقه غربت بسببك يا جونغكوك، وامتدادُ البحر انتَ من استدعى جزره، حكمتَ على كل الأشياء في حياتي بالقتل.

"لنذهب"
توقفتُ عن بُكائي اُحدق فيك واتساءل ان كانت تلك قسوتك!
هل حقًا هذا انت؟ ام انك زيف؟

"لماذا قتلته؟"
جرشَ بُكائي نبرتي وتوالت شهقاتي وهذا الخوف النامي بي حفظَ صورتك داخلي عن ظهر قلب

"مرحبًا سيد مورتيمر"
ولما بدا لي انك احقر من ان تُجيب سؤالي واحقر من تُهديني بصيصًا فيك، واخرجت هاتفك لتُحادث والدي، كرهتُك حقًا.

"هلّا اتيت لأخذ تايهيونق، يبدو لي مُنهارًا"
صرختُ بقوه العنك حتى تقطعت حبالي، حتى تعبتُ من بُكائي ومنك وسقطتُ ارضًا اضيعُ في نومٍ عميق بعد ان رميتَ آخر كلماتك لي

"تُبالغ كما لو انهُ كان صديقُكَ حقًا"
كانت تلك آخرُ شيءٍ سمعتهُ منك

فلكم كانَ مؤسفًا قولك، لكم كانَ جارحًا ولا يُشبهك، وما خدش جروحي وجعلها تنزف هو جهلك الكاذب عن حادثة بياترس التي اذقتني مرارتها مرةً أُخرى بقتلك لوالتر امامي

لا اعلم كم يومٌ مضى الآن بعد تلك الحادثه، شهرٌ ربما؟ وانا الزمُ غرفتي واندبُ نفسي كل يوم بأني السبب في مقتله، لا آكل، لا أشرب، لا أرى احدًا وادويتي زادت بجرعاتٍ أكبر وضيقي تفاقم حتى اصبحتُ أُفكر بك، لم تسأل عني، لم تأتي لزيارتي ولا حتى مُراسلتي، وانا لم اسأل عنك ولا ادري ان كُنتَ مسجونًا ام طليقًا بعد فعلتك لكن كُل تلك البُنيان بيننا شيّدتها انت وانا متعبٌ لأهدمها.

"لا أُريد شيئًا"
قلتُ بصوتٍ بُحَّ لكثرة سكوتي بعد ان سمعتُ طرقاتٍ مُتكرره على الباب ظننتُها خادمتي

"عزيزي هذا أنا"
انهمرتُ دموعي جفاءً، وددتُ كثيرًا الركض إليه ومُعانقته لكني تعلمت ان اثم حنانُ والدي أسوء من قسوته

"دعني انا مُتعب"
مُتعب اكثر مما تتخيل ومما رأيتهُ بي فيما مضى، مُتعب من العيش حتى

"تايهيونق اشتقتُ إليك"
استقمتُ من سريري ولمسَت أطرافُ اصابعي برودة الأرض وارعشتني، مشيتُ بتثاقل وفتحتُ له، تغيرت ملامحُ وجهه وذبلت حينَ رآني باكيًا امامه في صمت

"تعال"
قال بينما مالَ رأسهُ حُزنًا وبرقت عيناهُ كما لو كانَ سيبكي معي

"ان كُنتَ متعب، فلتتعب على صدري اولستُ والدُك؟"
وهل كنتُ سأرفض؟ هل ظننت اني اقوى من رفض لينه؟ هل تراءى لي شيءٌ آخر غيرُ حنانه لأمنع نفسي؟ لا، لذا ركضتُ أُعانقه وابكي على صدره بأنيني الذي كتمته، وكم كانت الألامُ تتسلقُ جسدي بين يديه ولا اشعُر بها

"جونغكوك قتلَ والتر يا أبي"
وقلت غير مُصدق رغمَ مرور كل تلك الأيام، قُلت انطُق بها ظنًا مني اني سأتخلص من طيف بياترس وصورة جونغكوك القاتل التي في عقلي، راحَ أبي يمسح على ظهري ويسحبني معه داخل الغُرفه بعد ان اغلقَ الباب

نمتُ فوقَ فخذه وهو يمسح على شعري، لم اكُن راضيًا، اريدُ ليد أبي ان تمسح على قلبي ايضًا لكن كيف يخترق جلدي السميك بالأوجاع، شيءٌ آخر عدا البؤس؟

