سحر الفرعون

By heaven1only

137K 20.4K 6.8K

الرواية مكتملة✔️ كاريتا والتون فتاة ليست عادية فهي ابنة المدللة والوحيدة للمليونير داس والتون تدرس التاري... More

التعريف
الفصل الأول - زوجة الملك
فصل 3 - قلادة الخنفساء
فصل 4 - ملكتي
فصل 5 - من المستقبل
فصل 6 - أسينات الجميلة
فصل 7 - أنا أكرهُك
فصل 8 - محبوبتي
فصل 9 - أنا لعنته
فصل 10 - أحبيني
فصل 11 - قبلتي الأولى
فصل 12 - رقصتي مع الفرعون
فصل 13 - الحقيقة
فصل 14 - قبلتهُ الساحرة
فصل 15 - إيجاد طريقة العودة
فصل 16 - حُزن عميق
فصل 17 - لستُ مُستعدة
فصل 18 - حبيبي الفرعون
فصل 19 - أنتِ فقط
فصل 20 - تزوجني
فصل 21 - السُم الناري
فصل 22 - القرار المصيري
فصل 23 - عالمين مُنفصلين
فصل 24 - الهوة المُظلمة
فصل 25 - مُجرد حُلم
فصل 26 - اليوم السابع
فصل 27 - قريباً جداً
فصل 28 والأخير - معاً لمدى الحياة

فصل 2 - لعنة سيموتب

6.6K 785 273
By heaven1only




انتباه: أُكرر وأُعيد أحداث هذه الرواية خيالية تماماً.. هي من وحي خيالي فقط.. وطبعاً أنا لم أخترع الفراعنة والتنقل عبر الزمن.. وشكرا.

*************************************




أسينا**


بعد ان انتهت مُحاضراتي انتظرت كعادتي حتى تخلو الجامعة من جميع الطلاب ثم خرجت ومشيت على الرصيف.. بعد مرور ربع ساعة صعدت إلى الحافلة وجلست على المقعد ونظرت بشرود نحو النافذة.. ابتسمت برقة بينما كنتُ أنظر بشرود على الطرقات.. كاريتا إنسانة رائعة.. لطالما كنتُ أحلم بأن تكون صديقتي المُقربة.. لكن كنتُ أخاف من التقرب منها بأن تعلم حقيقة فُقري وتفضحني أمام الجميع..

لم أكن أخجل من فقر عائلتي.. لكن كنتُ أخاف بأن أتعرض للتنمُر مثلما يحدث مع الطلاب الفقراء.. لذلك كذبت وأخبرتهم بأن والدي رجل فاحش الثراء وكنتُ أتجنب الذهاب إلى حفلات زملائي في قصورهم ولا أسمح لهم كثيراً من التقرب مني كي لا يتم إحراجي بأن يطلبوا مني بإقامة حفلة في قصر والدي ودعوتهم..

كنتُ أعمل لدى المصمم تيودور وكان يسمح لي بأخذ ما تبقى من قطع الأقمشة والتي لم يعُد الخياطون بحاجة إليها وكنتُ أخيط لنفسي ملابس من تصاميم أهم المصممين العالمين في منزلي وأرتديها.. أما الأحذية كان يتحنن عليّ ذلك المنحرف تيودور ويعطيني البعض من الأحذية التي كانت ترتديها العارضات في عروضه ويفسدونها قليلا.. كنتُ أصلحها وأرتديها بسعادة..

أما كاريتا فكانت حكاية أخرى.. كنتُ أستلطفها ولكن شعرت بالخوف من التقرب منها بسبب فقري.. لذلك عندما بدأت في الثانوية تتقرب مني شعرت بالخوف الشديد وفضلت أن أتصرف معها بطريقة لا أحبُها بتاتا حتى تكرهني وتبتعد عني..

للأسف كنتُ أتنمر عليها.. وهذا ليس ما تربيت عليه منذ صغري.. كنتُ في كل يوم أعود إلى المنزل وأبكي بحزن بسبب تصرفي المُخزي معها.. كنتُ أحبُها بسبب طيبتها ومعاملتها الحسنة واحترامها للجميع.. لكن للأسف ظروفي منعتني من التقرب منها لأحمي نفسي..

تنهدت بقوة عندما رأيت الحافلة تتوقف أمام الحيّ الفقير والذي أسكنُ به.. ترجلت منها ومشيت نحو منزلي وما أن فتحت الباب تجمدت بذهول عندما رأيت أمي وأبي ينتظراني أمام الباب وهما يتأملانني بطريقة غريبة فنظراتهم لي كانت مزيج من خيبة الأمل و الغضب..

بلعت ريقي بقوة ودخلت ثم أغلقت الباب وكلمتهما بتعجُب قائلة

" مرحبا.. هل أنتما بخير؟! "

تأملتني والدتي بحزن وسمعت بخوف والدي يقول وهو يُحرك يده اليسرى أمامي والتي يحمل بها ظرف النقود الذي أعطتني إياه المصممة من قبل كاريتا

" من أين لكِ بهذا المبلغ الضخم أسينا؟ "

لا أعلم لماذا شعرت بالخوف!.. ربما بسبب نظرات والدي الغاضب ونظرات والدتي الحزينة!.. بلعت ريقي بقوة وأجبته بسرعة

" إنها سلفة عن معاشي من أجل الرحلة.. لقد طلبتُها من المُصممة ووافقت عليها لأنني مُجتهدة في عملي.. سوف تخصم من راتبي الشهري مبلغ كل نهاية الشهر.. كنتُ سأخبركما الليلة عن ذلك "

