سريع

Por itsmaribanks

874K 73.6K 73.9K

"سريع عزيزتي، أنا سريع جدا" الرواية هي الثانية من سلسلة Rage & Wheels الجزء الأول: آدم. لكن يمكن قراءة كل... Mais

بداية
1- إختطاف
2- احفظي سري وسأحفظ خاصتك
3- ماكر
4- متعجرف
5- بعض الفوضى
6- بوتو والفراشة
7- رِهان
8- عيد الميلاد
9- رعب وتحدّي
10- حفلة مبيت
11- الفوز والخسارة
12- لكنه لم يفقدني
13- المأوى
14- مضمار ريدكاي
15- التسلل للخارج
16- السارقة أم المتسابقة؟
فصل خاص | اللحظة الإستثنائية
17- ضخات الأدرينالين
18- تائهين
19- ليلة بوتو والفراشة
20- لحظة التوهان
21- حصان بري
22- مرايا مكسورة
23- أفكار، مشاعر وحقيقة
فصل خاص | ستنقذني دائما
فصل خاص | ما نريد، ما نستحق
24- إقتناص الفرص والنهوض
25- نعود لنتوه
26- وهِن لكن سريع
فصل خاص | الإنخفاض والإرتفاع
26- نجوم تعرف ولا تعرف طريقها
28- الحكمة من الشيء
30- رابط يجمعنا
31- ركُب الحياة
32- سافلة
33- سباق المدينة
34- المضمار الشبح
35- إنسجام
36- زهرة الياسمين
37- تحت السطح
38- هانتر ريدكاي وكلوفر سكوت
النهاية | هذه المرة لأجل نفسك.

29- شكرا

18.7K 2.1K 3.4K
Por itsmaribanks

شرط الفصل:

* 1300 تصويت (نجمة)

* 3000 تعليق دون حروف مكررة أو كلمات خارجة عن نطاق الرواية أو إيموجيات لملئهم فقط.

إستمتعوا ♡︎

_

هانتر

صوت الطرق على الباب جعلني أرفع بصري من شاشة الهاتف بينما أجفف الجزء العلوي من جسدي بعد الحمام الدافئ الذي أخذته، بهدوء نطقتُ "تفضل"

رأيتُ القفل يُدار ومن ثم فُتح ليظهر أبي أمامي، إبتسامة صغيرة هادئة كانت على شفتيه فيما يتقدم للداخل بعدما أغلق الباب، قلبي غاص عميقا بهدوء مثل شعور قوة يملؤني بمجرد أن رأيته، ووضع يديه في جيوب بنطاله يتحرك ناحيتي "تبدو في حالة لا بأس بها"

الكلمات جعلتني أبتسم، أهز رأسي وأنطق "لستُ أفضل منك"

"لا أعتقد ذلك، الإبن دائما يتفوق على والده بنظري" رفع حاجبه ما يزال محافظا على نفس الإبتسامة في حين فلتت ضحكتي مني وتقدمت إلى خزانتي أجذب سترة رياضية قطنية سوداء، أقوم بإزلاق يداي في الأكمام ومن ثم رأسي قبل إرتداءها، تابع أبي يرمي لي القبعة الشتوية التي إلتقطتها "أريدك أن تعلم شيئا"

شعرتُ به بين ثنايا كلماته وتوقفت عن الحركة أرمش وأنظر إليه، أراه يعقد ذراعيه على صدره ويتقدم ناحيتي بهدوء حتى وصل إليّ، وقف أمامي وعيونه تعلّقت بخاصتي؛ كنتُ أرى في نظراته شيئا أكثر من مجرد علاقة تربط إبنا بوالده، كان يحمل في ملامحه جزءا مني.

أم أني أنا الجزء؟ وهو كُلّي.

"في لحظات كهذه عليك أن تتمسك بنفسك وبمن يحبّك، أكثر من أي وقت مضى، تعلم"

"لستُ متأكدا" إبتسمت بخفة أبعد عيوني عنه بصعوبة ونظرت بإتجاه النافذة أتابع "الأمر ليس سهلا أبي"

"وهل أنت شخص سهل؟" تقدم مني أكثر لكني فقط خفضتُ نظراتي، لا أستطيع مطلقا مواجهته وأنا في هذه الحالة، أن أرى تلك النظرات في عيونه، فهذا شيء يحطمني.

"لم أعد أعلم بعد الآن، الأمر مختلف حين تقترب اللحظة أبي"

إمتدت ذاته يضعها على كتفي ويقبض عليّ "هانتر، لقد تحملت العلاج وما زلت واقفا أمامي حتى هذه اللحظة، الورم ليس كبيرا، الأمر يعتمد على العملية وأخبرتك أني أحرص على أن تتم الأمور بشكل صحيح، ثق بي"

"أنا أثق بكَ أبي، الأمر فقط--"

لم أعلم ما عليّ قوله، كنتُ أشعر بالضعف أمامه، أشعر بأني لم أعد هانتر القديم وأن هناك شيء تغير بداخلي حوّلني إلى هذا الشخص الذي لم أعتد عليه، أريد أن أخبر أبي بكلّ هذا لكنه يعلم.

هو يعلم دون أن أتحدث.

"ٱنظر إليّ هانتر" تحدث برفق وإرتفعت عيوني ناحيته لأرى تلك النظرة الأبوية.

النظرة التي طالما عهدتها منه منذ صغرنا.

"ماذا تفعل أبي؟" صوتي الناعم حينما كنت طفلا رنّ في آذاني يجتذب المشهد لذاكرتي حين كنت في الخامسة أجلس القرفصاء أمامه بينما كان نصف جسده تحت السيارة في المرآب يقوم بإصلاحها.

مددت ذراعي السمينة ألكز فخذه بأصبعي وتابعت "هل أنت نائم؟"

بمجرد أن نطقت تلك الكلمات سمعتُ ضحكاته قادمة من الأسفل، وإندفع جسده للخارج ليظهر أمامي ويعتدل في جلسته، كان صدره عاري ويديه مملوءتان بالزيت، شعره كان مبللا قليلا بالعرق.

