مِذياع توماس.✓

By Zpaintrogrammer

18.1K 2.5K 2.4K

مقدم برامج بالمذياع، كان لديه سر خاص يمكنه من قراءة الرسائل على نحو مميز، حيث يستطيع التعرف على ماضي الأشخاص... More

°•○● إهداء ●○•°
١-《حوار مع توماس》
٢-《صفعة ومعجزة》
٣-《خطوة 》
٤-《 سوء فهم》
٥_ 《قطع مفاجئ》
٦_ 《إشاعة كاذبة》
٧_《ضيف وسؤال》
٨- 《ذكرى لفقدان》
٩ - 《أوليفيا والسيدة ليلي》
١٠-《صداقات متناقضة》
١١ - 《المراهقة.》
١٢ - 《المراهقة》جزء ثان
١٣ - 《تخطي》
١٤_ 《أزواج متطابقة》
١٦ - 《عقدة وحل.》
١٧ - 《شاركيني》
١٨- 《أصدقاء ولكن...》
١٩- 《الانتقام، العفو وما بينهما》 - جزء أول.
٢٠- 《الانتقام، العفو وما بينهما》 - جزء ثاني.
٢١- 《الفارس والأميرة》
٢٢- 《وداعًا أيها العم》
٢٣ - 《خبايا الرسائل》
٢٤ -《 خبايا الرسائل 》جزء ثان.
٢٥- 《إحتفالات لبداية النهاية》
٢٦- 《وعد أم وداع؟》
٢٧ - 《عاصفة الألم》
٢٨- 《عشر سنين إلى الوراء》
٢٩-《الخاتمة》

١٥ _ 《نهاية الحفل الخيري》

461 81 115
By Zpaintrogrammer

انطلقت ضحكة مشرقة من توماس، عندما وجد أوليفيا تنتزع منه الأحذية التي جلبها، لكي تريح قدميها، فملامحها تحولت مائة وثمانين درجة، كانت منذ قليل تشبه القطة الوديعة، بينما الآن كأنها قط بري، كان صوت ضحكته قويا، مما جعلها تُحرَج من فعلتها لوهلة، ثم شكرت ويل بداخلها، لأنه كان سببا في انتشالها من هذا الموقف حيث أخبر توماس وأوليفيا أن يجلسوا إلى طاولة واحدة التي يجلس كيفن وإيميلي، ومن بعد اعتدالهم بجلستهم واستقرارهم على المقاعد جميعهم ووسط نظرات سخط إيميلي وأوليفيا، أردف:
- انتهز هذه الفرصة، لأخبركم أن السيدة شارلوت ستنضم إلى شركتنا.

فرمقتها أوليفيا وإيميلي بالوقت ذاته، ثم نظروا تجاه ويل شزرا، فتابع بخبث، قائلا:
- ولكن بالطبع ستكون تحت إمارة، أوليفيا.

ومن بعد أنهى عبارته، كانت أعين الجميع مصوبة تجاه أوليفيا، يتساءلون عن  رد فعلها؟ هل من المفترض أن تسعد بوجودها معها تحت إمرتها، أم تستاء لظهورها؟ ولكن لم تأخذ أوليفيا وقتاً طويلاً، لتحسم أمرها وتابعت بابتسامة، ومدت يديها للمصافحة، قائلة: 
- أهلا بكِ سيدة شارلوت... بالفريق، أتمنى أن تعملي بجد معي، فكلانا عرف الآخر لسنين، لذا لا داعي لرسميات أكثر، أليس كذلك؟!

ابتسمت شارلوت، تلك الابتسامة الباهتة الصفراء، كانت تحاول أن تتماسك أمام الشباب فأحدهم نجم ساطع قد تستفيد منه والآخر صاحب عملها والأخير، هو الشاب الذي أعجبت بمظهره، وسمعت عنه الكثير بمجال الإخراج الإذاعي، ولكن قناعها هذا لم يلبث إلا ثوان، حيث أردفت إيميلي، قائلة بسخرية واستفزاز:
- أتمنى أنكِ الآن، تعرفين قدرك جيدا، وأرجو أن تتعلمي هذه المرة، أن تكسبي شهرة لقاء ما قمت به، وليس ما قام به غيرك!. 

