◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀

By itsjanaamr

2.7K 229 17

_ خُلقتِ مني كما خُلِقت حواء من أدم ، و الآن أعادنا التاريخ لتكتمل قصتنا .. ربما تجمعنا بعض الإختلافات ، فأنت... More

◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 00
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 01
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 02
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 03
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 04
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 05
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 06
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 07
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 08
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 09
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 10
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 11
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 12
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 13
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 15
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 16
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 17
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 18
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 19
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 20
◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 21

◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 14

70 5 2
By itsjanaamr

" و كيف استطعتِ جعل نظراتي الحاده خاضعه أمام عيناكِ ؟ "

-

" فاليريو "

دخلتُ إلي غرفتي و أنا اترنح من شده الأرهاق ، صباح اليوم كان حافل بالعمل ، و ليلي كله أمضيته في قياده دراجتي بصحبه راسيل ، لستُ من النوع الذي يشعر بالإنهاك سريعا ، و لكن تلك الفتره أصبح ألم الرأس مرافقني كـ صديق وفي .. أوفي حتي من إيريك .
خلعتُ سترتي ثم ألقيتها علي الأريكه بإهمال و توجهت ناحيه غرفه الملابس ، مددتُ يداي خلف رقبتي أحل عقده السلسال ثم نزعته و وضعته في كف يدي ، نظرتُ للحروف المكتوبه علي دلايه السلسال ، كانت حروف إنجليزيه صغيره للغايه تُري بالعين المجرده بصعوبه ، و لكنني كنت أستطيع قرائتها بوضوح .. " زيوسيا " ، هذا ما كُتب علي الدلايه ، كانت أمي هي أول شخص يدري بشأن رؤياي و الوحيده بـ استثناء إيريك ، و لأنها كانت مولعه بالروايات و الأساطير القديمه فـ كانت مؤمنه بـ رؤياي أكثر مني حتي ، كانت دائما تحاول أقناعي انها ليست مجرد رؤي طبيعيه و انما تخفي ورائها مغزي ، و في عيد ميلادي الثاني عشر أهدتني ذلك العُقد ، لم أفهم وقتها ما المكتوب علي الدلايه و أخذ مني الأمر وقت طويل لـ قرائته حتي أخذت تشرح لي معني المكتوب ، " زيو " هي أول ثلاثه حروف من اسم " زيوس " ، و " سيا " هي آخر ثلاثه حروف من اسم " مارسيا " ، فـ اذا جمعناهم في كلمه واحده اصبحت " زيوسيا " ، و منذ أن اهدتني ذاك العُقد و أنا لم أخلعه في حياتي سوي قبل الاستحمام ، أي أنني أرتديه منذ عشرين عاما !
وضعتُ السلسال في أحد الأدراج ثم خلعتُ قميصي لأقف عاري الصدر ثم مسحت علي رأسي بـ تعب ، لم أري حتي ما الذي سأرتديه فقط أخذت يدي أول بنطال مريح امتدت ناحيته ، لستُ من هؤلاء الرجال الذين يفضلون الجلوس في المنزل و هم يرتدون بنطال و قميص ، عاده ما أكتفي بـ بنطال و لأبقي عاري الصدر كما أشاء فـ لا يأتي أحد للبيت سوي إيريك الذي يأتي دون سابق انذار و هو يسحب حقيبته خلفه و يجلس بالغرفه التي خصصتها له في منزلي ، ليأخذني الله قبل أن أفكر في تخصيص أي شيئ له مره أخري ، عدا ذلك فـ لا يوجد أحد في المنزل سواي و روليا .
و علي ذكر روليا ، شعرت بيداها الصغيرتان تتعلقان في عنقي بعدما توقفت علي الكرسي الموضوع خلفي ، ابتسمت بـ و هن و انا التفت لها و ما زلات يداها تطوق عنقي ، طبعتُ قبله صغيره علي وجنتيها و انا أري عينيها الناعستان كما عيناي : 
_ لما لم تنام صغيرتي إلي الآن ؟
_ كنتُ في انتظارك ، هناك موضوع في غايه الأهميه يجب علينا الحديث بشأنه .
رفعت ملامحي بـ دهشه و انا أتصنع الجديه كما تفعل هي :
_ و ما هو ذلك الموضوع شديد الخطوره الذي جعلكِ مستيقظه حتي طلوع النهار ؟
تحمحمت و هي تبعد يداها عن عنقي ثم بدأت تعيد خصلات شعرها الأشقر للخلف :
_ في الواقع يوجد الكثير ، و لكن دعنا نخصص موضوعين نتحدث بشأنهم اليوم ، و غدا نتحدث في موضوعين آخرين و هكذا .
همستُ لها و أنا أجعد ملامح وجهي محاولا أن أبدو جاد للغايه :
_ و هل المواضيع التي علينا الحديث عنها كثيره للغايه ؟
أومئت و هي تعدل من وضعيه ملابسها :
_ نعم هي كذلك .
_ ما رأيك أن أذهب أولا للإستحمام ثم نتحدث في مواضيعك المهم تلك ؟
نفت برأسها و هي تأخذ البنطال من يدي و ألقته أرضا بحركه غاضبه :
_ لا ، سنتحدث أولا .
_ ليا انا أتصبب عرقا .
_ تتصبب عرقا في منتصف ديسمبر ؟ هذا غريب .
علمتُ أنني لن أصل معها لحل متوسط ، لذا جلستُ علي الأريكه الجانبيه الموضوعه في غرفه الملابس ، هبطت من علي الكرسي ثم وضعته أمامي و جلست عليه كـ قاضي يجلس أمام متهم :
_ لا أعرف من أين أبدأ الصراحه ، هل ابدأ من الضماده الملتفه حول ذراعك ، أم ابدأ من تلك المرأه التي كانت تجلس معك انت و عمي إيريك في بهو المنزل ليله أمس ، أم أبدأ من هذا ؟
قالتها و هي تشير إلي زاويه الغرفه ، لم أفهم مقصدها لتتجه سريعا ناحيه المكان الذي كانت تشير ناحيته ، ثم أخرجت كيس اسود بلاستيكي متوسط الحجم كان موضوعا بين ملابسي ، لم أكن أعلم حتي ماهيه ذلك الكيس ، بالتأكيد ليس أسلحه لأنني أضعها في خزينه موجوده في غرفه في المنزل و لن تستطيع ليا او أي شخص آخر الوصول إليها سواي ، تمعنت في الكيس أكثر .. و بالتأكيد تلك ليست جثه ، فـ أنا لا أحمل الجثث الي المنزل ، ثم هي ترفع الكيس بسهوله و تض..
قطعت حبل أفكاري و هي تفتح الكيس ثم ألقت ما بداخله علي الأرض أمامي ، لم استطع تبين هويه الشيئ الملقي ارضا امامي حتي رفعته روليا تستعرضه أمامي .. كان معطف أبيض .. معطف راسيل !
_ ذلك المعطف وجدته صباح اليوم أسفل الطاوله ، هل تري الدماء الموجوده عليها ام أقرب المعطف من وجهك أكثر حتي تراها بصوره أوضح سيد ريو ؟
ريو .. ذلك الاسم البغيض الذي تناديني به ، و كأنها تتكاسل عن نطق اسمي كاملا فـ تكتفي بـ مناداتي بـ ريو بدلا من فاليريو ، ولما عساها تناديني بـ اسمي بدلا من أبي ؟ علي كل حال أُحب ان تتعامل معي بلا قيود ، لست أبا صارما كما تزعم !
_ ذلك معطفي ، و ملطخ بالدماء لأنني جرحت ذراعي ليله أمس عن طريق الخطأ ، و لهذا أضع ضماده عليه ، و هكذا نكون انتهينا من جميع المواضيع الخاصه بالليله و الآن سأذهب للاستحمام .
قبل ان أقف دفعتني بكامل قواها لأقع علي مقعدي مره أخري ، افكر الآن أن أفتح النافذه التي تقبع خلفها تماما و ألقيها منها .
_ أولا ، المعطف ليس ملكك ، جميع معاطفك اما سوداء أو باللون الرمادي ، و هذا المعطف باللون الأبيض ، و انت لا تمتلك أي ملابس بيضاء سوي بعض القمصان ، أنا أحفظ جميع ملابسك جيدا !
تحليل دقيق للغايه ، بالفعل لا أمتلك ثياب ذات ألوان فاتحه سوي القمصان ، حتي أنني نسيت ذلك !
_ و ما ثانيا ؟
_ ثانيا ، المعطف خاص بـ امرأه .
ضحكتُ بـ استخفاف ظاهري و انا أمسح حبات العرق القليله التي بدأت تتسلل بخفه إلي جبيني و انا أشعر أن درجه الحراره ترتفع حقا :
_ و كيف علمتِ أنه معطف امرأه ؟
امسكت روليا المعطف ثم وضعت يديها في احدي جيوبه الداخليه ، ثم اخرجت منها شيئ صغير بحجم اصبع اليد و وضعته أمام عيناي مباشره :
_ ان كان هذا معطفك ، فـ هل في العاده تحتفظ في جيوبك بـ أحمر الشفاه ؟
نظرتُ لأحمر الشفاه الخاص بـ راسيل بـ عجز ، و الآن أفكر بكل جديه أن آخذ روليا لتعمل معنا في المافيا بعد تحليلاتها التي لا تناسب عمرها بالمره ، نظرتُ الي الأرض و انا أضحك بـ قله حيله و قد تمكن النعاس مني بـ شكل كبير .
_ ليا .. أعدك أنني سأجيب علي جميع اسألتك ، و لكن دعيني أولا أذهب للإستحمام علني اتخلص من ألم الرأس .
هبطت من علي الكرسي ثم وقفت أمامي و وضعت يدها الصغيره أعلي جبيني تتلمسه بـ رقه و يدها الأخري تزيح خصلات شعري للخلف :
_ هل أنت بخير ؟
حملتها ثم خرجت بها الي غرفتي و انا ابتسم لها بـ صعوبه ، وضعتها علي فراشي ثم وضعتُ وساده خلف رأسها أساعدها علي الإستلقاء :
_ انا بخير .. سأذهب للاستحمام و سأعود للحديث معكِ .
_ نعم نعم بالتأكيد ، اي نوع من الآباء أنتَ ؟ لا تراني حتي أثناء يومك سوي في مده لا تتخطي الساعه ، اجبني بصراحه انت تحب عملك أكثر مني صحيح ؟
وضعتُ قبله أعلي رأسها ثم دثرتها أسفل الغطاء و أنا اقول :
_ أعدك غدا لن أذهب للعمل سوي في وقت متأخر و سنقضي النهار بطوله سويا ، و لا .. لا يوجد شيئ يُضاهي حبي لكِ حتي و ان كان عملي .
بدا عليها الرضا و هي تعتدل علي الفراش ، تركتها بسرعه قبل أن تبدأ في الحديث مره أخري و توجهت للحمام لأستعد للإستحمام .
بعد مده قصيره خرجتُ من الحمام و انا اطوق خصري بـ منشفه سوداء و منشفه أخري أصغر أجفف بها شعري ، ألقيت نظره علي ليا لأجدها قد غطت في النوم لأشكر ربي في سري ثم توجهت ناحيه غرفه الملابس آخذ منها البنطال الذي ألقته ليا أرضا ، تناولت بنطالي و ما زلت أجفف شعري بالمنشفه ، انتهيت ثم ألقيت المنشفه علي احدي الأرائك و من ثم أرتديت السلسال مره أخري .. أشعر و كأن النعاس تطاير من عيناي ، و كأنني لم أكن تلك المومياء التي تتحرك بصعوبه من شده النعاس منذ قليل ، أخذتُ عُلبه سجائري و الحاسوب و توجهت به الي الشرفه الكبيره الموجوده في غرفتي ، أغلقتُ باب الشرفه الزجاجي ثم ألقيت نظره متفحصه علي روليا لأجدها ما زالت نائمه لذا جلستُ علي كرسي مجاور للطاوله الموضوعه في الشرفه ، أشعلت سيجارتي ثم وضعتُ الحاسوب علي الطاوله و أنا ابدأ في العمل المتراكم علي ، ليا محقه .. أنا فعلا مهووس بالعمل !