تأملني والدي بشك ثم لانت ملامحه وابتسم بحنان وسلمني الظرف ثم داعب خدي برقة بأصابعه وقال بعطف

" كنتُ متأكداً بأنكِ لم تسرقينها.. فابنتي إنسانة شريفة.. خذيها يا ابنتي وخبئيها جيداً.. كنتُ سأطلب سلفة من شركتي لتذهبي إلى الرحلة ولكنكِ سبقتني بخطوة.. لذلك سوف أساعدكِ بمصروفكِ عندما تعودين من رحلة الجامعة.. فمعاشكِ بالكاد سيكفيكِ بعدها.. هيا اصعدي إلى غرفتكِ وارتاحي قليلا "

قبلت خده برقة ثم قبلت والدتي والتي التزمت الصمت.. صعدت راكضة إلى غرفتي ووضعت ظرف المال في خزانة ملابسي وجلست على السرير وما أن انحنيت لأزيل حذائي انفتح باب غرفتي وفورا رفعت رأسي ونظرت باتجاهه لأرى أمي تدخل إلى غرفتي وتُغلق الباب بهدوء..

استقمت ونظرت إليها بتعجُب.. اقتربت ووقفت أمامي وكتفت يديها على صدرها وقالت بنبرة جامدة حادة

" الآن وعلى الفور سوف تُخبرينني الحقيقة.. من أين لكِ بهذا المبلغ الكبير أسينا؟.. وإياكِ أن تكذبي عليّ لأنني بينما كنتُ أنظف غرفتكِ ووجدت المبلغ اتصلت على الفور بمكتب المصممة وسألتهم إن طلبتِ سُلفة عن معاشكِ وأنكروا ذلك في قسم المحاسبة.. ولم أُخبر والدكِ بذلك حتى لا تسوء صحته.. فقط أخبرته بأنني وجدت هذا المبلغ في غرفتكِ إذ ظننت هو من أعطاكِ إياه.. تكلمي.. من أين لكِ به؟ "

نظرت إليها بقلق ثم قلتُ لها بصدق

" صديقتي كاريتا أعطني المبلغ.. ولكنه دين.. سوف أقوم بتقسيط المبلغ لها في نهاية كل شهر.. صدقيني أمي "

تأملتني والدتي كلارا بتعجُب ثم هتفت بدهشة

" لديكِ صديقة؟!.. منذ متى؟!.. ثم من هي كاريتا؟.. وكيف استطاعت تأمين هذا المبلغ الكبير لكِ؟ "

تأملتُها بخجل وكذبت لأول مرة عليها قائلة

" كاريتا صديقتي منذ الثانوية.. لم أخبركما عنها لأنها ابنة داس والتون "

توسعت عيون والدتي بصدمة كبيرة وهتفت بملء صوتها

" صديقتُكِ ابنة المليونير داس والتون؟!! "

ابتسمت بحنان لوالدتي وأجبتُها بهدوء

" نعم هي كذلك.. كاريتا والتون ابنته وهي صديقتي المُقربة.. آسفة أمي أخفيت عنكِ ذلك لأنني لم أرد أن أُحرجكم أو أُحرج والدي فهو يعمل في شركة والدها "

ابتسمت أمي بوسع وقالت تُعاتبني بقوة

" غبية ابنتي.. لماذا سنشعر بالإحراج؟.. بل العكس تماماً سنشعر بالفخر أنا و والدُكِ لأن صديقتكِ الحميمة هي كاريتا والتون ابنة أغنى رجل في البلد.. ولماذا بحق السماء لم تقومي بدعوتها منذ ذلك الوقت إلى منزلنا؟.. هل تخجلين من فقرنا أسينا؟ "

نظرت إليها بحزن وتنهدت بقوة وأخفضت رأسي إلى الأسفل.. أحسست بوالدتي تجلس بجانبي على طرف السرير ثم أمسكت بيدي اليمنى وحضنتها بكفيها وقالت بنبرة حنونة

" ليس مُخجلا بأن تكوني فقيرة.. الفقر ليس عيباً.. على الأقل نحنُ عائلة مُحترمة ونعمل بعرق جبيننا ولدينا منزل يأوينا وسقف يحمينا.. ثم كاريتا بالتأكيد تعلم بأنكِ فقيرة لأنها أعطتكِ مبلغ من المال لتذهبي في رحلة الجامعة إلى مصر أم الدنيا.. أليس كذلك صغيرتي؟ "

رفعت رأسي ونظرت إليها بحزن وأومأت لها موافقة ثم تنهدت بقوة وأجبتُها

" بالطبع أمي.. كاريتا تعلم بحالتنا المادية وبأن والدي يعمل في شركة والدها العالمية.. ولكن لم أقم بدعوتها إلى منزلي مُسبقاً ظناً بي بأنها لن ترتاح هنا أو... "

قاطعتني والدتي قائلة بحنان

" تبدو صديقتكِ رقيقة وطيبة القلب.. لماذا ظننتِ بأنها لن تستريح في منزلنا المتواضع؟.. غبية ابنتي الجميلة.. "

فجأة وقفت أمي وقالت بحماس ولهفة كبيرين

" اتصلي بها على الفور وقومي بدعوتها غداً على العشاء هنا.. أريد أن أتعرف عليها بنفسي وأشكرها على حُسن معاملتها لطفلتي.. ولكن لن أتفوه بحرف أمام والدكِ بما فعلته كاريتا من أجلكِ حتى لا يحزن بأنكِ كذبتِ عليه.. هيا اتصلي بها الآن "

نظرت بفزع إلى والدتي.. تباً كذبتي البيضاء أوقعتني في مصيبة كبيرة.. ليس لدي رقم هاتفها.. كيف واللعنة سأتصل بها الآن؟!!.. ثم طبعا كاريتا لن توافق على تلبية دعوتي لها بتاتاً.. ماذا يجب أن أفعل؟!!!.. ماذا يجب أن أفعل واللعنة؟!!!...