فنظر لها الجميع بدهشة إلا ويل، كانت نظرته مليئة بالإعجاب وكأنه وجد مثله الأعلى، ونبس بجانب أذن توماس وأردف: 
- ها هي فتاتي! أنظر كم هي حماسية مثلي تماما.

بينما كيفن الوحيد الذي مازال يحاول استيعاب ما يحدث، فشعر بهذه اللحظة، إنه خارج اللعبة، لذا ما لبث إلا أن قام بتبديل مقعده مع أوليفيا ليكون بين أذن الاثنتين، فنهضت شارلوت في حركة سريعة، حتى تكبح غضبها من الآنسات، بينما كان ويل وتوماس يراقبون ما يحدث، فكل منهم يريد أن يتعرف أكثر على علاقة كيفن بإيميلي وأوليفيا، وكل منهم يتمنى داخله أن تكون العلاقة بينهم، لا تتعد حدود الصداقة. 

 بدأت إيميلي بقص ما حدث لكيفن، ثم انفعل معها بينما أوليفيا كانت تضحك على ردود أفعالهم، تماما كما كان ثلاثتهم يفعلون قديما وكما تعود ثلاثتهم طوال صداقتهم، أيضًا.

ثم نظر ثلاثتهم إلى توماس، مما جعل توماس يدرك أن إيميلي تحكي ما بدر منه سابقا، إلى كيفن، فنظرت له وابتسمت وقالت: 
- أعتذر ولكنه صديقنا، لا تعتبره فرداً من الفريق... سيد توماس.

ابتسم له كيفن مؤكدا هو الآخر، أنه لن يتفوه بحرف خارج هذه الجلسة، ولكن توماس لم يتحمل، فقال بصوت مسموع، بغتة: 
- أوليفيا، ألا تريدين أن تتجهزي وتحضري خطابك؟! 

تذكرت أوليفيا، أن هذا ما كانت ستفعله قبل أن يحضرهم ويل، فقامت بالنهوض من مقعدها، وكانت ستسهو عن حذائها، فقام توماس بجلبه معه، فرمقه ويل تلك الابتسامة الخبيثة ونبس له:
- انظر، حاول أن تعرف منها أي شيء عنه، أي نقطة ضعف حتى! ها أنا أساعدك...

قاطعه  توماس بنبرة خافتة وساخرة: 
- لا أنت مخطئ هنا، لم تفعل شيئاً... ولكني عرفت نقطة ضعفه.

فقاطعه ويل بحماس، قائلًا: 
- ها؟ أكمل...

فقال توماس بنبرة ساخرة:
- بالطبع، أنك صاحب عمله.

ثم ابتعد وهو مسرع بخطواته عن ويل ليلحق بأوليفيا، والتي كانت تسير بسرعة فائقة هي الأخرى.

وصلت أوليفيا إلى عتبة الغرفة المخصصة،  فشعر توماس إنها متوترة قليلا، فهي تكره أن يقف أمامها الكثير من البشر بالفعل، وهي غير معتادة على أن تخطب أمام جمع من الناس، على عكسه هو، فقال وهي تقف على أعتاب الغرفة: 
- أوليفيا، ألا تريدين مساعدة من خبير؟!.

ابتسمت وأردفت: 
- حسنًا، أنا أشعر أن ضربات قلبي ترقع كالطبول، وأشعر ببرودة في يدي.... 

