لم تكن صدفة! ( قيد الكتابة )

By histania

22.8K 782 428

آخر ما أتذكره من ذلك اليوم كيف تصنمت ناظرة للجدار بعد أن أغلق الخط في وجهي دون تفسير .. يليه دخول أمي وأبي وت... More

1 | أول يوم ..
2 | ما هذا ؟
3 | رجل !
4 | مرة اخرى
5 | ورطة
6 | جهل
7 | من يكون ؟
8 | مريب
9 | البداية
10 | سر ألمانيا ...
11 | حظ عثر لا يشفى ...
12 | مرحبا بكِ
🛑 صور أهم الشخصيات حسب الظهور
13 | صراع كلمات
14 | الهروب يعني الوقوع
15 | إنعطاف !
16 | حقائق جديدة !
17 | دوامة لا خروج منها !
18 | كشف أوراق !
19 | كل ما حدث
20 | صراعٌ مستمر
🛑صور الشخصيات حسب الظهور
21 | ماذا الآن ؟؟
22| إختلاف غريب .
23 |كذبة جديدة
24|ضعف مؤقت
25 | اللقاء الأول !
26 |أعراض بداية الحب
🔴 صور الشخصيات
27 |خطوات نحو النهاية
28 | مناورات
29 |الخط الفاصل عن الحقيقة
30 |تهديد عام !
31|تسارع غريب
33| خروج المدفون

32 |إعترافات جديدة

657 19 37
By histania

في بهو الجامعة :

#ليليا تتحدث :

كنت جالسة قرب كلارا التي لم تتوقف عن الثرثرة ...
طبعا كل هذه الثرثرة كانت بشأن آخر لقاء بينها وبين خطيبها ..

أصبحت مغرمة به ونست تماما ذلك الصحفي الذي وقعت في حبه من طرف واحد .

هل يعقل أنني سأتخطى أنا أيضا أغيد يوما ؟

وأن تصبح قصتنا مجرد ذكرى أضحك عند تذكرها !

يااه كم أتوق لذلك ..

فأنا حقا " منهكة عاطفيا "

أحيانا أشعر أن هناك مغناطيسا يجعل كل من يقترب مني يكون يعيش نفس حالتي ...
أو عاشها قبلا. 

آخر من توقعت أنه عاشق من طرف واحد كان السيد  إيريك جوستاف ..

قصته مؤلمة أكثر مني ...

وعلى ذكره قد لمحته آتيا ناحيتي ..

لا أدري لما توترت قليلا عند رؤيتي لشكله المتغير هذا اليوم ...

ربما بسبب تلك البدلة السوداء ..

فعلى عكس أغيد الإنسان الكئيب الذي كانت جل ملابسه سوداء كروحه اماما ...

كان السيد إيريك إنسانا مفعما بالحيوية ..

حتى أن ملابسه مختلفة الألوان والأشكال ..

ولكن اليوم عندما إرتدى الأسود ، بدى مختلفا بطريقة ما ..

لا أدري حقا لما خطرت ببالي هذه المقارنة ...

لا وجه للمقارنة بينهما...
كل شخص بمقامه كما يقال ..

والسيد إيريك مجرد أستاذ محاضر وكاتب مفضل !

مر بجانب الكرسي الذي كنا نجلس عليه ومن حسن حظه كانت كلارا قد أنهت حصة العشق خاصتها ...

فمن غير المستبعد أن تبادر في إخباره بما حدث معها ...

الناس في هذا البلد مختلفون تماما عنا في البلدان العربية ... وهذا لا نقاش فيه انتم تعرفون ذلك أساسا ..

إبتسم معنا بخفة في حين ألقينا التحية ليقول

" كيف حالكن يا آنسات !؟"

أجبت بهدوء

" بخير ماذا عنك سيدي ؟"

رد وهو يعبث بساعة يده ونظراته مثبتة علي

" أنا في حال رائع ... ولكن هناك ما يجب أن نفعله الآن !؟"

قلت متسائلة

" ماذا هناك ؟"

رد

" لقد كدت أنسى الجائزة التي وعدتك بها ... وأنت لا ادري لما لم تذكريني !"

قلت بحيرة

" لم أفهم !"

صاحت كلارا بعد أن إستنتجت ما يقصده

" أيتها الغبية ... لقد نسيتِ أمر تحرير الاخبار في القناة الخاصة ... يا لكِ من بلهاء ! ،أهذا شيء ينسى ؟؟"

حسنا بغض النظر عن كوني بلهاء حقا لأنني نسيت هذا الأمر ، لما تنعتني هكذا امامه !؟

هذا محرج صحيح !؟

قلت بعد أن لكزتها

" كلارا هدئي من روعك قليلا ..."

إبتسمت بخجل بعد أن ادركت ما فعلته وصمتت بعد أن أشغلت نفسها بهاتفها ...

لأقول أنا

" حقا لقد نسيت الأمر ... أعتذر !"

رد بمرح

" لا تعتذري كان من المفترض أن أهتم أنا بالجائزة التي سأقدمها .. ولكن أطلب منك أن تعذريني لقد كنت مشغولا جدا في الآونة الأخير لأنني إهتممت بأمور طبع وتوزيع الكتاب الجديد !"

قلت بهدوء

" لا داعي للإعتذار... تحدث أمور كهذه !"

إبتسم وقال

" ما رأيك أن نذهب لمكتبي الآن كي أخبرك ما يجب فعله ؟"

هززت رأسي ونهضت ليسبقني هو بخطوات في حين ودعت كلارا وتبعته ..

الحياة غريبة ...
منذ سنة من الآن كنت أعتقد أن حياتي وعالمي محصور أمام زوجي وإبنتي ..

ولكن اليوم أنا أسير بثبات في طريقي نحو ما أردته دوما..

"صحفية مشهورة و معروفة!"

كان حلما ضائعا في ما مضى ..

ولكن أدركت بعد كل هذا أن الأحلام لا يفترض التخلي عنها ...

لأنها قد عشعشت أساسا في قلوبنا ..

لا بأس بتأخيرها لوقت مناسب ..

ولكن لا يجب دفنها !

كنا قد وصلنا أساسا لمكتبه الذي كان ضخما وفاخرا أفضل حتى من مكتب مدير هذه الجامعة
لا أدري إن كان ذلك مرتبطا بمكانته في مجتمعه أم بسبب إختياره لهذا الديكور الفاخر ..

أشار لي كي أجلس على الكرسي المقابل لمكتبه وذهب هو لمقعده ثم حمل سماعة الهاتف وقال متسائلا

" ماذا تشربين ؟"

قلت

" كأس قهوة مُــرة !"

إبتسم معي بلطف وقال

" شكلك يوحي أنك لا تحبين القهوة المُرَّة أنا مستغرب حقا !"

قلت بإستغراب

" كيف ذلك ؟... هل الشكل يجعلك تعرف نوع القهوة المفضلة للشخص ؟!"

أشار لي بعينيه كي أنتظر ثم أخبر السكرتيرة بطلبه وأعاد نظره لي ثم قال مفسرا

" لا أقصد ذلك بالمعنى الحرفي ولكن القهوة المرة في الغالب تكون لأشخاص أكثر صلابة وشدة ... لا أدري كيف أشرح وجهة نظري لكن أعتقد أنك أرق من مرارتها !"

أنهى كلماته بإبتسامة جعلت عينيه تغلق ..

حسنا ما بال قلبي يرفرف ؟

قلت بعفوية

" أحبها مرة لأنها تعدل مزاجي ليس إلا !.."

وضع كفه تحت ذقنه ناظرا لي وقال

" هل مزاجك سيء لتلك الدرجة إذن ؟"

إبتسمت من طريقته في الحوار التي تزرع بداخل الإنسان الرغبة في الحديث أكثر ...
تشعر أنه مهتم بما تريد قوله ... شخص لا يتخطى أدق التفاصيل في كلماتك ..

رغم علمي بمدى تفاهة هذا الحوار الغبي حول القهوة إلا أنني جاريت الوضع فقط لأنني حظيت بمستمع حقيقي. .

لويت شفتي وقلت

" في الغالب ... نعم !... سيء للغاية"

زم شفتيه قائلا

" تحسين المزاج لا ينفع دوما بالقهوة يمكنك إيجاد شغف بشيء ما أفضل من إدمان المنبهات القوية !"

قلت بتأييد

" أعلم أنها ليست ذات نفع جيد ولكن ما باليد حيلة ... "

قال بفضول

" أخبريني عن ما تحبين فعله في وقت فراغك إذن!... لعلي أساعدك في تحديد شغف ما !"

