أهلا بك في جحيمي

By Anabell_rain

27.6K 1.3K 669

" أرحلي إن شئت ، اهربي إلي أقصي أصقاع الأرض ولن أبحث عنك ،سأدعك تعيشي بالطريقة التي تريحك لكن ، إياك أن تسم... More

part 2 زواج
part 3 مواجهة الماضي
Part 4 ليلة حمراء
part 5 ماضي لا يرحم
part 6 في وسط جحيمه
part 7 هدوء ما قبل العاصفة
part 8 لا مفر
part 9 من تكون

part 1 البداية

6.1K 160 27
By Anabell_rain

جلست ميرا  علي حافة فراشها وقد تركت قدميها تلامسان الأرضية الباردة التي أجبرت عقلها علي الإستيقاظ ، تنهدت بصوت ضعيف قبل أن تنهض بخطوات بطيئة نحو الحمام ، غسلت وجهها و نظفت أسنانها ،لتعود مسرعة إلي الغرفة حتي تخرس صوت المنبه الصارخ قبل أن يفلح في جعل خوان يستيقظ ، ويبدو أن ضرب إصبع قدمها الصغير بحافة السرير  قد أتى بنتيجة ، فها هو ذي صغيرها لايزال نائما بسلام .

سحبت هاتفها المحمول من المننضدة وخرجت به إلي الشرفة لتجري اتصالا بمديرة عملها

"مرحبا إليزابيث كيف حالك "

ردت عليها الأخير بصوت ناعس

"بخير  و أنت ، لما تتصلين بي في هذا الوقت المبكر ؟ "

"في الحقيقة ،أردت أن  أخذ اليوم إجازة  ، طوال ليلة البارحة عانى خوان من حمة شديدة تركتني أحاول خفاضها له حتي وقت قريب من الصباح ، أريد أخذه للمستشفي و أري ما خطبه "

صاحت بها اليزا متذمرة

"لولا أنك إمرأة صادقة لقلت إنك تحاولين إختلاف الأعذار من أجل التهرب من العمل ، إنها المرة الثالثة خلال هذا الشهر  التي يصاب بها طفلك بحمي "

تنهدت ميرا لتعبر عن ارهاقها

"هذا صحيح ، وفي كل مرة يخبرني الطبيب أنه سليم معافي ولاخطب به ، هذه المرة سأغيره بآخر وأحاول إيجاد طبيب يحسم لي الجدال بتشخيص مقنع  "

"حسنا ، سأغطي عملك اليوم بنفسي فاجازتك المدفوعة قد إنتهت سلفا ولا أحب ان اخصم من راتبك أعلم كم انت بحاجة لكل قرش يحويه "

لم تستغرب أبدا عرض اليزا السخي هذا فربما هي الطف شخص قابلته من منذ ثلاث سنوات طوال

" أشكرك للغاية اليزا سأحرص أن أرد لك الدين حين أقدر "

"حسنا ، اتصلي بي حين تذهبين للمستشفي وطمئنيني عن حال الصغير "

"بالطبع سأفعل شكرا لك مرة أخري "

أنهت ميرا المكالمة بتنهيدة لم تمنحها الكثير من الراحة لذا قررت الهروب من البرد الذي تقف عليه وتدخل إلي الغرفة الدافئة ، اقتربت من خوان وتحسست جبينه لتري أن حرارتة قد استقرت نسبيا لكن هذا لن يثنيها عن البحث عن سبب الحمي المتكررة التي باتت تأتيه  مؤخرا

ذهبت إلي المطبخ وأعدت لها افطارا تناولته علي عجل قبل أن تنهض وتبدأ في توضيب المنزل الذي أصبح فوضيا ولا يحتمل العيش فيه ، أخذ منها هذا مايقارب الساعتين وحين إنتهت قررت الإستحمام  لكن إستيقاظ خوان اجبرها علي جعل اطعامه هو غايتها الأولي

"ماما الن نذهب للعمل اليوم "

وضعت آخر قضمة من طعامه في فمه قبل أن تجيبه وهي تمرر المنديل لتنظف البقايا التي الصقت بحوافه

"لا ،أنت كنت مريض للغاية البارحة لذا سنبقي اليوم  في المنزل  ولن نذهب للحضانة ، لكن علينا زيارة المستشفى قبل كل شيء لنري مابك أولا  اتفقنا "

اوميء لها إيجابا لكن هذا لم يمنعه من أن يقول لها

"اليوم عيد ميلاد بيني ستتركينني اذهب إليه اليس كذلك "

لقد وعدته سلفا بهذا وبما أنها اخبرته بأن الوعد شيء مقدس لا يجوز أن تتراجع عنه فعليها أن توافق رغم عن أنفها

"حسنا ، لكن بعد زيارة الطبيب اولا  هيا دعني اساعدك علي تبديل ثيابك وانتظرني حتي ابدل ثيابي  "

"حسنا ماما"

ركض أمامها بكل نشاطه وكأنه ليس ذات الطفل الذي كان يعاني بشدة قبل ساعات قليلة

أخذ منها إعداد نفسها اقل من ١٠ دقائق بنطال جنيز و تشيريت أبيض عادي ستغطيه علي كل حال بالمعطف الذي سترتديه.