"لماذا قد أنام؟" ضحك بخفة يمدّ ذراعه لي ويقرص أنفي مما جعل رائحة الزيت تغزوني، لكني أحببتها وضحكت بالمقابل أسير ناحيته وأندفع في حضنه بثقلي أسمعه يتأوه بإستمتاع "لقد سحقتني"

"إلتفتت إليه أقف بين ساقيه وأمامه ومددت يداي لأمسك بكلتا وجنتيه "أبي أريد أن أجرّب"

"تجرب؟" حاجبه إرتفع يناظرني ومباشرة هززت رأسي له "أجل، أريد أن أتعلم إصلاح السيارات مثلك، دعني أفعل مثلك أرجوك"

ضحكاته هربت منه يمد يديه معا ويقرص وجنتاي مما جعل وجهي يتلطخ بالكامل لكني كنتُ سعيدا جدا، لف ذراعيه حول جسدي بعد ذلك وسحبني إلى صدره يعانقني بينما أنفه يداعب خاصتي ويهمس أمامي "سأفعل أي شيء تريده هانتر، أنت فقط ٱطلب"

ضحكتُ بصوت مسموع وفركت أنفسي بخاصته قبل أن أسند جبيني على جبينه، لأنطق بهدوء "أرغب في أن أصبح مثلك، قوي وسريع، أنت فقط أبي"

بتلك الكلمات شعرت بجسدي يندفع ناحيته أكثر وذراعيه شددتا من إحتضاني بقوة كأنه يريد إدخالي في ضلوعه، خصلاته داعبت أذني من الجانب ورائحته ملأتني تجعلني أبتسم، لأني كنتُ أحب كل تفصيلة بأبي مهما كانت، أحببتُ أي شيء يتعلق به.

"ستعلمني كل شيء، صحيح أبي؟" إبتسمت حين نطقت ذلك السؤال، وسمعت الضحكة الصغيرة التي خرجت منه على شكل همهمة "لا تقلق، لن أتخلى عنك حتى آخر لحظة من حياتي"

لا أعلم كيف عدتُ للواقع لكني وجدتُ عيوني تخزني بشيء غريب، عقدة تشكلت في حلقي ولففتُ أصابعي أقبض عليها بقوة، همستُ بصوت مضغوط منكسر فيما عيوني للأسفل "لم أتعلم كل شيء منك بعد"

تلألأت عيوني أكثر وإبتلعت أضيف "أبي"

حين أنهيت كلماتي وجدت ذراعه تلتف حول كتفي ويده قبضت على رقبتي يجذبني ناحيته ويعطيني عناقا قويّا، ذراعيه حولي مثل ذرع يحميني وكنتُ حينها هانتر الطفل الصغير الذي لا يعرف أي شيء وينظر إلى بطله.

هذه المرة أنا أسكن في حضن بطلي.

إرتجف جسدي للحظات وتشكلت إنفراجة بين شفاهي أطالع الفراغ أمامي بعيون مذهولة، لكني إبتلعت أقبض على شفاهي، فكيّ وأصابعي، أغمضت عيناي وذراعاي لفّتاه هو الآخر أخبره أن إبنه بحاجة إليه هو أيضا.

وكانت هذه من اللحظات القليلة التي يرى فيها هذا الجانب مني، لكنه طالما عرف كل ما يحصل بداخلي، كل شيء كان يفرحني ويؤلمني.

أبي كان يعرفه.

"أعدكَ" همس بصوت أجش يضغط على كتفاي وأردتُ فقط أن أحتمي به أكثر.

عجبا! كيف أن بإمكان الآباء أن يفهموا أبناءهم بهذه الطريقة، عجبا للرابط الذي يجمعني بأبي!

إلهي! كم أتمنى في هذه اللحظة أن أعود سنوات للوراء، أن أعود طفلا صغيرا وأركض حوله وأتشبث بساقه، وأنظر إليه بعيون تلمع بحماس شديد.

أبي.

هو البطل الوحيد، وهو الرجل الوحيد الذي سأصرخ حتى ينكسر صوتي أني فخور كوني أنتمي له.

"أعدكَ هانتر أني لن أفلتك حتى لو آلمتني يدي، أعدك إبني أني سأقود على أي طريق تأخذها وأني سآخذ الضربة قبلك" تابع بنفس النبرة وهذه المرة لم أستطع التحمل.

إرتجفت أنفاسي، إنحبست في الداخل مع دقاتي، وشعرتُ بنفسي تخذلني هذه المرة، لكن كان هو أمامي، حولي، ليمسك بي، ويحمل إنهياري كي يعيد بنائي.

"لا أريد أن أرحل وأترككم، أبي، أنا خائف وأشعر بالبرد" همساتي إنكسرت وكذلك صوتي إرتجف، في حين تصلّب جسده لوهلة.

والآن فقط إنتبهت أني كررت نفس الكلمات على مسامعه.

خائف، أشعر بالبرد.

آخر ما تفوه به صديقه في الماضي حين فقده في الحادث.

"أنا حقا خائف، لا أستطيع المواجهة، أريدك أن تكون معي أبي، لا أعلم كيف أغادر ولا أين أذهب، أنا حقا---"

دموعي قاطعت كلماتي ولم أعلم لماذا وكيف حصل ذلك، لكني كنتُ أبكي.

"لن ترحل قبلي، أعدك بهذا" إبتعد عني ويديه أمسكتا بمؤخرة رأسي يطالعني بعيونه العسلية يعطيني إبتسامة قوية.

نظراته كانت تحفر عميقا في داخلي، لكنه كان يحمل ألمي أيضا، عيونه كشفت ذلك والإنكسار في ملامحه الذي لاح لوهلة.