هل عشتم من قبل موقفا كهذا ؟

أن تجد شخصا يريد أن يعثر على الحلول بدلا منك.!

شخصيا كانت هذه أول مرة ...
وكان هذا أول شخص !

وللأمانة...

أنا ممتنة لكلماته ... لقد تسببت في جرعة زائدة من السعادة بعد أيام طويلة من الثبات غير المبرر...


واصلنا الحديث بعشوائية دون إنتباه مني ... وأعتقد أنه كان كذلك أيضا .. تحدثنا عن كل شيء عدا تحرير الأخبار ..

حتى بدأ هاتفي في الرنين ...

قلت بهدوء

" إعذرني سيدي إنه إتصال مهم ..!"

هز رأسه بتفهم ... لأرد

" مرحبا ... نعم ..."

صحت بعدها بهلع بعدما سمعته

" ماذا حدث لريم ؟؟... حسنا لا تفعلي أنا قادمة"

وقفت مباشرة قائلة

" أعتذر حقا لكن علي الذهاب ..."

وقف متسائلا

" هل هناك أخبار سيئة ؟"

قلت بإيجاب

" نعم ... هناك إنسانة عزيزة علي مريضة ويجب أن أكون معها !"

هز رأسه قائلا

" أتمنى لها الشفاء ... إذهبي وسنعيد هذا اللقاء لاحقا !"

هززت رأسي وخرجت راكضة عبر الرواق فقد أخبرتني المربية أن ريم تعاني من إرتفاع درجة الحرارة ...

تبا لقد أهملت مهجة قلبي هذه الأيام !

أنا السبب فعلا !

_______________________________

#إيريك جوستاف يتحدث:

مرحبا ..

أعتقد أنكم  تعرفون القليل عني ...
كاتب كئيب يحاول أن يستمر في العيش رغم المعيقات ..

لن أكون كغيري من الكُـتاب وأتحدث بفلسفة سخيفة  .

كانت حياتي سابقا روتينية بشكل لا يطاق ولكن تغيرت كثيرا وتغيرت أنا معها منذ قررت البدأ في تقديم دروس في هذه الجامعة وكذا تحرير الأخبار في القناة الخاصة ..

الخروج عما نعرفه ونتقنه أحيانا لا يعد تضييعا للوقت بل هو رحلة للبحث عن
الذات و إثباتها ..

فنحن كبشر نستطيع أن ننجح في أي مجال نريد فقط عندما ...نريد !

أردت دوما أن أحقق ما أريد أن أسعد نفسي ... لم يكن لدي الحظ للزواج بمن أحببت فكما علمتم سابقا كان حبا من طرف واحد ..

هي الآن تمتلك طفلين وتعيش في منزل دافئ وصغير ..

سأكذب إن قلت أن زوجها يكفي لتأمين حاجيات تلك العائلة... لكنها رغم ذلك سعيدة

كنت قادرا على تأمين حياتها أفضل منه ... ومستعد لتقديم حياتي على صينية من ذهب لأجلها فقط ..

لكنها رغم هذا أبعدتني وإختارته !

أحترم خيارها ولا ألومها بأي شكل ..

لقد حاولت أن تحبني رأيت ذلك في تصرفاتها كانت تحاول رد الجميل عن طريق الحب وهذا كان الخطأ بعينه !

عندما شعرت بحزنها وبفداحة ما أوشكت على فعله ...

كنت سأعدمها حية ...

سأوقف سير حياتها ومشاعرها بالزواج بي ..
وانا أحببتها مزهرة جميلة ...

ولن أقبل يوما برؤيتها ذابلة كئيبة ...

فلم يكن بيدي سوى خيار التراجع بخطوة ..

خطوة تلتها خطوات جعلتني أرحل بعيدا عن تلك البلدة بأكملها ...

تتساءلون كيف حصلت على المعلومات السابقة عنها صحيح ؟؟

لا تقلقوا لست من الذين يراقبون الأشياء التي ليست لهم ...

لقد عدت ذات يوم لبلدتي كي أزور والدتي وسلكت طريقا غير طريق منزل زوجها ...

كي لا ألمحهم ولكن بالصدفة لمحتهم في حديقة قريبة من منزلنا ..

كانت تحمل فتاة تشبهها تماما ... وتبتسم بسعادة وهي تشاكس زوجها مع إبنتها
والفتى الآخر كان يركض خلف كرته ..

وزوجها مستلقي على العشب يتأمل السماء ...

عائلة صغيرة ودافئة .

منظرهم هذا جَلَدَ قلبي وجمده ...

أدركت عند رؤيتي لهذا المنظر أنه لم يعد لي مكان وأن خطوتي كانت الأفضل..

خطوتي جعلتها بهذه السعادة ...

خطوتي كانت لصالحها .
وأنا من دفعت الثمن !

دفعت سنينا من عمري أفكر بها ...
ولكن في ذلك اليوم شعرت كأن حبها سحب من داخل قلبي ...

كأنني قبلت الواقع ...

ومذ ذلك الحين أصبحت أكثر نضجا وأكثر هدوءً فيما يتعلق بالمشاعر ...
والحب خاصة !

لقد رأيت في ليليا نفس حالتي السابقة ..

لذا أريد دوما دعمها ... هناك أناس كثر يعيشون هذه الحالة
ولكن هي تبدو مختلفة فتلك القصة التي كتبتها كانت أكثر عمقا ... وأكثر وصولا ...

كانت وليدة تجربة مؤلمة...

و

لأكون صريحا ...

رأيت في ليليا أملا وشغفا مدفونا للحياة..

لا أريدها أن تعيش نفس حالة الركود واللاشيء بعد خسارتها في معركة الحب ضد قلبها..

لقد مررت بالأمر وضيعت وقتا ليس بقليل ..

لهذا سأسعى لمساعدتها بكل ما لدي ..

أريد رؤية الناس تعيش بمنطقية وبعقلانية لا تتأثر بفشل الحب ..

الحب هو شعور سامي
ولكنه مؤذي!

___________________________

في منزل إياد

#الراوية تتحدث :

نظر أحمد ناحية إياد بنظرات تشع شررا بينما كان إياد يصف بعض الأطباق على الطاولة ببرود !

ليقول أحمد بعد أن نفذ صبره

" إياد تقدر تفهمني علاش درت هكذا ؟؟..."

قال إياد بهدوء

" ما درت والو ... عرضتهم يتعشاو وقبلو واش فيها !؟"

أحمد وهو يسير ذهابا وإيابا في الغرفة

" اللي فيها أنو عرضت عدونا باش يتعشى معانا كي شغل ما صرا والو !!..."

إياد وهو ينظر لوالده بحيرة قائلا

" وليت كيفهم نتا ثاني وراك دايرو عدو !؟"

زفر أحمد وقال

" إياد هاذو الجماعة مكاش لي يعرفهم خير مني وكي قلت بلي رجعت نيران لحياتها وراهي عادي معاه صدقني مانيش مرتاح باينة رايح تخرج حاجة بعد هذا الشي !"

إياد وهو يرتكز على الطاولة

" معلباليش في واش راهي تخمم نيران كي بقات معاه ومحاولتش تهرب وتخليه ... بصح لي علبالي بيها أنو نيران مهيش غبية ثيق بهدرتي !"

قال أحمد متهكما

" نيران مش غبية ... بصح إذا رجع قلبها يتحكم فيها صدقني رح تحرق روحها وتحرقنا معاها !"

صمت إياد لوهلة وهو يحاول فهم مغزى كلام والده ..

فإذا كانت نيران حقا رضت بالحياة التي فرضها عليها أغيد بدءً بزواجهما فهذا يعني أن كارثة عظمى ستحدث داخل تلك العائلة قد تذهب نيران ضحيتها في النهاية ...
ويعاد نفس سيناريو الثماني سنوات الماضية ...

الأمر محيرٌ فعلا !

سمعا صوت جرس الباب ..

إلتفت إياد كي يذهب ليفتح الباب ثم عاد بسرعة ناحية والده قائلا

" نتمنى تدير كيما تفاهمنا ... خلينا نعرفو نيتو قبل !"

زفر أحمد وهو يمسح على وجهه بنفاذ صبر وقال

" إياد بلع عليا لا نبدا فيك !"

ضحك إياد وذهب ليفتح الباب ..

ولكنه تصنم ناظرا للطارق ...

لم يتحرك ولم يتحدث ما أثار إستغراب أحمد بالداخل لذا خرج من الصالة متجها ناحية الباب بدوره ليرى ما يحدث !

توقف بدوره ينظر بدهشة ..