هتفت بخوف بداخلي ثم وقفت وقلتُ لوالدتي بتوتر

" حسنا ماما سأتصل بها "

أخرجت هاتفي من جيب سترتي وادعيت بأنني أضغطت على الشاشة ووضعت الهاتف على أذني ونظرت بتوتر إلى والدتي.. تصنعت الحزن وأجبت أمي بسرعة

" هاتفها مُغلق.. سأتصل بها لاحقا "

وضعت هاتفي بسرعة بجيب سترتي ورأيت أمي تبتسم بسعادة كبيرة وقالت بفرح

" لا أستطيع التصديق.. ابنتي الجميلة صديقة مُقربة جداً لابنة الملياردير داس والتون وأنا سأطهو لها بنفسي عشاء ولا ألذ من أجلها "

توسعت عيناي برعب وقبل أن أحتج أو أجد حُجة مُقنعة لتزيل فكرة هذه الدعوة المُرعبة لي من رأسها لكنها عانقتني بشدة وقبلتني على خدي بقوة ثم قالت بفرح

" استريحي قليلا وتذكري أن تتصلي بصديقتكِ وتقومي بدعوتها على العشاء غداً.. ياه كم أنا متحمسة للتعرف عليها.. والدكِ سيفرح جداً بهذا الخبر "

حاولت أن أعترض لكنها ابتعدت عني وخرجت من الغرفة وهي تهتف بسعادة بأنها ستكتب قائمة بمستلزمات الأغراض التي تنقصها من أجل العشاء..

جلست بانهيار على السرير ونظرت أمامي بفزع وهمست برعب

" ما هذه الورطة التي أوقعت نفسي بها!!.. إلهي ساعدني... "

أملت رأسي قليلا إلى الجانب ونظرت بحزن إلى الأسفل



فكرت بمرارة وبخوف.. ماذا عساي أن أفعل الآن؟!.. يجب أن أجد مخرجاً سريعاً لهذه الورطة الكبيرة.. فكرت وفكرت وفي النهاية وجدت الحل..

غداً في الجامعة سأتكلم مع كاريتا وأطلب منها أن تتصل بوالدتي وتعتذر منها على الحضور وتلبية دعوتها.. تنهدت براحة وقررت أن أدخل وأستحم...

في الصباح الباكر وصلت إلى الجامعة باكرا كعادتي حتى لا يراني أحد من الطلاب أصل مشياً على الأقدام.. انتظرت بفارغ الصبر وصول كارتيا وما أن رأيت سيارة الليموزين الخاصة بها حتى تنهدت براحة..

وما أن دخلت كاريتا من البوابة الضخمة حتى أمسكت بمعصمها وجذبتُها لتمشي بخطوات سريعة نحو حمام الطالبات.. وللمرة الثانية أفعل ذلك بها..

دخلت برفقتها إلى الحمام وأغلقت الباب وتأكدت من خلو المكان.. وقفت أمامها ونظرت إليها بتوتر بينما هي كانت تتأملني بتعجُب.. فركت يداي بتوترٍ شديد إذ كنتُ خجلة من الطلب منها بمساعدتي لأخرج من ورطتي.. سمعتُها بدهشة تقول بنبرة قلقة

" أنتِ بخير أسينا؟!.. تبدين شاحبة.. ثم أصبحت عادة لديكِ بانتظاري أمام بوابة الجامعة وسحبي خلفكِ إلى حمام الطالبات.. أخبريني ماذا تريدين مني فلا أريد أن أتأخر على المُحاضرة "

نظرت إليها بخجل وقلتُ لها بتوتر وبحياء

" كاريتا.. هو.. أمي في الأمس وجدت المبلغ الذي أقرضتني إياه و.. و.. وطلبت مني تفسيراً كيف حصلت عليه و.. "

تأملتني كاريتا بهدوء وقاطعتني برقة قائلة

" وماذا أيضاً؟!.. لم تُخبيرها بأنني أقرضتكِ المبلغ؟ "

نظرت إليها بعجز وقلتُ لها بسرعة حتى لا أفقد شجاعتي أمامها

" طبعا أخبرتُها بذلك لكن كذبت وقلتُ لها بأنكِ صديقتي المُقربة منذ الثانوية و.. وأمي طلبت مني أن أدعوكِ على العشاء في منزلنا الليلة.. طبعاً أنتِ لن توافقي على تلبية دعوتها.. لذلك لو سمحتِ هل يمكنكِ أن تتصلي بها من هاتفكِ و تعتذرين عن الحضور.. سأعطيكِ رقمها الشخصي و... "

قاطعتني كاريتا قائلة بحنان

" طبعاً سأفعل.. يُسعدني تلبية دعوة والدتكِ لي الليلة "

للوهلة الأولى لم أستوعب ما قالته لي لذلك ابتسمت براحة وأجبتُها بسعادة

" أشكركِ من قلبي لأنكِ وافقتِ.. سأعطيك رقم أمي كلارا و.... "

توقفت عن التكلم وعقدت حاجباي ونظرت إلى كاريتا بذهولٍ شديد.. رمشت بقوة وهمست بصدمة لا حدود لها