"نحن معا هانتر، تتذكر؟ أنا وأنت؟ تريد أن تحطّم أرقامي كلها وأن تهزمني، أمامنا طريق طويل لنسلكه معا، إسمع"

نبرته كانت آمرة وإرتجفت شفاهي أعقد بصري بخاصته وأرى النظرة المصممة لديه، حين تابع "إنها مجرد عقبة أخرى، لي ولكَ، لن توقفنا عند هذا الحدّ والمرض لا يعني الموت"

إهتز كتفاي فيما أغمضت عيناي تهبط دموع أخرى ثم أرخيت جبيني على كتفه أنطق بصوت متعب "لا أرغب في تركك"

"ستنجو، وسترى مونلايت الجديدة" همس لي يجذبني ناحيته بشكل أقوى في حين إستجبت له أعود لألف ذراعاي حوله وأشتم الرائحة نفسها التي إعتدت عليها منذ كنتُ طفلا.

رائحة الأب والبطل.

"كلنا معك بنيّ"

كانوا لأجلي هنا، وحان دوري لأنقذ نفسي لأجلهم.

_

دفنتُ يداي في جيوب السوداء التي إرتديتها بينما غُمِر ذقني تحت كمّ عنق القميص القطني الأبيض. كنتُ أقف في الشارع تحت أحد أعمدة الإنارة بمواجهة واحد من محلات الملابس، أنتظر ظهور فراشتي.

الجوّ كان هادئا رغم برودته الشديدة هذه الليلة، الضجة والأصوات ملأت الشارع في حين كان شعوري حينها أني في فضاء بعيد عن هذا الكمّ الهائل من البشر الذين يتحركون أمامي، كأن جدار فاصل غير مرئي يجعلني أطالعهم من بعيد فقط دون الدخول لعالمهم.

هل كان هذا هو الوداع؟

أنا لا أعلم.

أنا حقا تائه في هذه اللحظات وأجد نفسي أتخبط بين الحقيقة والوهم مئات المرات، أحيانا تكون الحقيقة أشبه بالوهم، وأحيانا تلك الأوهام تبدو حقيقية حتى أكاد أفقد عقلي.

"أعدكَ هانتر، ستفتح عيونك وتجدني أمامك مرة أخرى، لن أتركك ولا والدتك"

كلمات أبي التي أخبرني بها قبل أن أغادر رنّ صداها في عقلي، وأطلقتُ تنهيدة أرى بخار أنفاسي يتصاعد في هذا البرد في حين يداي إشتدتا في قبضتين داخل جيوبي ورفعتُ رأسي للأعلى أغمض عيناي ولا أفعل أي شيء غير التنفس، بهدوء وسلام وطمأنينة.

كأني أسرق بضع ثواني، كأن تلك الثواني تبدو معدودة ومحسوبة، مثل شيء لا تملكه لكنك إختطفته من مكان ما وتستلذ به وحدك.

هكذا كان شعوري.

كل لحظة كانت ثمينة، كل لحظة عليها أن تكون بطيئة هنا، وعلى كل شيء أن يتوقف عن الإسراع لأني أرغب في أن أرى.

هانتر!

هل حقا كانت السرعة هي كل ما يتطلبه الأمر؟ ألم يكن عليّ أن أتمهل لبعض الوقت حتى أشعر بالعالم مثلما أفعل الآن؟

صوت العجلات وبوق السيارة جعلاني أخرج من غرقي داخل بحر أفكاري وإبتسامتي ظهرت بشكل لا إرادي على شفاهي بينما فتحتُ عيناي أخفض رأسي حتى أثبت بصري أمامي وأرى بلو وينجز متوقفة أمامي، كلوفر كانت بداخلها ترتدي سترة سباق زرقاء، خصلاتها شبه مبللة تعيدها للخلف وتعقد ذراعيها على المقود بينما جسدها مائل للأمام قليلا ورأسها كذلك تنظر إليّ بإبتسامة جميلة.

جميلة جدا.

إبتسامة مملوءة بالقوة والنشاط. خليط بين الحياة والحرية.

"مرحبا هانتر" صوتها كان ناعما يمتلئ بالدفئ، حين تابعت "مستعد سيدي لموعد العشاء مع الجدة؟"

أنهت كلماتها بغمزة ترسلها لي، في حين عضضتُ شفتي أضحك بصوت منخفض وأطالع ما تقوم به.

"أشعر ببعض التوتر فقط" غمزتها أنا الآخر أسير ناحيتها وإنحنيتُ قليلا أقرب وجهي من النافذة وأضفت بصوت أكثر هدوءا "إلى الكرسي الآخر فراشتي وإسمحي لي"

رأيتها ترمش بضع مرات لكنها لم تتردد في فك الحزام والإنتقال إلى الكرسي المجاور في حين أومأتُ لها أقوم بفتح الباب والركوب بجانبها، الرائحة كانت جميلة للغاية، لم أستطع تحديدها لكنها منعشة.

"أرى أنك تهتمين بالغنيمة؟" صفعت الباب بهدوء أمد ذراعي خلف ظهر الكرسي الذي تجلس عليه وإلتفتت أرى المقاعد الخلفية، كل شيء كان مرتبا ومنظما.

فراشتي غير منظمة لكن حين يتعلق بالسيارات---

"أحسنتِ" رميت لها نظرة ماكرة وإبتسمت بخفة أرى تورّد وجنتيها بينما تقلب عينيها "أعلم"

"فراشة جيدة" أضفتُ ويدي إنزلقت من الكرسي نحو وجنتها أقرصها بخفة، أضحك وأتابع "لنرى كيف سنزعج هذه الجميلة الزرقاء قليلا ونختبر أفضل ما لديها"

"مهلا! ماذا تقصد بنختبر؟" فتحت عينيها توسعهما بصدمة، "سترافقني للعشاء ولا شيء غير ذلك هانتر"

"إطمئني، سنصل في عشر دقائق" غمزتها أهز كتفاي وربطتُ حزام الأمان قبل أن أمسك بالمقود.