وكان أول من تحدث هو الطارق ...

" واش بيك شفتو جن ؟؟"

إبتسم إياد بتوتر وهو يحضن الطارق والذي لم يكن سوى والدته ..

قائلا

" أهلا بالملكة تع قلبي ... "

شددت على إحتضانه وهي تقول

" يا البهلول خليني ندخل قبل  !"

مرت دقائق من العناق والتأنيب من طرفها لإبنها الذي لم يعد يتصل بها كثيرا في الآونة الأخيرة وأيضا لم يزرها قبلا ..

إبتعد عنها إياد بصعوبة قائلا

" علبالك راني مشغول بزاف الشي لي خلاني ننسى ما نسقسيش عليك !"

في الحقيقة هو يكذب ..

كانت أوامر والده ان لا يتصل بوالدته أبدا ..

لأنها ستسأله حتما عن الأمور والأخبار ولن ترتاح حتى تأخذ الكلام منه ..

ولكن آخر ما توقعه هو قدومها بنفسها إليهما ..
وبالتحديد في هذا اليوم ..

لوت شفتيها وقالت

" إيه ... يقولك جيب لولاد يتهلاو فيك بصح أنا نساوني ... من غير روان برك وطارق راجلها اللي بقاو يحوسو عليا !"

ضحك إياد بفوضوية في حين إقتربت والدته
" سهام "

من زوجها الذي حضنها متسائلا عن حالها والتوتر بادي على وجهه ..

لم يكن يريد الكذب عليها أو إخفاء أي شيء لكن كان هذا لمصلحتها ...

كان يريد حل المشكلة أولا.
لكنه لم يفعل شيئا ..

قالت وهي تنزع حذائها

" واش بيكم تشوفو فيا هكذا ؟... واش حسبتو نبقى في البلاد ونتوم خباركم مقطوعين ...ما عرفتكم حيين ولا ميتيين !"

همس إياد وهو يغلق الباب

" يا ريت كنا ميتين !"

نظرت له بطرف عينها وقالت

" سمعني واش راك تقول ؟؟"

ضحك وقال

" مكان والو ... إدخلي إرتاحي ... !",

دخلت ناحية غرفة المعيشة في حين جر إياد حقيبتها ووضعه في غرفة منزوية بينما بقي أحمد في الرواق ينظر للفراغ

ليقول إياد بخفوت

" بابا واش بيك ... تعامل نورمال ضك تفيق !"

نظر له أحمد بغضب مكتوم

" رايحة تفيق بيا ولا بلا بيا ياك راك عارض نسيبك وختك ليوم !"

ضرب اياد جبهته وقال

" كيفاش نديرو ضك ؟"

إتجه أحمد ناحية الغرفة قائلا

" دبر راسك نتا السبة !"

دخل أحمد للغرفة وبقي يطرح عدة أسئلة على زوجته وكأنه محقق..

عرف من خلال حوارهما أنها أتت رفقة إبنته روان وزوجها طارق ...

حيث أن لديهما هنا في ألمانيا ملتقى خاص بالأطباء ...

وهي لم تكن لتفوت فرصة القدوم إلى هنا لرؤية زوجها وإبنيها ..

تساءل كيف عرفت المنزل فقالت أن طارق يعرفه !

بالطبع كان يأتي دوريا إلى هنا وأحيانا يلتقى بإياد ...

قالت سهام مستغربة

" واش بيك نتا وولدك ملي دخلت ما راكمش على طبيعتكم ؟؟... ما عجبكمش الحال كي جيت !!"

قال أحمد نافيا بإندفاع

" لا كيفاش هذي ... غير إستغربنا يعني على الأقل كون قلتيلنا ! "

ضحكت بخفة قائلة

" بغيت نديرها مفاجئة ليكم !"

كان إياد في ذلك الوقت يدخل للغرفة وهو يحمل صينية بها بعض الفاكهة والعصير !

ليهمس

" بصح هاذي مفاجعة !"

وضعها أمام والدته وجلس بجوار والده ..

كانت ملامحهما ترسم توترا واضحا وضوح الشمس..

يعرفان جيدا كيف تتصرف سهام ..

ويعرفان جيدا أنها ستصدم ما إن ترى أغيد ونيران معا ...

ولكن كيف يتصرفان والوقت يمضي !

بقيت تراقب ملامحهما لتقول بعد أن وضعت كأس العصير على الطاولة بشدة وغضب متصاعد

" إسمعو ضروك تفهموني واش بيك نتا وياه ... "

كان إياد سيرد لكنها قالت بعد إستنتاج وصل لعقلها

" آه... ولا راكم دايرين ريانكم هنا وجيت فسدت عليكم القعدة !"

رمت بنظرها ناحية الطاولة التي كانت تبدو مجهزة بأطباق وكؤوس كأنهما ينتظران ضيوفا ..

كانت العدد عبارة عن أربعة أشخاص على المائدة لتصيح

" يااا أحمد راك تخون فيا !!... ونتا يا الكلب تع إياد ما ربيناكش تجيب الخردة لدارك !"

صدم كل من إياد وأحمد من كلام سهام ..

التي على ما يبدو تظن أنهما ينتظران فتاتان !

اللعنة سيعلقان ..

قال إياد بسرعة

" لا والله ما هكا .... رانا نستناو في معارف !"

نظرت له بعدم تصديق

" واش طبيعة العلاقة بينكم وبين
هذو المعارف !؟"

همس أحمد

" عداوة .."

قالت بعدم فهم

" كيفاش ؟؟"

رد إياد محاولا تهدأتها ... فل تخبئ غضبها لوقت لاحق ...

" علاقة عائلية !"

عقدت حاجبيها وقالت

" عندنا لفامي هنا؟؟.."

لم يرد أحد .

شعرت بالغرابة ولا بد من هذا ..

صدح صوت جرس الباب ليقف كل من أحمد وإياد بتأهب..

وقفت هي قائلة

" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... راكم نورمال صح واش بيكم ؟!"

إبتسم إياد بتوتر وقال

" شوفي يما كاينة مفاجئة رايحة تشوفيها ضروك ... بصح إتكالماي رايحين نفهموك كلش !".

قال أحمد بتهكم

" فهمها نتا ... مش أنا .."

عاد صوت الجرس للرنين ..

لتقول سهام بنفاذ صبر

" روح إفتح الباب مبعد نتفاهمو ..."

ذهب إياد بخطوات مترددة وهو يريد أن يرمي بنفسه من النافذة بدل عيش هذه الأحداث الآن

تنهد بعمق وهو يمسك بمقبض الباب ثم فتحه وقد رسم ملامحه العادية !

ظهرت نيران من خلف الباب حاملة بعض الأكياس وهي في كامل أناقتها ..

إبتسمت بإتساع وإحتضنته ليقول متسائلا مباشرة بهمس

" خلينا من عناق الأخوة تاعك وخبريني وين راه أغيد ؟"

ردت

" مراحش يجي !"

إبتسم إياد بسعادة وقال

" الحمدلله يا ربي !"

قالت نيران بتساؤل

" واش بيك؟"

بلع ريقه وقال

" نيران اسمعي ..."

قاطعهم صوت والدتهم التي خرجت لتقف ناظرة بصدمة ناحية إبنتها !

لم تكن صدمة نيران أقل من والدتها فهي حقا لا تعلم متى أتت !؟,

بل ماذا تعرف هي عن عائلتها حتى هذه الساعة؟

إقتربت منها والدتها " سهام "

لتحتضنها بقوة قائلة

" توحشتك يا روحي ... "

شددت نيران على حضن والدتها ، ربما حضن دافئ كهذا كان بمثابة قوة لها ...

إبتعدت سهام عنها وقالت وهي تمسك بوجنتيها

" توحشتك يا بنتي ... علاش قطعتي قع تواصلك معايا !؟"

تبا !

بما ستجيب ؟

كان عقلها يحاول إستخراج كذبة سريعة لتقول مباشرة

" كان كاين مشكل في خطوط الاتصالات لي هنا هاذو الايام على هذا مقدرتش نعيطلك !"

هزت سهام رأسها رغم الريبة التي بدأت تشعر بها من تصرفات زوجها وإبنيها ...

دخل بعدها جميعهم للصالة

لتقف نيران بتوتر ناظرة لوالدها الذي كان يجلس على الأريكة وملامحه تنم بالإنزعاج. ..

آخر لقاء بينهما كان سيء ... للغاية !

أخذت كفا من عنده وإتهمها بخداعه في هذا الزواج ...

