|| الـروحُ و إِن عَـشقَّـت ||...

By LindaAbHalime

610 283 388

✓ ملاحضة 1 : هذه كانت أول قصة أكتبها من خيالي لذلك سأتقبل أي نقد شرط عدم التجريح فأنا أصدق أن النقد درس في ال... More

||مقدمة||
||الفصل1||
||الفصل2||
||الفصل 4||
||الفصل5||

||الفصل3||

98 54 56
By LindaAbHalime

رواية : #الروحُ-و-إن-عشقت

بقلم : #ليندة-عبد-الحليم

الجزء الأول ||الفصل3||

لا تنسو تعليق يا حلوين فهو يهمني

ضعو لنا نجمة يا نجوم الواتباد ✨

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

إستيقضت -حفصة- على زغاريت والدتها المدوية في المنزل فإرتعش كامل جسمها جلست في مكانها تنظر من حولها كان أخوها -علي- نائم و أختها -زهرة- مستيقضة و تنظر إليها غير مستوعبة الذي يحدث في الخارج .

دخلت أختها فاطمة تجري نحوها و جلست بجوارها مبتسمة و قالت لها :

- إن الأفراح تعم منزلنا اليوم و هذا بفضلك .

وقفت حفصة بغضب و أخذت تلم الفراش من على الأرض و قالت لها :

- و ما دخلي أنا في أفراحكم إبتعدي عني فاطمة .

قالت لها فاطمة ببرائة :

- كيف ما دخلك في هذا الفرح ؟ و أنت في الأصل سببه .

إزداد غضب حفصة فقالت بعصبية :

- فاطمة قلت لك إبتعدي عني و لا تغضبيني أكثر لأني سأصب جام غضبي بك .

قالت لها و هي تقطع طريقها :

- و لما تغضبين أنت ستتزوجين .. ستصبحين عروس و هل هذا الأمر يغضب عليه .

كانت حفصة سترفع يدها لتضربها عندما دلف إلى الغرفة كل من أختها -عائشة- تجر أولادها و زوجة أخيها الأكبر -حورية- تحمل بيدها إبنها فعمت الغرفة بالضجيج الصادر من الأولاد و هم يلعبون و يصرخون و من عائشة و هي تحكي لحورية عن ما فعلته لها حماتها .

الضحك و اللعب و الصراخ كل هذا جعل حفصة تحس بالدوار و كأن الغرفة تدور بها .

وضعت الغطاء الذي كانت تحمله على الأرض و إنسحبت مسرعة و خرجت إلى "حوش" المنزل و أخذت تتنفس في الهواء فأجفلها الصوت بجانبها :

- ما بك يا فتاة ؟ لما خرجت مسرعة هكذا و لما تتنفسين بهذه الطريقة ؟ هل توجد مشكلة ما ؟.

قالت حفصة مطأطأة الرأس :

- ليس هناك أي مشكلة أخي -حسان- لقد أحسست بضيق في التنفس خاصة بعد أن أصبحت الغرفة معجوقة فخرجت لأتنفس هواء الصباح هذا كل شيئ .

قال لها دون أن ينظر إليها :

- أبي يجلس في الغرفة الثانية مع -قدور- و زوج أختك ينتضرون القهوة إذهبي و ساعدي أمك .

- حاضر أخي .

قالتها ثم دخلت مسرعة إلى مكان أمها تساعدها في إعداد صينية القهوة دون أن تنطق بكلمة فقد رأت في وجه أمها علامات الغضب التي لا زالت واضحة منذ كلام البارحة خاصة و قد حذرتها بتلك النظرة .

خرجت -حفصة- من البيت تجر خرفانها و تجر من ورائها خيبتها بالقدر المحتوم الذي تعيشه و الذي قضى على أصغر و أول أمل كانت قد تمسكت به في حياتها ، فها هم الآن في المنزل يستعدون لملاقات أهل العريس و ها هي الآن مضطرة لأن تصبح العروس .