فهم توماس من عباراتها أنها مرحبة بمشاركته، لذا لم ينتظر منها أن تستمر في تبريراتها؛ ومن ثم جلسوا على أقرب منضدة، والتي كانت أمام مرآة عليها بعض من المسجلات المحمولة والقليل من حقائب مساحيق التجميل، كانت الغرفة أنوارها صفراء خافتة، تلك التي تريح الأعصاب، وتبعث على الاسترخاء، سألها بنبرة جادة وعميقة:
- حسناً، أخبريني هل حفظت الخطاب؟ أم ستقرأينه من الورق؟ 

فقالت أوليفيا: 
- لقد حفظته ولكني أخشى النسيان، فالوضع قد يكون جنونيا أمام جمع البشر وومضات الكاميرات...

فأردف توماس قائلا: 
- لا عليكِ، أعطيني الورق وأنا سأستمع إليكِ وقومي بإلقاء خُطَبتِك، دونه.

 أمسك بالورق، وأخذت تحمحم ثم بدأت بخطابها والذي كان معبرا كثيرا، حتى إن توماس، لاحظ لمعان أعين أوليفيا بسبب الدموع التي لاحت بنظرتها له وهي تتحدث أمامه، ثم أنتبه مجددا أنه لم يستطع رؤية أي شيء عن ماضيها، تمامًا كأول مرة، وعندما قالت أوليفيا جملة، "لم أكن أحب المذياع"، سألها توماس مباغتا:
- أخبريني ما سبب كرهك للإذاعة، يا أوليفيا؟

فنظرت له، وتوقفت الكلمات بحنجرتها، ولكنها لأول مرة شعرت أنها تريد أن تخبر أحدا عما في قلبها، لأول مرة تشعر بمقاومتها لكي تفصح عن شيء، فأجابته بعبارة واحدة: 
- إنه سري يا توماس... أعتذر بل يا سيد توماس.

ارتسمت على وجهه ابتسامة مشرقة، لا يعرف لما أحب أن يسمع اسمه دون تكلف، منها وأردف: 
- هل يمكنكِ التنازل عن الألقاب يا أوليفيا، هل لي أن أتخذك كصديقة أم سيكون هذا فعلاً وقح مني؟!.

ارتسمت ابتسامة على ثغرها، وأردفت بصوت هادئ: 
- حسنًا... أعتقد... أقصد...

انطلقت ضحكة قوية من توماس، فها هي مجددا، لا تريد أن تكون مباشرة في عدم رفضها، لذا انتهز هو، الفرصة مرة أخرى وأردف: 
- أعتقد أن أول خطوة هي أن ننادي بعضنا دون ألقاب أو تكلف.

هزت رأسها، إيماءة بالإيجاب وارتسمت على ثغرها ابتسامة، ولاح على وجهها الإحراج قليلًا، ثم أردف توماس، قائلًا: 
- ثم الخطوة التالية هي أن تخبريني بسر خاص بكِ وأنا أيضًا... كذلك.

عبارته جعلت عينيها ترتكز على عينيه دون إرادة منها، فكانت تتفرس عيناه في محاولة أن تتحرى ما يدور بدماغه، هل هو فقط مراوغ، هل هو علم بأمر رؤيتها لملامحه دون أي تشوش؟ أم هو فقط، يريد أن يعرف سبب كرهها للمذياع؟ مما جعل توماس هو الآخر، يحاول تحري صدق عيونها، هل هي تراه كما يشعر، ولكنه سريعا ما تناسى هذا الأمر، وشرع بالغرق بعينيها السوداء، كيف لعينيها أن تجعله يشعر بالدفء، ولكن يلازم هذا الدفء، ألم يجتح قلبه، هل لأن عينيها تشبه أعين والدته أم هناك سبب آخر، فكان الاثنان بوسط معركة، سيوفها هي عين كل منهما، كل منهم استل سيفه وهو ينتوي أن يخرج بأي فكرة عما يشعرون به، ثم قاطعهم طرق واحدة من فتيات فريق التنظيم، وهي تنبه أوليفيا بخطبتها، وجاءت فتاتان تلقي نظرة أخيرة على أوليفيا وليحافظوا على هندامها، قبل التصوير، فنهض توماس أولًا، من المنضدة ثم أخبرهم: 
- كلما أسرعتم، كلما كان أفضل، حتى لا تفكر كثيرا، وقد تتوتر...