بعد فتره قليله انتهيت من نصف علبه السجائر ، عندما ابدأ في التدخين لا يستطيع أحد إيقافي ، فـ ربما أدخن أكثر من ثلاثه عُلب دون أن أشعر ولا أتوقف الا عندما ينتهي عملي ، أغلقتُ علبه السجائر و قد بدأتُ أشعر بالملل منها .. لا أنا أكذب ، في الواقع انتهي غاز " البوتان " من القداحه و تكاسلت عن ملئ القداحه بالغاز مره أخري ، وضعتُ الحاسوب أعلي فخذاي بعدما مددتُ قدماي بـ أريحيه أعلي الطاوله ، جيد .. انتيهت من التدخين ، ليعود النعاس سريعا مره أخري ، و كأن جميع أعضائي أستجابت لنداء النوم ، فـ غفوت علي الكرسي و لا زال الحاسوب يتوسط قدماي .
رُدهه كبيره محاطه بـ أسوار عاليه مدهونه باللون الأبيض الناصع ، أرض لامعه كـ الزجاج من اللون الأبيض أيضا و تمتد للأمام علي مسار واسع ، كانت الردهه خاليه من أي أثاث و كانت ناصعه البياض ، خرب بياضها بعض القطرات ذات اللون الأحمر القاتم التي انتشرت علي الأرضيه و الأسوار التي تحيط بالردهه ، و في بقعه معينه من تلك الأرض تراكمت تلك القطرات حتي ارتفعت عن مستوي الأرض بعده انشات ، فجأه و عند مرمي البصر ظهرت سيوف ملقاه علي الأرض و بجانبها أجساد متكومه بفوضويه ، أجساد لرجال ضخام البنيه بعضهم منحور عنقه و البعض الآخر يخترق سيف قلبه . 
خناجر و سيوف ملقاه هنا و هناك و قطرات الدم من كثرتها حتي انها طالت سقفيه الردهه بالرغم من ارتفاعها الشاهق ، أبعدتُ نظري قليلا لأري تجمع من الرجال يرتدون الأسود و مسلحون بـ سيوف و خناجر عديده ، كانوا يجتمعون علي شكل دائره و كأنهم يحيطون شيئا ما و يخفونه عن الأنظار ، و من بين تجمع الرجال و السواد المهيبفي ذل المنتشر بينهم كانت تقف فتاه ترتدي فستان أبيض اللون في وسطهم ، كانت تضع قطعه قماش تشبه الشال فوق رأسها تخفي بها شعرها ، اقتربت منهم ببطئ شديد و انا انظر لسكونهم و كأنهم تماثيل ، عدا الفتاه التي كان جسدها يهتز بشكل اقرب للتشنج و كأنها تبكي بصوت غير مسموع ، اقتربت أكثر و انا أركز حدقتا عيناي علي الفتاه حتي توقفت خلفها تماما ، هدأت حركتها قليلا لتلتف لي بهدوء و يتبين لي ملامح وجهها ، خصلات شعرها الأحمر منسدلها علي وجهها بشكل فوضوي و الدماء لطخت وجهها الابيض و كذلك فستانها شديد البياض ، لم تستطع قطرات الدماء أخفاء النمش الخفيف المتناثر علي وجهها خاصه أسفل عينيها ، نزلت دموعها ببطئ بينما تنظر إلي و عينيها متشبعه بـ لون أحمر كـ الدماء ، كنتُ انظر لجسدها بـ قلق أتفحص من أين تخرج الدماء من جسدها ، أمسكت بيداي لتلطخها بالدماء بينما دموعها لا زالت تنهمر علي وجهها ، نفت برأسها و كأنها أدركت انني أبحث عن ما اذا كان أي مكروه قد وقع بها ، ابتعدت قليلا عن المكان الذي كانت تقف به لتسمح لي بالرؤيه ، ثم أشارت الي الشيئ الذي كان يحيطون به الرجال و كأنها تلفت انتباهي اليه ، ابعدتُ نظري عنها بـصعوبه ثم نظرت لذلك الشيئ الذي كانو يخفونه .
في تلك الجزئيه من الأرض انتشرت الدماء بـ شكل كبير حتي انها كونت برك صغيره علي الجوانب ، و في المنتصف تماما كان هناك جسدا لـ رجل يركع علي الأرض و رأسه موجه للأسفل ، كان يبدو و كأنه فقد كل قواه و لم يعد يستطع الدفاع عن نفسه ، كانت الدماء تخرج منه بغزاره و لكن لم أستطع تحديد المكان الذي تخرج منه الدماء ، كان يقبض علي كف يديه الأيمن بقوه و كأنه يخفي شيئا بداخله ، نظرت لكف يديه فـ قام بفتحها لأري سلسال بالون الأسود في نهايته ميداليه فضيه .. ميداليا كتب عليها " زيوسيا " تماما كـ التي أرتديها ، رفع وجهه بهدوء ثم نظر الي بعينيه الخضراء التي لم تسلم من الدماء لتدخل بعض القطرات بداخلها ، استطعت تبين من أين تخرج الدماء ، عنقه كان منحور من بدايته و حتي نهايته ، و الدماء تنفجر منه علي هيئه شلالات كثيفه ، نقل بصره الي الفتاه ذات الرداء الأبيض ، و كنتُ أنقل بصري بينهم و انا أشعر بثقل أنفاسي ، عيونه الخضراء كانت محدقه بعينان الفتاه العسليتان ، فجأه و بدون سابق انذار ، التفت احد الرجال و وضع خنجره في منتصف معدتي .
استيقظتُ من النوم و شهقه عاليه صدرت مني و انا أجد صعوبه في التقاط انفاسي ، كان جسدي يتصبب عرقا و كأنني كنتُ أركض علي آله الركض ، وضعتُ يدي علي معدتي أتفقدها و بالطبع لم أجد اي أثار لطعنه او ما شابه .. لقد كان كابوسا !
اعتدلتُ في جلستي علي الكرسي ، لا زلتُ أجلس علي الكرسي في شرفتي ، أدرتُ رأسي لأري روليا نائمه علي فراشي و ظهرها موجه ناحيتي ، جميع الإشارات تدل علي أنني لازلتُ في غرفتي ، ذلك كان كابوس و حسب .
لازالت دقات قلبي مرتفعه و جسدي يتصبب عرقا ، نهضت بصعوبه من علي الكرسي و انا أشعر بأن قدماي تعجز عن حمل بقيه جسدي ، توجهت للحمام الملحق بالغرفه و انا أركض ناحيه الحوض ، فتحتُ صنبور المياه و وضعت رأسي أسفله لأسمح للمياه بالهطول علي رأسي بالكامل ، وضعتُ يداي اسفل الماء و أنا أبللها ثم أمسح علي ظهري و صدري ، أغلقتُ الصنبور بعد فتره و صدري يهبط و يرتفع بسرعه و أنا أحاول تنظيم أنفاسي ، نظرتُ لنفسي بالمرآه و أنا أحدق بعيناي الخضراء .. نفس العينان التي كانت ممتلئتان بالدماء ، لقد شاهدت الدماء و هي تخرج من عنقي بغزاره ، الرجل الذي كان منحور العنق في ذلك الكابوس .. كان زيوس ، و الفتاه صاحبه الفستان الأبيض التي كانت تبكي .. كانت مارسيا ، و للدقه من كان في الحُلم كان أنا فاليريو و راسيل أيضا !
وضعتُ يدي علي عنقي أتحسسه ولا زلت انظر لنفسي بالمرآه ، خرجتُ من غرفتي لأقف في مكاني فجأه و قد خطر لعقلي شيئ غريب ، أخذتُ هاتفي لأري الساعه لأجدها السادسه و النص صباحا ، تبقي ساعاتان و نص علي موعد العمل ، حسنا سأتجاهل تلك الفكره التي تدور بـ رأسي و سأخلد للنوم منتظرا ان تمر تلك الساعاتان بسرعه .
و بالفعل جلستُ بجانب روليا ثم رفعت الغطاء فوقنا و هبطتُ بجسدي لأنام بجانبها ، وضعتُ رأسها فوق ذراعي و حاوطتها بالذراع الآخر و كأنني أمتص قوتي منها ، أشياء كثيره كانت ستتغير لولا وجود روليا في حياتي ، لستُ راجل صالح يسير في الأرجاء و حقيبته تحتوي علي كتابه الديني ، انا فقط رجل يسير و هو يحمل سلاحه و الخطيئه تلاحقه اينما كان ، و لكن لا يوجد إنسان مهما وصل به الأمر من قسوه و فُجور قد ولد هكذا ، جميعنا كُنا أنقياء لا نحمل اي كره أو بغض في قلوبنا تجاه اي شخص ، فقط تأتي عاصفه قويه لتقوم بمحي تلك الصفات الجيده جميعها ، و تضع مكانها أخري سيئه تحمل الدنس بداخلها ، العاصفه التي حولتني الي ذلك الرجل الدنيئ هو موت أمي ، و لكن بعد العاصفه قد يظهر خيط من الشمس ليلطف الأجواء مزيلا منه بعضا من اثار العاصفه ، و روليا كانت خيط الشمس الوحيد ظهر بعد عامين من وفاه والدتي و دفعني للإستمرار في الحياه ، هي الوحيده التي استطاعت زرع بعض الخصال الجيده بداخلي دون أدني علم مني أو منها ، وجدتُ نفسي دون سبب أشعر و كأنني احمل مسؤليه علي عاتقي ، أدركتُ أن يوجد شخص بجانبي و من الواجب علي أن اتأكد دائما من حمايته و سلامته ، ادركت ان هناك شخص يستحق ان أبذل مجهود كي اكون شخص افضل .. علي الاقل في نظرها هي ، و بـ نفس الوقت لم أكن ذلك الأب الذي يرفه أبنائه و يأخذهم للملاهي او ما شابه ، بل كنتُ الأسوء في هذه النقطه ، لم أدع روليا تخرج من المنزل نهائيا سوي للمدرسه ، لا حديث مع الغرباء ، لا خروجات عائليه ، لا نزهات ، لا أماكن ترفيهيه ، فقط لا و ألف لا ، و لم تعترض هي ، بل كل ما كانت تطلبه هو حصولها علي حقها كـ أي فتاه طبيعيه و هو تخصيص بعض الوقت للمكوث معها ، لم يكن لديها أصدقاء مما جعلها وحيده طوال اليوم ، حتي في وقت الغذاء لا أكون معها ، لذا أن كان هناك شخص يستحق أن أحتفظ ببعض من الصفات الجيده بداخلي ، سيكون روليا فقط .
بعد نص ساعه نهضتُ من علي الفراش بتأفف و لم أستطع النوم ، سرتُ في الغرفه ذهابا و إيابا لا أعرف ماذا أفعل ، حتي حسمتُ قراري و قررت مهاتفتها ، لذا أخذت هاتفي و قُمت بالإتصال بها منتظرا أن تجيبني ، لا اريد شيئ ، كل ما أريده هو التأكد ان كانت بخير ام لا ، لم أكن أعطي تلك الأهميه الكبيره لرؤياي من قبل ، و لكن الآن الأمر تغير .
_ مرحبا ؟
_ راسيل .. أعتذر لأنني أيقظتكِ من النوم .
_ لقد أستيقظتُ منذ دقائق علي أيه حال .
_ إذا هل أنتِ بخير ؟
_ نعم انا بخير ، لما تتنفس بسرعه هكذا ؟
_ لا شيئ ، فقط ذهبتُ للركضِ قليلا .
_ جيد ، هل تريد شيئ؟
_ نعم نعم .. في الواقع .. كنتُ أريد .. ملفات المتدربين .
_ ملفات المتدربين ؟ لما ؟
_ أحتاجها ، هناك شيئا علي الإطلاع عليه .
_ ان كنت منشغلا يمكنك أن تخبرني ما هو هذا الشيئ و سأتفقده من أجلك .
_ أفضل فعل هذا بنفسي .
_ حسنا علي كل حال لم آخذ الملفات معي ليله أمس و تركتها بالمكتب .
_ حسنا إذا ، الي اللقاء .
_ فاليريو .. هل لي بطلب صغير ؟
_ بالطبع ، ماذا تريدي ؟
_ أريد ان أتأخر عن العمل ساعتين ، سأكون هناك في الحاديه عشر ، ولا تقلق سأتصل بـ السكرتيره و آمرها أن تجعل أحد يأخذ مكاني في هذه الفتره .
_ لا بأس يمكنكِ أخذ اليوم بأكمله إجازه ، هل أنتِ بخير ؟
_ نعم أنا بخير ، و لكن هناك أشياء مهمه يجب علي شرائها للمنزل بعد عده ساعات ، و شكرا لكَ لا أحتاج سوي ساعتين فقط لأنتهي مما سأفعل ، حسنا آيلا تناديني سأذهب لأري ماذا تريد ، وداعا .
_ وداعا .

