" لـيْـت مَـا كَـانَ بَـيـنِـي و بَـيـنـكِ هُـو خَـطـوَه .. "
-
كان يجلس بمكتبه شاردا في السقف، يفكر بذلك الحُلم الذي رآه، تلك ليست أول مره يحلم بهما ، ولكن كل مره يراوده ذلك الحلم يستطيع أن يستحوذ علي جميع أفكاره .
دخل "إيريك" إلي المكتب ثم جلس بجانبه بهدوء و هو يراه شاردا هكذا ، فعلم سريعا أنه رآهما في المنام من جديد ، فهو ليس من طبعه الشرود هكذا الي عندما يرواده ذلك الحلم ، تنحنح إيريك محاولا سرقه إنتباهه ، و بالفعل نجح فخرج من شروده علي صوت إيريك ، تحدث إريك و هو يري نظرات التيه بعين صديقه :
_ ما بك "فاليريو" ؟
_ لقد رأيتهما مجددا ؛ رأيت "زيوس" و "مارسيا" .
اقترب إيريك من فاليريو و قد بدأ يشعر بالفضول :
_ ماذا رأيت ؟
تحدث فاليريو بشرود و هو يعاود تفاصيل الحُلم برأسه :
_ تلك المره كانت الرؤيه قصيره ، لقد رأيت زيوس فقط ، لم يقل أي شيئ ، فقط قال جمله واحده .
_ ماذا قال ؟
_ قال : إقترب اللقاء .
ضم إيريك حاجبيه بتعجب و هو يقول :
_ أي لقاء هذا ؟
أمسك ڤاليريو رأسه بتعب و هو يقول :
_ لا أدري حقا لا أدري ، ولكني مللت تلك الرؤي ، أنا أعاني من الأرق، و عندما أسقط في النوم بعد محاولات عديده أراهما !
_ لما لا تتجاهل كل هذا ؟ أعني تلك الأحلام أشبه بروايه ، من الممكن أنك تراها بسبب التعب لا أكثر ، أو لتأثرك بأبطال روايه أو فيلم ما !
تحدث فاليريو بصوت مرتفع نسبيا بسبب غباء إيريك :
_ روايه و فيلم ماذا ؟ هل تراني من النوع الذي يمتلك حتي الوقت للتسليه ؟ ثم كيف تطلب مني تجاهل هذا الأمر ؟ "زيوس" هو "ڤاليريو" و "ڤاليريو" هو "زيوس" كلانا نفس الشخص ، ثم أنه بنفس عمري ، إنني أراه منذ خُلقت ، حتي أنه يكبر معي ، أستطيع أن أري تغير ملامحه من الصغر للكبر مثلي تماما ، لن أقول أننا توأما لأننا نبدو نفس الشخص ، حتي مارسيا أستطيع أن أراها و هي تكبر ، ولكنها لم تزُر أحلامي إلا عندما رآها زيوس ، أنا بالفعل حاولت تجاهل هذا الأمر حتي أنني تمر علي أيام كثيره دون أن يرف لي جفن ، ولكني لم أعد أستطيع ، كلما تجاهلت الأمر أحضر لي زيوس رساله مريبه ، و آخر رسائله كانت تتضمن لقاء قريب لشخص ما .
تسائل إيريك و هو ينغمس معه بالتفكير :
_ أخبرتني أن مارسيا لم تكن موجوده معه صحيح ؟
_ نعم .
_ ماذا لو كان يقصد بهذا اللقاء مارسيا ، ربما لن تراها لفتره في أحلامك ، ولكن قريبا ستعود ، ماذا تعتقد ؟
_ لا أدري ، ليست لدي أدني فكره .
ضحك إيريك بسخريه و هو يقول :
_ يا إلهي ، لا أصدق أنني أتحدث مع "فاليريو موروني" أكبر زعيم مافيا في إيطاليا ، عن زيوس و مارسيا أصدقاء طفولته الأحباء !