ولماذا اعتادت الحياه ان تُعنّوِن مآسيها بي؟

"لا بُد انهُ فعلَ لسبب"
قبضتُ يدي غاضبًا رافضًا قوله واشعُر بالوجع من اختراق اظافري لجلدي، وهُنا تحديدًا يُهزم الألم بالألم، زفرتُ تكدسات الخيبه بي، أيِبرر فعلته؟ لماذا؟ هل لأنهُ قاتلٌ مثله

"اكرهُه، اطردهُ يا أبي"
ارتجفَ صوتي حين قُلت، تلك الفكره كانت تأخذ تفكيري ونومي، كان بؤسٌ كبير ان يتقبل قلبي شخصًا مثله، قاتل.

"جونغكوك أُختيرَ بعنايةٍ فائقه لأجلك لا اظُنني سأُفرط به"
وخيباتي اللامتناهيه منك ومنه؟ وشحوبي؟ وداخلي المشوّه؟ انا لا لونَ لي، انا دون شيء، وحيد، بعيد، كئيب، كالرمادي.

"ان لم تطرُده، سأطردهُ انا"
ابتعدتُ عن حضنه بعد ان قُلت واختبأتُ تحت معطفي مُنهيًا الحديث معه، ومُكملًا قصصُ لياليَّ المطعونه، وأحلامي المتروكه فوقَ ارفف الانتظار، وارى تكدُس الغُبار فوقها وخيباتي.

اردتُ ان أُنهي هذا الألم، ان انسى، ان أُعري مناطق عقلي عن التذكُر، ان اتوقف عن التساؤل والبحث عن سبب قتله، لكني كنتُ عاجزًا، ألفُّ الخيط بالخيط وانسج اتعس ايامي بيدي، لم يكُن الوقتُ كافيًا ولا بُعدك، وحتى رؤيتك اظنُها ستجرحني، لكني خائف من القول بأنك وحدك من اشتقتُ إليه

تعِبتْ نفسي من حمل آثامي، وانهمك جسدي اكثر حتى بالأدويه، وقلبي المسكين لا اعلم ان كان يحمل عتابًا لك لكني مُتأكّد انهُ باتَ يكرهك، وان لم يكُن فهو يبغضُك على الأقل

وجفوني وشجوني ملّت من مخزون الحُزن بي، كانت الليالي اثقل من ان تعبُر فوقي دونَ انكساراتٍ وخساراتٍ متتاليه، وحتى الرمش تعب من سكب الدموع العالقه بي، فإن كنتُ انا نفسي مكتئب فماذا افعل؟ كيف انجو مني وانا بؤرة مرضي اصلًا؟

"لمَ لا تأكل؟"
رفعتُ رأسي مُتعبًا لجدي الذي قال بغضبٍ غريب !

"لا اشتهي"

"تحزنُ عليه اكثر من عائلته"
قال بقوه وذبل قلبي داخلي، التاعَ جوفي، لا احدًا هُنا يفهمني، يسمعني.

"وما شأنُك؟"
همستُ وتضاءلت كلماتي داخلي، ازدادَ تعبي وحُزني ولا زال طيف بياترس يسكُن رأسي

"تأدب ايها الولد"
قال عمي والدُ ماركوس، فإلتفتُ انظُر فيه ايضًا ولاحظتُ اعيُن أبي التي حدّقت بي، ووهنٌ كبير احتل نظرتي، فاستقمتُ اتجاهل قوله

"تايهيونق"
صرخَ جدي عاليًا يقذفُ ملعقتهُ بظهري فكبحتُ غضبي مُحدقًا به، بسواد عيونه التي ترمقني، وارتعاشةُ يديه التي ما انكفت تتجعد كل يوم حتى صارت تُخيفني

"اكرهُك"
همست وما كدتُ ارى صدمة الجميع حتى حطّت يد والدي على وجهي صافعًا سكوني وصلابتي

انا وانت، ندّان.
لا انت أبي القديم ولا انا ابنُك المُحب

هشاشتي لا تعني ضعفي ولا قوتي، وحُزني الذي صارَ يُقطر مني ليسَ إلا وقتًا وسيمضي، لكني محبوس، مسجون، بي اسقامٌ اكبر مما تعتقد، انا مكتئب ومُدرك، لا دواءَ لي ولا خلاص، ان كنتُ سأرمي بندم السنين فوق ظهر الحياه فماذا تبقى لك؟

ألا تندم علي؟ ألا تُحبني حتى؟
مللتُ دمائي التي هيَ منك ومللتُ بقائي، أبي انا مريض، انا ابكي، انا انتحب في غرفتي، في بيتك، بينَ كلماتك وتحتَ رحمتك، انا مُتعب.