أمسكت يد خوان بحرص وظل يسير بجوارها  حتي وصلا لمحطة النقل العام وهناك استقلا حافلة قادتهما  الي شارع قريب من عنوان المستشفي الذي يقصدانه، تستطيع معرفة أن اطبائها بارعين من التقيمات العالية التي نالوها في الموقع الخاص بهم ،قد يكون مستشفي خاص وثمن العلاج فيه غال بعض الشيء لكن صحة صغيرها أهم ، وبما أنهم قدموا في وقت مبكر نسبيا فلم ينتظرو كثيرا قبل ان تدخل لغرفة الطبيب والذي كان متفاعلا مع خوان  ولم يتجاهله أبدا في الأسئلة التي كان يطرحها

"حسنا سيدة ميرا ، أأنت متأكدة انه لا يعاني من شي آخر ألم تلاحظي شيء غريب في سلوكه و تصرفات و أعني بهذا نشاطه "

هزت رأسها نفيا

"لا ،كما أخبرتك سابقا فقط حمي شديدة تأتيه أثناء الليل  ، ونقصان وزنه ،أحيانا أحس بأن نشاطه يقل وكأنه يرهق من اللعب بسرعة حين يكون معي في الحضانة ، ولا أعلم إن كان هذا سيفيدك أم لا لكن بالفترة الأخيرة تعرض لنزيف من انفه لمرة واحدة وأيضا لاحظت اليوم  كدمة علي عنقه لا أظن أني قد لمحتها البارحة حين بدلت له ثياب نومه "

نهضت لتزيح قميص خوان حتي يتمكن الطبيب من رؤيت ما تقصد

" إنها صغيرة للغاية أعني بحجم حبة فاصوليا هل تظن أن لها علاقة باعيائه "

لم يجبها الطبيب من فوره فقد صب تركيزه في الأحرف التي كان يكتبها علي الورقة حتي قال في النهاية بإختصار

"لا أستطيع اعطائك إجابة محددة إلا بعد هذه الفحوصات أحتاج لمعرفة نتائجها قبل أن   افصح لك بشيء "

اومئت له بابتسامة لتبرز تفهما  رغم توترها الطفيف الذي نتج عن رده المبهم وهي تسحب خوان إلي حضنها لترتب له ثيابه

"حسنا شكرا لك سنجريها ونعيد لك نتائجها"

أخذت خوان معها  للمعمل في نفس المستشفي وهناك قضت نصف ساعة تحاول إسكات بكائه الذي ابكي قلبها عليه بعد أن سحبت منه الممرضة عينة الدم المطلوبة ، ولم يراضيه أي شيء سوي أخذه لغرفة الألعاب المرفقة بالمستشفي بعد أن نصحتها الممرضة بذلك خلال انتظارهما للنتيجة ،وهناك نسي كل اوجاعه وبدأ يلعب برفقة الأطفال الاخرين بنشاط ،
لذا تركته عنده وقررت العودة لمعرفة نتيجة الفحوصات وحدها بعد أن استلمتها من المعمل ،لكن الوصول للطبيب هذه المرة لم يكن بتلك السهولة  كما كان في المرة الأولى واستهلك الإنتظار لما يزيد عن النصف ساعة.

مدت له  الأوراق وجلست بصمت تراقب عيناه اللتين أخذتا تتجولان بحرص علي كل سطر كتب في تلك الاوراق ولم يرضي بالبوح باي حرف  حتي أكمل آخر سطر فيها ليسألها سؤال مكرر

"منذ متي  وهو يعاني من هذه الأعراض، نقصان الوزن، الحمي ، والكدمات   "

" منذ شهر  لاحظت انخفاض وزنه ٤باوند، أما الحمي فقد تكررت مع ثلاث مرات وهذه هي الرابعة  ،و الكدمة  لم الاحظها إلا اليوم صباحا ،ماذا هناك ما به خوان  " 

لم تستطع إخفاء التوتر في نبرة سؤالها كما أن رد الطبيب لم يطمئنها أبدا

"حسنا سيدة ميرا ، سبب الحمي اتضح معي أنه مصاب بالتهاب  ، لكن الأسوء ليس هنا بل في ظهور الكدمات التي تشير الي حدوث مشكلة  في الدم أشد خطرا علي طفلك من الالتهاب  "

شحوب لونها كان دليل صريح علي الخوف الذي سيطر  عليها دون أن تستطيع ردعه

"ماذا تقصد  لم أفهم مابه ابني "

"حسنا ،ابنك يعاني من نقص في الصفائح الدموية ،كريات الدم البيضاء ولديه أيضا نقص حاد في كريات الدم الحمراء إلي درجة فقر الدم   ، هكذا يظهر أمامي في الفحوصات التي أجراها وأظن أننا نحتاج لإجراء المزيد منها حتي  نجزم بسبب هذا الانخفاض الحاد لديه.... "

قاطعته باستغراب

"فقر دم  ! ،لكن أنا حريصة كل الحرص علي تغذيته واعطائه مكملات إضافية لتفادي هكذا مشاكل ، لقد عاني من فقر الدم حين ولادته وأنا أتابع مع خبير تغذية منذ ذاك الحين ويتم توجيهي إلي نظام غذائي محدد لتفادي اصابته به اخري  ، وفي مقابلة الشهر الفائت كانت الفحوصات تشير علي انه بخير   "

ردها التلقائي دفع الطبيب لسؤالها

"هذه معلومة مهمة سيدة ميرا كان عليك ذكرها لي مسبقا  ،اذا فهو عاني من فقر دم منذ أن كان طفل حديث الولادة هل تذكرين  السبب الذي عثرو عليه حينها "