لقد كسر صورته المثالية في نظرها... لقد تخلى عنها ولم يترك لها مجالا للتفسير !

والآن ؟

يريد منها أن تعود ، تدرك هذا تماما !

لكنها لن تفعل ...

رفع رأسه ناظرا لها في حين كانت سهام تثرثر عن سعادتها بإجتماعهم هذا ..

وقف بهدوء لتقترب منه نيران ...

إحتضنته بهدوء وسرعة وإبتعدت عنه جالسة قرب والدتها...

كان شعورا قاسيا !

شعر بالندم حقا لما فعله ولتسرعه السابق !

لكن ما باليد حيلة أعماه غضبه !

مرت دقائق طويلة في حديث نيران ووالدتها عن رحلة والدتها السياحية ..

لتقول بعدها سهام

" وين راه يونس مجاش معاك ؟؟"

تصنمت نيران في مكانها ... الأمر جدي حقا !

أمها ما تزال خارج القصة ..

لا يمكنها تفجير القنبلة هكذا في وجهها مباشرة ..

تنهدت ثم قالت

" عندو خدمة اليوم ... ما قدرش يجي !"

هزت سهام رأسها قائلة

" معليش يا بنتي خليه يخدم ويقضي صوالحو ... نتوما برك تهلاو في بعض كونو دايمن شخص واحد مكاش بينكم أسرار وما تخسروش الثقة تع بعض !"

هزت رأسها وهي تشدد على قبضتي يديها بتوتر ..

في حين قال إياد

" خلونا نتعشاو ..."

__________________________

في المشفى :

#الراوية تتحدث :

كان أغيد يسير بخطوات سريعة في الرواق متجها ناحية جناح الأطفال .

وصل للغرفة المنشودة تنهد ثم فتح الباب ودخل ليجد ليليا تجلس بقرب إبنتها النائمة التي إهتم بها الطاقم الطبي..

تنحنح كي يعلن عن وجوده ، إلتفتت له ليليا ثم عادت بنظرها لإبنتها ..

يشعر بالحرج !

موقفه هذا مثير للشفقة ، أهكذا يكون الأباء في الحقيقة ؟

إنه لا يعرف ماذا يحدث مع إبنته ، لقد أصبح أنانيا حقا ...

إقترب ثم قال بهمس

" واش قالولك ؟"

إبتسمت ليليا بتهكم وقالت

" لازملها الراحة ... والعناية والإهتمام !"

شددت على كلمتها الأخيرة كأنها تنبئه بضرورة ما عليه فعله ..

جلس على الكرسي المقابل لها وشبك يديه ببعض ولم يتحدث

لتقول ليليا

" أغيد بنتك في أي شهر زايدة !؟"

سؤال بسيط وبقدر بساطته كان صعبا عليه تذكر إجابته !

ألا يجدر به أن يكون يحفظها عن ظهر قلب !؟

بل لما تسأله هي الآن هذا السؤال ؟
أتريد جعله عاجزا !؟
أم تريد زيادة تأنيب ضميره ؟؟

لاحظت صمته الذي طال أكثر من اللازم ، لم يكن سؤالها يحتاج كل هذا الوقت...

لتتنهد ثم تقول بصراحة

" أغيد ... ريم مزالها صغيرة ... ومن حقها تكون عندها عايلة وما دامنا حيين علاش نخلوها يتيمة ؟...علاش راك مفرط في بنتك هكذا ؟..مش نتا نفسك لي ضربتني كف على جال كي بكيت قدامها ؟؟"

قالت آخر عبارة وقد إرتجف صوتها ..

صحيح لقد فعل كل ذلك لأجل تعلقه الشديد بإبنته ...
كان دائم البقاء بجوارها بل أحيانا يضيع أعماله لأجل ذلك ...

والآن ؟؟

تنهد وقال

" عندي خدمة بزاف وضغط كبير ... مش نتي لي تجي تشكي في حبي لبنتي !"

ضحكت بسخرية

" الحب عمرو لا كان كلمات يا أغيد ... تقدر ما تعترفش بحبك تقدر تخبيه تقدر تكتفي بيه لروحك بصح أفعالك تبين ... تبين قداش تحب هذاك الإنسان !"

أغمض عينيه بقوة وهو يدرك حقيقة ما تقوله ولكن ماذا يفعل ؟؟

هو عالق في صراع مع نفسه ..

أردفت ليليا

" أغيد .... ريم راهي تكبر وكل ما بقيت معاها كلما صنعت ذكريات ملاح معاها كلما حباتك ... كلما زادت ثقتها في نفسها .... ما تحطمهاش !"

وقف وقد بدأ يشعر بالإختناق من مجرى الحديث ..

منذ صغره لم يكن شخصا يحب أن يتحمل نتيجة أخطائه ..
لم يكن شخصا يعترف بأنه مخطئ ..

كان يستمر في الخطأ ولو ذهب نتيجته الكثير من الناس...

وهذا طبعا بسبب تربية جده ...

تربية وضيعة دون مبادئ !!

إتجه ناحية الباب ليخرج ،لكن صوتها أوقفه

" تحمل نتيجة أخطائك لمرة .... "

إلتفت ناظرا لها بعمق وقال

" علبالي بلي راني داير بزاف أخطاء ... بصح مش رح نعترف بيهم لأني مراحش نصححهم أصلا !"

قالت بتساؤل

" علاش؟؟... حنا بشر وكاملين نغلطو  ... مد لنفسك فرصة وصحح واش يتصحح !"

ضحك بسخرية قائلا

" أخطائي أنا لا تغتفر ولكن كاملة عندها سبب !"

ضحكت ليليا بتهكم وقالت

" والغلطة لي خلاتك تتزوج بيا واش سبتها !؟"

سؤال جارح لكبريائها وغرورها كإمرأة ولكنها حقا تريد الحصول على إجابة حول هذا الموضوع ...

لقد قال أن له أسباب لكل خطأ !

لذا تريده أن يخبرها !

أن يصارحها !

تصنم ناظرا لها بصدمة من سؤالها

عجز عن الإجابة ...

كيف يخبرها أنها كانت بديلة !؟

كيف يخبرها أنه أراد نسيان خطأ بخطأ !؟

كيف يخبرها انها هي من دفعت ثمن وقوعه في حب إبنة عدوه !؟

بل السؤال الأهم

كيف يخبرها أنه ندم على ترك حبيبته وعاد لها فلم يكن هذا سوى خطأ جديد على ما يبدو !!

فتح الباب وخرج دون رد ...

لتبقى هي ناظرة للفراغ بحيرة ودموعها تتجمع في عينيها ، كل مرة يجعلها تمقت نفسها أكثر ...

كل حديث معه يذكرها أنها كانت غبية حينما تبعت قلبها ..

وأنها دون كرامة ببقائها معه !

_______________________________

في منزل عائلة ليليا:

# سيرين تتحدث:

خرجت من المشفى اليوم ، لقد تحسنت قليلا ، لكن لم أتخطى رعب ذلك اليوم وأنا على وشك خسارة حياتي ...

ربما الشيء الوحيد الذي سيجعلني مدينة لنيران هو أنها إتصلت بي وحذرتني من الخطر ...

ولكن من أين علمت ؟؟

هذا السؤال يدور في رأسي منذ ذلك اليوم ...

أريد الإلتقاء بها ومعرفة ما حدث بالضبط ..

أتتني أمي تسير بخطوات بطيئة وقالت

" سيرين يونس راه في الصالة يستنى فيك روحي عندو ... !"

هززت رأسي ووقفت وأنا أمسك بيدي التي كان يغطيها قماش طبي ...

رأيت أمي تتجه لغرفتها ، لأقول

" ما تجيش تقعدي معانا ؟؟"

ردت

" راني نعسانة نروح نرقد خير !"

ضحكت بتهكم وهززت رأسي بإستخفاف من حياتها وحالتها التي جعلها عليها جعفر ...

أخشى أن أكون الشخص الذي سيقتله ...

كل يوم أكرهه أكثر !

وصلت للصالة لأجد يونس جالسا وينظر للفراغ بتفكير ..

ألقيت التحية قائلة بمرح

" توحشتني بلخف ياك غير الصباح كنت هنا !"

رفع نظره لي ووقف مقتربا مني وقال

" كون بيدي ما نبعدش كامل !"

نظرت لحالته الغريبة وقلت

" واش بيك يونس ؟...علاش راني حاسة بلي مراكش مليح !"

سحبني من يدي وجلس على الأريكة في حين جلست أنا مقابلة له على الطرف الآخر ..