" مهلا لحظة!!.. ماذا قلتِ؟!!... "

تأملتني كاريتا بسعادة ثم ابتسمت بوسع وبعدها أجابتني بمرح

" هل فقدتِ حاسة السمع أسينا؟.. لقد قلتُ لكِ بأنهُ يُسعدني تلبية دعوة والدتكِ على العشاء الليلة في منزلكم "

سقط فكي إلى الأسفل من هول الصدمة ورأيت بذهول كاريتا تُقهقه بخفة ثم اقتربت خطوة مني ورفعت يدها اليمنى وأمسكت بطرف ذقني ورفعته لينغلق فمي ثم سحبت يدها بعيداً وقالت بمرح

" هكذا أفضل.. والآن أعطني رقم هاتفكِ ورقم هاتف والدتكِ لأتصل بها وأُخبرها بأنني قادمة وأشكرها على الدعوة.. ثم لأننا أصدقاء يجب أن يكون معي على الأقل رقم هاتفكِ الخاص.. والأهم عليكِ أن تُكلميني قليلا عن عائلتكِ حتى يكون لديّ فكرة عنهم.. وطبعاً عليكِ أن تختصري لي سيرة حياتكِ ويكون لدي بعض من المعلومات في حال سألوني على العشاء أسئلة مُحرجة تختص بكِ "

توسعت عيناي بذهول أكثر وهمست بصدمة

" أنتِ جادة؟ "

قهقهت بخفة وأومأت لي موافقة.. شعرت بالسعادة لأنها بتواضعٍ كبير وافقت على دعوة والدتي لها.. ابتسمت لها بوسع وأعطيتُها رقم هاتف أمي ورأيتُها تتصل بها..

كنتُ أنظر إلى كارتيا بسعادة لا توصف بينما كانت تتكلم مع والدتي وتضحك بسعادة بسبب شيء قالتهُ لها أمي.. ثم سمعت كارتيا تؤكد لها بأنها لن تتأخر الليلة وستكون في تمام الساعة السابعة والنصف في منزلنا.. عندما أنهت المكالمة مع والدتي تأملتني بهدوء وأعطتني رقم هاتفها وقالت

" أعطني عنوان منزلكِ بسرعة لأدونه أو أرسليه لي عبر رسالة نصية على هاتفي.. والآن أستأذن منكِ فأنا على عجلة من أمري قليلا وأرغب برؤية البروفيسور ديفيد لأمرٍ ضروري.. سأتكلم معكِ في فترة الاستراحة لذلك انتظريني ولا تهربي "

بعد خروجها من الحمام كنتُ ما زلتُ أقف كالصنم وأنظر إلى الباب بذهول

" كاريتا والتون ستأتي الليلة بشحمها ولحمها إلى منزلي المتواضع!!.. إلهي!!... هذا كثير عليّ "

همست بسعادة ثم قفزت بفرحٍ كبير وخرجت من الحمام وأنا أدعو بداخلي أن تمضي الليلة بهدوء في منزلي.



كاريتا**


حركت جفوني بخفة ثم فتحتُها ونظرت بجمود إلى السقف.. في البداية كنتُ جامدة ولم أكن أعي ما بي.. حركت بؤبؤ عيناي ونظرت في الأرجاء.. كنتُ في غرفة نومي..

فجأة انتفضت بقوة وأبعدت غطاء السرير عن جسدي ثم جلست ونظرت بذعرٍ مهول في غرفتي.. أين تلك المرأة المُخيفة؟!.. ماذا فعلت بي؟!.. من هي؟!.. وماذا تريد مني؟!..

فكرت بذعرٍ شديد بتلك الأسئلة وبدأت أبكي بخوف.. حضنت نفسي بكلتا يداي وهمست مُحاولة مُكالمة نفسي وتهدئة أعصابي

" اهدئي كاريتا.. ربما كان مُجرد حُلم!.. لا هو طبعا كان حُلم.. بالتأكيد حُلم.. فمن سابع المستحيلات أن أرى أشياء خارجة عن الطبيعة.. ربما حلمت بها بسبب تفكيري المستمر برحلة الجامعة إلى مصر!!.. نعم هذا هو السبب "

اقنعت نفسي بذلك وابتسمت براحة.. لكن بداخلي كنتُ أتساءل.. من هي تلك المرأة التي رأيتُها في حُلمي؟!.. من تكون؟!!.. وكيف استطعت أن أفهم ما قالته لي بتلك اللغة الغريبة؟!!..

أسئلة كثيرة لم أجد لها إجابة لذلك قررت أن أنهض وأتحضر للذهاب إلى الجامعة وأنسى ما حدث معي في الحُلم الغريب..

في المساء كنتُ نائمة بعمق في غرفتي عندما سمعت صوت في أذني يهمس باسمي بلغة غريبة.. بدأت أستفيق من غفوتي خاصةً عندما شعرت بثقل على كتفي بل بالتحديد في صدري..

فتحت جفوني بضعف ثم تجمدت نظراتي برعبٍ شديد عندما رأيت أمامي... فرس النهر!!!!!!!..... بجسم انسان؟!!!.. أو امرأة ضخمة بوجه فرسة النهر تقريبا...



فتحت فمي لأصرخ لكن لم يخرج صوتي.. حاولت أن أُغمض عيناي لكن لم أستطع.. أحسست بجسدي يرتعش بجنون وسمعت صوتها الضخم وهي تقول بنبرة جميلة حنونة

" همت نسوا نفرت "

ومن جديد فهمت طبعا ما قالته لي وهو زوجة الملك الجميلة.. تساقطت دموعي بغزارة على وجنتاي وفجأة رأيت جسدها يرجع إلى الخلف بسرعة واختفى كل شيء معها حتى غرفتي.. لم أكن أرى سوى لون السواد للظلام..