وهذا الشتاء الذي يعصفُ بي ويسكُنني وتلك العتبه التي اجلسُ عليها بعد ان ركضتُ هربًا منك للخارج كانت احنَّ علي منك، مددتُ يدي اتأمل رجفتَها تحت الاضاءة البيضاء الخفيفه خلفَ المنزل وادركت ان ارتجاف المرء من عائلته يعني نهايته.

لم تكُن الكوابيس ستُخلصني من بحور هذا الحُزن بي، ولا من هذا الغضب الجم، والسماء وان واصلت رميَ بياضها فوقنا لن نتلون، لن نتغير، لن نرى طريقًا لننجو به

"ما الذي أغراكَ لتخرج؟"
انتفض وجداني، قارعتُ افكاري، بدا صوتهُ قريبًا جدًا، اشبه بلحظة الوصول

رفعتُ رأسي، كان هوَ، يقفُ امامي حاجبًا الضوء الأبيض ويديه في جيوب معطفه واظنهُ تعافى من اصابته فلم ارى حمالة يدهُ الزرقاء، لم يكُن مختلفًا ابدًا لم يتغيرَ بهِ الشيء حتى ملامحه، ماذا ظننت!

"كيف اتيتَ الى هُنا؟"
تدفأت الكلمات في فمي حينَ ادركت من تتوجه له

"لم اذهب اصلًا"
راودني شعورٌ غريب، حزين، بأنهُ كان هُنا طوال الوقت، معي، جواري ولم أُصادفه ولم اعلم

"تلك الليله.. حينَ استيقظت اخبرتُ أبي ان يُخبر الشرطه بما فعلتَه"
ابتسم يومأ برأسه مؤكدًا حديثي ولم ينبس بشيءٍ آخر كما لم افعل انا، اتى يجلس يميني فشددتُ معطفي بقوه حينَ زارني بردٌ كبير واحساسٌ بالهدوء

كنّا صامتين رغم تكدُس الأحاديث، اردتُ معاتبته، لومه، كُرهه، اردتُ ان يبرر لي وينجو بفعلته في عقلي، اردتُ كثيرًا ان يتكلم ويُسمعني صوته، فهذا الجنون بي لم يهدأ منذُ نصف ساعة وحتى الآن

"ألن تسألني شيء؟"
قبضتُ على قلبي خلف المعطف ولم اتصور في يوم اني سأود البُكاء لأجل صوت.

"بلى، لكنك لن تُجيب"
ستتركني في متاهاتٍ كبيره وانا شبعٌ منها، شبعٌ من كل شيء حدّ الذي لن يُعيدَ حماستي شيء، فلن تفعل لن تجرؤ على اجابتي ابدًا، من انت؟ كيف اتيت؟ ما سبب الأثار على ظهرك؟ ولماذا قتلتَ والتر؟ ماذا تملك ضد والدي؟ لن تجرؤ على نثر الحقائق امامي ولا مُجابهة اسئلتي، رجلٌ غامض مثلك يؤلمه الافصاح.

"انا سأسألُك اذن؟"
شعرتُ بك تنظُر في طرف وجهي وكنتُ سأُبادلك لولا اني خشيتُ الموت فيك

"من تُشبه؟"
سألت بعد ان لاقاكَ سكوتي الطويل المُمتد حتى عروقي، ولم افهمك فنظرتُ فيك قاطبًا حاجباي وكنت كما اعتدتُك، بارد، صامت وقاتل

"اعني.. اظنُك لستَ روسيًا بالكامل، انتَ بُني"
ضحكت رغمَ اني لم ارغب، لم اود فتح شفاهي بالضحكات وهُناك من يرقد تحت التُراب بسببي، لكني استمريتُ اضحك لأنك رجلٌ سيء في اجراء الاحاديث