-

دخل إلي الغرفه و هو يمسك رأسه بألم أثر الصداع بسبب الكميه الكبيره من الخمر التي شربها ليله أمس ، أخذ يجوب الغرفه ذهابا و أيابا يفتح الأدراج و يبحث بكل مكان عن حبوب الصداع ، بعد فتره قليله فقد الأمل و أعصابه لذا توجه لباب الحمام يطرق بقوه ليأتيه صوت إيليت الغاضب من الداخل :
_ ماذا ؟
_ أين حبوب الصداع ؟
_ ستجدها في الدرج الأول الخاص بالأدويه .
ذهب يفتح الدرج ليجد عُلبه الأقراص ،  فتحها و أخرج ما بها ليجد الشريط قد انتهت منه الأقراص ، عاد مره أخري ليطرق الباب بقوه أكبر :
_ ماذا ؟ حتي الاستحمام لا تدعونني أنعم به كـ باقي الخلق !
_ كُفي عن طيله لسانك والا كسرتُ الباب فوق رأسك الآن .
هدأت من حده نبرتها قليلا لتسأله بصوت أخفض من ذي قبل :
_ ماذا تريد ؟
_ العُلبه فارغه ، انتهت الأقراص .
صمتت قليلا تفكر ما ان كانت تمتلك اقراص أخري ، لوهله فكرت في أن تتركه يتلوي من الألم و لـ يمت علها تتخلص منه ، و لكنها تعلم أنه لن يتركها بشأنها و سيصيبها بالصداع هي الأخري :
_ أظن أنني أمتلك عُلبه في حقيبتي ، لقد قاربتُ علي الانتهاء سأخرج و أحضرها لك .
لم يجيبها و توجه للخزانه يحضر حقيبتها ، فتح الحقيبه يبحث بها عن علبه الأدويه و لكنه لم يجدها ، نفذ صبره فـ قام بـ إفراغ جميع محتويات الحقيبه علي الفراش بعصبيه ثم رماها أرضا و ظل يعبث بالأشياء الموضوعه علي الفراش بحثا عن الدواء ، لفت نظره بطاقه متوسطه الحجم ذات لون أزرق مكتوب عليها اسم الطبيب " جورج موتيمر " و الذي يبدو من اسمه أنه بريطاني ، و بجانب الاسم صوره لامرأه تقف و هي تضع يديها علي بطنها المنتفخه بـ سعاده ، أخذ يقلب البطاقه بـ استغراب و هو لا يدري لما يمكن لـ إيليت أن تحتفظ بـ بطاقه خاصه بطبيب انجاب ، لم يدع لعقله الفرصه لخلق افتراضات فـ قام علي الفور بـ الاتصال بـ حارسها الشخصي الذي أجابه علي الفور :
_ هل ذهبت معك إيليت لأي طبيب عندما كنا في بريطانيا ؟
صمت الحارس قليلا يفكر و كأنه يتذكر حتي تذكر بعد مده قصيره :
_ قبل أن نأتي لإيطاليا بـ اسبوعين طلبت مني السيده أن نتوجه للمشفي لأنها كانت تريد القيام بـ فحوصات . 
_ أي نوع من الفحوصات ؟
_ لم أكن مع السيده عندما تحدثت مع موظفه الاستقبال منعا لإحراجها ، رأيت فقط الطبيب عندما أتي ليرحب بها ثم ذهبوا للغرفه سويا .
_ أتدري من الطبيب الذي قام لها بـ تلك الفحوصات ؟
_ لا أتذكر بصراحه .
_ جورج ؟
_ نعم تذكرت ، كان يدعي جورج موتيمر .
أنزل الهاتف من علي أذنيه و هو ينظر أمامه بصدمه ، خرجت إيليت من الحمام و هي تجفف شعرها القصير بالمنشفه ، نظرت لأشيائها الملقاه علي الفراش بفوضويه لتتحدث بعصبيه طفيفه :
_ لما ألقيت أشيائي هكذا ؟ أخبرتك أنني سأحضر الدواء لك بنفسي .
لم يجيبها و لا يزال جسده متيبس مكانه يحاول إستيعاب الأمر ، لاحظت هي تجمد جسده و هو ينظر ناحيتها و عيونه تكاد تقذف الرصاصات بوجهها ، انزلت المنشفه بهدوء ثم سألته بتوجس :
_ لما تقف هكذا ؟
سألها و هو يحاول أن يخرج صوته هادئ قدر الامكان :
_ لما ذهبتِ للمشفي قبل أن نأتي لإيطاليا ؟
ابتلعت ريقها و هي تشعر بالغصه في حلقها تحاول ألا يبدو عليها التوتر :
_ لقد كنت أشعر بألم مستمر في قدماي فـ اقترحت علي احدي الخدم أن أذهب للقيام بـ بعض الفحوصات .
مد يديه لها بالبطاقه و لم تتحرك عينيه من عينيها :
_ و هل هذه الفحوصات من اختصاص طبيب الإنجاب ؟
هذه المره خسرت قواها و قد علمت أنها لن تنفد منه ، صمتت تحاول انشاء سيناريو مقنع في عقلها و لكن كل شيئ تلاشي عندما اقترب منها ببطئ ثم وقف أمامها و هو ينظر لأعمق نقطه بعينيها :
_ أخبريني بالحقيقه و لن أؤذيكِ .
تعلم انه كاذب سيقتلها لا محاله ، أدارت رأسها يمينا و يسارا تحاول تجنب نظراته التي تحاول التحقق من مدي صدقها ، أمسك بفكها يقرب وجهها من وجهه و قد تخلي عن هدوءه ولا يبالي من صراخها المتألم :
_ أقسم ان لم تتحدثي الآن لن تشعري سوي بحزامي و هو يضع علاماته المميزه علي جسدك .
نفت برأسها و قد تذكرت تلك الأيام التي كانت ترقد بها في المشفي بسبب نزيف جسدها أثر صفعات الحزام المدويه علي جسدها ، صرخت بـ انهيار و هي تترجاه و دموعها لا تتوقف عن الانسياب :
_ لا لا ، أرجوك لا تفعل هذا جسدي لم يعد يتحمل !
_ اذا قولي الحقيقه .
أومئت برأسها و هي تحاول الفكاك من يده حتي ترك وجهها بعصبيه ، مسحت علي فكها برفق و كأنها تسكن الألم الذي تشعر به ، مسحت دموعها و هي تحاول الحديث حتي خرج صوتها متحشرج :
_ أنا .. أنا حامل !

-

" راسيل "