"بسبب زمرة دمه السالبة المختلفة عني ،اثناء حملي لم اكتشف الامر  وهذا سبب له مضاعفات حادة بعد ولادته منها فقر الدم  ،لهذا كنت حريصة طوال الوقت علي تغذيته ومتابعة طبيبته كل شهر "

أخذ الطبيب وقته في تقيم ما قالته  ليقول لها في النهاية

"هذا يقلص احتمالات التشخيص ، وأصبح اجراء فحوصات إضافية اكثر أهمية من ذي قبل ، هو لايعاني من مشكلة في التغذية ومع ذلك لديه هذا النقص الحاد في جميع مكونات دمه وهو يشير الي احتمالين لا ثالث لهما "

صاحت به والتوتر يمليء نبرتها

"هل اتوسلك قولها لي ، هل هي خطيرة"

من ايماءة الطبيب احست بأن عالمها فقد توازنه قبل رده

" إما مشاكل في الكبد  وتحليله ينفي ذلك وثانيا  أنه يعاني من خللا في مصنع إنتاج الدم نفسه وهو نخاع العظم ،... وهناك أمراض عدة قد تسبب مشاكل فيه وتوقف عمله  ،وانا  أعتذر لاني سأذكر لك السرطان  كواحد من بينها ، لكن علينا أن نتأكد أولا بأخذ خذعة من نخاع عظام أبنك ونحللها لنقطع الشك باليقين "

صمت ليري ردت فعلها الجامدة نوعا ما علي ماقاله لها ،لم تقل شيء ،لم تتحرك ولم تكن ترمش حتي ، ويبدو جليا أنها تمر في صدمة عزلت تفكيرها المنطقي  تماما عنها

"سيدة ميرا ، هل سمعت ما قلته لك "

فقط قبضت علي حقبيتها بكل قوتها قبل أن تنهض بسرعة وتغادر مكتبه دون أن تنظر خلفها حتي ،لتهجم علي غرفة الألعاب حيث جلس خوان هناك تعبا وعيناه تدوران في المكان بحثا عنها علي مايبدو ،فما أن رأها ركض نحوها ليحتضن ساقيها بابتسامة لمن تمنع عتابه

"ماما أين ذهبت وتركتني وحدي هنا "

سقطت علي ركبتها لتحضتن وجتناه وتتأمل وجهه المحمر المتعرق نوعا ما وقد التصقت غرة شعره الأسود بجبينه حتي أحست بيداه الصغيرتين تمرران علي خدها

"لما تبكين ماما"

لم تجبه فقط جعلت جسده الصغير يغوص بين ضلوعها وانجرفت في بكاء مرير جعلها محط أنظار الجميع

"لن أسمح لهذا المرض اللعين بسرقتك مني أنت أيضا ، يكفي أمي التي خطفها مني بعمر صغير ،أنا لن  أخسرك أنت أيضا بسببه  ،لن أحياء من دونك لن انجو خوان أنا بدونك لا شيء ،لاشيء حبيبي ، أرجوك أبقي معي ولا ترحل اتوسل اليك "

ربت علي كتفها بلطف رغم عدم فهمه لم قالته ولم يكن يدرك سوي أن أمه حزينة وانه لايرغب في رؤيتها تبكي

"حسنا ، لن اذهب الي حفل عيد ميلاد بيني واتركك وحدك في المنزل سأخذك معي اتفقنا "

ابتسمت له من بين دموعها التي شوشت رؤيتها

"بل سنذهب وسنمرح معا ، لا شيء سيسرق ابتسامتك منك وأنا حية صغيري ستعيش وستحقق كل ما تريده وتتمناه اتفقنا "

أعطاها إبتسامة صادقة وهو يعانقها

"اتفقنا ماما "

ها قد مر اسبوعان منذ أن تلقت خبرا جعل النوم يفارق عينيها ، تبكي سرا نهارا، وليلها تنفقه وهي تراقب أبنها ذو الاربع اعوام يمر بنوبات حمي لا ترحم تجعله يلعب في اليوم التالي  بطاقة  منخفضة أصبحت تجبره علي النوم معظم الوقت  ،ولم يكن هناك شيء في يدها لتفعله سوي إنتظار نتائج التحاليل التي تحملها في يدها الان،..... تنتظر دورها للطبيب بفارق الصبر ،قدمها التي تضرب الأرض لا تهديء وطول أظافرها أصبح أقصر من أن تتمكن من قضمه ،دقات قلبها متسارعة وتكاد تسمعها مع أنفاسها التي لم تعد تكفيها لصرف التوتر الذي خنق صدرها

"خوان دون خوان "

ما أن صدح اسم طفلها علي فم السكرتيرة نهضت بسرعة وتتقدمت بخطي واسعة نحو باب مكتب الطبيب الذي وقف في استقبالها وجلس معها بعد أن سحب ملف الأوراق من يدها .