"لماذا تسألني دومًا عن أشياءَ املُّها؟"
عدتُ انظر لأقدامي التي تدوسُ بقايا الثلج اكثر وتحشي تشققات الأرض بالبياض الذي تجهله، وفعلَ مثلي، ينظُر لأقدامي بدلًا عن أقدامه

"لا اقصد، فقط تساءلت لمَ والدُك أشقر حتى جدُك وكل عائلتك، عداك"
هززتُ رأسي وصدقًا لم اود الحديث عنهم لكني بقيتُ مُجبرًا امامَ صمته وانتظاره

"جدي متزوج مرتين، والدةُ أبي كانت الأولى وهيَ كورية، ثم جدتي كارولين والدةُ جميع أعمامي روسية"
همهم متعجبًا، وبدأ يُطقطق بقدميه على الأرض بعشوائيه، رفعتُ رأسي للسماء اتمعن في تراكم الغيوم وهي تحاول اخفاء سواد السماء، ولا اعلم ان كنتُ مثلها او مثلَ ما خلفها

"جدي كانَ يُحب جدتي مين-يونق أكثر"
قُلت بعدَ ان رأيتُ التساؤلات تغزو وجهه وبعد ان مللت تكدُس الكلمات وصمتي المتواصل منذُ أيام، اردتُ الحديث دونَ توقف، وان اعدو بالكلمات كاسرًا جلوس الوقت فوقَ جسدي، ان اركض ثم أُحلق ويسرقني وسعُ السماء واضيعُ فيه راضيًا، ان اتخلص من ندوبي وجروحي فلا يبقى فوقي شيء سوى جلدي

"ولمَ تزوّج بالسيدة كارولين اذن؟"
احسستُ به يُسند ظهره للخلف حيثُ يديه التي اتكأ بها للوراء، وقد تفاجأتُ من سؤاله قليلًا، فهل كُنتَ فضوليًا هكذا من قبل؟

"لا اعلم القصة كاملةً، لكن أبي أخبرني ان جدتي مين-يونق لم تكُن قادرةً على الإنجاب لذلك تزوج جدي مرةً ثانيه وحينَ انجبت جدتي كارولين عمي ألكسندر والدُ أدريان ثم والدُ ماركوس حملت جدتي مين-يونق وانجبت والدي"

"وكيف ماتت السيدة مين-يونق؟"
التفتُ إليه متعجبًا فضوله، فرفعَ كلا حاجبيه ورمى شعرهُ للخلف بحركةٍ سريعه من عُنقه اربكتني عن الرؤيه اكثر فأشحتُ عيوني أُجيبه

"حادثٌ مروري"
همهم بصوتٍ خافت وانا اوقفتُ عبث أقدامي بالثلج حينَ تهجّم صدري وعاد يهرب حتى مني الى منبع حُزنه

"وكيف أُصيبت السيدة كارولين بالشلل؟"
لكنهُ استمرَ يسأل بفضولٍ كبير وكزَ قلبي، شعرتُ انهُ يحاول اعادة صياغة تاريخُ عائلتي بطريقةٍ غريبه، اشدُّ حُزنًا مما كنتُ اعتقد

"حادثٌ ايضًا"
عادَ يهمهم وعدتُ في سكوني انظُر لندفات الثلج المُتجمعه اسفل العتبه التي نجلسُ عليها، وتضايقت لسببٍ وخيم بأن الثلج رغم برودته كان دافئًا جدًا، لا اعرف كيف اصف ما يجولُ في قلبي لكني كلما نظرتُ للثلوج المتجمعه وكلما رأيتُ ثلوجًا أكبر متجمعه حولَ نفسها احسُّ بالدفء اكثر

"أنساءُ عائلة مورتيمر النُبلاء ملعونات؟"
قال ساخرًا متهكمًا يكسر تواتر مسار الحديث بعاديةٍ تُغضبني

"ربما"

"والدةُ أمي ايضًا كورية"
وعدتُ اقول من جديد حينَ طال صمتنا وانفلق صدري ضيقًا

"لذلك انت لا تُشبههم"
تقدّمَ يتكأ بساعديه على ركبتيه ويُحدق في اسوار المنزل دونَ توقف، وأنا سرحت منذُ وقتٍ طويل في كتفه واغراني وضعُ رأسي عليه والنوم

لطالما كنتُ اجس وسائدي التي اضعُ رأسي عليها قبل النوم واتساءل طوال الليل لمَ رغمَ نعومتها، ليونتها وطراوتها لا انامُ هانئًا عليها ابدًا؟ لمَ اشعرني كتفه رغم صلابته وشدته بالهناء؟ ما التناقض الذي يمارسهُ عقلي علي!