وضعتُ القلم الأسود جانبا بعدما أنتهيتُ أخيرا ، نظرت للرسمه و أنا أشعر بتلك الغصه بداخلي ، رسمه استغرقت مني خمس ساعات .. و الكثير و الكثير من العبرات ، أبكي هكذا دون انقطاع ، المشهد الذي أمامي الآن ليس مجرد رسمه ، ذلك مشهد لن يجعلني أنام لأيام متواصله ، أنهيتُ أقلام التلوين الحمراء جميعها بـ تلك الرسمه ، و ذلك يعود لشلالات الدماء الموجوده بالصوره ، تمعنت أكثر في الرسمه أدقق في تفاصيلها .. كان زيوس يركع علي الأرض و ملابسه البيضاء غريقه بالدماء التي تنحدر من عنقه و كأنها تحررت أخيرا من جسده لتنهمر بكثافه للخارج ، للمره الأولي لم تكن عيناه الخضراء تحمل ذات النظرات الحاده و الجريئه ، تلك المره كانت نظراته خاضعه و منكسره حتي أن احمرار عيناه طغي علي لونها الأخضر ، لا أعرف لما حتي قُمت برسم تلك الرسمه ، ولكنني و برغم بشاعه مظهره لم أكن أريد أن يغيب عن عقلي حتي و ان كنت متأكده أنني لن أنساه طيله حياتي ، لم تكن تلك مجرد رؤيه ، لقد كان مشهد دموي مجسد أمامي بواقعيه زائده عن المعتاد ، و كأنني عشتُ تلك الأحداث من قبل و أحفظها عن ظهر قلب .
لقد كذبت علي فاليريو عندما قُلت أنني بخير ، لستُ كذلك ، احتجتُ لسماع صوته كي اتأكد انه هو الذي بخير ، و قد حدثني عندما استيقظتُ من النوم تماما فـ كانت المكالمه في الموعد المناسب ، أخذتُ اللوحه و سرتُ بها للخارج لا أعرف حتي الي أين اذهب بها ، أوقفتني آيلا التي كانت تخرج من المطبخ و بيدها كأس عصير :
_ ما الذي تحميلنه بيدكِ ؟
ثم و دون ان تنتظر جوابي أخذت اللوحه و هي تنظر اليها ، أدارت عينيها علي تفاصيل اللوحه ثم تهندت و هي تعطيني كأس العصير :
_ لا أعرف كيف كنت أريد أن أتخذ زيوس كـ زوج صالح لي ، فاليريو حطم جميع آمالي .
ثم أخذت اللوحه و ذهبت لغرفه المعيشه ثم ثبتتها علي الجدار الرئيسي للغرفه لتصبح في المدخل تماما ، سألتني بصوت عالي و هي تعدل من وضعيه اللوحه :
_ ما الذي خطر ببالك لترسمي تلك اللوحه ؟ هل طلبتي أن نتأخر عن العمل لرسم اللوحه حقا ؟
لم أجيبها و أنا أقف مكاني بملل ، نظرت للوحه من بعيد ولا زلت أشعر بذاك الخوف يطرق جدران قلبي ، انتبهت لـ ثياب آيلا التي كانت في غايه الأناقه ، بالرغم من أنها لا ترتدي هذا النوع من الثياب للعمل :
_ لما ترتدين هكذا ؟
_ انا في انتظار ضيفي .
_ أي ضيف هذا ؟
لم تجيبني لذا تجاهلتها أنا أيضا و سرتُ ناحيه الحمام ، توقفت و انا أستمع لطرقات آتيه من باب المنزل ، توجهتُ لأفتح الباب وأنا أعدل من وضعيه ثياب نومي التي لم أهتم كثيرا لمظهرها حتي :
_ مرحبا راسيل .
_ سام ؟
تسائلتُ بـ استغراب و كأنني اسأله عن سبب وجوده ، الساعه الآن العاشره و سبعه دقائق صباحا ، لستُ مستعده لإستقبال الضيوف قبل موعد عملي بـ ساعه ، و بالنسبه لـ سام فـ انا لستُ مستعده لمقابلته في أي وقتٍ كان .
_ اعتذر عن زيارتي المبكره هذه ، و لكن آيلا أخبرتني انكم مستيقظين منذ زمن و تنتظروني .
_ و هل مظهري يوحي إليك بـ انني كنت بـ انتظارك ؟
لا اعرف من أين آتي بـ قله الذوق و كلامي الفظ هذا ، ولكنني لا استطيع السيطره علي الوقاحه التي تخرج مني بوجوده ، تحمحمت بحرج ثم دعوته للدخول :
_ اعتذر منك ولكنني مجهده قليلا ، تفضل ستجد آيلا بالداخل .
دخل إلي الداخل بينما أقوم بغلق الباب ، تركته و كدت أذهب للحمام و لكنني توقفت علي صوته :
_ راسيل ، أريد الحديث معكِ قليلا و لن آخذ من وقتك الكثير .
تأففتُ بملل قبل ان احاول رسم ابتسامه لطيفه علي وجهي ثم استدرتُ له و انا اشير اليه لكي يتقدم للأريكه ، خرجت آيلا من الغرفه و ألقت سلامها الودي عليه ثم جلست بجانبه ، جلستُ انا الأخري أنظر له ادعوه ليبدأ حديثه سريعا :
_ في الواقع أنا سعيد للغايه لأنكن قررتن الاستقرار في روما ، إيطاليا من أفضل الدول التي تستطعين بدأ حياتك بها .
_ دعك من تلك المقدمات فـ انا علي درايه بها ، بماذا تريد التحدث معي ؟
تحمحم بحرج واضح بينما أنا احاول مداراه الألم الظاهر علي وجهي ، آيلا الغبيه لم تكف عن قرصي أسفل الطاوله .
_ لم تتسني لي الفرصه لمعرفه في أي شركه تعملون .
تلك المره أجابته آيلا بسرعه و كأنها تريد أن تجعلني اصمت :
_ في شركه V . M ، بالتأكيد تعرفُها انها احدي الشركات التابعه لـ رجل الأعمال فاليريو موروني .
صمت قليلا و قد شعرت بتغير معالم وجهه ، كان ذلك للحظه من الزمن حتي لم استطع التأكد من نظراته الناريه التي كان يلقي بها في الفراغ ، و لكنه لم يستطع اخفاء الغضب الطفيف الذي ظهر علي وجهه ، ادار رأسه ناحيتي و هو يسألني :
_ و لم هذه الشركه بالذات ؟
_ لانها من اشهر الشركات المختصه بالطيران منذ عده سنوات طويله ، لقد كنتُ اقرأ عنها منذ أن كان يترأسها السيد سيلينو ، و لكنني لم أكن أعرف بشأن موته و تولي ابنه فاليريو رئاسه الشركه ، ناهيك عن ان الشركه لها سمعه ممتازه بين الشركات الأخري و عن جوده الطيارات المهيبه التي تقوم بتصنيعها ، فـ الشركه أيضا تتميز بوجود أفضل الطيارين بها ، لذا و منذ كنت في الجامعه فـ حلمي الوحيد كان أن أعمل بها بعد التخرج .
أومئ برأسه و يبدو ان كلامي لم ينال اعجابه ، لا يهم فـ هو بذات نفسه لا ينال اعجابي ، كنت أري نظرات آيلا الهائمه نحوه و انا أضحك بتقزز ، لا اعرف ماذا اعجبها به حتي !
_ علي كلٍ كنت أريد اخبارك بـ شيئ و لكِ حريه الأختيار ، هناك شركه كبيره للغايه تدعي " ... " ، الشركه تنافس شركات فاليريو موروني من شده عراقتها و يمكنكِ البحث عنها ان اردتِ ، الشركه في حاجه الي طيارين و خاصه فتيات بسبب قله الفتيات لديهم ، ولا اعرف الراتب الذي تتقاضونه من شركه فاليريو هذا ، و لكن يمكنني أن أضمن لكن ان يكون الراتب أعلي في تلك الشركه .
_ انت ماذا تعمل بالظبط ؟
_ مهندس ، و لـ كثره الرحلات التي اقوم بها فـ لدي الكثير من المعارف في الكثير من الدول .
أومئت متفهمه و أنا أعض لساني بقله صبر ، آيلا لم تحرك عينيها من عليه ، و هو كذلك لم يحرك عينيه بعيدا عني ، الشيئ الذي يجعلني أشعر بتقزز منه و مني لأنني لا زلت أجلس أمامه بل و أناقشه أيضا ، نهضت من علي الكرسي ثم أخذت هاتفي من علي الطاوله :
_ اعتذر منك ، و لكنني لستُ موافقه علي عرضك هذا ، أنا أشعر بالراحه بالعمل مع السيد فاليريو ولا أريد أن أترك الشركه .
أخذ مفاتيحه من علي الطاوله ثم نهض يواجهني بطوله الفارع :
_ كما تريدي ، و لكن لا تتسرعي بـ قرارك و فكري جيدا . 
_ لا أظن أنني سأتخلي عن عملي مع السيد فاليريو .
ابتسم لي نصف ابتسامه ثم وضع هاتفه في جيبه الخلفي و هو يستعد للرحيل :
_ لا تغرنكِ لطافه فاليريو ، انتِ لا تعلمين عنه شيئ .
قبضتُ حاجباي و انا أضيق عيني أثر حديثه :
_ ماذا تقصد ؟
استدار و توجه ناحيه الباب بينما لا زلت انظر صوبه :
_ فقط تذكري كلامي جيدا .
ثم أغلق الباب و رحل ، تقدمت آيلا لتقف أمامي ثم أمسكت يداي تضغط عليهما برفق :
_ أرجوكِ راسيل أرجوكِ أرجوكِ ، دعينا نذهب للعمل في تلك الشركه و دعكِ من فاليريو هذا .
_ ما الذي حل بكِ ؟ ألا تتذكرين ؟ لقد كنا نحلم باليوم الذي سنعمل به في تلك الشركه ، و الآن تريدين تركها ؟
تركت آيلا يدي بعصبيه ثم أخذت تصيح بوجهي :
_ نعم أريد تركها ، أريد تركها بسبب الأشياء الغريبه التي آراها هناك .
رفعت حاجباي بـ استنكار و انا اسألها :
_ أي اشياء تلك ؟
_ ألا ترين ؟ ألا ترين الأسلحه الموضوع بـ شكل واضح في مكتب كلا من فاليريو و إيريك ؟ لا يذهبون لأي مكان دون أن يكون بحوزتهم أسلحه دائما ، حتي ليله أمس عندما كنتُ مع إيريك ، رأيت في سيارته العديد من الأسلحه التي يضعها في كل مكان بالسياره ولا يهتم حتي أن يخفيها عن الأعين ، دعكِ من هذا ، ألا ترين كم سيارات الحرس التي تسير وراء كل واحد منهم ؟ ، فاليريو وحده يسيره خلفه علي الأقل ثلاث سيارات ، و لما كل هؤلاء الحرس ان كانوا مجرد رجال أعمال عاديين ؟ حسنا لـ نعتبر أن كل هذا طبيعي مع أنه ليس كذلك ، ألا تشعرين بتلك الحركات الغريبه التي تحدث بالشركه في معظم الوقت ؟ فجأه نجد رجال ضخام البنيه يدخلون الي الشركه و الجميع يقف لهم بإحترام شديد ، و من يكونوا هؤلاء ؟ لا أحد يعلم ، و منذ يومين فقط أتي للشركه مجموعه كبيره من الرجال و كانو جميعهم ملثمين بـ أقنعه سوداء عدا زعيمهم ، ألم يبعث مظهرهم القلق بداخلك ؟ هل كل هذا طبيعي بالنسبه إليكِ ؟ هل من الطبيعي سماع الموظفين يتحدثون عن مديرهم السيد فاليريو العظيم بـ أنه قام بقتل والده ؟ و آخرين يقولون أنه قاتل بالأساس ، و لما سأكذب هذا ؟ لقد رأيته بعيناي يقتل الرجال في اليونان دون أدني شفقه ، و استطاع خداعك ببساطه بأن هذا شيئ عادي و انه أصابهم بطلقات خفيفه لا تؤدي لموتهم ، ذلك الكلام لا يدخل الي عقل طفل في الخامسه من عمره ، لقد رأيته بـ عيناي يطلق رصاصته مباشره في رأس الرجل ليمُت علي الفور ، و لكنكِ تضعين عصابه عينين علي عينيكِ و يداكِ الاثنان علي أذنيك ترفضين تصديق ما تراه عينيك أو تسمعه أذنيك فقط لأنكِ ترين أميركِ الوسيم فاليريو في أحلامكِ ، فـ لا تبتعدين عنه و عن غموضه ولا تذهبين لذلك اللعين لتخبريه بالحقيقه ، انتِ فقط تحبين كونكِ عالقه فـ المنتصف ، و لكن الخطأ كان خطأي من البدايه لأنني وافقتك علي العمل معه و جاريتُكِ كي لا تحزني ، و لكن الي هنا و كفي ، فـ ان كنتِ ستعيشين في دور العمياء و البكماء لطيله حياتك فـ أنا لن أفعل .
_ ماذا تقصدي ؟
كان هذا كل ما صدر مني كـ رده فعل علي كلماتها التي كانت كـ السهام تخترقني ، كل كلمه كانت تقولها كانت و كأنها تصفني بـ المغفله ، و لم أقوي حتي علي نفي حديثها :
_ الآن لديكِ خياران ، اما ان نعود الي تركيا أو حتي نذهب للعمل بالشركه التي اقترحها علينا سام ، و اما تذهبي الي فاليريو و تخبريه بما تخفينه ، و ان كان لا يفهم حديثك و لا يدرك شيئ عن رؤياك سنذهب من هنا ، و ان كان يدرك أو حتي كان زيوس نفسه فـ سنذهب أيضا ، لا حاجه لنا للعمل مع قاتل .
_ و ان قُلت لا ؟
_ لن أجبركِ علي شيئ راسيل ، و لكن الآن أمامك طريقين ، ان تسيري معي أو تتركيني و تذهبي إليه .
_ لما تقارني نفسكِ به ؟
_ لأن هذا ما يجب أن يحدث ، لن أمنعكِ من اختياره ، و لكن وقتها أمحي صداقتنا من ذهنك ، لقد كنتُ معكِ طيله حياتكِ في الضراء قبل السراء ، و لكنني لن أوافقك علي هذا الشيئ .
نظرتُ للأرض أعيد التفكير في حديثها ، من جهه لدي رؤياي التي أراها منذ خلقت و وضعت الكثير من الآمال عليها حتي و بصعوبه وجدتُ بطل تلك الرؤي بعد أكثر من عشرين عاما ، و من جهه صديقه طفولتي التي شاركتني جميع تفاصيل حياتي دون أن تمل مني أبدا ، كلا الشيئين مهمين بالنسبه إلي ، و لكن ليس بـ أهميه صديقتي التي أعتبرها شقيقتي !
_ حسنا آيلا ، سأخبره أنني آراه قبل حتي أن ألقاه .
_ جيد ، لنضع حدا لهذا .