ظل بؤبؤ عينها يلحق عيناه وهو يقلب الصفحات بأقل من مهله خلال دقائق ظلت  تحاول فيها  الحفاظ علي هدوئها بقدر المستطاع حتي رأته يخلع نظارته ويعيد غلق الملف

"ها ما به خوان"

أخذ نفسا عميقا ومسح علي وجهه قبل أن يرد عليها

"هناك خبر جيد ،التحاليل تثبت أنه خال من السرطان "

شهقت بقوة وهي تلحق بدموعها التي هبطت مع سقوط قشرت القوة التي تغلفها ، لتغطي وجهها بيدها واسترسلت في البكاء بصمت قاطعته بعض الكلمات

"حمدلله ، شكرا لك يا اللهي "

تنهدت بقوة لتعيد الأمل إلي قلبها المنكوب بحذر فنظرات الطبيب نحوها لم تكن مطمئنة بشكل كامل

" أمي ماتت بسرطان في الدم لهذا حين اتهمت خوان به  خفت أن يكون قد ورثه عنها ، والأن أنت نفيت لي الأمر ،شكرا لك أنا حقا كنت لاموت ان أصابه ذات المرض وسلبه مني ، هو الشيء الوحيد الباقي لي في هذه الحياة "

لم يعقب عليها وانتظرها حتي هدئت من بكائها ليقول لها

"انا آسف ،لكن ابنك يعاني من شيء آخر لا يقل أهمية عن سرطان الدم ،هو مصاب بمرض يعرف بي متلازمة فشل نخاع العظم "

رغم خطورة ما قاله إلا أن الأمل الذي عاد إلي روحها دعمها للصمود وسؤاله

"وما هذا المرض ، هل له علاج؟ "

أخذ الطبيب نفسا عميقا ليقلل حدة نبرته إلي أقل مرحلة يمكن الوصول إليها عل هذا يسهم في توصيل الفكرة لها دون أن يثير ذعرها

"هو مرض تسببه عوامل عدة لكن التحاليل تشير إلي أن سبب اصابة ابنك به كما يظهر لي هو مناعي بحت ، ببساطة جهاز مناعة طفلك يهاجم نخاع العظم المسؤول عن إنتاج الدم ويمنعه من ذلك ، وكحال معظم الأمراض هو له فرصة في الشفاء ،و هناك ادوية مخصصة له ،سنبدأ في إعطائه اياها لكن نسبة نجاحها ليست مضمونة ، هناك من يستجيب لها إن كان المرض في بدايته لكن ان كان متفاغما كحال ابنك قد لا تنجح وحدها في شفائه"

التشاؤوم الذي ابداه في نظرات عينيه جعلها تسعي للبحث عن خيارات اخري علي الفور

"وما إذا لم يستجب له خوان ماذا سيحدث له "

لم يراوغها في الاجابة واعطاها لها كما هي

"ستحصل له مضاعفات قد تؤدي لوفاته في غالب الأحيان "

هزت رأسها لتعبر عن استنكارها لما قاله

"هذا لن يحدث ،لن أسمح لأي شيء بأن يضر ابني ،ألا يوجود خيارات أخري "

ايمائه الطبيب طمئنتها وتركتها تهديء حتي تسمع رده الذي اتي سريعا

"بلي يوجود خيارات أخري ،صغر سن أبنك يعطي فرصة كبير  لنجاح زراعة نخاع عظم له من متبرع يستبدل به نخاع العظم الموجود لديه لينتج دما من جديد "

لم تتردد في الصراخ به ما إن اكمل حديثه

"أنا جاهزة سأتبرع له متي نستطيع أن نبدأ... "

قاطعها بتهذيب

"الأمر ليس بهذه البساطة سيدة ميرا ،نحن بحاجة لمعرفة إن كنت تطابقينه أم لا "

صاحت به مستنكرة

"لكني أمه "

"بالتأكيد أنت أمه لكن هذا لايشترط ان  تكونا متطابقين  في الزمرة والأنسجة ، وفصيلة دم ابنك ....."

أخذ برهة قبل أن يصيح بها مندهشا

  "انها -A  ، وهي  فصيلة دم نادرة والعثور علي متبرعين يطابقونها  سيكون معركة حقيقة ،وللاسف أنا وقبل اجراء أي تحليل لك أستطيع أن أجزم بانكما لستما متطابقين فالمشكلة التي عاني منها خوان  في حملك تقطع الشك باليقين أنت زمرة موجبة وهو زمرة سالبة ، لذا  ماذا عن والده "

بلعت ميرا ريقها وهي تسمع سؤاله الأخير  ،وقد تبدلت نظراتها الخائفة إلي أخري أكثر رعبا جعلت لونها يتحول للزرقه وهي ترد بإختصار

"نحن منفصلان"

"عليك إذا التواصل معه فهو لديه فرصة أكبر منك ليكون مطابقا له بما أنه ورث الزمرة السالبة منه ، سيساعد تبرعه لابنه بنخاع عظمه في تسريع شفائه وتفادي أي مضاعفات قاتله "

قبضت علي تنورتها لتهديء قلبها المذعور من الاحتمالات الضيقة التي وضعها الطبيب امامها للنجاة بابنها من الموت وكان علينا العثور علي مخرج آخر 

" ألا يوجود طرق أخري أعني أن نحصل علي متبرع أجنبي "

هز رأسه بالنفي

"يوجود متبرعون ،لكن زمرة دم أبنك تصعب الأمر كما ذكرت لك، ستنتظرون لأشهر وربما سنوات قبل أن تحصلوا علي متبرع وهذا الوقت ليس من صالح ابنك وقد لا يصمد حتي حلول ذلك الوقت ،أي كانت الخلافات التي بينك وبين والده انصحك بمحاولة حلها من أجل مصلحة طفلكما ولنري إن كان مطابقا له نستطيع إجراء عملية الزرع فورا  ، لكن حاليا أنا سأكتب لك هذه الوصفة اجلبيها له واتلزمي بأعطائه لها كما سيخبرك المختص  "