كانت تفكر بكل هذا و هي تمشي على تلال القرية و الخرفان تأكل من العشب فلم تدرك أنها قد وصلت لآخر التل وكانت ستقع بسبب شرودها فأخذت تصرخ إمرأة من ورائها و أمسكت بها في آخر دقيقة .

شعرت حفصة بالرعب و عندما إستدارت لمحت وجه المرأة و تعرفت عليها فأخذت تهدأ من روعها و تستوعب أين هي .

قالت لها المرأة الجميلة ذات الشعر المكشوف و الملموم بعناية و التي كانت ترتدي ثياب غريبة و بعيدة كل البعد عن الزي الرسمي لنساء القرية فكانت تشبه بالكثير نساء المدينة و بالقليل نساء الغرب :

- ما بكِ حفصة ؟ أين كان عقلك شارد كدت أن تقعين من التل ؟ هل أنت بخير ؟

- نعم أنا بخير لم أنتبه فقط .

- لم تنتبهي !! أمتأكدة أنك بخير هل كل أفراد عائلتك بأفضل حال ؟.

- نعم أخت -حليمة- كل عائلتي بخير .. يجب أن أذهب .. شكرا لكِ على إنقاضي .

كانت بصدد الرحيل فأمسكتها -حليمة- من معصمها و قالت لها :

- لماذا تتكلمين معي برسمية و لما تريدين الرحيل فورا ؟ هل فعلت شيئا أذاكي ؟

- لا .. لا لست غاضبة أنا فقط أريد الرحيل فلا زال بإنتظاري عملا كثيرا .

قالت -حليمة- بحيرة :

- لا تضني أنني لا أعرفك حفصة فأنت مثل أختي التي لم تأتي لهذه الحياة و المدة التي قضيتتها في لقائك جعلتني أعرفك فأصبحت مثل الأخت لي لذا قولي لي ما الذي يزعجك ؟

بعد صمت إستمر لدقائق قالت حفصة :

- سيزوجوني .

- ماذا ألم تخبريني أنك تريدين الدراسة ؟

- نحن لا نريد شيئا .. نحن هنا لا نقرر لا نحلم و لا نتمنى أصلا .. هم من يريدون و من يقررون عنا و نحن ما لنا إلا أن نصمت و نرضى و في الأخير نقبل بما كتبه قدرنا .

- لكن يمكنك أن تكلمي أخيك -حسان- متأكدة أنه سيتفهمك كان تفكيره غير محدود أثناء الحرب كما أنه كان من أنصار التعليم خاصة في القرى .

قالت حفصة بإستهزاء :

- ذلك أثناء الحرب أما الآن فقد تحصلنا على الإستقلال و الكل تغيرو .

- لا أضن أن حس ...

- أرجوك حليمة إياك و الحديث في هذا الموضوع مع أخي لأنه سيقتلني و إن لم يفعلها هو فسيفعلها أبي في الأخير أبي هو الآمر الناهي في المنزل .

- لا أعرف ما الذي أقوله لك عزيزتي أتمنى لك حياة أفضل و أن يكون عريسك شخص صالح .

- شكرا لك أيمكنني طلب شيئ أخير منك .

- نعم تفضلي .

- هذا لقائنا الأخير لأنني لن أتكلم معك مرة أخرى حتى و إن إلتقيتك في طريقي لكن أتمنى أن توفقي في مشروعكم و أن تتمكنو من تدريس كل بنات القرية .

- شكرا حبيبتي .

إبتسمت حفصة لها و حضنتها ثم أخذت تمشي مبتعدة عنها تاركة إياها تنظر بحزن في خطاها فها هي قاصر أخرى ستعيش قدرها المحتوم و ستكون عروس صغيرة لا حلم لها مثلها مثل بنات القرية .