-

ظل مبحلقا بها بلا معني و لم يستوعب جملتها ، بينما هي أنزلت رأسها للأسفل خائفه حتي من النظر في عينيه ، و لكن فاجئها عندما خرج صوته هادئا :
_ متي علمتِ بالأمر ؟
رفعت رأسها تنظر له و لم تجد أي علامه تدل علي غضبه ، بدأ الأمل يتسلل الي نفسها معتقده انه قبل بالأمر و لن يعترض :
_ علمتُ قبل أن نأتي إلي إيطاليا بـ أسبوعين ، أي منذ حوالي شهر و نصف .
_ و ماذا حدث بعدها ؟
صمتت تفكر هل تخبره أم لا ، فـ حتي و ان كان يبدو هادئا لا يتأثر بـ حديثها فـ هي تعلم أنه مجنون ، تعلم أنه قاتل يقتل بلا ضمير و بـ هدوء تام ، اذا لن تعتمد علي تعابير وجهه و كأنها رده فعل علي ذلك الموقف ، لذا لم تعرف حتي ما هو الرد المناسب الذي يجب أن تجيب به :
_ إيليت صدقيني الكذب لن يخدمكِ خاصه في هذا الموقف ، بـ مكالمه واحده سأعرف ما الذي تخفينه عني ، و لكنني أفضل معرفه الحقيقه منكِ .
لا مفر ، هو محق فـ بمكالمه واحده سيستطيع معرفه كل شيئ كما قال ، اخذت نفسٍ عميق و قد قررت إخباره بما تخفي لعله يشفع لها :
_ ذهبتُ للطبيب و قمتُ بعمل الفحوصات اللازمه ثم أكتشفتُ أنني حامل ، كنتُ ضائعه لا اعرف ما الذي ينبغي علي فعله ، فكرت في أن أقوم بـ اجهاضه لأنني كنتُ أدري أنك لن تكون سعيدا ان علمت أنني حامل ، و بـ نفس الوقت لم أكن مستعده أنا أيضا لـ شيئ كـ هذا خاصه .. خاصه بسبب المشاكل المتكرره التي تحدث بيننا .
ضيق عينيه بتوجس و كأنه يختبرها :
_ و هل أجهضتِ الطفل ؟
_ لا لم أجهضه ، فكرت كثيرا بـ الأمر و أدركتُ أن تلك روح بريئه و ليس لها ذنب فيما يحدث .
أومئ برأسه و كأنه يتفهم حديثها ، ثم مد يديه ببطئ يخلع حزامه ، ارتفعت أنفاسها و هي تري يديه التي تخلع الحزام ببطئ شديد و كأنه يلعب علي أوتار أعصابها ، ابتلعت ريقها بـ صعوبه و هي تشعر بـ ان قلبها سيخترق جسدها :
_ ما .. ما الذي تفعله ؟
_ لم يكن عليكِ فعل هذا .
ابتعدت عده خطوات للخلف و قد بدأت في البكاء لا تعرف لما يلقي اللوم عليها :
_ و ما ذنبي ؟ لم أكن أريد أن أحمل بذلك الطفل !
أخذ يقترب منها و هو يلف مقدمه الحزام علي قبضه يديه و عيناه معلقه علي عينيها :
_ كان يجب عليكِ أن تخبريني ، القرار ليس قراركِ وحدك !
_ أقسم أنني كنت سأخبرك ، و لكنني قررت أن أنت..
قطعت حديثها و هي تصرخ بـ صوت عالي عندما هوي بالحزام علي جسدها ، هذه المره صرخ بها هو بعصبيه و هو يقترب منها أكثر :
_ من أنتِ حتي تقرري ؟ ماذا تظنين نفسكِ ؟
هوي بالحزام مره أخري علي جسدها فـ سقطت و لم تقوي قدميها علي حملها :
_ لقد وعدتني أنك لن تؤذيني !
سحبها من شعرها ثم قام بـ صفعها حتي خرجت الدماء من شفتيها :
_ نعم لقد وعدتكِ ، و لكنني لم أعد الطفل الراقد داخل أحشائك بـ شيئ .
ثم ترك وجهها و وقف علي قدميه مره أخري و أخذ يهوي بالحزام في مناطق متفرقه علي جسدها ، تفادت احدي الصفعات التي كانت موجهه صوب معدتها ثم زحفت بسرعه لتمسك قدميه و هي تتوسله بـ انهيار :
_ ارجوك لا تفعل بي هكذا ، ان كنت تريدني أن أتخلص من الطفل سأفعل هذا ولكن أرجوك أتركني .
رفع قدمه الأخري ثم دفعها بـ نعل حذائه يبعدها عنه ، أخذ يسدد لها الصفعات بالحزام و بـ قدمه اليسري يركلها علي التوالي ، أخذ يصرخ بها غير عابئا بـ توسلاتها :
_ لما تصرين علي جعلي أعاملكِ هكذا ؟ لما تحبين جلب الإهانه لـ نفسك ؟ لقد دللتُكِ أكثر مما ينبغي ، دائما ما تستغلين حبي لكِ و تحاولين التمرد علي ، أنا من أنقذتكِ من يد فاليريو الذي كان سيقوم بالتخلص منكِ في أقرب فرصه ، و بدلا من أن تشكرينني لا زال قلبك معلق به ، لا زال قلبك معلق بـ حبال ذائبه لعينه ، أكان من السهل علي أن أسمعكِ تبكين كل ليله في غرفتكِ و أنتِ تصرخين بـ اسمه من شده شوقكِ له ؟ هل كان من الهين بالنسبه إلي أن تخطأي و تناديني بـ اسمه بدلا من اسمي ؟ لقد فعلتُ كل شيئ من أجلك حتي عندما كنا مراهقين ، اعتدتُ أن أبين لكِ أنني أحبكِ للغايه و لكنكِ كنتي تضحكين و تسخرين مني و كأنني طفل صغير أمامكِ ، عندما كنا صغار فضلتِ فاليريو و اخترتهِ علي ، و الآن تفضلينه أيضا علي ، و لكن ليس أمامكِ خيار سواي .
بعد فتره من الجلد و الكلمات البذيئه التي كانت تنهش روحها و تؤلمها أكثر حتي من ألم الكدمات علي جسدها ، فقدت وعيها و كأنها سأمت البكاء و التوسل دوت فائده ، و عندما لاحظ هو فقدانها لوعيها ظن أنها تدعي ذلك حتي يتركها ، و لكن عندما زاد من حده صفعاته خاصه علي معدتها مدركا هدفه جيدا و لم يري أي تأثر علي وجهها أدرك أنها فقدت وعيها بالفعل ، ألقي الحزام من يديه و هو ينظر الي ملابسها التي تمزقت بسبب قوه صفعات الحزام ،  و جسدها الذي أصبح كـ لوحه ألوان مصطبغه بلوني الأزرق و البنفسجي فقط بالأضافه للدماء التي تسربت من ذراعها بخفه .
_ ساقطه لعينه .
تفوه بها قبل أن يفتح إيدن باب الغرفه ببطئ و قد عاد للمنزل منذ دقيقتين و دوي الي مسمعه صوت الصفعات المتتاليه ، نظر لجسد شقيقته المتكومه علي الأرض كـ جثه متعفنه ، لم يرف له جفن بل كان يشعر بالتشفي ، فـ هي السبب في الجرح الطفيف الذي سببته له لكمه آريان ليله أمس ، حك رأسه بتفكير و هو يري حاله آريان المزريه و شقيقته التي ماتت تقريبا :
_ هل يجب أن أتصل بالإسعاف ؟
خرج صوت إيدن باردا غير مباليا حتي بما يحدث حوله ، هز آريان رأسه موافقا علي حديثه و هو يري الدماء التي بدأت تتسرب من أعلي فخذيها لتنحدر علي قدميها و قد أدرك أنه وصل لمبتغاه ، في خلال الفتره التي ابتعد فيها آريان عن فاليريو و عاش في إيطاليا قام بـ سفك الكثير من الأرواح دون أن يشعر بـ أي ذنب ، و اليوم قتل طفله الوحيد و هو يشعر بالرضا بداخله ، و ربما ليس طفله فقط من مات !