استلمت منه الورقة باصابع ترتجف قبل أن تنهض وتغادر المكتب وعيناها لا تري سوي السواد الذي يبثه قلبها وقد عادت إليه ذكريات لا يجب أن يتذكرها  ،

أخرجت هاتفها واتصلت باليزا التي اخذت وقتا حتي ردت عليها

"ميرا لما تأخرت كل هذا الوقت لقد انتهي الدوام منذ نصف ساعة"

ابتعلت قصتها وتنهدت لتعطي صوتها ثباتا وهي ترد عليها

"انا في طريقي إليك لن أتأخر ، كيف حال خوان الأن "

صمتت اليزا لبرهة قبل أن تجيبها

" إنه نائم  منذ تناول غدائه لم يفق ،لقد أصبح كسولا مؤخرا "

سدت ميرا فمها بيدها حتي تمنع شهقات بكائها من الوصول إلي اليزا

"غطيه جيدا ،سأتي لاخذه بعد قليل "

"حسنا أنا في انتظارك "

اغلقت الاتصال ولم تتحرك من مكانها قبل أن تبحث في هاتفها عن رقم   ظنت أنها لن تتصل به أبدا ،هل يعقل انه لايزال يعمل به انتظرت لثوان لتحصل علي ردها في ذاك الصوت الجهور الذي قال لها

"ميرااا ، هل أنا أحلم يا تري أم أنك تتصلين بي بعد خمس سنوات طوال "

أخذت نفسا عميقا يكفيها لألف عام قبل تجيبه

" أريد مساعدتك ،أحتاج للعودة إلي هناك مرة أخري بيترو ".

غشت الصيدلية في طريقها لتأخذ الادوية التي وصفها الطبيب رغم غلاء ثمنها الذي نسف نصف مدخراتها دفعة واحدة ،لتمر إلي الحضانة حيث أخذت خوان وعادته به الي شقتها الصغيرة في وسط نيويورك. 

"ماما تعالي نامي معي "

اقترب خوان منها ليعانق ذراعها قبل أن يحاول سحبها من شرودها الذي كانت متعلقه به منذ ساعات لا تعرف عددها بالضبط

"متي افقت صغيري "

نظرت للساعة التي اشارت للرابعة صباحا قبل ان تسترد اجابته تركيزها

"قبل قليل ولم أجدك نائمة بقربي ، ولما كل تلك الحقائب ملقاة علي الارض "

سحبت جسده الصغيرة لتجلسه علي فخذيها لتضم رأسه الي صدرها تفكر في ايجابتها التي إن قالتها سيتغير مصيرهما للأبد

"لاننا سنسافر خوان ، سنعود الي موطننا الأصلي حيث بدأ كل شيء "..

*قبل خمس سنوات*.....

"سنيورتا كم تأخذين ثمنا لليلة الواحدة "

أعادت خصال شعرها الأسود الداكن الطويل للوراء و أدارت رأسها تاركة مجال لعينيها الزرقاوين بتقيم المتحدث إليها علي أقل من مهلها

طوله يقارب المترين متضخم العضلات بشكل مبالغ فيه وقد جز شعر راسه بالكامل ولم يبقي سوي حاجباه الغزيران، هناك ندبة شطرت خده لنصفين ،وبشاعة أسنانه المصفرة مع رائحة الكحول التي فاحت منه جعلته لا يطاق ، احقا يظن هذا المسخ أن هناك فتاة ستقبل به إن دعاها  لفراشه

أخذت كأس شرابها ودفعته في جوفها دفعة  واحدة غير مكترثة للحرقة التي كمشت تعابيرها وتركتها تأن مرغمة ،فقد كان السبيل الوحيد للتخلص من مرارة قبحه وتعقيم عينيها بدموع سرعان ما جفت

"أوه تبا ،هذا ما كان ينقصني"

ضربت رأسها بيدها  لتعيد لعينيها التركيز الذي فقدته وهي تقف علي قدميها قبل ان تنهار مرة اخري في مقعدها بوهن دفعها لشتم نفسها بصوت خافت

" ليس من اللائق ترك السنيور ينتظر "

استرد الرجل انتباهها وهو يشير نحو اريكة جلدية توسطها رجل خمسيني يحاول ادعاء الشباب ، و من ساعة الرولكس اللامعة التي حاوطت معصمه عرفت أنه يمتلك ما لايقل عن الستة أصفار في حسابه البنكي ، وقد حفته أربع عاهرات اخذت كل واحدة منهن تحاول جذب انتباهه لها حصرا .