أخرجت من جيب سترتها الورقة المطوية و التي كانت عبارة عن رسالة نظرت إليها ثم مزقتها و رمت ببقاياها من فوق التل لتأخذها الرياح و تتلاعب بها في الهواء مثل تلاعب القدر بمشاعرها و بذلك تقضي القرية على حب آخر لا يجوز له أن يكون في زمن لا يسمح بوجوده .

~~~~~~~~~~~~~~

وقف زدام مسرعا و الغضب يتطاير من وجهه .

- ماذااا ؟ و من طلب منكم أن تزوجوني ؟ هل قلت لكم أني أريد الزواج الآن .

قالت له أمه و هي مستغربة :

- و منذ متى تقرر أنت موعد زواجك ؟ منذ متى يتم إستئذان الأولاد قبل تزويجهم ؟ الواضح أنك نسيت أين أنت ؟

قال لها و هو يهدأ من روعه حتى لا يصل كلامه إلى الأسفل أين كان يسلتقي جده في الحوش تحت "عريشة" العنب و هو نائم :

- أعرف جيدا أين أنا .. أعرف ، بعد كل ما قدمته من أجل إكمال دراستي و التي ذهبت سدا فكانت نهايتي العودة إلى هذا الجحر .. لكن أنا لن أترك لكم أبدا حرية القرار في هذا الأمر أنا لا أريد الزواج .

قالت له بغضب :

- زداام ، إركح يا ولد لن تقرر أبدا كيف سيكون مصير حياتك فالقرار الأول و الأخير عائد لجدك و هو من قرر تزويجك .

- و إذا كنت رافض لهذا القرار ..

- لا يوجد رفض في القرية بعد أن يقرر كبير العائلة .. و أنت تعرف أن جدك لا يعود في كلامه .. لقد تكلم والدك مع والد العروس و هو صديقه و وافق على الزواج و ستذهب العائلة غدا من أجل التمليك و ...

قال -زدام- و قد إحمر وجهه غضبا :

- ماذااا !؟ أتمزحين أمي و أنا أسأتزوج بفتاة بدون رؤيتها كيف ذلك ؟

- أنت من تمزح يا زدام تتكلم و كأنك لا تعرف عادات و تقاليد قريتنا و تكتشفها لأول مرة لا داعي للمراوغة و ما يدور في عقلك تعجل في نسيانه ، ما عشته في المدينة تركته فيها منذ أن تركتها و عدت إلى القرية فلا تحاول أن تطبق ما رأيته هنا .. هنا الآمر الناهي هو جدك .

- أنا لا أحاول أن أقلد أهل المدينة كل ما أريد قوله أن الزمن قد تغير و الوقت يتطور لقد تحررنا من الإستعمار ألا نستطيع التحرر من قيودنا .

- أتشبه قرارات جدك الذي تعبَ من أجلك حتى تصل لما وصلت إليه بقيود .. إياك أن تنسى أن لولا هذه القرارات لما تحصلت على إمتيازات عن باقي أحفاد العائلة و إستطعت الدراسة أو الذهاب إلى مدينتك حتى .

......-

- هنا إنتهى الحديث فإياك أن تتحدث في هذا الموضوع مرة أخرى و إياك أن تسمع عمتك برأيك في الزواج .

- و ما دخل عمتي الأخرى في حياتي .

- لا يهمك هذا ... كل ما يهم أن ترضى بالقدر فأنا متأكدة أنك ستعجب بالفتاة التي إخترتها لك .

.....-

خرجت -ثليجة- من الغرفة تاركة إياه شارد الفكر لا يمكنه الكلام تتقاتل الأفكار في عقله فهو فعلا لا يستطيع الإعتراض خاصة و أنه قد تحصل على أكثر الإمتيازات من جده على عكس أبناء العائلة و هو في الأخير مدلل جده و لا يستطيع الوقوف ضده في معركة هو الخاسر فيها لا محال .

إحتلت تفكيره مرة أخرى تلك الروح المتمثلة في جسد فتاة و التي لم تفارق خياله منذ أن إلتقى بها و راح يتخيل عيونها و هي تنظر إليه و تذكر كلماتها القليل التي قالتها حتى تستطيع الهروب منه .

فأخذ يسأل نفسه :

" هل فعلا يوجد فتيات في القرية بجمالها ؟ هل هي فعلا من أهل هذه القرية ؟ و إن كانت لما لم يلتقي بها من قبل ؟ و لما لم يسمع عن جمالها أبدا ؟! "

" أكانت مسجونة طيلة هذه الأيام و فك سراحها أو هربت فكانت أرضه هي ملاذها للتخلص من الجوع "

" أهي فعلا تنتمي إلى هذا العالم أم هي "روح" مثلما قالت أو إخترعها خياله حتى يخفف عقله عبأ الأيام التي يعيشها بعد أن تَعَود على ضجيج المدينة " .

عادت إلى عقله حقيقة واقعه و تذكر كلام والدته فأخذ يمسح في عيونه و وجهه بكلتى يديه ثم أخرج من جيب "قشابيته" مجموعة الأوراق التي يحملها دائما معه حتى يفضفض لها عن ما يدور في جعبته .

كاد أن يمزقها ثم توقف و أخذ يبحث بعيونه في أرجاء الغرفة التي كانت تحتوي على خزانة مصنوعة من الحطب كان قد صنعها هو .

فتح بابها و أخرج من داخلها صندوق صغير مخبأ وسط أكوام الثياب و الأفرشة فتحه و وضع الأوراق بداخله ثم أغلقه و أعاده إلى مكانه و خبأه جيدا ثم أغلق الخزانة إستغفر و خرج من الغرفة قاصدا الأرض الوحيدة التي تستطيع أن تلهيه عن الصخب و الضجيج الذي بداخله .