"عشر دقائق؟ يا رجل! هل تمزح معي الآن؟" وضعت يدها على كتفي تهزني في حين ضحكتُ أناظر الطريق أمامي وآخذ أنفاسي "آمل ألا تكون مناوبة ديب ديبي الليلة"

أدرتُ عنقي ناحيتها وأرسلتُ قبلة هوائية لها "إربطي حزام الأمان فراشتي"

"إلهي!" رأيتُها تسرع وتفعل ما طلبته منها مما جعلني أعض شفتي بقوة كي أمنع ضحكتي من التسرب. إلهي!

كان شيء يشبه النار يشتعل بداخلي وأردتُ أن أقود بسرعة مجنونة للأبد وحتى تتوقف أنفاسي، أردتُ أن أكون هانتر السريع هذه الليلة، لكن الأمر ذلك كان يؤلمني بشدة.

في داخلي عميقا، شعرتُ بمنبع ألم عميق وقويّ مثل خنجر يقطعني ويمزقني، لأن ذلك الشعور لا أستطيع التخلص منه من الداخل، لذلك سيستمر في إيلامي دائما.

حتى أقرر مواجهته، ولا أرغب في إختبار كابوس المواجهة الليلة.

ليس معها، وليس بينما أنا أتشارك هذه اللحظات مع شخص مثلها.

لذلك الطريقة الوحيدة كي أنسى هي دائما الطريقة التي عرفتها طوال حياتي.

أن أقود بسرعة وأنسى من أكون، ليس أمامي سوى مجد السرعة.

هذا فقط.

هذه هويتي.

صوت المحرك دوّى ودارت العجلات الخلفية بحركة جعلت الهيكل الخلفي يهتز مع الحركة، إبتسمت تلتفّ أصابعي حول المقود كأنه المنجى والملاذ، مثل صديق وفيّ لن يخون طالما لن أفلته.

"فلنجعل الفراشة تحلّق"

"هانتر!" قالت إسمي وفي اللحظة نفسها إندفعت السيارة للأمام تخترق الهواء وتجعل جسدث يعود للوراء، خفقات قلبي تدافعت حتى ما عدتُ قادرا على عدّها ومعرفة إن كنت أتنفس أم لا.

إلهي! ها أنا ذا مجددا.

سحبتُ نفسا واسعا قويا عظيما لرئتي وعيوني ضاقت تركز على الطريق بشكل فعّال، يداي أمسكتا بالمقود وساقي تحركت تضغط قدمي على دواسات الوقود.

"إغفري لي فراشتي، أتمنى أن يكون مصيرنا النعيم" صرختُ بصوت قويّ في حين إندفعت السيارة بشكل أقوى وفي تلك اللحظة دفعت ناقل ألفّ المقود للجانب إلى شارع عامّ.

كنتُ أرغب في أن تراني ديبي، لن أكذب في هذا.

أحب مغازلة الشرطة، إنهم رائعون.

"هانتر خفف السرعة" صاحت كلوفر بجانبي ورأيتها تتمسك بالمقعد بينما تطالع الطريق بذهول، لذلك إبتسمتُ أزيد السرعة أكثر للأمام أستمر بدفع السيارة لعدة ثواني، قبل أن أدير المقود لليسار وأقوم بفرملة حادة جعلت صوت الإحتكاك يصدر بشكل قوي جذب أنظار جميع من كان في الشارع، في حين مال جسدينا معا للجهة اليسرى بطريقة جعلت كلوفر تضرب كتفي وسمعتُ شتائمها تملئ السيارة.

إبتسامتي إزدادت وإستمررت باللف حتى أصبحتُ بالجهة المقابلة، حينها فقط زدتُ السرعة للأمام وأعود من حيثُ أتيتُ.

كنتُ أعرف طريقا منحدرا للأسفل قريب جدا من المكان، لذلك لم أتردد في التوجه ناحيته.

رغبتُ أن أجعلها تطير، أردتُ تلك التجربة معها.

"أرجوك دعنا نذهب لجدتي" ترجتني بعيون خائفة، لكن فراشتي المسكينة نست أنها تتحدث مع هانتر ريدكاي الأسرع في مضمار ويست.

والأكثر هوسا منها بالسرعة.

إبتسمت أرمي نظرة لساعة يدي ونطقت بضحكة "ثلاثة دقائق مضت، تبقى سبعة"

"هانتر سأدفع لك، بحقك! توقف حالا ستجذب أنظار الشرطة"

زدتُ السرعة وعيوني لمعت بنظرات مشعة تمتلئ بشعور الإنتحار المحبّب حين رأيتُ المنحدر أماكي.

صورة أبي ظهرت أمامي وكل ذكرياتي معه، كلماته، شكله، نظراته، لمسته وحتى قبلاته لي منذ صغري.

اللعنة! كم أريد أن يعود الزمن للوراء!

"هانتر" صرخت كلوفر وزدتُ السرعة للأمام بشكل أقوى، سحبت ناقل الحركة أحرص على زيادة قوة الإحتكاك وشعرت بعودة الثقل للخلف مما دفعني لأستمر.

عيوني إتسعت وإنحبست أنفاسي حين وجدتُ نفسي في الأعلى لأجزاء من الثانية مرت مثل التصوير البطيء، تسارعت نبضاتي وشعرتُ أن الزمن توقف، صراخ كلوفر ملأ آذاني في حين ضحكتُ بصوت مرتفع جدا مملوء بالجنون.

أحببتُ هذا.

"سأقتلك هانتر، أقسم بهذا" يدها أمسكت كتفي وإصطدمت العجلات الأمامية بالأرض تجعل السيارة كلها تهتر قبل أن تحط العجلات الخلفية ومن ثم واصلتُ القيادة للأمام أشعر للتو كأنه تمّ بثّ الحياة بداخلي.

فقط لمدة مؤقتة.

"لنرى ما تفعله هذه الجميلة أيضا" علّقتُ أبتسم وأنظر إلى كلوفر التي إتسعت عيونها بقلق "أرجوك هانتر، بوتو"

"وفّري كلماتك ودعينا نشعر بالسرعة فراشتي، جاريني" غمزتها في حين سحبتُ الناقل مرة أخرى أوسع إبتسامتي "مستعدة؟"

حتما لا!