اشاحت عينيها بعيدا عنه وتمتمت بنبرة غاتمه وهي تتكيء علي طاولة البار برأسها الذي اصبح ثقيلا فجأة

"انا لست للبيع  "

تنهدت بامتعاض وهي تبعد رأسها عن الطاولة التي ارتفع فيها صوت نقر أصابعه علي شيك لم تهتم للرقم المكتوب فيه قبل أن تطالع الرجل بعيون ضيقه وهي تسمع رده

"كل شيء للبيع ،ضعيه في حقيبتك ودعينا نذهب للسيارة "

نهضت علي قدميها مجددا لكن هذه المرة تأكدت من أن لا تسقط بسند نفسها جيدا مع طاولة البار

"مادام كل شيء للبيع ،انت تملك ايضا مؤخرة "

ضربته علي جانب وركه بخفة واكملت ساخرة

"  تستطيع بيعها لسيدك فالقريب أولي من الغريب "

تجاهلت الغضب الذي لاح في عينيه وأخرجت من حقيبتها رزمة مال لا تعرف كم تساوي وصفعتها بطاولة البار قائلة لصاحبه

"اظن ان هذا يكفي ،طابت ليلتك سنيور "

لم تنتظر رده قبل أن تنسحب من أمامه بخطي متعثرة اسقطتها أرضا بعد أمتار معدودة ، كيف ولا وهي ترتدي كعب بطول ستة انشات خلعته دون تتردد وقررت السير حافية علي البلاط البارد لتغادر الملهي الليلي  وقد اخذ مرتادوه يتوافدون إليه للتو رغم أن الساعة قد تخطت الثانية صباحا .

"لا لالالا  لا  لالا "

خطوة واتبعتها باخري ،شقت طريقها هائمة وسط المجهول، عقلها غائب وقلبها مكسور  ، عينيها المغمضتان بالكاد تجنبانها الاصطدام بالماره ، و جسدها الهزيل لا يشعر بذاك البرد الذي اختبأ الناس خوفا منه أسفل معاطف الفرو السميكة الغالية الثمن ، تضحك احيانا وتبكي في أحيان أخرى ،ترقص بلا إيقاع وفمها الباسم قسرا  يردد لحن اغنية ليس لها وجود.

"أين أنا "

سألت نفسها سؤلا لم تعرف له اجابه ، السيارات متسارعة ،الأنوار ساطعه، الشوارع صاخبه ، هناك من يصرخ فرحا وهناك من يبكي حسرة ، وهي تقف وسط كل هذا حائرة ضائعة ، لا تعلم من أين أتت وإلي أين تنوي الذهاب ،وكأنها شبح أصبح لا ينتمي لأي مكان .

"ميرا اللعنة فقدت عقلك لما تجلسين علي الأرض "

تردد هذا الصوت قبل أن تتدخل يدان غليظتان امسكتا بكتفيها  لتسحبها من الحضيض الذي تغرق فيه ،رفعت رأسها بثقل لتري الشفقة في عينيه الداكنتين قبل أن تختفي عن نطاق نظرها في اللحظة التي ضمها إلي صدره ،بحنان لم تشعر به أبدا

"أخبرتك أني أود قضاء حفل توديع عزوبيتي وحدي لما أتيت خوان "

مسد علي شعرها ليهديء ارتجافها ،وقد علم أن معظمه ليس قادم من البرد الذي غطاها منه بمعطفه.

"تملكين فرصة لتنسحبي ، اهربي وسأساعدك ، لا تحكمي علي حياتك بالدمار ،من أجل شخص لا يستحق "

ابتسمت بلا معني وهي تبعده عنها ليري التناقض في تعابيرها

"لابأس هو علي أي حال لفترة مؤقته ،أنا فقط ابالغ في ردة فعلي ،سيكون كل شيء علي مايرام اخي  "

مرر أصابعه علي خدها ليمسح الكحل الأسود الذي شوه شكلها

"ابي لن يغضب منك ان انسحبت ،سنجد حلا  لايقاف الدماء بين العشيرتين بدون التضحية بك "

ضحكت ساخر وهي تنهار علي ذراعه قبل أن تجره نحو سيارته التي لم يكن من الصعب التعرف عليها وقد تبعها ثلاثة آخرين من نفس النوع لحراسته

"لقد سبقك وقالها جدي قبل مئة عام  ولم يتغير شيء ، لازالت الدماء ترتفع حتي وصلت  الركب ، وكل جيل يغرق بها أكثر من الذي سبقه ، علي هذه الحرب أن تنتهي خوان لم أعد قادرة علي  حضور جنازة علي رأس كل شهر لاودع شخص أحبه "

غاصت في كرسي السيارة واغمضت عينها تستمع بذاك الهدوء الذي يسبق العاصفة ، ثمان ساعات فقط تفصلها عن زفافها الذي لم تعلم بقيامه إلا البارحة ، ستتزوج برجل لا تعرف عنه شيئا سوي اسم عائلته إسكاليني دي مارينيز ،عشيرة اعتلت عرش المافيا في إيطاليا منذ القرون الوسطي ، وطغت سلطتها علي كل مفاصل الدولة بمخالب من حديد ، حتي الملوك والوزراء كانوا مجرد بيادق لهم ، حكموا العالم من خلالهم ومن  تحت طاولتهم ولم يقدر أي كيان مهما بلغت قوته  علي مقارعتهم ، حتي تمكن عشق رجل لامراة من شطرهم لثلاث عائلات تقاسموا الحكم بالإكراه وقد تأججت بينهم حروب دموية حتي اللحظة لم ينتصر فيها أحد .

آل دومينوفيسكي الذين حملوا اسم العائلة الأصلي وحتي اللحظة ينادونهم باسم إسكاليني دي مارينيز ،أصحاب أكبر سلطة بين العائلات الثلاث حتي وإن أنكرت العشائر الاخري ذلك ، وقد استولوا وحدهم علي حكم صقلية كاملة مع بسط نفوذهم حتي حدود سان مارينو ،.... يتبع لخدمتهم  الآلاف من الأعضاء المخلصين جميعهم يأتمرون تحت قيادة خافيير الابن الأكبر للدون رودريغو ،أصغر كابو مر علي منصب الزعامة بعمر لم يتجاوز ال٢٥ عاما ليثبت جدارته في القيادة بسلسة انتصارات اقلمية ودولية جعلت آل دومينوفيسكي من أقوي العشائر سلطة ونفوذا في عالم المافيا خلال خمس سنوات فقط من تنصيبه كزعيم .