"ما بك؟"
قال بنبرةٍ جادّه حينَ املتُ رأسي عليه وغرسته على كتفه دونَ اذنه

"مُتعب،
اودُّ النوم وأكرَهُك"
فلم انم منذُ ايام وان نمت تراودني الكوابيس فأصحو ندًا لليل وحارسًا لكوابيسي بسببك

صمتَ طويلًا وتركني وحدي وكتفه في خمولٍ شديد، لم يتحرك انشًا واحد من جسده حتى ظننتُ انهُ ليسَ انسانًا

واكمل صمته عندما بدأتُ ابكي.

وعندما وضعتُ دفعاتٌ كثيره من اوجاعي في دموعي ثم أُسقطتُها، وقسمًا لا يخفُّ شيءٌ من ثقلي!

ولا يكفي أحزاني شيء.

ولما بدت حرقتي اكبر من ان ابكيها، ودموعي اكثر من نهرٍ جاري لا يتوقف وصمته أطول من طريقٍ متعرّج بالأحاديث، ابتعدتُ عنه امسح دموعي واحسُّ بحرارة عيناي ستُذيب الثلوج اسفلنا ان اسقطتُ المزيد من الدمع

"أكانَ مؤلمًا الى هذا الحد؟"
التفتُ إليه متسائلًا حينَ قال واعلم كم شوهني بُكائي وكم كانَ صوته شاسع، شاسعٌ جدًا ويكفي أحزاني

"كتفي"
انقبض قلبي لقوله، وتحشرجت اقوالي في حلقي، اصابني ضمورٌ كبير لكني احببته، احببتُ هذا الشعور رغمَ قوته

"لا"

"لم تبكي الا عندما وضعتَ رأسكَ عليه"
لا اعلم ان كان يُعاتبني او كان يتذمر مني لكن نبرتهُ بدت حزينه، منخفضه وبعيده جدًا عن مرامي، فلا يمكنني اصطيادُها ولا فهمُها ..

"كلا، بكيت لأني مُتعب جونغكوك"
متعبٌ من يومي وكيف يمضي

متعبٌ من وجباتي التي لا تتقبلُها معدتي، متعبٌ من أبي الغريب ومن عائلتي المسكونه بالفزع، مني ومنك انت الذي تتركني في تساؤلاتٍ تُعلّق بها حبلَ مشنقتي، من البحار التي جفت فوق صدري وتركت خلفها رمالٌ جافّه، من حبر اقلامي الذي انتهى امام مكنونات قلبي فوقَ الورق، من الثلج والشتاء، من ذهاب الربيع وعدم الوداع من الترك، التخلي، الخوف، من بياترس ومن أُمي.

من اسمك من صوتك من يديك المُخبأة دومًا وظهرُك المليء بالآثار، من صمتك المكلوم ومن قسوتك،
انا مُتعب ان اردت من كل شيء، وان اردت من اللاشيء ايضًا.

"ممَ؟"
لا حصرَ لأسباب تعبي حيثُ انّكَ اولها وآخرُها.

"الكلام لم يعُد كافيًا"
وان اتيتَ بلغةٍ أُخرى لأتحدث بها معك فلن يكُن بوسع صوتي الصُراخ داخل كلماتٍ جديده بعدما تعِبَ من السكوت في كلماتٍ استنزفت نبراتي

"غدًا سأذهب للجامعه فقد انتهت الأيام المُحدده في تقريري الطبي"
قلتُ له كما لو كنتُ خائفًا من انهُ قد لا يعلم او انهُ لن يُقلّني في الصباح، لكنهُ اومأَ مرةً واحده ولم يؤكد لي شيء، اصبحَ شحيح الكلام والأفعال

"سأخلد للنوم"
استقمت ذاهبًا للداخل وتركتُ خلفي جونغكوك وشيءٌ مني لا اعلمه.