وقال بهدوء

" مرانيش عارف علاش وليت موسوس وخايف يموت واحد فينا في أي لحظة وحنا ما عشناش الحياة لي بغيناها !"

عينيه كانت حزينة بطريقة جعلتني أتوتر

لا أعرف بما أواسيه ، كلامه حقيقي ، إن جعفر ورجاله يترصدون بنا ، حتى أنهم تتبعونا بسيارتهم خلال هذا الأسبوع..

أعتقد أنه لن يترك أي شخص يعرف بسره على قيد الحياة ...

تنهدت بعمق وقلت

" يونس ... الأجل هو لي يدينا مش حاجة أخرى ، ما تكثرش التخمام !"

رفع نظره لي وقال

" سيرين علبالك بلي قريب خسرتك  .... في اليوم لي كنت رايح نهدر معاك بأسوء طريقة وحسبت روحي كرهتك ... بصح في لحظة إنقلب كلشي ، وعرفت بلي حياتي صح مربوطة بيك ... !"

إبتسمت بحب لكلماته تلك ...

كان كلامه دافئا لدرجة تجعل القلب يرفرف ...

الشيء الذي يعجبني في هذا الرجل أنه صادق ..

كل نظرة من عينيه وكل كلمة منه لها معنى أعمق من التي قبلها ...ملامحه تخبرني أنني لن أجد أحسن منه مهما بحثت ...

قلت بخجل طفيف لم أعتد عليه

" قلتهالك شحال من مرة ... صح ممكن كاين بزاف إختلافات بينا ، ممكن كل واحد طريقة تفكيرو وعيشتو أصعب من الآخر ... ولكن صدقني حتى أنا علبالي إني مش راح نلقى خير منك !"

ضحكت عينيه قبل شفاهه ثم قال بشغف

" سيرين واش رايك نديرو الحفلة تع العرس هذا الشهر !!"

تصنمت ناظرة له وقد إختفت إبتسامتي...

هذا لم يكن ضمن مخططاتي !

حسنا أريد الزواج منه ولكن ليس الآن ... لا شيء في مكانه كل شيء مشوش ..

بالطبع لاحظ ردة فعلي ليقول

" علبالي رايحة تلقاي ميات عذر باش نأجلوه ... بصح صدقيني حياتك مراحش نمنعك منها ... أنا برك حاب تكون عندي عايلة ... سيرين منقدرش نحميك هكذا من البعيد... خايف نخسرو بعض !"

كلامه منطقي فالرجل أصبح يمضي يومه بين منزلنا والشركة وإتصالاته لا تنتنهي ...
قلقه دائم بشأني ... يخشى أن يتم قتلي ...

وأنا أخشى أن يتم إيذاءه ..

بلعت ريقي وقلت

" رايحة نخمم ... مبعد نقولك !"

_________________________________

في سيارة أغيد

#أغيد يتحدث :

منذ مدة وأنا أفكر في صحة ما فعلته في حياتي حتى اليوم ...

لا يوجد شيء صحيح تقريبا !

كلما حاولت تصحيح خطأ إقترفت واحدا جديدا ..

حسنا أنا اليوم أدركت أنني أناني فعلا !
لقد إخترت نفسي وحياتي مقابل علاقتي بإبنتي !

نيران شوشت مجرى حياتي ..

بالطبع لا ألومها بأي شكل أنا من دخلت حياتها !

✨أيقنت أنني أركض دوما خلف الأشياء التي ليست لي ✨

ونيران من ضمنها ..

الفتاة تمقتني حرفيا ...وتتهرب من الحديث معي بشكل عادي ...

جعلتها تعمل ووفرت لها كل ما أستطيع وهي لم تعارض ...

ولكن رغم هذا لم يكن المال كافيا لشراء حبها أيضا ...

أسخر من نفسي ولا شك أنكم تفعلون كذلك ..

كانت بين يدي وكانت لي قبل ثماني سنوات !

بإرادتها !

وأتيت اليوم راغبا في عودتها لي رغما عنها ...

أغمضت عيناي وأنا أشد بيدي على المقود .

أوقفت السيارة أمام كافيتيريا ضخمة ودخلت كي أشرب كأس قهوة لعله يخفف ألم رأسي..

لم أستطع القيادة وهذا الألم ينهش رأسي إضافة إلى أضواء السيارات والطريق ليلا ...
إنه كالعذاب ...

جلست ليحضر لي النادل بعد مدة كأس قهوة جميلة ...

رفيقتي وإدماني !

كنت سابقا أدخن حين غضبي ..

ولا أحد إهتم للوضع ...

لكن نيران زجرتني عنها قائلة أنها تدخين سلبي ويؤذيها أكثر مني !

حسنا في ظروف أخرى لم أكن لأخضع لكلام أحد ، ولكن حين قالت أنها ستتضرر توقفت !

ألا يكفيها هذا كتعبير عن الحب ؟

أجد نفسي في بئر عميق لا أمل للخروج منه ..

خرجت بعد حوالي ربع ساعة وقررت الذهاب لكي آخذ نيران فقد تذكرت أخيرا انني اوصلتها لمنزل عائلتها ، في الحقيقة لم أكن أريد حضور ذلك العشاء ولكن بدافع الفضول والرعبة الشديدة في جعل أحمد يتألم حين رؤيتي رفقة إبنته ...

كزوج لها رغما عن أنفه وأنف الجميع ..

عند رؤيته لتخلي إبنته عنه !

نيران لم تتصرف بأي طريقة تظهر أنها رافضة لوجودي في حياتها ..

وهذا أكثر ما يريحني ..

بسبب مرض ريم لم أستطع الذهاب معها ولكن هذا كان بمثابة إختبار لها ...

سنرى إن كانت ستبقى في منزل عائلتها وتتخلى عني أم ستعود معي !

في هذه الحكاية عليها إختيار طرف ...

حتى لو لم تخترني ستذهب معي عنوة ..

لم أكد أشغل السيارة إلا وقد أتاني صوت رنين هاتفي ...

وكانت هي !

يا للغرابة ...هل سئمت من عائلتها ؟؟

أجبت بهدوء

" ألو !"

أتاني صوتها

" ما تجيش ... رايح يوصلني إياد !"

رفعت حاجباي بدهشة ..

ألهذه الدرجة رضت بي !؟؟

قلت

" راني جاي بصح !"

قالت بجدية

" وأنا راني رايحة مع إياد ... ما تعبش روحك. !"

قلت بموافقة

" دبري راسك .."

إمرأة غريبة الأطوار ..

إنها لا تسأل ابدا بل تنفذ ما في رأسها مباشرة ..

هل أبدو قدم كرسي ؟؟

لما تستبعدني ؟

_________________________

في سيارة إياد :

##الراوية تتحدث :

ودعت نيران والدتها ووالدها وخرجت بسرعة رفقة إياد وكأنها كانت تجاهد لإخفاء الحقيقة عن والدتها ...

تحالف غبي بين هؤلاء سيؤدي بهم للهلاك على يد سهام ..

صعدت للسيارة وتبعها إياد ..

بقي كلاهما ينظران للفراغ ليقول إياد قبل أن يشغل السيارة

" نيران ما تخافي من حتى واحد ... إذا مش حابة تروحي مكاش لي يقدر يديك بسيف !"

ضحكت بسخرية قائلة

" اياد... في ميزك منيش قادرة نهرب ؟... ولا مش قادرة نخرج من حياتو ؟"

رد

" بواش راه مهددك حتى راكي قاعدة معاه رغم واش دار !؟"

قالت

" جاوبني على سؤالي قبل !"

تنهد ثم قال

" عندهم حراس بزاف باينا ما تقدريش تهربي !"

ضحكت قائلة

" اياد مزال ما عرفتنيش مليح!"

قال متسائلا

" مزالك تحبيه مالا ؟!...مالڨري كامل واش دار !"

ردت وهي تعتدل على الكرسي

" أحيانا الحب ما يكونش كافي باش يخلينا ننساو أخطاء الطرف الآخر ... ولكن ممكن يخلينا نتقبلو وجودو في حياتنا ..."

قاطعها إياد متهكما

" ايا ونتي تقبلتي وجودو وزدتي تقبلتي الخطأ تاعو !؟"

إبتسمت بخفوت وهي تنظر للبعيد ثم قالت

" حاليا إفهم حاجة وحدة وهي أنو باش نسمحلو هذا الشي أبعد من النجوم ليه ... "

رد إياد

" بواش تفسري بقائك معاك لضروك مالا ؟"

إرتدت نيران قناع الجدية وقالت

" مصلحة ... "

عقد إياد حاجبيه وهتف

" ونهاية هذي المصلحة وقتاش ؟؟"

إبتسمت بخفوت وقالت

" كي نحس بلي رديت حقي .."