~~~~~~~~~~~~~~~

إنتهى اليوم و مضى يوم "تمليك" حفصة .

اليوم الذي إلتقى فيه كلا العائلتين و الذي تم فيه رؤية العروس لأول مرة من قبل "الحاج السعيد" و زوجته و اللذان أعجبا بها و بجمالها "النايلي" الأصيل و التي إضطرت فيه للتزين و التبرج و ذلك بالإجبار عنها فكانت مثل الجسد بلا روح الذي ينتقل من يدٍ إلى يد تتحكم به تلك الأيادي .

تارتا تصفف لها شعرها و تارتا تزين لها وجهها تارتا تلبسها و تارتا أخرى تنزع عنها اللباس فتغيره بآخر بإعتباره غير ملائم و تارتا تمسكها أيادي و تأمرها بالجلوس .
تتبادل عليها الأوجه لنصحها بما يجب عليها أن تفعله حتى لا تحرجهم و تبقى أمها الوحيدة التي كانت تجرحها بالكلام و تصل حتى لتعنيفها حتى تجبرها على الضحك أو الإبتسام أما هي فلم تكن مستوعبة لما يحدث لها أو لما تفعله هذه الأيادي بها أو لما ينتظرها .

مرت الأمور بأحسن حال و أصبحت "حفصة" ملكًا لـ "زدام" و تم تحديد يوم العرس .

سطعت شمس اليوم و مرت الأيام القليلة الماضية و التي كانت من أصعب الأيام على "حفصة" و "زدام" خاصة بعد كل ذلك الضجيج الذي إنتشر في منزليهما بسسب إعدادات العُرس و ترتيباته و هو الذي تقرر أن يكون مثلما يقال في القرية :

"سبع أيام و سبع ليالي"

فبدأت الإحتفالات من زغاريت و تطبيل و رقص في كل يوم فكان كل منزل يمتلأ بالنساء .

كل هذا أمام عيون "زدام" الذي أصبح لا يعود إلى المنزل فيقضي كل يومه في الأرض .

يستيقظ عند الفجر يصلي ثم يخرج متجها إلى الحقل ليقوم بكل الأعمال بدون راحة حتى المساء ثم يسهر مع صديقه -صالح- ليعود إلى المنزل بعد منتصف الليل فيجد جميع من في المنزل نيام .

عندما بدأ والده و أمه بتجديد غرفته أصبح لا يعود إطلاقا إلى المنزل فينام في الحقل تحت شجر التوت .

كان هذا اليوم هو يوم حناء العروس الذي سيليه يوم زفها إلى زوجها .