لم أتوقف عن البكاء لأنني كنتُ خائفة جداً خاصةً لأنني كنتُ عاجزة عن الحركة.. رأيت برعبٍ شديد ضوء من بعيد في الوسط بدأ يقترب بسرعة وتدرجيا من سريري..

فتحت فمي لأصرخ لكن صرختي مثل العادة لم تخرج.. ارتعش جسدي بقوة ورأيت أمامي هرة سوداء اللون تضع عقد من الذهب على عنقها.. تأملتني الهرة بنظرات هادئة غريبة ورغم ذلك كنتُ خائفة منها لأنها لم تكن هرة عادية بتاتاً..

فجأة فتحت فمها وبدل أن تموء سمعتها برعبٍ شديد تُكلمني

" هيبت دي نسوا وسير نب ددوا نيتر خصميت أنوبيسدوا بتر هاراواي "

توسعت عيناي أكثر برعب عندما فهمت ما قالتهُ لي.. إذا قالت لي.. القرابين التي قدمها الملك للآلهة العظماء قد قوبلت خاصةً من الآلهة أوزير و الآلهة أنوبيس..

بدأت أبكي برعب بسبب أنني فهمت كل كلمة قالتها لي بلغتها الغريبة والتي كلمتني بها الالهتين السابقتين..

فجأة اختفت وعاد الظلام في الغرفة.. ثواني قليلة وبدأت أرى أنوار ذهبية تشع في كامل غرفتي وشاهدت برعب أعمدة ضخمة عليها رسوم غريبة.. ثم شعَ نور عظيم في الغرفة شعرت معه بأنني فقدت بصري بسببه وفوراً أغمضت عيناي وبكيت برعبٍ مهول...

كنتُ أستطيع سماع صوت أنفاسي المتسارعة ونبضات قلبي السريعة.. أردت أن أصرخ بجنون لوالدي ليأتي لكن لم أستطع فتح فمي.. ودون أن أتوقف عن البكاء فتحت جفوني ببطء وفوراً توسعت عيناي بذعرٍ شديد عندما رأيت معبد وتماثيل ضخمة لآلهة أمامي..



أردت أن أصرخ.. أردت أن أتحرك لأقف وأهرب.. لكن لم أستطع.. فجأة ارتعش فكي بعنف عندما رأيت تلك التماثيل تتحرك رؤوسها ببطء باتجاهي.. وبفزع لا مثيل له رأيتُهم جميعاً ينظرون إليّ..

أردت أن أصرخ بجنون من هول الخوف الذي غرقت بهِ روحي لكن لم أستطع.. فقط دموعي الخائفة كانت تسيل بكثرة على وجنتاي.. وشهقاتي كُتمت رغما عن إرادتي..

" همت نسوا "

سمعتهم جميعا يهتفون بـ زوجة الملك.. بكيت برعب فاق احتمالي عندما بدأوا يتحركون ورأيتهم بفزع يتقدمون باتجاهي...

" مممممممممممممممممم......... "

أنين مُرتعب خرج من حُنجرتي بشكلٍ مكتوم بسبب عدم قدرتي على فتح فمي والصراخ بجنون رُعباً.. كان عددهم كبير نحو السبعة.. لا بل ثمانية تقريباً.. ومعظمهم لديهم رؤوس على شكل طيور غريبة.. وقفوا جميعاً حول سريري وفجأة زلزلت الغرفة ورأيت الأرض في الأمام تنشق وظهر نور قوي خارجا منها ثم رأيت بذعرٍ شديد رجل أو إنسان لا أعلم ما هو لكنه كان على هيئة إنسان و ضخم للغاية برأس كلب ويمسك بيده صولجان أو أداة حربية من الذهب طويلة جدا لنحو ثلاثة أو أربعة أمتار تشبه العصا وفي رأسها نصل مقوص كبير..



ارتعشت بجنون وسمعت صوت امرأة ضخم وحنون تقول بنبرة حنونة بلغتها الغريبة لكنني مثل العادة فهمت حديثها كلمة بكلمة

" ياه أنظر أنوبيس.. ملكتنا المسكينة خائفة وتبكي وترتعش بشدّة.. لقد أرعبتها أكثر من ما فعلنا "

أنوبيس؟!!.. هتفت بداخلي برعبٍ مهول لأنني طبعاً درست عنه القليل في السنة الماضية في الجامعة.. هو آلهة العالم الُسفلي.. أي هو اله الموت..

رأيتهُ برعب يقترب ليقف بجانب سريري مُقابل رأسي وسمعتهُ بفزع يُكلم تلك الآلهة قائلا بلغته

" لا أفهم لماذا الجميع يخافون مني؟ "

طبعا فهمت ما تفوه به وسمعت إحدى الآلهة تُجيبه بمرح بلغتها

" ربما لأنك اله الموت!.. شيء طبيعي أن يخاف منك الجميع.. ثم أظن حان الوقت لتنتهي الطقوس.. يجب أن نعود بسرعة "

ارتعشت أوصالي وكل خلية في جسدي عندما أدار رأسه ونظر إليّ بنظرات جامدة مُخيفة ثم برعب نهش عظامي رأيتهُ يُحرك ذراعه اليسرى ووضع يده على جبيني وقال بصوتهِ الضخم بلغتهِ الغريبة

" أُستجيب دُعاء ملك شعبنا وتم قبول قرابينه لنا.. ملكة.. ملكة مصر.. و زوجة الملك الرئيسية.. تم السماح لكِ بعبور الزمنين عندما تنفتح البوابة.. وذلك بمباركة الآباء الآلهة العظماء أجمعين "

وما أن انتهى من لفظ كلماته حتى شعرت بحريقٍ كبير في عظام جسدي و حتى في روحي.. ظننت نفسي سأموت فبكيت بهستيرية رغم عدم تمكُني من إغلاق عيناي..