ثم دلف بضع خطوات إلى الخارج، وقبل أن يخرج تماما وضع يده على باب الغرفة، وقال وهو يظهر رأسه وأول كتفه فقط، لهم:
- عل كل حال، هي لا تحتاج أي شيء إضافي لكي تكون مبهرة، أنتِ جيدة يا أوليفيا كما أنتِ، تشجعي!.

وبينما لا تزال الابتسامة مرتسمة على وجه توماس، والتي تغيرت بمجرد أن شعر بلكزة رجولية اخترقت كتفه، فرفع نظره ليجده ويل هو صاحبها والذي كان مستشاط منه، قائلا:
- هل هذه الصداقة؟؟  توزعون الابتسامات هنا وهنا...

ثم أخذ يقلده بطريقة استنكارية وساخرة، فانطلقت ضحكة قوية من توماس، وقام بوضع يده على كتف ويل، وقال:
- حسنًا، لنأخذ هدنة الآن، حتى ننتهي من الحفل، ولكن لم أرك مستشاطا وعابسا، بهذا الشكل؟ 

فيردف ويل قائلا بصياح:
- توماس هل أخبرتك من قبل أنك دافئ القلب؟ إن قلت لكِ هذا في يوم ما، أسحبه الآن! 

ضحك مجددا، ثم أردف بنبرة تخبر ويل، إنه يحاول أن يخفف عن عبوسه، قليلا:
- هل تعرف إيميلي بالأمر الذي ستعلن عنه بآخر الحفلة!.

لتتحول ملامح ويل من العبوس، إلى التحمس فجأة ثم قال: 
- كدت أنسى.

فقال توماس، بنبرة مستنكرة:
 -وهل أنتِ تسهو عن أي هفوة! ألا تعتقد، أن هذا أمر قد يزيد من ضيقها؟! ألا تشعر أن هذا قد يضيق الخناق عليها.

لينظر له نظرة ماكرة وبنبرة خبيثة، أردف:
- توماس يا صديقي... أولا هذا عمل! كما أنها ليست معضلة بل بالعكس، هكذا سأظل بتفكيرها حتى، وإن ذمتني وسبتني بخاطرها آلاف المرات، سأظل احتل حيزاً من تفكيرها وعند لحظة معينة، عندما أصبح جزءا من يومها، فقط... عندما أتأكد من هذا الأمر، سأنسحب تماما لكي تتيقن هي مما تريده.

فصاح توماس، قائلا بدهشة من صديقه:
- ألا تعتقد أنك تتصرف وكأنها مسلوبة الإرادة؟ أو أنك وصي عليها؟ لا تستقل بها ولا بقدراتها!.

فأردف ويل بنبرة حازمة: 
- توماس، لكي نتفق من الآن، دعك عن إيميلي من فضلك، لا تتدخل، كما لم تحكِ أي شيء بخصوص أوليفيا، فأنا فقط أعرفك وأسمع ضربات قلبك من هنا ونظراتك لها، ولا أتكلم لأنك لم ترد أن تخبرني!  ولكن ألا ترى أنك أنت من يقوم بالوصاية علينا جميعاً!.

صمت توماس للحظة، فأكمل ويل حديثه حتى لا ينهي حوارهم عند هذه النقطة وتابع: 
- إيميلي هي شخصية ناضجة وواعية وقوية، وهذا تماما مربط الفرس، هي تستطيع أن تستغني عني بأي لحظة، لذا لن يهدأ لي بال، حتى أتيقن تماما أني احتلها كما هي احتلت كياني! فأنت تعرف أني لا أفرط أبدا بما أملكه ولا أراهن على حبي، بل إن لزم الأمر، انتزاعه، فسأفعل!.