و كان من عادات القرية أن يتم أولا وضع الحناء للعريس ثم تأخذ نساء أهله نفس طبق الحناء و تمشي طول الطريق و هي تغني و تطبل حتى تصل إلى بيت العروس لتضع لها جدة العريس الحناء في يديها و تكمل والدتها وضع الحناء لها في قدمها كلها فيمنع عليها المشي أو حتى الرقص .

أما في منزل العريس فيكمل الرجال حفلتهم بالغناء و الرقص مع بعضهم دون أن ننسى عروض الركوب فوق الخيل و إطلاق "البارود" .

أخذت -حجيلة- تلطم قدمها و هي تبكي و تحاول إبنتها -زهية- تهدأتها قالت لها بعصبية :

- كيف تطلبين مني أن أهدأ يا زهية ، ألا ترين سيأتي المساء و أين هو أخاك المصون لم يعد للمنزل .

- يا أمي أرجوك إهدأي و كفي عن ضرب نفسك متأكدة أن زدام سيأتي هو يعرف جيدا هذا اليوم و سيعود للمنزل فهو لن يحرج جدي أبدا .

- كيف سأصدق كلامك و أهدأ لم يعد للمنزل طيلة هذه الأيام لا أعرف عنه حتى أين كان ينام في الليل ، كنت أكذب على والدك فقط فأخبره أنه يعود في الليل و يخرج باكرا من أجل العمل و الآن كيف سأفسر له غيابه عن يوم الحناء .

قالت لها بتوتر فهي تدرك جيدا في أي ورطة ستقع أمها و حتى عائلتها إن لم يعد زدام إلى المنزل :

- أتقصدين أن زدام لم يعد للمنزل طيلة هذه الأيام ؟!.

- نعم لم يعد و لما يا ترى أنا أنوح الآن أخوك لا يريد هذا الزواج و في نفس الوقت لا يمكنه قول ذلك أمام جده لذلك حمل نفسه و خرج من المنزل حتى لا يرى التجهيزات و لا يسمع الزغاريت .

أخذت -زهية- تكلم نفسها :

" الإثنان يرفضان الزواج كيف سيتقبلان بعضهما حفصة لا تكلمني لليوم و هي أصبحت مثل الدمية التي بلا روح ".

دخل في تلك الأثناء -عياش- فوقفت زهية مسرعة إحتراما له لم يركز عليها فقد كان كل تركيزه على زوجته التي تركت الحفل و الإعدادات التي بالخارج و أغلقت على نفسها في غرفة إبنها التي تم الإنتهاء من إعدادها .

إقترب منها و هو ينظر إلى عيونها و طلب من إبنته الخروج بإشارة من يده فخرجت مسرعة .

جلس بجوار زوجته فأخذت هي ترتجف و تحاول إمساك نفسها .. قال لها بهدوء :

- ما بكِ ؟ لما أغلقت على نفسك في هذه الغرفة و لست في الأسفل واقفة على إعدادات حفل اليوم ؟.

كانت بصدد الإجابة فقاطعها بسؤاله الذي أخرسها :

- و أين هو زدام لما لم أره اليوم إطلاقا و لا داعي لأن تقولي لي أنه يعمل .

مرت دقائق و هي صامتة تحاول أن تخترع إجابات لأسئلته في عقلها ثم تكلمت بهدوء مصطنع :

- أنا كنت أستريح فقد تعبت كثيرا في الأيام الفائتة و يوم غد هو اليوم الرئيسي الذي يجب أن أكون فيه يكتمل قوتي .

سكتت و هو كان ينتظرها لتكمل حديثها فقال له و قد بدأ توترها ينتقل إليه :

- نعم جيد ... و أين هو العريس ؟.

- ااا .. زداام .. ااا .. زدام ليس بالمنزل لقد أرسلته أنا منذ الصباح الباكر إلى سوق القرية المجاورة فقد إحتجت لبعض الأشياء المهمة و لا أضن أنه سيتأخر .