-

أسدلت الشمس خيوطها الذهبيه علي أمواج البحر الهادئه الذي بيبعث رياحه ملطفاً للأجواء ، كان كل شيئ يبعث الراحه بدايه من الرمال الذهبيه و حتي السُحب البيضاء التي تُزين السماء ، مظهر واحد فقط كان يبعث القلق و الإضطراب ، السيارات السوداء السبعه التي كانت ترتص فوق الرمال و بجانب كل سياره أربعه رجال ، خرج الرجل الذي صف سيارته خلف السياره الأماميه ثم ركض للسياره التي كانت تقف للمقدمه ليفتح الباب للسائق و كذلك فعل رجل آخر خرج من نفس السياره ليفتح الباب المجاور لباب السائق ، ترجل كلا الرجلان من السياره معا ليغلقا الحارسين ابواب السياره و يسيروا خلفهم تاركين بقيه الحرس في الخارج .
سار الرجل الذي كان يجلس في مقعد السائق و معطفه الأسود الطويل يتطاير خلفه فاردا عضلات ذراعيه بأريحيه ، جميعهم كانوا يرتدون اللون الأسود عدا ذلك كان أشدهم سودا ، حذائه الجلدي الأسود و بنطاله الأسود و كذلك لون المعطف ، رفع يديه يعدل من وضعيه نظاراته الشمسيه التي تخفي ورائها عينيه الخضراوتان التي تنافس لون أشجار النخيل التي تحطيهم ، و بيده اليمني قام بتظبيط القفاز الجلدي الذي يضعه في كلتا يداه ، انزل يديه لتتعامد الشمس علي كف يديه الأيسر لتستطيع ملاحظه تلك الرسمه الصغيره الموضوعه في نهايه القفاز ، و اذا دققت النظر في تلك الرسمه الصغيره المنقوشه بالفضه ستجد أنها عباره عن حرفين متداخلين في بعضهما ، و ان دققت أكثر و أكثر ، ستجد أنهما حرفا الـ " V " و الـ " Z " ، حرفين من اسمين مختلفين و لكنهما يعودان لـ نفس الشخص ،  " V " نسبةً الي فاليريو ، و الـ " Z " تعود الي زيوس .
تقدم إيريك ليسير بجانب فاليريو و هو ينظر للشمس التي سُلطت علي وجهه باعثه حرارتها في وجهه :
_ علي ماذا تنوي ؟ ماذا ستفعل معه ؟
تقدم إحدي الحرس ليفتح باب المخزن الحديدي الكبير الذي و برغم موقعه الخرافي الا ان مظهره الخارجي يبعث الكئابه في النفوس ، أجاب فاليريو و هو يرفع نظارته يضعها أعلي شعره الفحمي :
_ مصيره سيكون علي حسب إجابته .
ابتسم إيريك كاشفا عن أسنانه البيضاء و هم يتقدمون لداخل المخزن :
_ أكثر شيئ أحبه بكَ أنك لا تفرض قرارك علي أحد ، و انما تترك كل شخص يحدد مصيره بنفسه ، كم انتَ رحيم !
تخطو عده غرف و هم يسيرون في الممر الطويل ، اعاد فاليريو خصلات شعره للخلف و هو يجيب إيريك بنفاذ صبر :
_ سأتنازل عن رحمتي المفرطه و لن أدع لك الفرصه لتفكر حتي ما هو المصير المناسب لكَ ان لم تضع لسانك داخل فمك .
رفع إيريك كتفيه للأعلي بإستياء و هو يسأله :
_ و ما الخطأ الذي فعلته الآن ؟
تجاهله فاليريو و هو يدخل للغرفه الأخيره بعدما فتحها له الحارس ، أدار نظره في الغرفه ليجد رجل يجلس في زاويه الغرفه و هو مكبل من قدميه و يديه بالأصفاد ، كان نائما غير واعيا بما يحدث حوله ولا حتي بدخول فاليريو و الرجال ، ركض احدي الحراس محضرا كرسيين واحد لـ فاليريو و الآخر لـ إيريك ، خلع فاليريو معطفه و أخذه منه الحارس ثم جلس علي الكرسي و كذلك إيريك ، أشار إيريك للحارس ليومئ علي الفور و قد فهم مقصده ، أخذ الحارس دلو كبير ممتلئ بالمياه البارده ثم ألقاها فوق الرجل الذي كان نائما ليستيقظ علي الفور و هو يشهق بقوه بسبب برود المياه التي انسكبت علي جسده الساخن ، سحبه الحارس ثم أجلسه علي كرسي أمام فاليريو و قام بتثبيت كلتا يداه خلف ظهر الكرسي و قدماه في الكرسي من الأسفل ، أسدل الرجل رأسه للأسفل لا يقوي حتي علي رفعها ، ليذهب الحارس و يرفعه من شعره لأعلي بقوه ليصرخ متألما ، نظر فاليريو لوجهه الممتلئ بالدماء و الكدمات بالإضافه لخيط الدم الذي بدأ يسيل من أنفه ، صرخ الرجل و دموعه تنزل علي وجنتيه من شده الألم غير مباليا بـ كبريائه كـ رجل :
_ اتركوني أرجوكم ، أقسم أنني سأموت دعوني ارحل !
و كـ العاده لا يتأثر فاليريو بـ صراخ و عويل أي شخص أمامه بل أخذ يحدق به ببرود تام واضعا قدمه اليسري فوق اليمني ، تحدث الرجل مره أخري :
_ ليس لي دخل فيما حدث ، أتركوني !
تحدث إيريك هذه المره و هو يتوق لقتله الآن :
_ هل تعلم و لأنك اردت أن تنتقم لشقيقك الخائن كنت ستقتل الزعيم ؟ هل كنت تتخيل أنك و رجالك الأغبياء جميعكم كنتم ستستطيعون فعل هذا حتي و ان كان بمفرده دون حراسه ؟
نفي الرجل برأسه و كأنه يزيح عن نفسه تهمه ما :
_ أي شقيق هذا الذي كنت أنتقم من أجله ؟ أنا لم أهتم بموت ذاك الغبي هينري ، صحيح نحنُ أشقاء لكنه كان اناني لا يهتم سوي بنفسه فقط .
ضيق إيريك عينيه محاولا ايجاد تفسير لمحاولته لقتل فاليريو :
_ ان لم تكن حاولت قتله لأجل شقيقك ، لما اذا كنت تود قتله ؟
_ قتله كان أمرا لي و لم استطع رفضه .
ابتسم فاليريو نصف ابتسامه ثم مال للأمام ليستند علي ركبتيه ثم تحدث :
_ و هذا ما كنت أريد سماعه بالظبط ، من اعطاك الأوامر ؟
_ لا أعلم .
ضحك إيريك بإستهزاء ثم نهض ليقف أمام الرجل تماما ، و قبل أن يرفع حتي الرجل نظره إليه قام بـ لكمه ليصرخ الرجل بقوه و هو يشعر و كأن أنفه تحطم أثر تلك اللكمه ، أمسك إيريك بفكه و هو يصيح بوجهه :
_ هل تظن نفسك تحادث أطفال ؟ يعطيك الرجل اوامر ولا تعرف من هو ؟
_ أقسم أنني لا أكذب ، لم يكن هو من يعطيني الأوامر بل كان أحد مساعديه .
تحدث فاليريو و هو يحاول تهدئه إيريك قليلا :
_ عيبٌ عليك يا إيريك ، لا تتعامل مع الرجل هكذا ، اجلس و أعدك أنه سيخبرنا الحقيقه بـ هدوء .
جلس إيريك و هو يعلم ان فاليريو يسخر منه ، و لكن فكره ان ذلك الغبي كان يفكر مجرد تفكير في قتل صديقه و شقيقه تقوده للجنون ، وقف فاليريو يبحث في جيبه الخلفي عن سلاحه ، أخرجه و هو ينظر اليه بحيره ليسحب زر الأمان و يطلق رصاصه علي حين غره علي قدم الرجل ليصرخ صرخه ارتجت لأرجائها المكان ثم عاد ليجلس بهدوء و كأنه لم يفعل أي شيئ للتو ، سأل فاليريو الرجل و هو يربت علي ظهر إيريك بسخريه :
_ فكرني ماذا كان اسمك ؟
نظم الرجل أنفاسه و هو يشعر أنها تنسحب منه :
_ أليخ .. أليخاندرو .
_ حسنا أليخاندرو دعني ننهي تلك المحادثه سريعا لأن ذلك المسدس الموضوع في جيبي الأيسر اختنقت الرصاصات الموضوعه به و تود التحرر الآن ، ليس المسدس الذي أطلقت به النار علي قدمك و انما واحداً آخر ، و من جهه أخري إيريك ترك عقله و انسانيته عند باب المخزن قبل أن ندخل ، و جميع الرجال الواقفين حولي صحيح أنهم رهن اشارتي ، و لكنهم يقفون الآن كـ الكلاب الجائعه ، و لا يوجد قطعه لحم قد تملئ معدتهم سواك ، و صدقني هذا ليس من مصلحتك .
كان إيريك يجلس مبتسما و هو يري أثر اهانه فاليريو للحراس علي وجوههم ، و لكن لم يجرؤ أحدا منهم عن اظهار غضبه ، بل كانو يضعون وجوههم في الأرض محاولين اخفاء الضيق علي وجوههم .
ابتلع أليخاندرو ريقه و ادرك ان الحل الوحيد هو ان يعترف بالحقيقه :
_ لقد كان الرجل الذي يوصل إلي الأوامر هو احدي حرس الزعيم ، لا اعرف اي شيئ عن المافيا خاصته ، و لكن كل ما كنت أعرفه أنه رجل كبير في السن و يساعده رجل أخر أصغر منه ربما في مثل عمرك او أصغر بقليل .
فكر فاليريو قليلا يحاول ربط الخيوط داخل رأسه حتي اعاد سؤال الرجل مره أخري :
_ ماذا تعرف عنهم ايضا ؟
_ ليس الكثير ، كل ما اعرفه أن تلك العصابه الصغيره تكونت من أجلك لأنك هدفهم ، أيضا منظومتهم سريه لذا لا أعرف شيئ عن الزعيم أو مساعده .
_ لا تستعجل ، فكر قليلا ، حاول تذكر أي شيئ آخر مهما كانت أهميته .
صمت الرجل يفكر قليلا يحاول تذكر أي شيئ من الممكن أن يساعدهم لكي يستطيع الفرار منهم ، زفر باستسلام بعد مده طويله و قد تمكن منه اليأس :
_ لم استطع تذكر شيئ ، كل ما سمعته من الحراس أن مساعد الزعيم شاب في نهايه العشرينات او بدايه الثلاثينات ربما ، و لديه اسمين مختلفين و كذلك جنستين مختلفين ، و لا أعتقد ان ذلك سيفيدك بـ شيئ .
أعاد فاليريو ظهره للخلف و قد تأكد أخيرا من شكوكه حول ذلك الشخص ، وقف يستعد للرحيل ليقف معه إيريك ثم ارتدي معطفه مره أخري ، و قبل أن يخرج من الغرفه أوقفه سؤال أحد رجاله :
_ سيدي ، ماذا سنفعل مع ذلك الرجل ؟
توقف فاليريو ينظر الي الرجل ثم رفع كتفيه بلا مبالاه :
_ اقتلوه بالطريقه التي تحبونها .
فتح الرجال عينيهم بشهوه و كأنهم وجودوا فريستهم ، و قبل أن يهم فاليريو بالخروج صرخ أليخاندرو مره أخري يحاول جذب انتباهه :
_ انتظر انتظر ، هناك شيئ آخر أريد أن أخبرك به .
وقف فاليريو بنفاذ صبر يستمع له ، نظر أليخاندرو للرجال حوله بخوف ثم نقل بصره لـ فاليريو :
_ لم تكن أنت المقصود .
رفع فاليريو حاجبه الأيمن بـ عدم فهم فـ أدرك أليخاندرو أنه لم يفهمه لذا هم بالحديث :
_ ان اخبرتك ستتركني أرحل ؟
_ سيكون ذلك علي حسب الشيئ الذي ستخبرني به .
التمعت عيناي أليخاندرو و قد ظن انه ان أخبره هذا الشيئ سيتركه بل و ربما يعينه من أحد رجاله :
_ لم يكونوا يريدوا قتلك أنتَ ، كانوا يريدونها هي .
نظر له فاليريو بملل و قد أدرك ما يرمي إليه ، لذا نظر لكبير الحراس و هو يقول :
_ لا اعرف ما هي خطتكم في قتله و لكن دعوني أضيف عليها تعديلا صغيرا ، اريد أن تحرقونه حياً حتي تأكل النيران جسده .
_ أمرك سيدي .
خرج كلا من فاليريو و إيريك تاركين جميع الحرس مع أليخاندرو غير مباليان بـ صراخه المتوسل ، سأل إيريك فاليريو الذي كان ينظر في ساعته :
_ لقد كان يقصد راسيل صحيح ؟
_ و من سواها ؟
علم كلاهما أن أليخاندرو كان يقصد أنهم كانوا يريدون قتل راسيل لا فاليريو ، و لكن ما لم يفهمه إيريك هو رده فعل فاليريو البارده الذي كان يبدو و كأنه لم يهتم بحديثه ، و لم يفهم أيضا من هو مساعد الزعيم الذي عرفه فاليريو ببساطه دون ذكر اسمه حتي ، هم إيريك يطرح عليه الاسئله التي تدور في عقله و لكنه توقف فجأه عندما وضع فاليريو يده علي صدره يمنعه عن التقدم ثم وضع سبابته علي شفتيه يطلب منه عدم الحديث ، صمت إيريك بدهشه و هو يضع يديه علي مسدسه الموضوع في جيبه بتلقائيه يستعد لإخراجه في أي لحظه ، وقف خلف فاليريو الذي كان يتواري خلف باب المخزن الكبير ، فهم إيريك ان فاليريو كان يستمع الي الحارسان الذين يتحدثون امام الباب غير مدركين بوقوف فاليريو و إيريك خلفهم :
_ صدقني هو ليس له أيه أهميه ، يتصرف و كأنه زعمينا بينما زعيمنا الحقيقي هو السيد فاليريو .
صمت صديقه و كأنه يفكر في كلامه حتي تحدث بعد برهه :
_ و لكنني اعتقد أنه مهم للغايه في المافيا ، فـ هو صديق السيد فاليريو منذ زمن بعيد ، و أعتقد أنه لا يمانع في أن يشاركه الزعامه .
ضحك الرجل الآخر بـ استخفاف ثم قال :
_ يشاركه الزعامه ؟ من ؟ ذلك المهرج إيريك ؟ انا واثق من أن السيد يبقيه معه دائما لأنه صديقه ليس أكثر ، عدا ذلك فـ هو لا يمكنه أن يتولي الزعامه معه ، المافيا خاصه لا يمكن أن يترأسها أكثر من شخص .
هزر الرجل الآخر رأسه بعدم اكتراث و هو يشعل سيجارته :
_ و ما ادراني ، انت تعمل معهم من قبلي .
_ أمثال إيريك هم من يحاولون الحصول علي السلطه عن طريق التقرب من صاحب السلطه نفسها ، تراه دائما يتفاخر بجسده المليئ بالعضلات و طوله الفارع فـ يبدو لك كـ رجل ثلاثيني ناضج بحق ، الا ان عقله لم يتجاوز الخامسه ، عن نفسي لا القي اي بالا لأوامره ولا تهمني من الأساس ، من المفترض أن أكون انا مساعد الزعيم و ليس هو ، انا أعمل في المافيا منذ زمن طويل و بالنهايه أُعامل مثل باقي الحرس و ربما لا يدري حتي السيد بوجودي ، انا من يجب ان يحل محل ذلك اللعين صاحب الأسنان الصفراء .
فتح إيريك عيناه علي مصراعيها بينما فاليريو ينظر اليه يدعوه الا يتسرع في تصرفه حد ، و لكن فاجئه إيريك و هو يهمس له بغضب :
_ أنا ؟ أنا أسناني صفراء ؟ يا رجل أنا لدي ابتسامه سينيمائيه ، كيف يتجرء ذلك القذر بنعتي بصاحب الأسنان الصفراء !
مسح فاليريو علي وجهه يحاول تهدئه نفسه قبل أن يقتل إيريك ، فـ هو تجاهل كل الكلام المهين الذي قاله الرجل في حقه و ما أغضبه أنه قال عن اسنانه صفراء ، أشار اليه فاليريو بسبابته يهمس بخفوت :
_ اياك و فعل أي شيئ غبي .
ثم خرج من المخزن و خلفه إيريك فـ اعتدل الحارسان في وقفتهما سريعا ، ألقي فاليريو نظره خاطفه علي الرجل الذي كان يسب إيريك منذ قليل ، ثم أشار للرجلان ليتبعونه :
_ هيا سنرحل من هنا .
ثم سار هو و إيريك يتبعهما الرجلين متوجهين ناحيه السيارات ، كادا الرجلين يدخلا للسياره الخاصه بهم و لكن أوقفهم فاليريو لينظر جميع الحرس اليهم بـ استغراب ، اشار فاليريو للرجل الذي كان يتحدث عنهم ليأمره بالتقدم منه ، تقدم الرجل بخطي متعثره ليقف أمامه تماما و هو يضع رأسه أرضا ، رفع فاليريو رأسه ينظر للسماء و هو ينظم انفاسه قائلا للرجل : 
_ أتري تلك الصخور البيضاء ؟
نظر الرجل للصخور البيضاء المترميه حول الشاطئ ، أومئ برأسه و هو يقول بأدب :
_ نعم سيدي اراها بالطبع .
_ و ما رأيك بلونها ؟
توتر الرجل يخاف أن يجيب إجابه لا تروق فاليريو ، و بنفس الوقت هو لا يدري ما الذي يرمي اليه :
_ انها .. انها ناصعه البياض .
هز فاليريو رأسه يؤكد حديث الرجل : 
_ نعم انها بيضاء للغايه .
ثم مد يديه في معطف إيريك يخرج سلاحه منه ثم صوبه ناحيه الرجل :
_ و لكنها ليست أنصع من أسنان إيريك .
ثم أطلق رصاصته لتستقر في منتصف جبين الرجل و يسقط صريعا علي الفور ، توتر الرجل الآخر الذي كان يقف برفقته و قد أدرك أن فاليريو سمع حديثهم ، أدار فاليريو رأسه الي إيريك يسأله :
_ هل أنت مرضي الآن ؟
وضع إيريك يداه في جيوب معطفه ليبتسم و هو يتعمد إظهار اسنانه :
_ نوعا ما .
اعطاه فاليريو مسدسه ثم تحدث بصوت عالي ليسمعه جميع رجاله :
_ تلك المنظومه يديرها اثنين ، انا و إيريك ، كلانا زعيمان و ما نقوله أمر لا يناقش ، سواء أنا أو إيريك أوامرنا جميعها مطاعه تأخذونها و ما عليكم سوي قول سمعا و طاعه ، و من يتجرأ و يحاول أن يقلل من أحدنا سيكون ذلك مصيره ، هل من معترض ؟
نفوا الرجال برؤوسهم ليتحدث كبير الحرس الذي يكن باحترام كبير لـ فاليريو :
_ جميعنا تحت رهن إشارتك أو إشاره السيد إيريك .
_ جيد .
ثم فتح باب السياره و هو ينظر للرجل الذي كان يقف مستمعا لحديث صديقه الذي ألقي مصرعه منذ دقيقه ، لذا ركب الرجل سيارته متحاشيا نظرات فاليريو .
سارت السيارات مبتعده عائده لمقرها الأساسي ، سأل إيريك فاليريو و لم يعد يتحمل الجلوس صامتا :
_ لما أمرت بقتل الرجل و قد أخبرك أنهم كانوا يريدون راسيل ؟
ادار فاليريو مقود السياره و بيده الأخري يشعل سيجارته :
_ أتدري من أكثر شخص أكرهه في الحياه ؟
_ من يا زعيم ؟
_ الشخص الذي يحاول خداعي و الاستخفاف بعقلي .
نظر إيريك من نافذه السياره و هو يشعل سيجارته هو الآخر :
_ و بماذا حاول خداعك ؟
_ راسيل لم تكن المستهدفه ، أنا المقصود .
_ و لما انت واثق هكذا ؟
لم يجيبه فاليريو و هو ينظر أمامه للطريق ، انتقل إيريك لسؤاله الثاني علي الفور :
_ من هو ذلك الراجل صاحب الهويتين الذي يساعد الزعيم ؟
_ آريان .

