٢٢- 《وداعًا أيها العم》

377 60 72
                                    

مرت الوقت، وها قد جاء صباح الليلة الأخيرة بالتخييم، وبعد شروق الشمس استيقظ توماس، قاصدا أن يمارس رياضته الصباحية، وبينما كان يتمرن حتى وصل إلى مكان يبعد عن بقعة المخيم، تفاجأ بأوليفيا جالسة أمام الشاطئ على صخرة من الصخور الممتدة حوله وشعرها الذي ازداد طوله بضعة سنتيمترات يتطاير بسبب النسيم البارد، وتلف جسدها العلوي بشال من الصوف ومشمرة بنطالها أسفل ركبتها حتى نصف الساق، أما عن نصف الساق الآخر كان مغطى بمياه الشاطئ، اقترب قليلا حتى أصبح خلفها تمامًا، ليجد دموعاً تتساقط من عينيها في صمت، لذا سريعا قال بصياح يتساءل:
- أوليفيا، ما بكِ؟

ابتسامة علت ثغرها، وقالت بنبرة هادئة:
- لا لست أبكي، ولكن هذا يحدث دومًا لعيناي عند التعرض للهواء البارد... لا تقلق، إنها فقط ردة فعل من العين تجاه قوة الهواء.

تنهد توماس، ثم قام بتنفيض الصخرة بجانب أوليفيا بيديه، ثم جلس هو الآخر وقال:
- لن أزعجك يا أوليفيا، فقط سأجلس بجانبك لأني أحببت المشهد الذي جذبني إلى هنا.

انطلقت ضحكة من أوليفيا وقالت:
-أنت آخر ما ترتبط به صفة الإزعاج يا توماس، ولكن ألا يجب أن تستمر بتمريناتك... أعتقد أن هذا التوقيت...

قاطعها توماس، قائلا:
- لنتخطى ذلك اليوم وبما أنه اليوم الأخير لنا، لنتحدث عن أي شيء.

فقالت أوليفيا بنبرة متصنعة الانزعاج، قائلة:
- حسنًا لما لم تتحدث مع صغيرتك، الطالبة المجتهدة؟

أخذ هنيهة يفكر حتى فهم مقصدها، فقال بنبرة مرحة وابتسامته المشرقة تزين وجهه:
- كلوي؟ أوليفيا، بحق الرب! كلوي طالبة مجتهدة وبطبيعتها شغوفة بالمعرفة، لذا دوما ما تتحدث وتدون.

زمت شفتيها وقالت:
- عجبًا ولما تكون شغوفة بالعلم معكِ أنت وفقط؟ هناك الكثير من الأساتذة، ولكنها متى تجدك جالسا معي، إلا وأن تركض تجاهك، وتتحدث دون هدنة.

أنطلقت ضحكة صاخبة من توماس، وقال وهو يحاول أن يتماسك:
- ماذا أفعل، أريد أن أكرر عليك إنها ما إلا طالبة أقدرها وأعي جيدا أنها تقدرني كشخص تتعلم منه كذلك، ولكن لكي أكون صريحًا، جانبي السيء يخبرني الآن بألا أطمئنك حتى أرى ردات فعلك المحببة إلى قلبي، الغيرة تليق بك.

توسعت أعين أوليفيا، وقالت تهز رأسها نافية، مستنكرة:
- ماذا؟ أخبر جانبك السيء بأني لا أغار... فقط... فقط...

نظر إليها وهو عاقد حاجبيه، ينتظر تبريرها، ويتابع حركاتها اللطيفة، وهي تحاول أن تخرج بعذر يعد أن حشرت نفسها بالزاوية، وانتبه أن أوليفيا تهربت الليلة الفائتة عندما سألها عن سر المذياع، فقرر أن ينتهز الفرصة، ويفتح مجال الحديث مجددا، ولكن بسؤال مختلف، فتابع قائلا:
- بالمناسبة، أردت أن أسألك في المقابلة الأولى لنا، ما هو انطباعك عني؟

مِذياع توماس.✓Unde poveștirile trăiesc. Descoperă acum