قال -عياش- بلهجة الشخص الذي يحاول أن يصدق كلامها فإختفاء إبنه هذه المدة عن المنزل أقلقه و جعل الفأر يلعب بداخله إلى أنه لم يجد الوقت ليسأل زوجته :

- أمم .. جيد أتمنى أن يعود في الوقت لأن والدي يلهيه الآن الضيوف و أحبابه لذلك لم يسأل عنه .

لم نجبه و ضلت صامتة و بعد خروجه من الغرفة وقفت و أخذت نجوم في الغرفة و هي تمسك رأسها و تقول :

- أين أنت يا زدام ؟ ما الذي ستفعله بعائلتك أتريد فضحنا .

توقفت فجأة و كأنها تذكرت شيئا و أخذت تقول لنفسها :

- نعم هذا هو الحل .. أين هي زهية ؟.

ثم خرجت من الغرفة مسرعة نزلت من على السلام المصنوع من الحطب فأنزلت رأسها فقد كانت الساحة ممتلئة بجُمع الرجال الجالسون مع "حاج السعيد" يتضاحكون و يتكلمون عن الأيام الخوالي .

دخلت مسرعة و أخذت تبحث عن إبنتها في الغرف المملوءة بجمع النساء منهم من يجهز للحفل و منهم من يطبخ و منهم من يتناولون أطراف الحديث و يضحكون و كانت أصوات الطبل و الغناء تدوي من إحدى الغرف الممتلئة بالنساء .

أخذت تمعن في النظر فوجدتها وسط الفتيات اللواتي يرقصن بحرارة وسط الغرفة أمام أنظار النساء التي تصفق و تركز جيدا في الأجساد الراقصة علها تظفر بكنتها المستقبلية و منه تخطف تلك الفتيات عريس الغفلة من خلال رقصها و جسدها .

هدأت -ثليجة- من روعها و بدأت تنده لها و تأشر إليها فلم نسمعها بسبب صوت الغناء العالي حاولت و حاولت و لم تنظر إليها حتى فدخلت إلى الغرفة وسط النساء .

فكانت مثل اللقطة التي يُنتظر قدومها جعل من الكل يتوقف عن التصفيق و منه توقفو عن التطبيل و أخذت إحدى النساء تمدح في أم العروس و تغني لها و عندما تتوقف هي الجميع يزغرت شكرتها الأخيرة ثم أشارت إلى إبنتها لتتبعها و فور خروجهم عادت الطبول و الغناء و الرقص كل هذا تحت أنظار -أم الخير- المستغربة من تصرفها .

وقفت في جمل و أمسكتها من يدها و إقتربت من أذنها و أخذت توشوش لها .

نظرت الفتاة إلى أمها بدهشة و قالت لها :

- أنت متأكدة يا أمي ؟

قالت لها بكل ثقة تتخللها بعض التوتر :

- نعم متأكدة هذا هو الحل الوحيد .

قالت -زهية- بخوف :

- و إن سأل عني أحد أفراد العائلة والدي أو جدي ..

ضغطت على معصمها و قالت لها :

- زهية لا تجنيني أنت الأخرى نحن نقترب من وقت الحناء و أخوك لا يوجد عنه أي خبر والدك بدأ يسأل عنه و أحس أنه بدأ يشك فينا لا تخافي أنا سأغطي غيابك .

- حاضر أمي .

أخذت تنتظر -ثليجة- أمام الباب تنظر إلى الرجال بتخفي و عندما وقفة متجهين إلى المصلى لإقامة صلاة العصر .

إنتظرت قليلا حتى فرغ الحوش من الرجال ثم أشارة إليها فخرجت الأخيرة مسرعة من باب المنزل الخارجي و أخذت تركض بسرعة مبتعدة عن المنزل قدر الإمكان .

وقفت -ثليجة- في الحوش واضعة يدها فوق قلبها تدعو الله أن يحمي إبنتها و أن تستطيع جلب أخاها قبل الموعد .

وضعت يد من ورائها فوق كتفها فإستدارت مجفلة فوجدت -أم الخير- تقف خلفها و تضحك .

قالت لها و هي تسخر من رعبها :

- ما بك إختي -ثليجة- لما إرتعبت ؟

- لا أنا فقط كنت شاردة و لم أحس بوجودك .