وما أن سحب يده عن جبيني حتى شعرت ببردٍ يجتاح جسدي ونخر عظامي نخراً وهنا فقدت قدرة تحملي ورأيت الظلام أمامي...

صوت المُنبه المُزعج جعلني أستفيق من نومي العميق.. وما أن فتحت جفوني حتى انتفضت بذعر وهتفت بخوف أحرق قلبي وكياني..

" اااااااااااااعععععععععععععهههههــ... "

لكن توقفت عن الصراخ عندما رأيت نفسي في غرفة نومي.. لم يكن يوجد أي أثر للآلهة الفرعونية بها.. ربما كنتُ أحلم من جديد..

فكرت بذلك وأطفأت المُنبه وقررت أن أستحم وأتحضر للذهاب إلى الجامعة.. كنتُ أجلس في المقعد في سيارة الليموزين الخاصة بي بينما كنتُ أفكر بخوف بما رأيته في أحلامي..

كانت واقعية للغاية لدرجة أنني ما زلتُ أشعر لغاية هذه اللحظة بذلك الصقيع في عظامي.. لماذا آلهة مصر القدماء زارتني في أحلامي؟!.. ولماذا نادتني بزوجة الملك؟!!..

لم أفهم طبعا السبب وقررت أن أتكلم على انفراد مع البروفيسور ديفيد عله يقوم بتفسير تلك الأحلام الغريبة لي..

ما أن وصلت إلى الجامعة ودخلت من البوابة حتى جذبتني أسينا وللمرة الثانية من معصمي وسحبتني نحو الحمام.. كنتُ سعيدة جداً بتلبية دعوة والدتها لي على العشاء ولكن كنتُ مستعجلة لأذهب لأرى البروفيسور..

ركضت في الممرات وتوجهت مُسرعة نحو مكتب البروفيسور ديفيد.. طرقت على الباب وسمعته يأذن لي بالدخول.. ما أن دخلت تأملني بدهشة قائلا

" كاريتا!.. تفضلي اجلسي.. بماذا يمكنني مساعدتكِ؟ "

ابتسمت له بتوتر وجلست أمام مكتبه على الكرسي وكتفت يداي وقلتُ له بتوتر

" بروفيسور.. من بعد إذنك أريد التكلم معك بموضوع شخصي "

رفع حاجبه وتأملني بذهول وبتعجُب ولكنه قال باحترام

" آسف كاريتا.. أنا لا أتناقش مع طلابي عن حياتهم الشخصية و... "

قاطعته بسرعة قائلة

" لا بروفيسور.. الموضوع وما فيه أنا أرى في أحلامي آلهة المصرية القديمة.. رأيتهم مرتين وكان الحُلم مُخيف.. كان وكأنه حقيقي.. حتى أنني فهمت لغتهم بسهولة "

توسعت عينيه وشهق بدهشة ثم سألني بتعجُب

" ماذا تعنين بأنكِ ترين آلهة مصر القُدماء في أحلامكِ؟ "

أخبرته بالتفصيل الممل عن ما حدث معي وما قالتهُ لي الآلهة.. وعندما انتهيت شحب وجهه بشدة ثم رأيت يديه ترتعش بقوة.. فجأة وقف وركض إلى آخر الغرفة ووقف أمام خزانة عملاقة ممتلئة بالكتُب.. رأيتهُ بدهشة يبحث بتوتر عن كتاب ثم هتف بسعادة عندما وجده وعاد ووقف بجانبي ووضع الكتاب أمامي على مكتبه وفتحه وكلمني قائلا بسرعة وبلهفة كبيرة

" هذا كتاب الآلهة المصريين القُدماء.. افتحيه وانظري ماليا إلى الصور وعندما ترين الآلهة التي رأيتِها في حُلمكِ أشري لي عليها "

أومأت له موافقة وما أن فتحت الكتاب لم أجد ضرورة لقلب الصفحة التالية لأنني رأيت بها مجموعة كاملة من الآلهة بها وهم بأنفسهم من زاروني في حُلمي.. نظرت إلى البروفيسور وقلتُ له ببساطة

" جميعهم في هذه الصفحة.. إنهم نفسهم من رأيتهم في أحلامي "

توسعت عينيه بصدمة كبيرة وجلس بانهيار على الكُرسي المُقابل لي وقال

" إنهم التاسوع المُقدس.. يتربع على قمة الآلهة المصرية القديمة التاسوع المُقدس.. وهي العائلة التي تمثل بدء الخليقة وصراع الخير والشر.. أنتِ متأكدة بأنهم من قاموا بزيارتكِ في أحلامكِ وقالوا لكِ زوجة الملك؟! "

أجبتهُ موافقة وفوراً شحب وجههُ بشدّة.. تأملتهُ بخوف وسألته

" بروفيسور.. ماذا يعني ذلك؟.. أعني لماذا قاموا بزيارتي في أحلامي؟ "

سمعتهُ يتمتم بكلمات

" ربما لم يكن حُلماً بتاتاً! "

ارتعش جسدي بخوف وعندما انتبه لخوفي أمسك بالكتاب وأشار لي نحو آلهة وكلمني بجدية قائلا