ويليهم  المنبوذين الذين عرفوا   بآل دون خوان  ومن نسلهم تنحدر  عائلتها التي يزعمها الآن عمها الأكبر نكولا ويتوقع أن يتنازل لابنه خوان حين يتقاعد قريبا، وتنحصر سلطة عائلة الدون خوان  في الشمال الشرقي  للبلاد وأكبر نفوذهم تمركز حول فينسيا والمدن المجاورة لها ، و أخيرا العائلة الثالثة  آل تشابو  بزعامة آنتوني ناشفيل والذي يحظي بعلاقات واسعة مع مسؤلي الدولة الحالين كون أن نفوذهم تمركز في ميلان وهذا  ضمن  لهم مقعد لايستهان به  في المنافسة الدامية التي يسعي جميع أطرافها الثلاث للظفر بالسلطة منفردة وإنهاء هذه الحرب للأبد .

وسط هذه السلاسل المعقدة  من العلاقات ،تحاك المؤامرات والخطط والدسائس في الخفاء  ،يضحي من خلالها بجنود تحت مصطلحات مختلفة ، وعبر صفقات متبادلة تضمن  الوصول الي  مكاسب شحيحة لاحد الطرفين في النهاية و غالبا ما تكون مهددة بالانهيار في اي لحظة  ، وكان أبرز هذه الصفقات  هو  الزواج ، كرت  يستغله الطرفان لاضعاف الخصم الاخر ،طريق دبلوماسية لعقد هدنة تمتد لسنوات لكن دائما ما اشتركت في مصير واحد قاس  تكتب نهايته بحبر من دم ،غالب ما يكون مصدره هو الحب الذي يعدم تحت أقدام مصلحة العشيرة أولا . ومصلحة أفرادها يأتي في المرتبة العاشرة.

"ميرا ، أين ذهبت صغيرتي لقد قلقت عليك  "

استقبلت قبلة عمها الذي وقف في استقبالها أمام القصر وعيناه تلاحقان ابنه خوان يستفسر عن الحالة الرثة التي تظهر بها أمامه وقد فاحت منها رائحة الكحول

"كنت احتفل بابا ، لا توبخ خوان هو فعل ما بوسعه ليحافظ علي عاقلة "

أعطاها ابتسامة باهتة وهو يجبرها علي الوقوف بثبات  وقد ثبتتها يداه اللتين امسكتا ذراعيها

"لكن منظرك لايروي قصة عروس ستزف في الصباح بفستان عرس ابيض "

ضحكت بدون مرح  وهي تبعثر شعره الردمادي باناملها

"فقط لانام عدة ساعات وحين افيق سيغمي علي خافيير من جمالي غدا "

اختفت ابتسامته ما إن ذكرت اسمه لكن هذا لم يمنعه من مجارتها

"علي رسلك لا نريد جعل عشيرته تظن أننا اغتلناه  بجمالك ، هيا صغيرتي ، اصعدي إلي غرفتك وارتاحي غدا أمامك نهار طويل مليء بالمفاجات عليك مواجهته"

لم تكن بحاجة الي نصيحته لتتوجه بخطواتها البليدة نحو الدرج ولولا مساعدة سيسليا لها واسنداها لاستسلمت في وسط الطريق  ونامت عندها

"خوان الي مكتبي "

قالها نكولا ودخل مكتبه الذي جلس فيه مساعده بيترو يراجع اوراقا فقدت اهتمامه ما ان دخل الاب وابنه

"خوان لقد عدت بسرعة من فرنسا كيف كانت الأجواء هناك ،سمعت أنهم يعانون من عواصف خانقة هناك"

لم يكن بمزاج يخوله للأخذ والعطاء معه واجابه باختصار

"أجل هذا صحيح "

تبادل بيترو النظرات مع نكولا ليفهم سبب التجهم البادي علي خوان من صوته المخنوق قبل ملامحه

" الم يصل تياغوا بعد "

سأل مارتنيز ليجيبه بيترو

"لقد غادر من مطار موسكو متأخرا أشك أنه سيصل قبل ساعات الصباح الأولي "

لم يتحمل خوان الصمت مطولا وانفجر في وجه ابيه مقاطعا بيترو

"أخبر ذاك الحشرة أن يعود بالطائرة من حيث اتت به ،لأني ساقتله إن رأيته أمامي "

"خوان ! ،تهذب مهما بلغت خلافاتك مع أخيك فلن تصل إلي الاقتتال بينكما ، وغدا يوم مهم يمس إحترام عشيرتنا فلا تظن أنه لن يحضره ،وجوده مهم مثل وجودك تماما "

النبرة المتشددة التي قال بها نكولا تحذيره لم تزد جنون خوان إلا  أضعافا في رده

"هو سبب كل مصائبنا والعدو الأول لعشيرتنا،  بسببه فقط ستباع ميرا في مزاد علني غدا من أجل حفظ دمه وإبطال سعي آل دومينوفسكي لقتله ، هل تريد جعله شاهدا علي هذا ،ألا يكفيك المصير المروع الذي تدفع ميرا للعيش فيه من أجل ابنك المفضل "