لكن من يهتم؟ فراشتي تحبّ السيارات لذا لا بأس من إخافتها طالما هو شغفها.

_


"عشر دقائق بالضبط" نطقتُ بإبتسامة أوقف السيارة أمام المنزل وأطالع النوافذ المضاءة، في حين كانت تلهث وتقوم بصيد أنفاسها المسروقة منها.

بصوت مضغوط هي تحدثت "اللعنة عليك"

"تعجبينني أنتِ أيضا، هذا مؤثر" رددتُ بالمقابل أنحني ناحيتها وأصفع ذقنها بسبابتي بخفة، قبل أن أتابع "عناق؟"

"بحقك!" قلبت عينيها بملل وأطلقت زفرة مغتاظة "لا أصدق أنها عشر دقائق، يا رجل! كدتُ أموت"

"عليكِ التعود على هذا فراشة" رميتُ كلماتي في حين كنت أترجل من السيارة، وصفعت الباب خلفي، عيوني كانت عليها أراها تصفعه من جهتها وتسير ناحيتي بخطوات أصدرت صوتا مسموعا، ملامحها كانت غاضبة ومشتعلة في حين وقفت أمامي ترفع وجهها ليواجه خاصتي.

راقبتُ خضراوتيها أرى الحدة فيهما، وللحظات أخرى عقدتُ بصري بخاصتها أغوص في داخل تلك النظرات الملتهبة.

كانت شيئا جميلا.

إبتسمتُ برفق ورغم الملامح المنقبضة التي كانت عليها، إلا أنني همستُ "هل ما زلتُ أبدو وسيما؟"

بسؤالي ذلك خفّت الحدة التي ملأتها، وتابعتُ بضحكة صغيرة "لأنكِ تخيفينني"

إرتجفت شفاهها المزمومة حين حاولت إخفاء ضحكتها، لكنها في النهاية فلتت منها لذا أطلقتها بصوت إختلط بأنفاسها وإبتسمتُ أنا على ذلك أميل رأسي "هكذا أفضل"

"ستصيبني بالجنون" حركت رأسها بإستسلام تجعلني أهز كتفاي "هذا أنا"

"لندخل بوتو، الجوّ بارد" قالت بهدوء تطالعني وفجأة يدها إمتدت تمسك خاصتي، تجذبني معها في حين تبعتها دون القيام بأي رد فعل آخر.

أحيانا يشعر المرء بالتعب ولا يرغب سوى برؤية من يهتم لأمرهم يتصرفون إتجاهه.

أجل أحبّ أن أشاهد.

"آمل أن يعجبك طعامها" تحدث بسخرية تصدر تكّة بلسانها جعلتني أبتسم، أقلب عينيّ "سأغير وجبتي إذا"

"أوه حقا؟" لفت وجهها ناحيتي تحدجني بنظرة قاتلة بينما إعتصرت أصابعها معصمي تجعلني أطلق هسهسة خفيفة متألمة وهززت رأسي "أعني أنه لا بأس لا بأس بطعامها"

"أوه، أنت لطيف جدا!" ضحكت بتكلف وقلبت عينيها بملامح مستهزئة تلوي شفاهها لي.

مثيرة للإهتمام وتعجبني.

"لقد عدت!" صاحت بمجرد أن دخلنا المنزل وغزت أنفي رائحة الليمون والياسمين بشكل جميل ومريح جدا.

"جدتي!" أفلتت كلوفر معصمي في حين تقدمت نحو المطبخ وفي طريقها وجهت كلماتها لي "افعل ما تشاء، أنت في منزلك"

أجل، حينما لا تكون أوبري هنا.

إبتسمت بسخرية على الفكرة وتحركتُ أتبعها بدلا من 'فعل ما أشاء' هذه؛ رائحة الطعام الشهي داعبت أنفي بشكل خفيف مثل ريشة ناعمة تمنحك ذلك الإحساس الحيّ.

لا أعرف، لكنه بدى شيئا جميلا.

"أوه ٱنظروا من أتى" الجدة تحدثت ترمي لي نظرات تلمع وإبتسامة واسعة جعلتني أبادلها إياها في حين فتحتُ ذراعاي لها "عناق جدتي؟"

"كم أنت لطيف!" تحركت تفتح ذراعيها لي هي الأخرى ومباشرة أخذتني تحتضنني ناحيتها بقوة جعلت قلبي ينبض.

لقد قالت عني لطيف، ولم يعجبني لكني هنا!! لا أعلم لماذا هذا.

إبتلعت أشعر بأنفاسي تمرّ ببطئ، حين إبتعدت عني تضحك بخفة وتناظرني "لم أرك منذ مدة، كيف حالك هانو؟"

ما هذا؟ هانو؟

إرتفع حاجبي على الإسم لكني إبتسمت أعطيها إجابتي بنبرة سؤال "آه؟ كما يبدو لكِ؟"

"وسيم كعادتك" ضربت كتفي، وغمزتني تهمس "إنها بضعة أسابيع وسينمو شعرك من جديد لتبدو أكثر وسامة"

بعد تلك الكلمات لم يسعني سوى النظر إليها بذهول، أرى كل ملامحها تنطق قبل كلماتها، وتقول بصوت مرتفع أن الأمر ليس شيئا كبيرا.

"تعتقدين ذلك جدتي؟" إبتسمت أضم شفاهي معا، في حين هزّت رأسها "متأكدة مثلما أراكَ الآن أمامي، أني سأراك بعد يومين على فراشك وتتناول كعكات الحظ خاصتي"

فلتت مني ضحكتي كي أغطي على الإنقباضة التي أمسكت صدري، حين وجهتُ بصري إلى كلوفر الواقفة تتابع حديثنا، وأعطتني هي غمزة سريعة تخرج لسانها لي بحركة لم أفهمها، لكنها أعجبتني.

"كعكات الحظ؟" رميتُ سؤالي أبادل بصري بينهما، في حين ضحكت الجدة تغطي فمها بخجل لطيف، وكلوفر تحركت نحو الطاولة تأخذ أحد الأطباق وعادت للإقتراب منا.