" أنوبيس اله الموت والعالم السفلي.. مثل العديد من الآلهة المصرية القديمة.. تولى أنوبيس أدوار مختلفة في سياقات مختلفة.. تم تصويره كحامي المقابر في وقت مبكر من الأسرة الأولى وكان مسؤولا عن التحنيط.. تم استبداله بالآلهة اوزوريس في دوره كسيد للعالم السفلي.. كان أحد أدواره البارزة بمثابة مُرشد الأرواح في الحياة الآخرة.. تم تصوير أنوبيس باللون الأسود.. وهو اللون الذي يرمز إلى التجديد و الحياة و تربة نهر النيل و تغير لون الجثة بعد التحنيط.. ويُعد من أقدم الآلهة و واحدًا من أكثر الآلهة التي تم ذكرها عبر التاريخ "

تنهد بعمق ثم تابع قائلا بلهفة

" والآلهة التي رأيتها في حُلمكِ الأول هي الهة حتحور وممكن أن تكون الآلهة إيزيس لكنني أُرجح حتحور فالشبه كبير بينها وبين الآلهة إيزيس.. و حتحور هي آلهة السماء و الحب و الجمال و العطاء و الأمومة و الأمل و السعادة و الموسيقى و الخصوبة.. سُميت قديما باسم بات ووجدت على لوحة نارمر.. وكان يُرمز لها بالبقرة امنيه.. ولكن بعدها تم اكتشاف تمثال ضخم لها في حفريات قرب الاهرامات وكانت أنثى جميلة جداً تضع تيجا بقرنين بوسطها قرص للشمس "

وأشار لي على صورتها في الكتاب وفوراً أجبته

" إنها هي.. هي من رأيتُها في حُلمي "

ابتسم البروفيسور بحماس وتابع حديثهُ قائلا بلهفة كعادته

" ومن رأيتها تُشبه فرسة النهر هي الآلهة تاورت.. اسمها يعني العظيمة وهي تحمي الأمهات أثناء الحمل والولادة.. والهرة التي رأيتها هي الآلهة باستت "

استغربت لما قاله ففي النهاية لماذا هذه الآلهة رأيتُها في أحلامي؟!!.. تابع البروفيسور يشرح لي عن جميع الآلهة بأسمائهم و بالشرح الدقيق عنهم في النهاية وقف وأمسك بالكتاب وأغلقه وقال بجدية

" اسمعي نصيحتي كاريتا.. ربما الآلهة المصرية القديمة تُحذركِ من الذهاب إلى الجيزة.. برأيي الشخصي الأفضل أن لا تذهبي معنا في الرحلة "

وقفت بسرعة وهتفت باعتراض وبحزن

" لا بروفيسور ديفيد.. أنا لم أستطع التصديق بأن والدي أخيراً وافق على سفري إلى مصر.. مستحيل أن لا أذهب.. فهذه رحلة من العمر بالنسبة لي.. رحلة أحلامي.. سأذهب وهذا قراري النهائي "

تأملني بخيبة أمل ثم قال بجدية

" في الحقيقة طبعا لا أُعارض قراركِ النهائي.. كما آسف لا أستطيع التفسير لكِ عن سبب رؤيتكِ للآلهة المصرية القديمة في أحلامكِ "

شكرته وخرجت بهدوء من مكتبه.. ولكن كاريتا لم تسمع البروفيسور ديفيد وهو يقول بعد خروجها من مكتبه

" يبدو بأنني أخيراً سأرى بنفسي وقريبا جدا لعنة من لعنات الفراعنة تتحقق أمامي.. مخطوطة نارمر لم تُخطئ أبداً.. ستكون هذه الرحلة رحلة من العُمر لي.. سأشهد بنفسي نبوءة ستتحقق أمامي عن الفراعنة "

في المساء أوقف السائق السيارة أمام منزل صغير متواضع ولكنه جميل بنظري.. نظرت بشرود إلى المنزل وتذكرت تصرفات ونظرات البروفيسور الغريبة لي.. كان في الحصة يتأملني بطريقة عجيبة.. شعرت بأنني أخطأت وأخبرتهُ عن أحلامي..

ثم في فترة الاستراحة تكلمت مع أسينا وأخبرتني القليل عن عائلتها وعنها وفعلت المثل.. أخبرتُها بسرعة عني وعن والدي أمور يجب أن تعرفها كونها صديقتي.. وعندما أتى والدي إلى القصر استأذنت منه لأخرج في المساء.. فدائما ما أفعل ذلك احتراما له..

شعر والدي بالدهشة وسألني بتعجُب من هي تلك الصديقة.. أخبرتهُ بصدق بكل ما حدث بيني وبين أسينا وكيف ساعدتُها.. عندما انتهيت لزم والدي الصمت قليلا ثم ابتسم برقة وقال لي بأنه سعيد لأنني تصالحت مع أسينا أخيرا وأخبرني بأنه يعرف والدها جيداً وهو رجل شريف ونزيه.. ثم طلب مني أن لا أتأخر كثيراً بالعودة..

والدي رجل لا مثيل له برقته وعطفه وحنانه وكرمه.. شعرت بالسعادة لأنه بطريقةٍ ما لم يُمانع أن تتكون علاقة صداقة لي مع أسينا..

فتح السائق لي الباب وترجلت وطلبت منه بتهذيب قائلة

" لو سمحت أنطوني أخرج جميع الهَدايا وأدخلها إلى المنزل "

أجابني موافقا باحترام ومشيت نحو باب المنزل الرئيسي ولكن قبل أن أطرق الباب انفتح بسرعة ورأيت صبي صغير يبلغ من العمر إحدى عشرة سنة يقف أمامي.. إنه توبي شقيق أسينا الصغير...