قالت لها و هي تبحث بعيونها :

-ما الذي تفعلينه هنا لوحدك تاركة ضيوفك و حفلة إبنك ؟

- أنت تعرفين أننا تعبنا كثيرا و قد ضغط الجو على صدري فخرجت لأستنشق بعض الهواء .

- أمم جيد .

قالت ثليجة و هي تحاول سحبها ليعودو إلى الداخل :

- دعينا نعود إلى الداخل فأكيد ستجد الكل يسأل عنا و لا يزال الكثير من العمل في إنتظارنا .

- نعم ، نعم معك حق لكن أين هي زهية لمحتها تخرج من ورائك .

توقفت ثليجة و تلعثمت فأخذت تهدأ من روعها :

- ااا زهية لا أعرف لقد طلب منها والدها أن تقوم بتحضير بعض الأشياء في غرفة أخيها .

- امم جيد دعينا نعود إلى الداخل .

°°°°°°°°°°°°°°°°

شكرا لكم لمتابعة القصة أتمنى أن تدعموها و لا تنسو التعليق&التصويت .

• شرح لبعض الكلمات :
° "حوش" : هو مكان يكون داخل المنزل يفصل بين الباب الخارجي للمنزل و الباب الذي يؤدي إلى داخل البيت حيث الغرف يجلس به أفراد العائلة ليكون مكان للراحة أو حتى القيام بأعمال يستعصى القيام بها داخل الغرف بالنسبة لنساء .

° "عريشة" : هو مكان يكون في حوش المنزل أحيانا و هو منتشر بكثرة في البيوت الجزائرية قديما و حتى اليوم لا زالت توجد تكون هذه العريشة على شكل أفرشة أو لحاف أو حتى كراسي صغيرة موضوعة تحت شجرة و أغصان العنب التي تحيط به لتشكل منظر طبيعي رائع .

° "قشابية" : هي أحد الألبسة الجزائرية التقليدية و التي يعرف بلبسها الرجال الأحرار فهي تمثل الرجولة و القوة و تدل على شموخ ذلك الرجل فالقشابية كانت رفيقة الشهداء و المجاهدين في حربهم ضد الإستعمار .

° يوم "التمليك" : هو من عادات الأعراس الجزائرية و أحد خطواتها فهو اليوم الذي يتم فيه الإعلان أن هذه الفتاة هي زوجة لذلك العريس و أنها رسميا ملكا له فتصبح زوجة قبل حتى أن يتم الزواج أو العقد المدني و الذي يحدث فيه هو رؤية العروس من طرف أقارب العريس المهمين و منه تقديم المهر المكتوب أو ما يعرف بـ "شرط العروس" إلى والدها .

° "سبع أيام و سبع ليالي" : هي أحد المقولات في الأفراح الجزائرية بأجمعها يعبرون عن فرحهم بقولها.

Continue Reading

You'll Also Like

3M 209K 47
بين ثنايا غياهب الحياة نُشج شيطان رجيم مُبهم الهوية والتفكير فـ هل ياتُرى مثلما يتخاطرُ في اذهَانُنا شيطان رجيم و عند شر عيناه نستعيذ؟! اَم انهُ سا...
1.3M 60.1K 51
فتاه فـي عُمر ألـورود . لكنـهَا ورده ذبَـلانـه . تنمـتَ أن تعيش حَيـاة هادئه ودافئةً لكـَن. قدرهَـا لمَ يكون هاكـذا . أبَسط الحَقوق لم تجِدها . فَقدت...
16.5K 27 1
فيلكس الطالب الجامعي المهتم بمستقبله المهني إضافة لكل ظغوط دراسته يعمل عملا جانبيا، حياته العادية مملة في نظره إلا أنه يقبل بها لكن ماذا لو أجبر فجأة...
781K 22.5K 13
قصه ممتعه جدا لا لاصحاب القلوب الضعيفه تتحدث عن عائله تخرج في رحله الى مدينة ما ويحدث ما لم يكن متوقع...