"خذ واحدة"

"كعكات الحظ ستمنحك قوة كبيرة، تناول واحدة" حثتني الجدة تقرب الطبق مني بيديّ حفيدتها، وإبتسمتُ بنوع من الخجل أمد يدي وألتقط واحدة، فتحتُ فمي وأخذتُ أول قضمة لينتشر ذوق البندق والشوطولاتة في فمي يعطيني لذة عادت بي للوراء، سنينا طويلة للخلف.

شوكولاتة البندق مع أمي.

اللعنة!

"ما رأيك؟" أمالت رأسها ناحيتي وسمعتُ كلوفر تسخر "ستعجبه، لا تسأليه"

"أحببتها" هززتُ رأسي في اللحظة التي صاحت الجدة بحماس تجعل جسدي يهتز فجأة بفزع وإنعقد حاجباي لا أفهم حركاتها، عندما رأيتها تسير نحو الطعام لتواصل الطبخ بينما ترقص وتغني.

هل هي مجنونة؟

"لا تهتم بها، جدتي تحبّ تلطيف الأجواء" كلوفر إبتسمت تهزّ كتفيها وتطالعني، في حين إبتسمتُ لها ونطقت بنبرة ساخرة "أفهم الآن من أين أتيتِ بجنونكِ"

"مالذي تقصده؟" ملامحها إشتدت فجأة، وضحكتُ أميل رأسي "لا بأس، ما تزالين جميلة رغم مرضك"

"مثلما تبدو أنت" كلماتها جعلتني أتوقف، ورمشتُ أرى النظرة اللينة في عيونها والتي ظهرت للتو فقط، هي تابعت تميل رأسها لي "أنت أيضا وسيم في كل الأوقات"

حمحمتُ أحاول إيجاد شيء آخر للحديث بشأنه حين إقتحم المطبخ فجأة الصوت الضاحك الخشن ذا النبرة الزنجية وعرفتُه مباشرة.

فابيو.

"جدتي! هل أصبح العشاء جاهزا؟" دخل المطبخ بإبتسامة عريضة كأنه في منزله وتبعته جنجر لا تبعد عيونها عنه.

"خمس دقائق وسنتناوله جميعا"

"جيد جدا، أشعر بالجو--" توقف حين إلتفت ووقعت عيونه عليّ، "هانتر؟ أنت هنا"

"أرى أنك تحظى بوقت ممتع صديقي" علقتُ أبتسم بخفة في حين تحرك ناحيتي يقف بمواجهتي، ونطق مباشرة "يا رجل!"

ظل واقفا أمامي يتفحصني من أعلى لأسفل كأنه لن يرَني منذ سنوات.

حسنا، نحن بالفعل لم نرى بعضنا منذ أسابيع، لكن هذا فقط يبدو غريبا.

"يا رجل" أضاف بصوت منخفض قبل أن أجد جسده يندفع ناحيتي وذراعيه أحاطتني بقوة، يده وضعها على مؤخرة رأسي فوق القبعة بينما الأخرى كانت على ظهري، وتابع بنفس النبرة "آسف لتهرّبي، إفتقدتك يا رجل، حقا هانتر"

"لستُ غاضبا، ما بكَ؟" تككتُ لساني بسخرية وحاولت دفعه لكت بالمقابل هو تشبث بي يجذبني أكثر ناحيته "آسف حقا، أنا حقا آسف"

فابيو كان صديقي أيضا، وكان شخصا أعرف شعوره من نبرة صوته، لذا حينما نطق أسفه أمامي فهو كان يخبرني أنه لن يتحمل الوداع مطلقا.

وفابيو كان أكثر صديق حساس عرفته. بالطبع بعد أوديت.

"حاولتُ أن أكون قريبا لكني إعتمدتُ على سيتش في ذلك" تابع يشدد من إحتضاني وأضاف "تعلم أنك أخي، وأنا أحبك وأنا--"

"فابيو!" قاطعته أبتسم بسخرية وأبتعد عنه، إبتلعت أضحك بخفة وطالعتُ عيونه المتعبة أردف "ما بكَ؟ لقد أصبحت أوديت أخرى فجأة، أين رجولتك؟"

هو رمش ينظر إليّ لبضع لحظات قبل أن يبتسم يهزّ رأسه "اللعنة كم إشتقتُ إليكَ هانتر!"

"أنا أيضا" أومأت أضرب كتفه برفق، وإرتفعت ذراعه يحكّ مؤخرة رأسه "هل سامحتني؟"

ها قد بدأنا الهراء!

"ساعدوني في تجهيز العشاء" صاحت الجدة في تلك اللحظة تجذب أنظارنا، بينما تابعت توجه كلماتها إلى فابيو "ألستَ جائعا؟"

"أجل، حسنا أنا--"

"هيا إذا" ضحكت بإبتسامة واسعة وتحركت لبدء العمل في حين ناظرني فابيو يرمقني بهدوء وأومأ لي دون أية كلمة أخرى.

"آمل أنك تحبّ الطعام الحارّ" كلوفر تحركت ناحيتي تميل جسدها بالقرب مني، وإبتسمتُ أنظر في خضراوتيها "أنتِ حلواي، لا بأس"

وها هي تبتعد عني وتزفر بوجنتين محمرّتين.

_

كلوفر

"لم أعلم أنك تحبّ تنظيف الأواني لهذه الدرجة" عقدتُ ذراعاي على صدري أستند أمامه فوق قاطع المطبخ، وأملتُ رأسي بإبتسامة أرى حرصه على تنظيف كل شيء، في تابعتُ "هذا مثير"

"أوه حقا؟" ضحك بخفة يتابع القيام بالعمل، ووجدت نفسي أتقدم منه "دعني أساعدك"

"يمكنكِ تجفيفها" إرتفعت ساقه يدفع بركبته ظهري ويقودني لأقف بجانبه، في حين ضحكتُ بخفة أتقدم لآخذ المنشفة الصغيرة، وهززتُ رأسي "ما هذا؟"

"إسمها إعملي بدلا من الكلام" طرطق لسانه أمامي يجعلني أقلب عيناي وأبدأ العمل، أشرد للحظات وأفكر في الهدوء الذي أصبح عليه.