قال إياد بإندفاع

" نقدر نردلك حقك في زوج دقايق نفضحهم قدام العالم كامل صدقيني يولي يحشم يخرج برا !"

وضعت نيران يدها على يد إياد وقالت بعاطفة أخوية

" علبالي بلي كاين سند صلب معايا ... بصح خليني أنا لي نرد حقي وما تحاولش تمنعني  !"

تنهد فهو يعرف كمية عناد أخته ، لكنه يخشى عليها من أن تسلك طريقا قد يحطمها قبل قلبها ...

وضع يده الأخرى فوق يدها وقال

" نيران... راني خايف عليك على هذا وقتما تحسي روحك محتاجتني في أي حاجة قوليلي !"

إبتسمت بحب وقالت

" بلا ما توصي ...!"

عم الصمت لثواني أخرى كلاهما يدرك صعوبة الوضع. ..

شعور العشق الذي يتلاشى بعد شغف عظيم ...
وبعد محاولات فاشلة صعب ..

وقد قلت سابقا أن الحب جميل
ولكن العشق مرض ...

وسيبقى كذلك ..

لذا عندما يقع أحدكم في الحب فليتجنب الدخول في متاهات العشق ...

______________________________

في منزل جعفر

#الراوية تتحدث:

تأفف وهو يجوب الغرفة ذهابا وإيابا الغضب يتمكن منه ...

كيف لحفيده الذي شكله على كره تلك العائلة وكل ما يتعلق بها أن يصبح متمردا ضده الآن في أكثر وقت يحتاجه ؟؟

وماذا أيضا؟؟
قام بجعل إبنة ذلك الرجل تعيش الرفاهية التي لا تستحقها ...

إتجه بخطواته الثقيلة ناحية مكتبة جانبية في غرفته إمتدت يده المتجعدة بخطايا السنوات الطويلة ناحية رف مليئ بالكتب الرثة ... وبين تلك الكتب كان يقبع صندوق حديدي صغير ..

إلتقطه بيده اليسرى في حين كان يرتكز على عصاه بيده اليمنى وجلس على كرسي كان على مقربة من موقع وقوفه ..

فتحه بهدوء لتظهر بعض الأغراض الغريبة ..

قرط وسلسلة من اللؤلؤ ، ومشبك شعر ذهبي أنيق ... صورة نصفها محروق ولم يعد يظهر منها سوى بعض التفاصيل ..

كانت لإمرأة في غاية الجمال ...

رغم قدم الصورة والزمن الذي إلتقطت فيه إلا أن تلك المرأة كانت ذات ملامح فاتنة ..

قلب الصورة ليقرأ ما كتب عليها

ريم _1986
اليوم سأتزوج أنا وأكثر إنسان أحببته صحيح ظروف هذا الزواج سيئة ولكن نحن سنتزوج في النهاية !

تنهد بعمق وهو يتأملها ثم همس

" طيبة قلبك هي لي خلاتك تروحي للقبر قبلو ... وإبنك راه ماشي على نفس خطواتك !..."

أغمض عينيه وهو يعود بذكرياته لثمانية وثلاثين سنة للوراء :

Flash back 🔙:

وقعت على خد تلك الفتاة صفعة من والدها جعلتها تفترش الأرضية وهي تنظر له بجزع ..

بينما صاح بها

" ما لقيتي حتى واحد تحبيه من غير هذاك ؟؟...علاش يا ريم علاش تحطي في راس عايلتنا في لرض !؟"

وقفت ريم رغم صدمتها من ما يحدث وقالت

" بابا إسمعني والله ما كاين حاجة ... بابا راهو حاب يخطبني ونتزوجو عادي ... بابا ما تديرش عليهم راهم يكذبو عليك !"

صاح

" إسكتي ما نسمعش صوتك ... مايهمنيش إذا كانت هدرتهم صح ولا خطأ لي يهمني هو أنك خنتي عايلتنا وحبيتي شخص من أعدائنا ... "

بكت ريم بشدة بينما تقول

" أعداء على جال واش ؟؟؟... أرض يا بابا أرض من عهد الإستعمار دارتلكم هكذا ...!"

ضرب جعفر الطاولة التي كانت بجواره وقال

" ما زالكي تهدري ؟... واش دخلك نتي واش دخلك ؟؟... كان المفروض تبقاي محبوسة فالدار كيما بنات العيلة لا قرايا لا تعليم ... قريتي زوج حروف حبيتي تاكلينا !!..."

جلست ريم على الأرض وهي تبكي وقالت

" بابا تعيش قولهم ما يديرو والو لأحمد ... والله العظيم ما قرب ليا ، كان يخبر فيا برك بلي حاب يجي يخطبني منك !"

جز جعفر على أسنانه وقال وهو يتأفف

" مراح يديرولو والو ... رايحين نقبلو بيه أصلا ... "

رفعت ريم رأسها ناظرة لوالدها بصدمة من كلامه بينما دنى منها قائلا

" بصح بشرط ..."

هزت رأسها وهي تقترب منه وتقبل يده

" لي تبغيها ... قولي ندير لي تبغي !!"

إبتسم بشر وقال

" جيبيلي وثائق الأرض المركزية !"

إختفت حماستها وهي تستوعب كلام والدها ...لتهز رأسها رفضا ...

وقف جعفر ونظر لها بإستعلاء ثم قال

" عندك هذي الفرصة برك تنفذي واش قتلك ولا تنساي تتزوجي بيه وزيد رايح نخليهم يقتلوه بحجة الثأر.... "

صدمت ريم من طريقة تفكير والدها حتى أنه يستغل كلام الناس على شرفها لمصلحته ... هو سيثبت لهم عندما يطلب منهم قتل أحمد أنه حقا لمس إبنته في الحرام ...

رجل ليس له مبادئ ...

خرج من الغرفة تاركا لها باكية وهي تفترش الأرض ...

بكت بشدة حتى إحمرت عينيها بل أمضت كل تلك الليلة تفكر في حل للوضع لا خيار لها أساسا سوى فعل هذا ...

وبحلول الصباح عاد جعفر وقال بجفاء

" واش قررتي ؟؟"

نظرت له ببرود وقد أصبحت روحها خالية من أي مشاعر له ... كأنها أدركت أخيرا أن هذا الرجل وحش ...

تنهدت بعمق ثم قالت

" خلاص رايحة ندير لي قتلي ..."

إبتسم برضى ثم قال وهو يربت على شعرها بحنان كأنه ليس نفس الشخص الغاضب سابقا

" هكذا نبغي بنتي ... "

مرت الأيام التي تلت هذه الحادثة بهدوء فقد علم الجميع أن أحمد أصبح خطيب ريم ... فردان من عائلتان مختلفتان بينهما صراع أزلي ...

كان سكان القرية مصدومين من الوضع ولكن ظنوا أن الإشاعة التي إنتشرت بشأنهما هي سبب موافقة جعفر على هذه العلاقة التي ستنشأ بين الأسرتين ... لنقل أنهم ظنوا انه يدفن العار فقط ...

(تخلف قديم لا معنى له !)

كانت ريم خلال تلك الأيام تتعرض للضغط والتهديد النفسي من طرف والدها بإستمرار...

لذا قررت أخيرا أن تقوم بخطوة

Flash end 🔚

عاد للواقع بعد أن هز رأسه رافضا للتكملة...

ولكن هو لا يشعر بالندم فالغلطة غلطة إبنته هي من كانت ذات قلب طيب لا يتناسب مع هذا العالم ...

ضحك بصوت عالي كمجنون ...

صوته العالي جعل جميع سكان القصر من الخدم والحراس يجفلون له ...

لأول مرة السيد جعفر سويلم يضحك لا بل يقهقه بصوت عال...

هل هذه بدايات جنونه إذن ؟؟

____________________________

في منزل أغيد :

#الراوية تتحدث :

دخل في وقت متأخر فبعد أن علم أن نيران ستأتي رفقة إياد أمضى وقتا أكثر في الخارج ...

يشعر أنه يفتقد نفسه ، هو لا يجلس ويفكر بهدوء  حياته هي كومة من الضغط !

وضع مفاتيحه في علاقة خاصة كانت خلف الباب ، نزع حذاءه ومعطفه وأكمل مسيره للداخل بخطوات بطيئة ..

لمح إضاءة آتية من غرفة المعيشة ..

إبتسم بهدوء عندما أدرك أنها كانت تنتظره ..