لم يشعر أن الجو العام تغير، لذا قال بسخرية ومكر:
- فقط أخبرك، أن تركز فقط على أوليفيا.

ثم أردف بحماس المراسل، عندما يجد خبراً حصرياً، لقناته الإخبارية، قائلا:
- كدت أنسى، في أثناء جلوسي مع ذاك اللَسِق، سمعته ينادي على أوليفيا بلقب "كستناءة" 

فانتبه له توماس، وأردف بنبرة هادئة: 
- أعرف!.

فقال له ويل بحماس، يريده أن يجعله مستمرا بالحديث حتى يزيل الانزعاج تماما، وأردف وهو يلكزه بكتفه: 
- كيف تسمح بذلك! يجب أن يقوم الحبيب باختراع الألقاب لحبيبته وليس شخصًا، آخر حتى وإن كان صديقًا.

انطلقت ضحكة قوية من توماس وتابع، مستنكرا:
- حبيبتي! 

فقال ويل، ساخرا:
- أها ستنكر الآن إعجابك بها، كعادتك بعد أن تعرف مني كل الأخبار والحيل!.

ضحك توماس مجددا وأردف:
- انتهينا يا ويل ولكني لا أنكر أني مهتم بشأنها وفضولي حد...

فقاطعه ويل، قائلا:
- الجنون.
ثم ضحك كلاهما، ودلفوا تجاه مقاعد الحفل.

وما مرت إلا بضع دقائق حتى خرجت أوليفيا وهي منكسة الرأس كعادتها، ولكنها هذه المرة تعودت قليلا على الحذاء ذي الكعب العالي، وبينما تسير خطوة إلى الأمام، كانت كل أعين الحاضرين موجهة إليها، حتى  اقتربت من المنصة المخصصة للخطابة، محاولة أن تتمالك أعصابها، فلاحظ توماس توترها، لذا قدم خطواته تجاهها ونبس قائلا: 
- ارفعي رأسك يا أوليفيا، فاليوم ستكونين أنتِ، مقدمة الحدث.

وما إن استمعت ورفعت رأسها، حتى إنها كانت تحاول أن ترى أصدقاءها إيميلي وكيفن، فكانت إيميلي عينيها تلمع من الفرحة وبالوقت ذاته كانت تفكر بالمآسي كلها التي مرت على صديقتها، بينما كيفن كانت نظرته تجاه أوليفيا، هي نظرة فخر وامتنان لصديقته التي مرت بأشياء عديدة، ولكنها ظلت كما هي شامخة أو كما كانت تخبره دومًا، مثل زهور الأقحوان.
كيفن، يتيقن داخله جيدا أنه ما زال يتعلم منها وبكل مرة يعرف كم هو يخفق ويستسلم عن أمور كثيرة.

وقفت بالمنصة، أمام المصدح تماما ومن ثم نظرت للأسفل، تحاول أن تستجمع قواها، لهنيهة، كانت تغلق عينيها العديد من المرات بسب تتابع الومضات الخاصة بالمراسلين، لكنها بالأخير، تنهدت وقامت بتكوير يديها لتبدو مثل القبضة، كعادتها وقالت في نفسها:
- تشجعي يا أوليفيا

 ثم أردفت، قائلة بنبرة مهتزة قليلا: 
- أنا أوليفيا باركر، مريضة بمتلازمة عمى الوجوه المكتسب منذ أكثر من عشر سنوات، قد يكون الأمر مبهماً للكثيرين، كيف لنا نحن المرضى التعامل مع حالتنا، هل نرى أنفسنا جيدا؟ وما هي حدود أعراض المتلازمة؟ أعرف أنه بالفعل كانت هناك فقرة تخبر جميع الحضور عن المتلازمة من الناحية الطبية، لذا لن أعيد الحديث ذاته، ولكن بالتأكيد، تعلمون جيدا، أنه ليس هناك وجود لعلاج حتى هذه اللحظة!.