أعني حتى أنه لم يتحدث على مائدة العشاء مثلما توقعتُ، كان هادئا معظم الوقت، رغم أنه كان يخوض في بعض المحادثات مع فابيو أو جدتي.

أفهم شعوره.

"يبدو مثل آخر يوم لكَ" علّقتُ بإبتسامة بائسة بينما عيوني كانت منخفضة لا أتجرأ على رفعها لأقابل بنيّتيه، وسمعتُ التنهيدة المرتفعة التي أصدرها، في حين جاءتني إجابته "أخشى أن يكون كذلك"

"مالذي تفضّل أن تفعله إذا كان كذلك؟" ضغطت أصابعي على الطبق، ومنعتُ نفسي من النظر إليه.

"لا أعلم، ربّما سأودّ الجلوس والحديث إلى أحدهم" قال بهدوء ونبرة تحمل الرضا، يتابع "لا شعور بالندم ولا الوحدة، سنتحدث فقط ونتذكر كل ما أمضيناه في السنوات الماضية"

عمّن يتحدث؟ سيتشو؟ والده؟

"ألا ترغب في القيادة؟" إرتفع حاجبي ألفّ وجهي أخيرا للنظر إليه، وقابلني هو بإبتسامة صغيرة "ليس في تلك اللحظات، سأرغب في الجلوس فقط"

"ماذا إن قمنا بجولة؟" إقتربت منه أمحو المسافة بيننا وتسمّرت نظراتي على ملامحه المتعبة الذابلة التي كانت ما تزال تبدو جميلة بالنسبة لي، حتى مع غياب رموشه وحاجبيه، عيونه ولونها كانت كافية لتمنحه الكثير من الجاذبية.

وضعتُ كلتا يداي على خصره وإبتسمتُ أميل رأسي وأنطق بصوت منخفض، وجنتاي شعرتُ بهما تحمرّان "نقود ونتحدث قليلا، ربما سنختار المكان الذي سنذهب إليه في أول موعد لنا"

إلهي الرحمة! هذه لستِ أنتِ كلوفر!

رمش بضع مرات يطالعني بإستغراب في حين تابعتُ "أعني، نتظاهر أن كل شيء على ما يرام"

"هل ستصبحين الأسرع إن متُّ؟" سؤاله جاء مباشرا مثل صخرة ثلجية وتوقفت أتصلب للحظات أبحث عن إجابة، لكن لم تكن لديّ واحدة، إلاّ أنه أضاف "لأني سأحرص على يزوركِ شبحي أثناء نومك ويفسد عليكِ متعة النصر"

قرص أنفي بخفة يبتسم لي في حين ظللتُ أراقب ملامحه، تلك النظرات تطلب النجدة لكنه فقط يتقبل ويواجه.

"سأريكِ شيئا" أضاف بهدوء ورمشتُ أبتعد قليلا عنه، أطالعه بإستغراب، لذا تابع يمنع ضحكته "لكن لا تغضبي، تعلمين أنكِ المفضلة لدي"

"ماذا هناك؟" نطقتُ بإستنكار أضيّق عيوني وأقطب جبيني بينما رأيت يده تنزلق إلى جيب بنطاله يقوم بسحب هاتفه، ومن ثم رفعه أمامي وأمال رأسه يغمزني "إحتفظي به للذكرى"

ما هو؟

رأيته يفتح الهاتف وسار يقف خلفي يحيط كتفاي بذراعيه ويمدهما أمامي يحمل الهاتف بكلتا يديه بحيث أصبحتُ محاصرة داخله، ذقنه إستقرّ على كتفي الأيمن حين تمتم "أقسم أني أراه شيئا جميلا، لكن لدي شعور أني سأموت الليلة على يديكِ"

"ماذا تقصد؟" لففت وجهي بمقابلته أرى ضحكته المتوترة، "دعيني أريكِ"

عند تلك اللحظة شغل مقطعا والصوت جذب إنتباهي مباشرة نحو الشاشة لأرى وجهه الباسم ينطق "الليلة سأقوم بإذلال فراشتي"

ماللعنة؟

إتسعت عيوني أراه يعض شفته في المقطع ليمنع ضحكته ثم ظهرتُ نائمة في الشاشة وإقترب هو مني، سمعتُ ضحكته في الخلفية ورأيتُه يدخل أصابعه في أنفي، مما جعل فكّي يسقط، خاصة مع صوت شخيري الذي إرتفع في المقطع.

"أوه إلهي! ها هو البركان على وشك الإنفجار" همس بقرب أذني بقلق، ولكني تجاهلته أتابع ما يحصل في مقطع الفيديو أسمعه "كلوفر"

فمي كان مفتوحا وكنتُ نائمة بشكل محرج. "أين ستقودين سيارتك الجديدة؟"

اللعين!

إلتفت يداي في قبضتين مشدودتين ودون أن أتابع بقية الفيديو أنا إستدرت بجسدي أواجهه حين وجدته يتراجع للخلف ويبتسم بتوتر "كنتُ أمزح، ظننتُكِ ستحبينه، كنتِ جميلة بالمناسبة"

"جميلة؟" ضغطت على حروف الكلمة بين أسناني كأنها قطعة لحم نيّئة وإندفعتُ ناحيته أحاصره بكلتا يداي على جانبيّ خصره، أتابع "أيها--"

لم أستطع إنهاء الجملة ورأيتُ إبتسامته الغريبة، تجعلني أرمش وأهسهس "ماذا هناك؟"

"لا شيء"

مدّ يده يبعد إحدى خصلاتي لخلف أذني في حين أضاف "أتخيل فقط كيف يبدو شكلكِ حين تكونين مسالمة وهادئة، أعني حتى في نومك وأنتِ---"