نظر إليه فاليريو نظرات كانت كافيه ليضع لسانه بفمه و يصمت ، و لكنه تنحنح و هو يتحدث بهدوء :
_ علي العموم لم آتي للتحدث معك بشأن زيوس و مارسيا ، كنت اسألك هل تم تحديد موعد صفقه الأسلحه مع "آرثر رومانو" ؟
_ نعم ، بعد عشرون يوما من الآن ، أتدري أين حددو مكان الصفقه ؟
_ أين ؟
_ في اليونان .. تحديدا في أرغوس !
-
كانت تجلس بغرفه الإنتظار تنتظر أن يأتي دورها ، حتي ندهت السكرتيره إسمها ، قامت من مكانها ثم توجهت إلي الغرفه في آخر الممر ، فتحت الباب ثم دخلت و هي تحيي الطبيبه ، ثم جلست علي الأريكه "الشازلونج" بجانبها ، صمتت الطبيبه قليلا و هي تنتظر أن تتحدث :
_ لقد رأيتها اليوم ، رأيت مارسيا ، كانت بمفردها دون زيوس ، مما كان غريبا علي .
_ ماذا قالت لكِ .
_ لقد طلبت مني طلب .
_ و ما هو ؟
تنهدت و هي تقول :
_ طلبت مني أن أذهب إلي موطنها ، إلي أرغوس !
_ هل فعلتِ كما قلتُ لكِ ؟
هزت رأسها بنعم و هي تقول :
_ نعم ، لقد كتبت تفاصيل الرؤيه كلها بورقه كي لا أنساها ، ولكن تلك المره كانت الرؤيه قصيره للغايه ، حتي أنني حفظت كلماتها عن ظهر قلب !
رفعت الطبيبه نظارتها و هي تقول :
_ ماذا قالت لكِ راسيل ؟
_ قالت : إذهبي إلي أرغوس موطني ، و بها ستجدي موطنك ، ولكني لم أفهم ، كيف سأجد بها موطني ؟ ، فإن كان موطنها أرغوس فأنا موطني إزمير ، هل تعتقد أن موطننا واحد لأننا نشبه بعضنا للغايه ؟
_ هل ظهرت لكِ و أنتِ مستيقظه مجددا؟
_ لا لم تفعل ، لقد كانت تأتي إلي و أنا مستيقظه عندما تمر علي ساعات طوال دون نوم ، ولكني لحد ما ملتزمه في نومي ، ولكن هذا لا يعني أنها لا تأتي و أنا مستيقظه من حين لآخر .
_ هل هذا ما قالته في الرؤيه فقط؟
_ نعم ، لا لا لحظه .. قالت إذهبي بعد عشره أيام ، لقد بحثت عن التاريخ المقبل بعد عشره أيام و لم أجد به شيئا مميزا ، حتي أنني بحثت عن أي أعياد يونانيه تمت بصله لهذا التاريخ و لكنني لم أجد !
صمتت الطبيبه قليلا و هي تفكر ، حتي بدأت تتصل الخيوط برأسها .. ستجدي موطنك بأرغوس ، موطن راسيل هو تركيا و ليس اليونان ، إذهبي بعد عشره أيام ، زيوس لم يكن بالحلم ، هل يعقل أن ..؟
_ راسيل .. هل فكرتي بأمر السفر ؟
_ بالطبع لا .. ولم آخذه حتي علي محمل الجد !
_ و لما لا ؟
هزت راسيل كتفيها و هي تقول :
_ لا أستطيع تفويت العمل ، كما تعلين لدي أغلظ مدير في تركيا .
_ و لكن لا بأس إن أخذتي إجازه صحيح ؟
أجابت راسيل بعدم إقتناع :
_ نعم ولكن .. لما اذهب إلي هناك ؟ أنا لا أحب السفر و هذه الأمور .
_ لن تخسري شيئ ، فقط فكري بالأمر ، يمكنك إعتبارها مجرد أجازه للإسترخاء بعيدا عن العمل ، فكري في الأمر حسنا ؟
هزت راسيل رأسها بإقتناع و هي تستعد للرحيل :
_ حسنا شكرا لكِ طبيبه سيبيل ، اراكِ في الجلسه اللاحقه .
-