لن اكذب، كنتُ بالوقت المُمزق انتظر أبي ليأتي ويعتذر على صفعته وعلى اهانتهِ لي امامهم لكنه لم يأتي، لم يخشى غضبي ولا ألمي، وانا اكره اني لم اتعود على أبي القاسي منذُ سبعةِ أعوام وحتى الآن، لم انسى ضحكاته لي ولا كلمات المديح التي يُحب ان يقولها لي، لم انجو من حنانه ولن انجو، وسأظل اطلبُ عطفه حتى يرقّ ويُعطيني اياه، حتى يشفى أبي ويُحبني مُجددًا، ان لزِمَ الأمر سأولد من جديد ليعودَ إلي.

"تايهيونق"
التفتُ لمن فتحَ الباب وناداني بينما كنتُ أُغلق أزرارَ قميص نومي

"ماركوس!"
دبَّ الخوف في قلبي حينَ رأيته في غرفتي وبيده سماعاتهُ الطبيه، ماذا يُريد؟

"تعال، عمي طلب مني ان افحصك"
انا الذي اجسُّ نبض الألم واراهُ بي اكثر من عروقي، لم يؤلمني شيء كما آلمتني جُملته

مُحال ان يطلبهُ أبي! مُحال ان يهمّش حقدي لماركوس اللعين ويجعلهُ يلمسني بعد كل تلك الأفعال الذي فعلها بي وجعلَ عائلتي تكرهُني، أبي يعلم كم اكره ماركوس فلمَ يقتلني به !

هل يكرهني أبي الى هذا الحد؟

"أُخرج، لا أُريد"
ضحكَ بقوه يجلس فوقَ الكرسي امام طاولتي ويرمقني بجفاء عينيه

"وان لم افعل؟"
شعرتُ بالضيق أكثر وكرهتُ الليل أكثر، فمتى سيأتي اليوم الذي لا يُصيبني سواده؟

"ستخرُج"
قلتُ بحدّه لكنه استقامَ يؤرجح سماعاته بيديه ويقترب مني وتتلاشى حدتي كلها فلا يبقى لي شيء سوى رُفات العجز

"لمَ؟ هل تخشى شيء؟ ام انك تظنني والدُك!"
تسمرتُ مكاني حينَ قال، وراحت عيوني تبحث عن شيءٍ لا اعلمه، كل مابي ارادَ الركض، الفرار من شيءٍ بي وشيءٌ ليسَ بي، في داخلي اضطراباتٌ كثيره تحدث واحسُّ بها لكني مُكبّل، مُقيد بأشياء لا اراها، وسأموتُ يومًا دون ان اتحرر

"ماركوس! لا اظنُّك تود مُقابلة جونغكوك في هذا الوقت، اوليس؟"
تذكرتُ اول يومٍ اتى بهِ جونغكوك وتواجه مع ماركوس

الى اليوم لا اعلم كيف استطاع جونغكوك التغلب عليه وخرج سليمًا من عنده، غير اني لا اعلم سبب تغيُر ماركوس المُفاجئ معي وعدم تعرضهُ لي بعدما كنتُ لعبتهُ المفضله للتسليه

"اذهب للجحيم اذن"
تنهدتُ بثقل حينَ خرج وركضتُ أُغلق الباب مُحاولًا النوم الذي مُحال ان يزورني بعدما حصل

لأن كل الأشياء تقتلني دونَ توقف، لأن أبي مُعذبي، لأن الوجع جزءً مني ليسَ بوسعي التخلص منه ولا تجزأته، ولأني مسلوبٌ من كل شيءٍ عرفته الا الموت

حتى تعريفُ الألم لا يمكنني وصفه على وجه الدقّه
فقد جربت كل أنواعه.

המשך קריאה

You'll Also Like

558K 35.9K 66
أنا حبَّة عِنب حُلوة تَعال وامضغني بأسنانك الخشنة، أنا الزهـره، زهرةُ التوليّـب البريّه . ٢ فارق عمري كبير. الإنسان لآفير يهيم بأسقره، ويقدّم له كل ا...
15.1K 901 7
" وداعٌ أليم ؛ توّلد من هوسٍ دَميم و مهّد لحُبٍ وَخيم "
37.2K 2.9K 56
أنا الزهرة اللتي تُحيي ما مات في داخلك. Vk 12 @thvtt19
494K 13.5K 46
المُنتصف المُميت!! أن تفقد القدرة على الأبتسامة من القلب، فلا تملك سوى أبتسامة المهرج " الأبتسامة الضاحكة الباكية " المُنتصف المُميت!! أن تُجبرك الظر...