دخل للغرفة ليجدها جالسة على الأرضية المفروشة وهي تتخذ من الطاولة التي تتوسط الأرائك وسادة. ...وأمامها كومة من الأوراق الخاصة بتصميم الأزياء ...

تلاشت إبتسامته عندما فهم أنها كانت تعمل ...

ولم يكن له نصيب في سهرها لهذا الوقت !

هل له حق للغضب بسبب هذا ؟؟

لا !

هو من تسبب في هذا الشرخ العظيم بين قلبيهما ... وهو يعترف بخطأه !

إقترب منها وجلس بكل هدوء بحيث إرتكز على الطاولة يتأمل ملامحها الهادئة ...

أبعد بعض الخصلات عن وجهها هامسا

" حاب نعرف برك إذا رايح يجي يوم وننساو كامل واش فات ولا رانا نضيعو في وقتنا في الباطل ؟!"

سؤاله يحتاج لإجابة سريعة ... لا يريد البقاء على هذه الحال ... كل ما يحدث يؤرق صفو حياته ...

مرر أنامله بكل هدوء على جبهتها التي كانت تعقدها حتى ظهرت بعض التموجات عليها ..

ليكمل هامسا

" كون تعرفي السبة تعذريني عارف أنو قلبك حنين ... "

وقف بعدها وحملها بكل خفة متجها ناحية غرفتها كي تنام بكل أريحية هناك ...

دفع الباب بقدمه ودخل ليضعها في سريرها ...

عدل عليها الغطاء وبقى لوهلة يتأملها ، كأنه يحفظ تلك الملامح ...

تنهد بعمق ثم قبل جبينها بعمق قائلا

" عزيزة عليا وربي لي عالم ... تمنيت لوكان ما عرفتك ما خليتك توصلي لوين وصلتي ليوم ..."

إعتذار صريح لن يتسنى لها سماعه عندما تستيقظ ...

الآن فقط ...
إسألوني كيف يكون إعتذار شخص لا يؤمن بالإعتذار والخطأ ...

سأخبركم أنه يكون بهذا الشكل ...

سيعتذر دوما لكنك لن تسمعه أبدا!

خرج من الغرفة مبتعدا عنها فهو لا يضمن الأشياء التي قد يتلفظ بها ...

جلس في غرفة المعيشة في مكانها السابق يتأمل رسوماتها ...

بارعة كالعادة ..

لمح قلما فاخرا كُتِب عليه إسمها ...

إبتسم بخفة وهو يتذكر عندما أرسل لها تلك الهدية الفاخرة عندما رأى أول تشكيلة من تصميمها...

لم يذكر إسمه في بطاقة المرسل ...

لكن بالطبع علمت أنها من شخص في ألمانيا ...

كان ينوي الإنتقام حينها ولكن كان فخورا بها ، شعر أنها إمرأة ليس بالهشة التي تكسر بسهولة ...

حتى منه !

____________________________

بعد مرور أسبوع

في مركز القناة الخاصة

#الراوية تتحدث :

كان المساء على وشك الحلول عندما وقفت دايانا أمام مكتب إياد تتمالك نفسها ثم طرقته بهدوء ليأذن لها بالدخول ...

إبتسم بمجرد رؤيتها ، إبتسامته التي أربكتها ...لقد تقربا كثيرا في الآونة الأخيرة وأصبح كل منهما بئرا لأسرار الآخر بشكل أو بآخر ...

ولكنها واقعة له ...

لم تجمعها الحياة ولا الصدف بشخص مثله ..

لقد كان مميزا في كل شيء في نظرها ، هي لا تستطيع تخيل أنه قد يأتي يوم ويصبح ملكا لغيرها ..

ربما كانت هذه إحدى الصفات السيئة التي زرعها فيها دلال والدها ولكنها حقا أنانية في هذه الأمور ...

لقد إستجمعت قوتها اليوم كي تأتي وتصارحه بمشاعرها ...

بعد تفكير طويل طبعا ..

هي فقط لا تريده أن يخرج من حياتها ، لا تريده أن يبتعد بأي شكل كان ...

ستكون شجاعة وتخطو هي أول الخطوات لعله يبادلها نفس الشعور ...

أشار لها قائلا بالألمانية

" تفضلي بالجلوس لما أنتِ واقفة ؟؟"

فركت كفيها بتوتر ثم إقتربت وجلست

لاحظ هو غرابة تصرفاتها ليقول

" دايانا هل أنتِ بخير ؟؟"

ردت بتلعثم

" لا... أقصد نعم ...أنا فقط متوترة !"

مال برأسه متسائلا

" بشأن ماذا ؟"

تنحنحت ثم أخذت نفسا عميقا وقالت

" أريد أن أتحدث معك بموضوع مهم ...!"

هز رأسه قائلا

" لحظة فقط دعيني أجمع هذه الفوضى فوق المكتب هنا ثم نخرج !"

هزت رأسها بسرعة ثم وقفت وقالت

" أنتظرك في السطح ..!"

عقد حاجبيه قائلا

" أي سطح ؟"

إبتسمت وقالت

" سطح هذا المبنى !"

أومأ بالقبول في حين خرجت هي مسرعة ...

لا تدري إن كان تصرفها صحيحا لكنها تتبع قلبها ..

ولأول مرة في حياتها تعتقد أن عليها المخاطرة

صعدت للسطح الذي كان يطل على المدينة المزينة بالأضواء ..

منظر مريح حقا ...

ظلام بداية الليل وأنوار المدينة ونسمات الربيع المنعشة ...

جو شاعري بإمتياز سيخلد هذه الذكرى !!

إبتسمت بتفاؤل ..

وهي تعدل خصلات شعرها التي أخذت تتطاير في الهواء ..

سمعت صوته الذي كان ينادي عليها لتلتفت ...

" أنا هنا !"

توقفت خطواته وهو يستغرب من هذا المكان الذي جلبته له ..

ليقول بتذمر

" دايانا ما الداعي لكل هذا ؟... دعينا ننزل للمقهى أفضل من هذا الظلام !"

إقتربت منه وقالت

" جو شاعري جميل مالمزعج في الأمر ؟"

قال بتهكم

" لا أحب هذه الاجواء في العادة ..."

قالت وهي تنظر للمدينة المضيئة

" لكنني أشعر أن هذا الجو يزرع بداخلي السكينة ... وبشكل ما يمُدني بالشجاعة الكافية  !"

وضع يديه في جيبه ونظر للمكان الذي كانت تنظر له قائلا

" الشجاعة الكافية لماذا ؟"

إلتفتت له وقالت

" الشجاعة الكافية لمصارحتك بشيء ما !"

عقد حاجبيه وقال بإنتباه

" ما الأمر ؟ ... هل هناك مشكلة ؟؟"

قالت بخفوت

" لا يمكن إعتبارها مشكلة ..."

صمتت قليلا ثم قالت

" في نظري على الأقل !"

قال بنفاذ صبر

" دايانا تحدثي لا تفقديني صوابي ماذا دهاكِ؟"

نظرت له عميقا ثم قالت دون مقدمات

" إياد أنا ... أنا "

هز رأسه كي تكمل ...

" أنا أحبك !"

عم الصمت فجأة...

لا شيء هنا سوى صوت أبواق السيارات الآتي من الشارع..

لا شيء هنا سوى نظرات غريبة ..

لا شيء هنا سوى ضربات قلوب مضطربة!

قال إياد بعد ثواني من الإستيعاب

" عفوا ؟؟"

بلعت ريقها وقالت ظنا منها أن صوتها لم يصل لمسامعه في البداية لشدة توترها

" نعم ... أنا أحبك ... منذ فترة بدأت أشعر بهذا واليوم جمعت شجاعتي و.."

قاطعها قائلا بإستهجان

" أنتِ تمزحين صحيح ؟.."

هزت رأسها رفضا وقالت بتأكيد بإندفاع

" لست أمزح... لو لم أكن جادة لما قلت هذا !"

إنتظرت منه كل شيء إلا
- ضحكة الإستهزاء تلك -

نعم ...

لقد ضحك لكثرة ما إندهش ..

بلعت ريقها ناظرة له ولردة فعله ليقول

" دايانا ... لا تكرري هذا الكلام الذي لا داعي له  ثانية ..."

عقدت حاجبيها وقالت

" ماذا تقصد ؟"

وضع يده على مقدمة رأسها قائلا

" ما أقصده هو أن تحاولي نسيان كل ما قلتيه للتو... لأنه لا شيء حسنا !؟؟"

قالت بإندفاع وهي تبعد يده عن شعرها

" كيف لا شيء ؟؟..."