-

كانت تجلس في مكتبها شارده في كلمات آيلا تفكر كيف ستخبره بالحقيقه ، كانت ستأخذ قرار بأن تنسحب بهدوء من حياته دون أن تواجهه و كأنها حتي لم تراه ، و لكن استوقفتها الأدويه التي كانت موضوعه في حقيبتها ، تلك الأدويه النفسيه التي أصبحت جزء اساسي من يومها ، و ما السبب الذي دفعها لأخذ تلك الادويه ؟ الرؤي التي اتهمها الجميع بالجنون بسببها حتي والدها ، تتذكر عندما أخبرت احدي صديقاتها في طفولتها لتفشي بسرها و تخبر جميع صديقاتها الأخريات ، تتذكر كيف كانوا يضحكون عليها واصفينها بالمجنونه ، تذكرت انها تعلمت الرسم فقط لكي تستطيع رسم المشاهد التي تراها في احلامها ، لا تريد أن تنسي او تغفل عن اي شيئ ، ف مع مرور الوقت أصبح لديها المئات من اللوحات بتواريخ مختلفه ، لذا لن يمكنها تمرير وجوده بحياتها مرور الكرام ظنا بأنها ستتخطاه بسهوله .
أفاقت من شرودها علي صوت رساله اتتها علي هاتفها ، فتحت الهاتف لتجدها رساله من رقم مجهول ، ضيقت عيناها بشك و هي تقوم بتحميل الصوره التي ارسلها لها الرقم ، فتحت الصوره أخيرا لتُدهش مما رأت ، رجل مكبلا يجلس علي كرسي و يرفع رأسه لأعلي و كأنه يصرخ ، و علي الناحيه الأخري من الصوره تظهر يد لا يتبين منها شيئ سوي المسدس التي تحمله و تصوبه نحو قدم الرجل ، قربت الصوره أكثر لتري الساعه السوداء ذات العقارب الفضيه الموضوعه علي معصم اليد ، و في نهايه اليد ققاز جلدي أسود به نقشه غريبه لم تفهم منها سوي حرف الـ " Z " ، و لكن لم يتضح من هو صاحب اليد و كأن تم قص الجزء الذي يظهر به من الصوره ، لم تكن تفهم أي شيئ و لكن المكان كان يبدو أن حوائطه متعفنه بسبب الدماء الملتصقه بها ، لم تدري حتي ان كان المشهد حقيقي أم مشهد من فيلم ما ، أغلقت الهاتف سريعا و هي تضع كفها علي وجهها :
_ يا الله .. لم اعد استطيع تحمل المزيد من المشاهد الدمويه !
أخرجت سماعتها السلكيه ثم وصلتها بالهاتف لتبدأ بتشغيل الموسيقي ، التفتت بكرسيها موليه ظهرها للباب و قد قررت اخذ استراحه لمده قصيره من العمل ، و بمعني ادق استراحه من التفكير الذي سيقضي عليها !