لم يكمل جملته لأني رفعتُ ركبتي أضرب ما بين فخذيه بخفة لكنها كانت كافية لتجعله يخرس، في حين إنحنى أمامي يزفر بقوة، ومن ثم رفع رأسه ناحيتي يعطيني نظرات نارية "لا تكرريها، هذه مسألة مهمة"

"ماذا قلت؟" إندفعت ناحيته حين وجدت يده على معدتي يدفعني للخلف "فقط إبقي بعيدة عني"

وقفت مكاني أراه يأخذ لحظات ويتنفس بهدوء، قبل أن يستقيم مرة أخرى، ثم يطلق تنهيدة ويردف "لو كنتِ شخصا آخرا كنتُ لأردها لكِ"

إرتفع حاجبي، وإبتسم يطالعني "لم يسبق لأحد أن ضربني، حتى سيتشو"

"هل يجب أن أشعر أني متميزة؟" عقدت ذراعاي على صدري، وتابعت "لم يسبق لأحد أن صوّرني أثناء النوم"

"تعادلنا إذا" ضحك بخفة يكشف عن أسنانه وبهدوء إقترب مني يقف أمامي، ملامحه هدأت تدريجيا وكذلك خفتت ضحكته، إستند على الجدار خلفه ومد يده يسحبني من قميصي ويجذبني ناحيته، قرص أنفي بخفة مجددا وبكلتا يديه خلل أصابعه داخل خصلاتي يعيدها جميعا للوراء "كل شيء يصبح ذكرى في النهاية ومثلما قال سيتشو، سنرغب دائما في أن نعود للوراء حتى نفعل كل تلك الأمور السخيفة"

إبتلعت أشعر بضرباتي تتسارع تدريجيا، كأنها أغنية من نوع ما، لكنه كان شعورا جميلا، بدى مثل أني في منطقة آمنة مع أنامله التي تعرف جيدا كيف تعبث في رأسي، يعيد خصلاتي ويلمس فروتي بشكل جميل مريح.

"أجل" قلتُ بخفوت.

ذراعاي حكّتاني، وبحركة لا إرادية مددتهما أكثر أحيط بخصره وأدفع نفسي ناحيته أكثر، أدرتُ وجهي للجانب يستقر خدّي أسفل صدره وضممته إليّ تتسرب إليّ رائحته من قميصه وسترته، تجعل إبتسامة ترتسم على شفتاي وتشعرني بالدفئ، دافئ. دافئ جدا.

كان شعورا لستُ معتادة عليه، مثل شخص يعرفني جيدا ولا أشعر بالخجل منه، ولا بأس بكل الأشياء السخيفة التي أقولها وأفعلها، لأنه فقط سيشاركني الضحك عليها وسنتحدث حول الأمر كأنه جزء من طبيعتنا.

حركتُ رأسي فوق قيمصه مثل قطة تستمتع بالشعور، وسمعتُ ضحكته الصغيرة الخافتة التي إختلطت بأنفاسه، واحدة من يديه وضعها على كتفي بينما الأخرى إستقرت فوق رأسي ينتشر منها دفئا غريبا ومحببا لنفسي وصدري.

شابكت أصابعي خلف ظهره أحاصره بذراعيّ، حين سمعتُ كلماته "أعلم"

"أعتقد أن الطريقة الوحيدة التي ستموت بها هي حينها أهزمك مرة أخرى في مضمارك وسأكون الأسرع" نطقت بخفوت أغمض عيناي وأشدد عليه مثل ملكية خاصة لا أرغب في أن أفقدها.

تابعتُ "وسأشتري لكَ بوتو جديد"

ضحكته هربت منه وهذه المرة ذراعيه لفّتاني يجذبني إليه، رائحته ملأتني أكثر كأني جزء من هذا الشيء الجميل الهادئ الموجود في مطبخ جدّتي هنا.

تحدّث "سأجلبُ لكِ علبة فراشات زرقاء"

إبتسمتُ. كان التخيّل جميلا.

إقتربتُ أكثر أدفعه أكثر على الجدار وتداخلت سيقاننا معا بينما تلامست أجسادنا كأنها تندمج.

الخيال جميل، ومريح أيضا. مملوء بالطمأنينة والحريّة.

أعتقد أن الخيال نعمة.

"أرغب في تقبيلك لكني أفضل البقاء هكذا"

"إنتظر قليلا بوتو" ضحكتُ بخفة وفعل هو المثل يتنهد "حسنا إذا، ليكن"

"أعدكَ أني سأهزمك بشرف ذات يوم، أعدكَ بهذا" همستُ تلك الكلمات وتسللت يدي تحت سترته وقميصه، مررتُ أناملي الباردة مكان الوشم وشعرتُ بردّ فعل جسده الذي تصلّب إثر لمستي.

"أعدك"

"شكرا لكِ كلوفر" صوته بدى مخدرا يخرج من أعماقه "على كل شيء"

أجل، شكرا لكَ أيضا هانتر ريدكاي، على كل لحظة جميلة حظيتُ بها في مضمارك، ومعك وبين أصدقاءك وعائلتك.

شكرا على المشاعر والمغامرات والتجارب.

وعلى الطعام أيضا.

لا أعتقد أني سأنساه يوما، ولن أفعل مطلقا في حياتي.

وخزتني عيوني وشددتُ على جفوني أغلقهما بقوة وأعتصرهما، عقدة أمسكت حلقي لكني إبتسمتُ رغم ذلك.

وبقيتُ على نفس الوضع معه.

فقط هكذا.

_

يتبع....

رايكم؟

توقعاتكم؟

أفضل مشهد؟

جملة الفصل؟

_

See you ^^

Continuar a ler

Também vai Gostar

1M 37.4K 43
روايتي الرابعة " مستمرة " كُتبت بواسطة : الجُّود بِنت آل مطّلق 🤎
910K 62K 26
قتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم و...
28.8K 2.6K 18
. لو أن الروبوتات نَطقتْ لصاحت -أطفِئوني- . ابتدت 10\3\2018 انتهت 21\8\2021 الساعة 10:10