مسح على وجهه بنفاذ صبر وقال بجدية

" إسمعيني جيدا ... أنتِ على ما يبدو ما تزالين مراهقة ... لذا أتفهم وضعك ، حاولي مسح مشاعرك إتجاهي ، لأنني مجرد زميل أو صديق لا أكثر حسنا ؟؟... لا تفسدي هذا الرابط ! "

تصنمت في مكانها ناظرة له ...

حسنا هي تهورت وإعترفت وهذا غباء منها

لكن لما يتحدث هو بتلك الطريقة ؟؟

أكمل بهدوء بارد

" الحب ليس مشاعرا تأتي في مدة قصيرة ... هذا تعلق وفقط ... لا تعترفي بحبك لكل من يأتي بطريقك يا دايانا ستبدين ساذجة جدا !"

هتفت

" أنت لست مثل الجميع ... أتعتقد أنني أتيت في أول لحظة شعرت بها بشيء تجاهك وإعترفت لك ؟؟؟... لقد كلفني ذلك مدة طويلة لأفعل !"

قال متحسرا

" ليتك لم تفعلي ... ليتك لم تقولي شيئا... دايانا يستحيل أن أبادلك شعورك ... لذا أعتذر !"

هه !

لقد كان رفضا لبقا ...!

أغمضت عينيها وهي تشعر بالدوار ..

كرامتها أصبحت منشفة أرض متسخة !

أين كبريائها وغرورها الذي كبرت عليه ...؟

أين مبادئها؟

بل ما الحماقة التي إرتكبتها للتو ؟؟

هل كان يجب أن تقول له أنها تحبه هكذا فجأة ومباشرة دون مقدمات ؟؟

بل لما تتأكد من مشاعره أولا لتتحدث ؟؟

اللعنة !

كان صراعا طاحنا يدور في داخلها أمامه ..

تنهدت ثم قالت

" أنت محق .... يبدو أنني كنت غبية لكي أقول لك هذا الكلام !"

هز رأسه برضى لأنه أدرك أنها فهمت وجهة نظره .. هو لا يريد الحب ولا يريد أي شيء في حياته يعيقه الآن ..

لا يدري حقيقة مشاعره نحوها ..

لكن حاليا يعرف أنها ليست بمشاعر حب !

لقد كان خبيرا في تحديد طبيعة مشاعره طيلة حياته ...

لكن عندما وصل إليها لم يعرف بأيها يشعر !

كان سيتحدث لكنها قالت

"  أدركت أنني حقا كنت غبية ، أتدري لما ؟؟... لأنك لا تستحق مشاعري ... أنت شخص أناني لا تستحق الحب ، ستبحث عنه في كل مكان ولن تجده ..."

تجاوزته قبل أن تسمع رده وقبل أن تنزل السلالم توقفت وإلتفتت له وقالت

" أه... وبالمناسبة أعتذر لأنني أحببتك دون إذنك !"

تغيرت ملامح وجهه عندما ٱختفت عن ناظريه ..

صاح بقهر من نفسه ومن تصرفه هل كان عليه الحديث معها بتلك الطريقة ...؟

لما لم يخبرها أنه لا يملك مشاعرا واضحة لها دون جرحها بالكلام ؟؟

_____________________________

في ورشة نيران :

#نيران تتحدث :

كنت جالسة في مكتبي عندما جائتني إحدى العاملات تخبرني أن هناك ضيفة تريد رؤيتي !

عقدت حاجباي ثم سمحت لها بالدخول ..

إحزروا من كانت ؟؟

" سيرين !"

دخلت بكل هدوء وهي تربط يدها برباط طبي...

كم هي مبالغة يدها ليست متضررة لهذه الدرجة !

هتفت مباشرة دون أي لف ودوران

" عندنا ما نهدرو  ... "

هززت رأسي وقلت

" تفضلي !"

جلست أمامي لأقول

" واش تشربي ؟"

لوت شفتيها ثم قالت

" كابوتشينو !"

آه!

وتتآمر أيضا ، كم هي فتاة مرتاحة ؟

طلبت من السكرتيرة تجهيز القوة لنا ..

ثم عقدت أصابعي معا في إنتظار ما ستقوله ..

بينما كانت هي تتأمل ديكور مكتبي ثم قالت بسخرية

" علبالك ... أغيد عمرو ما فكر يدير حاجة هكذا لأختي ... كان ديما مهمشها ... "

عقدت حاجباي وقبل أن أرد قالت

" ضروك برك عرفت بلي الإنسان لازم يختار شخص يحبو باش يكمل معاه حياتو ... لأنو لي نحبوهم حنا في غالب الأحيان ما يحبوناش !"

قلت متهكمة

" المقدمة لي راكي تديري فيها ما عندها حتى معنى ... قولي واش راكي باغية !"

نظرت إلي ثم قالت

" جيت باش نشكرك على هذاك اليوم... مش من عادتي نشكر الناس بصح لأنك كنت سبب في نجاتي كان لازم عليا نجي !"

لويت شفتي وقلت

" انقاذ روح هو حاجة ما تحتاجش شكر كنت رح نديرها مع أي إنسان في هاذي الدنيا بلا ما نخمم !"

ضيقت سيرين عينيها وهي تنظر ناحيتي بعمق

" بصح بعض الأشخاص يحتاجو يموتو قبل ما يقدرو يقتلونا !"

فهمت مقصدها لذا قلت

" عداوتك معايا راهي بسبب أختك ، بصح ديري في بالك بلي لا نتي ولا هي تهموني ، مارانيش هنا باش ندخل في حرب معاكم !"

صمتت قليلا عندما دخلت السكرتيرة بالقهوة ثم خرجت ...

حملت كأسي وأكملت

" أختك ضحية علبالي ....  ما تحتاجيش في كل مرة تقوليهالي ... "

قالت وهي تبتسم بسخرية

" أختي ضحية ... ولكن حتى نتي ضحية تع اعمال قديمة !"

عقدت حاجباي وقلت بتساؤل

" واش قصدك ؟"

ردت

" نيران قبل مدة صغيرة برك كان عندي مخطط رايح يدمرلك حياتك ... بصح بعد هذيك الحادثة عرفت بلي الدنيا ما تسوى والو ... "

تنهدت بعمق ثم قالت

" كاين بزاف صوالح لازم تعرفيهم !"

وضعت كوب القهوة وعدلت جلستي في حين كانت هي تنظر ناحيتي بتشتت واضح ...

لقد لمحت تغيرت في شكلها وكلماتها مؤخرا !

وهنا صدق من قال أن الإنسان لا يروضه إلا شبح الموت .

______________________________

و stoooooop 💗

كملت حلقة اليوم ❤️

كانت طويلة نوعا ما تعويضا للأيام الفائتة .

علبالي تأخرت عليكم بزاف ولكن الظروف أصبحت لا تسمح بالنشر بشكل منتظم ..

سيكون عليكم تحمل غياباتي المتكررة بقدر حبكم لروايتي 💞🥲

أتمنى أن لا تسأموا منها قبل أن تصل للنهاية ...

أريد منكم تعليقات محفزة ، أو حتى إنتقادات أتقبل الجميع ✅✅

وكالعادة لا تنسوا النجمة 🌟 يا نجوم Histania ✨🌟🌟

ورمضان مبارك ✨🤍 عليكم جميعا

إستغلوه في طاعة الله وتذكروا أن كل شيء وكل مر سيمر إن شاء الله..

لا تترددوا في طلب المستحيل من رب المستحيلات ...

الدعاء سيكون سببا في نجاتنا من المصائب لذا اجعلوه سلاحكم ✅🍀

كل الحب ❤️

Continue Reading

You'll Also Like

476K 25.8K 101
~ L'αmour sıncère est trop précıeux pour être perdu 💫
4.5K 212 10
صديقان يقعان في حب نفس الفتاة 💔 فيا ترى القدر بمن سيجمعها 🥺 كورنيك جزائرية من خيالي 🤍
37.9K 1.8K 201
#مُتمردة_العيسى ❤️‍🔥 عندما نتعمق في عشق الروح تصبح كل لحظة فصلاً، وكل دقيقة قصة، وكل ساعة لحناً، وكل يوماً عالما... إنه ذلك العشق الذي لا يشبه عشقًا...
2.1K 59 29
🗡🥀#رِيْبَة_جُورِي🥀🗡 ▪️لَا تُصَدَّقْ... وَ لَا تَثِقْ... دَعْ الشَّكَّ يُصَاحِبُكَ وَ الرِّيبَةَ تُرَافِقُكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ "الْيَقِينُ"...️▪️