-

فتحت حقيبتها تضع بها جميع الملفات التي ستحتاجها اثناء فتره تدريبها ، فقد اتفقت مع راسيل علي الاستمرار ليومين آخرين حالما تنتهي من أول مرحله من تدريبها ثم بعد ذلك سيغادرون الشركه .
تقدم أحد المتدربين منها يساعدها في لملمه اوراقها و هو يبتسم لها فـ ابتسمت هي الأخري تشكره ، تحدث الشاب حينما انتهوا من تجميع الأوراق :
_ لا تعلمي كم أنا سعيد بالعمل معكِ ، و بنفس الوقت لا ادري كيف لفتاه مجتهده مثلك ان تعمل كـ متدربه لا مدربه !
زمت آيلا شفتيها و هي تتذكر أن إيريك هو المذنب في تعيينها كـ متدربه ، صمتت قليلا تحاول تذكر اسم ذلك الشاب الذي يحادثها حتي رأت اسمه علي البطاقه التعريفيه المعلقه علي قميصه :
_ شكرا لك فيليب .
ارتدت حقيبتها و كانت تهم بالرحيل حتي امسك يدها يوقفها :
_ انتظري قليلا .
قلبت آيلا عيناها بملل ثم التفتت اليه لتراه يفتح هاتفه و يعبث به ، منذ ان بدأت بالعمل مع فريقها الذي كان يحتوي علي فيليب و هو لا يتركها و شأنها ، كلما رآها سار خلفها محاولا التحدث معها و جذب انتباهها ، اعطاها الهاتف و لا يزال محافظا علي ابتسامته :
_ اكتُبي رقمكِ هنا .
رفعت احدي حاجبيها تنظر له بتساؤل :
_ لما ؟
_ سنذهب اليوم الي احدي النوادي و نقضي بعض الوقت هناك ، و بما انك ضمن الفريق فـ يجب ان تكوني معنا .
ابتسمت له ابتسامه حاولت جعلها ودوده قدر الامكان :
_ شكرا لك ، و لكن لدي مواعيد اليوم و لا استطيع التخلف عنها .
ثم التفتت لتغادر و لكن تلك المره سحبها من يدها بقوه ناحيته حتي انها كادت تتعثر ، احاط خصرها بيديه يمنعها من السقوط حتي التفوا بسرعه ناحيه ذلك الصوت الرجولي القادم من ناحيه باب المكتب و الذي كان صوت إيريك الذي بهت و هو يري آيلا بين احضان فيليب تقرييا ، ابتعدت آيلا بسرعه عن فيليب ثم صفعته علي وجهه و هي تهتف به بغضب :
_ كيف تَجرأ علي لمسي هل جننت ؟
اشتعلت وجنتي فيليب بالغضب و هو يري إيريك يتقدم نحوه ضاغطا علي يديه و كأنه سيلكمه ، لذا تحدث بسرعه و هو يوجه حديثه الي آيلا :
_ ما الذي تتحدثين عنه ؟ انتِ من القيتِ نفسك علي !
فتحت آيلا عينيها علي مصراعيها و هي تضع سبابتها علي صدرها تسأله :
_ أنا ؟ أنا من ألقيت نفسي ؟
اومئ فيليب يؤكد حديثه :
_ نعم انتِ و تلك ليست أول مره ، منذ فتره طويله و انتِ تحاولين التقرب مني ، و كلما حاولت الابتعاد عنك تعودين لتلتصقين بي مره أخري .
هبطت دموعها و لم تعد تستطع تحمل تلك الاتهامات التي يوجهها اليها دون رحمه ، نظرت الي إيريك و كأنها تطلب منه أن يصدقها ، تحدثت بصوت مرتعش :
_ أقسم أنني لم أفعل ، هو من يحاول التقرب مني ، انا لم افعل شيئ حتي انني لم اكن اتذكر اسمه !
مسح إيريك دموعها و هو يومئ لها بهدوء :
_ إدري ، لستِ بحاجه للتبرير .
ثم التفت الي الشاب الذي كان يتابع ما يحدث بأعين فضوليه ، ثم و علي حين غره لكمه علي وجهه لكمه افقدته توازنه ليقع أرضا ، جلس إيريك فوقه و هو يسدد له العديد من اللكمات بينما فيليب يلكم الهواء محاولا أن تصل يديه الي اي جزء في وجه إيريك حتي ان آيلا ركضت تحاول ابعاده عنه هامسه له بكلمات مهدئه ، و لكنه لم يبتعد الا حين أتي الأمن يبعدونه برفق عن فيليب ثم ساعدوه علي النهوض ليقول إيريك بصوت عالٍ :
_ القوه علي الطريق خارج الشركه عل سياره ما تأتي و تدعسه ، و ان لم تأتي سياره و تدعسه يمكنكم استخدام سيارتي .
اومئ الرجال له ثم أخذوا فيليب و غادرو المكتب ، التفتت آيلا تنظر لوجه إيريك بتفحص :
_ شفاهك تنزف ، هل انت بخير ؟
وضع إيريك يديه علي جرحه يتلمس الدماء التي تخرج منها :
_ نع .. لا لستُ بخير .
ثم سقط علي الكرسي خلفه بدراميه و هو يضع كف يديه علي جبينه :
_ أشعر أنني سأموت لا أستطيع ، عالجي جرحي ارجوكِ انا انزف ، خذيني الي المشفي .
فركت آيلا يديها بتوتر و هي تذهب للبحث عن شيئ علي طاوله المكتب :
_ لا داعي للمكتب يمكنني معالجتك بنفسي .
ابتسم إيريك و قد ادرك أنه وصل الي ما اراد ، علي الأقل تحدثت معه لدقيقتين متواصلتين دون أن توجه له كيل من السباب ، أتت لتقف أمامه و بيدها زجاجه مياه بارده ، لم يكد يفتح فمه يسألها فيما ستحتاج المياه حتي فاجئته و هي تفرغ الزجاجه كامله فوق وجهه ، شهق و هو يبتعد عن الأريكه ينظر لملابسه المبتله بدهشه ، رفع عيناه ينظر اليها ليجدها لازالت تمسك بالزجاجه :
_ اتراني غبيه ؟ لم تمت عندما أُصبت بالرصاصه في فخذك عندما كنا في اليونان و ستموت هنا بسبب جرح شفتيك ؟
ابتسم و قد نسي المياه الغارق بها :
_ الا ترين أنني استحق مكافأه لانني كنتُ سأموت من أجلك ؟
القت الزجاجه الفارغه في وجهه و هي تحمل حقيبتها :
_ لم اكن انتظر مساعدتك .
ثم التفتت تغادر المكتب ليصيح بصوت عالي لكي يصل لها :
_ ليكن بعلمك الصفعه التي تلقيتها منكِ كانت اقوي من صفعتك لـ فيليب ، هل هذا عدل ؟
تجاهلته و علي وجهها ابتسامه واسعه ، و بشكل غريب قد راقها ما فعله اليوم و كيف لم يشكك بها ثانيه واحده .

-

طرقت السكرتيره الباب منتظره من فاليريو أن يعطيها الاذن بالدخول حتي أتاها صوته الأجش من الداخل ، دخلت ثم وضعت بعض الملفات التي طلبها أمامه فـ أخذها هو و بدأ يتفحصها بأعين دقيقه ، قاطعت السكرتيره تركيزه و هي تقول :
_ سيدي ، هناك امرأه بالخارج تريد مقابلتك الآن .
اجابها بـ عدم اكتراث و عينيه مثبته علي الملفات :
_ من تكون ؟
_ لا أدري ، لا تريد أن تعطيني أيه بيانات عنها .
_ اذا دعيها ترحل ، لستُ متفرغا لتلك التفاهات .
اومئت السكرتيره ثم خرجت من المكتب و هي تغلق الباب خلفها ، بعد حوالي دقيقه سمع فاليريو صوت ضجه بالخارج و كأن هناك امرأتان تتشاجران ، كاد يخرج ليري من الذين يتجرأون و يرفعون صوتهم هكذا ، و لكن قبل أن يخرج دخلت فتاه ترتدي ثياب غير مهندمه تضع قبعه علي رأسها و قناع طبي يخفي نصف وجهها السفلي و نظارات سوداء علي عينيها ليختفي وجهها بالكامل ، دخلت السكرتيره بسرعه ورائها و هي تحدق في الفتاه بغضب ثم حاولت ان تشرح لـ فاليريو :
_ سيدي لقد حاولت منعها من الدخول ، و لكنها اصرت علي أن تدخل .
اشار فاليريو للسكرتيره بـ ان ترحل فـ خرجت و أغلقت الباب خلفها ، نظر فاليريو للفتاه من أعلي رأسها حتي أخمد قدميها و كأنه يعاينها ، أسند ساعديه علي المكتب خلفه و هو ينظر للفتاه التي كانت تبدو و كـ أنها متسوله بسبب ملابسها المليئه بالأتربه ، عندما طال صمتها تحدث هو و كأنه مل وقوفها أمامه كـ تمثال :
_ أتعلمين من أكون ؟
هزت الفتاه رأسها بـ إيماءه بسيطه ، ثني فاليريو رأسه لليمين قليلا يحاول ألا يستخدم اساليبه العنيفه مع تلك الفتاه التي تبدو و كأنها قاصر بسبب جسدها الضئيل .
_ ماذا تريدي ؟
لم تجيبه بل أنزلت رأسها للأرض تعبث بأظافر يدها بـ ارتباك واضح ، لاحظ فاليريو الكدمات الزرقاء الموجوده علي كلا كفيها بـ عشوائيه ، لم يهتم بها أو حتي بـ توترها الملحوظ ، بدأ جسدها يرتجف و شهقات منخفضه تصدر من فمها ، تأفف فاليريو و هو يدير مقلتا عينيه و قد سأم وقفتها المريبه تلك :
_ ان لم تتحدثي الآن سأسمح للأمن بأن يلقونكِ في الشارع كـ الكلاب ، تحدثي يا لعينه ليس لدي وقت لكِ !
صرخ بـ جملته الأخيره بعدما لم يلاحظ منها رده فعل ، عادت الفتاه بخوف عده خطوات للخلف أثر صراخه ، حاولت تثبيت قدميها في الأرض و منع ذلك العرج من التمكن منها ، مدت يديها أعلي رأسها ثم خلعت القبعه التي كانت تخفي شعرها ، ثم و بيدها المرتجفه خلعت النظاره ثم تملهت قليلا ، فجأه تغيرت ملامح وجه فاليريو من غاضبه لأخري بلا معني ، خلعت الفتاه القناع الطبي و لكنها لم تكن بحاجه لخلعه حتي يتعرف عليها ، فـ قد علم هويتها منذ أن نظرت لـ عيناه الخضراء الغاضبه بـ عيناها الزرقاء المستسلمه ، القت القناع علي الأرض لتتحرر دموعها بخفه و قد ارتفعت شهقاتها شيئا فـ شيئا ، تحررت عقده لسانها أخيرا لـ تناديه بـ اسمه تدعوه لأن يرق لحالها ، لم يجيب ندائها له و لم تتغير تعبير وجهه التي لا توحي بـ شيئ و كأنك لا تستطيع توقع خطوته القادمه ، فُتح باب المكتب لـ يدخل إيريك فجأه و هو ينادي فاليريو و لكنه توقف عندما رآه يقف مبحلقا في الفتاه التي توليه ظهرها ، رفع إيريك حاجبيه يتسائل عن هويه الفتاه بحيره ، و لكن لم تدم تساؤلته طويلا عندما التفت له الفتاه تنظر له بعيناها الباكيه ، ليفتح عيناه فجأه و كأنه صُعق من رؤيه الفتاه :
_ إيليت !

-

Continue Reading

You'll Also Like

6.7K 601 27
رواية رومانسية ، بمشاعر حقيقية تداعب صميم قلبك ، ستأخذك حيث عالم آخر رفقة إيفا ، الفتاة الجميلة التي أُصيبت بلعنة الحب منذ طفولتها حين احترق منزلهم...
23.3K 1K 57
_ربما اذهب لوالدك وشقيقك العزيز واخبرهم بالعلاقة الجميلة التي بيننا رصيت على اسناني باحكام:عن أي علاقة تتحدث..كف عن التلاعب بالمواضيع وكن صريحا _حسنا...
21.7K 1.1K 27
وها هي حياتي تعودُ تعيسه لكن أكثر تعاسه منذِ قبل! أشعر بالضياع، كل شيء أنقلبَ رأساً على عقِب لا أعلم كيف سأتصرف مع هذه الحياه أصبحتُ لا أعلم هل الح...
1.1K 78 23
🎲𝐄 𝐔 𝐏 𝐇 𝐎 𝐑 𝐈 𝐀 أروٱحےـ🎲 ❈𝐑𝐚𝐰𝐚𝐚 𝐄𝐋 𝐅𝐢𝐥𝐥𝐚𝐥𝐢❈ •حـصـريـــا • ...