ثم تابعت بنبرة، أكثر ثقة من قبل، قائلة: 
- ولكني سأوصي لكم جميعا بدواء أعرفه جيدًا...

احتلت القاعة، أصوات همهمات الحضور المتسائلة والتي تتوق لأي استفسار، ثم تابعت وترتسم ابتسامة على وجهها وقالت:
- علاجي السحري، يتكون من ثلاثة مكونات فقط هي "الاعتراف، التفهم والدعم".

ثم سيطرت على القاعة أصوات متصاعدة، تتساءل عن تفسير، فأردفت:
- اعتراف المريض بالمتلازمة... الاعتراف بالتعايش مع الأمر، أن يعترف بوجود علة! حتى يتوق إلى البدائل والوسائل للتكيف، فإن ظل المريض ينكر الأمر، ويموهه تحت قناع إنه ضعف للنظر أو فقط إنه شيء قد يعيبه في شخصه، ولا يتصل بمرضه، أو في حياتنا اليومية القاسية، ويستسلم للمعضلات التي يقابلها.

فور انتهائها من هذه الفقرة، كان كيفن يقوم بالتصفير والتصفيق، وخرج تماما عن رسمية الحفل، فكان متحمسًا لأجل أوليفيا، بينما إيميلي كانت عيناها، لا تفارق أوليفيا ومعلقة عليها، خائفة وفخورة بالوقت ذاته، استمعت أوليفيا جيدا إلى التصفيق الحار، ثم ابتسمت باتجاه الحضور وتابعت، قائلة:
- أما عن التفهم، فهي مهمة مَنْ حولنا، أعرف أن دوما ما كان الأمر المجهول بل المختلف، شيئا قد يخيف البشر، ولكن لا شيء يخيفكم، بل نحن الخائفون هنا!.

صمتت لحظة، تستجمع قواها وأردفت:
- أتدركون كم يكون الأمر صعبا عندما نرى أماً، والتي كانت تتوق إلى رؤية ابنها الرضيع، بعد أشهر طويلة من التعب والوهن في شهور الحمل، وعند وصول ابنها إلى يديها وملامستها لرضيعها، لا تستطيع التعرف إلى ملامحه؟ بل تدركون كم نرتجف ونخاف من، أن نصطدم بأحد المجرمين، حيث لن نستطيع إخبار الشرطة عن ملامحه حتى؟ أتدركون كم الصراع الذي نعيشه حينها، بين الشعور بالذنب القاتل، بأننا من الممكن أن نكون على خطأ، ونتسبب في سجن بريء أو أن نترك مجرماً، حر طليق!.

لم تستطع تمالك نفسها عندما أنهت هذه العبارة، خاصة لأنها تتبع موقفاً أليماً قد مرت به، وعايشته هي بنفسها، وأخذت هنيهة تسعل في محاولة منها، لتعدل من نبرة صوتها المهتزة لكي تكمل خطابها، وأردفت:
- مريض المتلازمة يحتاج من يتفهم مرضه واختلافه، ويتعايش معه، لا تجعلوننا نشعر كأننا مسوخ تعيش بينكم! نحن مثلكم، الفرق الوحيد هو أننا لن نتذكر وجوهكم، أو نتعرف عليكم، ولن نعرف ما تضمرونه لنا من خير أو شر، سنكون سطحيين في الكثير من الأوقات وخائفين ومترددين، فأرجوكم... كونوا متفهمين حولنا، ولا تستبقوا تصرفاتنا دون سؤالنا، ولا تستغلوا عيبنا، ضدنا!.

ثم تابعت بنبرة ثقة، تخللها القوة وقالت:
- وأما عن الدعم، لهو أكثر الأمور مساعدة على إعانتنا على مواصلة الحياة دون معضلات، أخبرتكم أننا في الكثير من الأوقات، نبقى مترددين وخائفين، لذا وجود يد... تمد لنا، بل عين نرى من خلالها أو كما قالت لي صديقتي، والتي أدين لها بالفضل لوقوفي على قدمي بهذه اللحظة تماما...