قاطعه نكولا بحزم

"خواااان ... ميرا ابنتي ايضا ولن اخاطر بها من أجل طيش اخيك  "

"إذا ماذا تسمي الزواج بخافيير غدا ،لا تنافق ابي وسمي الأشياء باسمائها ، أنت تضحي بها من أجل سلامة ابنك وحمايته وهذا شيء لن أسمح بحدوثه وساسعي لافساده حتي آخر لحظة من صباح يوم غدا ،سأقنع ميرا بالعزوف عن هذا الجنون بأي ثمن ،لن ادعك تستغل مشاعر حبها لك ورؤيتك كابيها من أجل تحقيق أهدافك واطماعك الخاصة "

وقف علي قدميه وكاد أن يخرج من المكتب لولا صياح نكولا به

"ميرا ليست مجرورة علي هذا الزواج بالإكراه هي وافقت بكامل وعيها ورضاها ،وأنا لن أتضايق إن تراجعت عنه في آخر لحظة ، لكن ليكن في بالك  حتي وإن فشل زواجها من خافيير غدا فهي لن تكون لك أبدا ، قد تكون ابن عمها في القانون لكن هي تراك كاخيها ،هي تربت علي أنك اخيها  لذا لا تتامل  أن علاقتكما قد تأخذ منحي آخر   غير هذا أنا   لن اسمح به ابدا ، أذهب ونام أفضل لك فأنت بنفسك من سيسلمها إلي زوجها غدا "

شدد خوان قبضته حول مقبض الباب حتي اعوج يفكر في رد مناسب للرمح الذي سدده اباه في منتصف قلبه وأعاد النزيف اليه ،وحين لم يجد خرج وصفع الباب خلف بطريقة لم تدع مجالا للشك انه يغلي غيظا من الداخل وعلي وشك الإنفجار في أي لحظة

"كابو، ألا تظن أنك تقسوا عليه "

تنهد نكولا بقوة ليزيل غمامة الهم السوداء التي غطت تفكيره

"عليه أن يدفن حبه لها بيده ،فهو يؤذي ميرا قبل أن يؤذيه هو ، عندما مات أخي وعدته اني ساحميها من العالم باسره ولن اخلف بوعدي ذاك حتي لو اضطررت لحرق قلب ابني حيا ، خوان لايناسبها اطلاقا "

"الا تري أنك تناقد نفسك،  زواجها من خافيير لن يفرش لها بالورد وتستقبلها عائلته بالمحبة والاحضان  ، حياتها هناك ستكون مهددة دائما خصوصا وان آنتوني سيفعل ما بوسعه لافشال هذا الزواج الذي قد يعني تحالفنا مع آل دومينوفيسكي واقصائه خارج اللعبة للأبد ، سينظرون إليها نظرة حصان طراودة الذي ينوي هزميتهم من الداخل  ويعاملونها علي هذا الأساس ولن تسلم من الخطط والمكائد سواء من آل تشابو او دومنوفيسكي ذات أنفسهم فرغم سلطة خافيير   عليهم إلا أن بعضهم يفضل أن يستخدم كرت الزواج ليقوي علاقته ب آل تشابوا بدلا عنا فهم علي غرارنا يتمتعون بسلطه واسعة في الحكومة الحالية "

"ونحن أيضا لسنا ضعافا ،أنا سأفعل المستحيل حتي أسهل حياتها هناك ولا تواجه مشاكل ، قد لايكون قرار زواجها من خافيير هو  الأفضل لها من بين جميع الخيارات لكنه بالطبع افضل من أن تتزوج بخوان "

تنهد بيترو بامتعاض

"لا أدري لما تتشدد مع هذا الولد ،قد يكون يعاني من مشاكل مع الغضب لكن هذه ميرا ،هو يهتم بها أكثر من نفسه ولا أتوقع أن يؤذيها .."

قاطعه نكولا بحده

"حتي يظفر بها ويضمنها في قفص الزواج معه ، حينها فقط سيتغير معها   إلي الوحش الذي يرفض النظر إليه في مرآة حمامه التي يحطمها كل يوم ، أنا لا أريد الحديث عن الأمر بيترو لقد حسم بالفعل وبعد ان تشرق الشمس ساضع حدا لهذا الكابوس بنفسي "

 

..............................

نهاية الفصل الاول

Continue Reading

You'll Also Like

335K 29K 13
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
3.7M 125K 58
عِش العراب. روايه صعيديه... من الصعيد الچوانى فتاه تحمل على عاتقها خطيئة أختها تؤخذ بذنب لديها يقين أن أختها لم ترتكبه عنوه تُغصب أن تكون الزوجه ا...
291K 27.1K 20
تَبدأ حِكايتِنا بَين بِقاع اراضٍ يَسكنُها شَعبّ ذا اعدادٍ ضئيلَة ارضٌ تُحَكم مِن قِبل ثلاث قِوات و ثالِثُهم أقواهُم الولايات المُتحدَة | كوريا الجنوب...
344K 27.4K 55
من رحم الطفوله والصراعات خرجت امراءة غامضة هل سيوقفها الماضي الذي جعلها بهذة الشخصيه ام ستختار المستقبل المجهول؟ معا لنرى ماذا ينتضرنا في رواية...