نظرت أوليفيا باتجاه الحضور، لتقع عيناها على هيئة إيميلي حيث الملابس والتصفيفة ولون البشرة، ثم نظرت تجاهها وعينيها متضببة بالدمع، وقالت بنبرة مهتزة:
"إيميلي أندرسون"... تلك الفتاة التي قالت لي يومًا، " سأكون رادارك الخاص...." 

لم تتمكن من إنهاء عباراتها، حيث أجهشت البكاء، وأخذت تكفف دموعها، ولم يكن حال إيميلي أقل منها، نهض كيفن من مقعده لكي يحضر لأوليفيا منديلا، لمسح دموعها، فهو يعي جيدا كم تكره البكاء وخاصة أمام جمع من البشر، فكان آخر خطابها بالفعل، نصفه يحتله نبرة مهتزة وأصوات جهش البكاء، وبينما يسير في اتجاهها، سبقه توماس والذي كان بالفعل أمامها، ليعطيها ما تمسح به دموعها، فارتسمت ابتسامة على وجه كيفن، ثم أخذ مناديل من جانب توماس، وسار بطريق الحضور، وأعطاها لإيميلي عوضا عن أوليفيا، وأردف قائلا بخاطره:
- لما يحدث ذلك معي؟ أني مهما حاولت أن أحيد عنكِ، يكون قدري أن أصل إليكِ، زاحفًا يا إيميلي.

ثم نهض ويل من مقعده، وأخذ زمام الأمور لينهي هذه الحالة الدرامية وقال: 
- أشكرك... أوليفيا باركر على حضورك هنا وإخبارنا بجانب آخر، كان يجهله جميعنا وعن علاج سيتخذه جميعنا كوسيلة لدعم مرضى المتلازمة، لذا أرجو من المتبرعين بإيداع المبالغ بالحساب الرسمي لحملتنا، وسأستغل هذا الجمع لأخبركم، بنجاح جديد ليس فقط لمؤسسة ويلستر بل، لي أنا بخاصة، فلقد قمت بالاستحواذ على شركة " حلم " الخاصة بإنتاج الأفلام الكارتونية والقصص المصورة، وضمها إلى شركتنا الخاصة بالنشر.

قال آخر عبارته وهو ينظر بابتسامة لاح بها الانتصار والمكر تجاه كل من كيفن وإيميلي، والتي تلاها أصوات عالية من التصفيق والمباركات من رجال الأعمال.

■●○●■


دمتم بخير يا فراشاتي 🧡

حابة أسمع آراءكم كالعادة 🧡🧡
أحبكم 🧡


Continue Reading

You'll Also Like

181K 18.1K 18
المَـريخ وعِـدة مجرّات اخـرى ، استوطَـنهَا البَـشر لأن الأرض اصبَـحت ضَحِـية لتَجَـاربهم الفَـاشلة كالنَـووى وغَـيرِهَـا ولَـكن اخطَـرها الآن رَغبَـ...
43.8K 2.4K 29
‎التفت يراقب الشمس و هي تغيب بعيداً بين الأفق بينما كان الهدوء الذي حل في الأرجاء لا يشوبه إلا صوت صراخها و بكاءها. أدرك بأن غياب شمس هذا اليوم ليست...
1.2M 88K 36
آلهة الثلج وآلهة النار- الألفا العظيمة نيڤ جوهنسون الهارِبة والملك المُبجل ريموند لوكاس تجمعهُم نبوءة تُدعى الجنة.. قِصة حُب مليئة بالشغف والبرودة و...
26.9K 1.3K 8
"هَلّ سَـ تُحِبِينَنِي يَومًا؟" قصه مُهداه لـ @MONX-B