" ماماااااااااااااا.. وصلت الضيفة.. وهي جميلة جدااااااااااااااا.. و.. وااااااااووو.. لمن كل هذه الهَدايا؟! "

ابتسمت برقة له بسبب براءته.. سأل بسعادة كبيرة عن الهَدايا عندما رأى السائق أنطوني يقف خلفي وهو يحمل ثمانية عُلب مُغلفة والمسكين بالكاد يستطيع الرؤية أمامه..

ابتسمت للصغير بوسع وقلتُ له

" مرحاً توبي.. أدعى كاريتا.. و... "

التفت إلى الخلف وأمسكت العلبة العلوية ورفعتُها ثم وضعتُها بين يدين توبي وقلتُ له

" هذه لك.. أتمنى أن تُعجبُك "

" شكرا كاريتا "

هتف بسعادة كبيرة ولدهشتي لم يُفسح لي الطريق لأدخل إذ بدأ بإزالة الورقة عن العلبة ثم تجمد بصدمة كبيرة وبعدها هتف بجنون وبفرحٍ لا يوصف

" ااااااااااااااااااااااااااااااععععععععععععع.. إنها بلاي ستيشن بي اس خمسة الجديدة "

قهقهت بخفة وابتسمت بسعادة كبيرة بسبب رؤيتي له سعيداً.. لطالما تمنيت لو كان لي أخ أصغر مني أو أخت.. أسينا محظوظة..

ثواني قليلة رأيت امرأة في عقدها الرابع تركض بسرعة باتجاه الباب وهي تهتف بقلق

" توبي.. توبي ماذا تفعل؟.. "

عندما شاهدتني وقفت بأرضها بصدمة وقالت بذعر

" اوه يا الهي.. المعذرة أنسة كاريتا.. تفضلي بالدخول أنستي.. يا إلهي لماذا تعذبتِ بجلب كل هذه الهَدايا.. أخجلتني أنستي.. أشكركِ.. تفضلي.. تفضلي لو سمحتِ.. توبي أفسح الطريق بسرعة للأنسة كاريتا لتدخل.. ثم هل شكرتها على هديتها لك؟ "

تذمر توبي بطفولية ولكن لدهشتي أمسك بيدي وجذبني لأنحني ثم قبلني على خدي وشكرني وركض بعدها إلى الداخل.. استقمت وابتسمت بسعادة ورأيت السيدة كلارا تمسح يديها بقميصها بتوتر وقالت بخجل وهي ترفع يدها لتصافحني

" أنا كلارا ريفر والدة أسينا.. تشرفت بمعرفتكِ أنسة كاريتا والتون "

صافحتُها بحرارة ثم لأزيل توترها اقتربت وعانقتُها برقة ثم ابتعدت وقلتُ لها بلطف

" سيدة كلارا.. لو سمحتِ ناديني باسمي فقط من دون أنستي "

ابتسمت بوسع وبعفوية أمسكت بيدي اليمنى وشبكت أصابعها بأصابعي وجذبتني لأدخل وقالت للسائق

" تفضل بُني.. يمكنك الدخول ووضع ما تحمله على هذه الطاولة "

نظرت إلى يدها الممسكة بيدي وابتسمت بحنان وهنا عندما حركت نظراتي إلى الأعلى رأيت أسينا تقف وبجانبها رجل يبدو في عقده الخامس من العمر ولكنه ما زال يتمتع بوجهٍ مُشرق وبشوش وجذاب..

جذبتني السيدة كلارا لأقف أمامهما وقالت بسعادة

" لورانس حبيبي.. لقد وصلت الأنســ.. كاريتا.. "

تقدم السيد لورانس وصافحني بحرارة قائلا

" أنسة والتون.. هذا شرف كبير لي بأن أستقبلكِ في منزلي المتواضع وأشكركِ لأنكِ وافقتِ على تلبية دعوة زوجتي لكِ.. لم أكن صدقاً أعلم بأنكِ صديقة ابنتي المُقربة "

صافحتهُ بحرارة وعانقته مثلما عانقت سابقا زوجته.. ابتعدت عنه ورأيته يتأملني بخجل فقلتُ له بسعادة

" سيد ريفر.. الشرف لي لأنني أخيراً تعرفت عليك وعلى زوجتُك.. أسينا كانت تُكلمني كثيراً عنكما "

تأمل السيد لورانس ابنته بحنان ثم قبلها على خدها.. وهنا رأيت أسينا تتأملني بمودة وهي تبتسم بسعادة..

استدرت وطلبت من السائق لينصرف وقلتُ له بأنني سأتصل به لاحقا ليعود لاصطحابي إلى المنزل.. جلست بجانب أسينا في الصالون الصغير وسمعتُها تهمس لي بصوتٍ جداً مُنخفض بالكاد سمعته

" أشكركِ من قلبي كارتيا.. ظننت لوهلة بأنكِ لن تأتي.. كنتُ خائفة وقلقة جداً.. شكرا لكِ فعلا "

ابتسمت برقة وأجبتُها بصدق

" آسفة تأخرت قليلا لأنني ذهبت لشراء هدية صغيرة لأمكِ و.. "

قاطعتني أسينا قائلة بدهشة ولكن بصوتٍ مُنخفض

" هدية؟!.. لقد جلبتِ المتجر بكامله.. لم يكن هناك من داعي لتفعلي ذلك.. أشعر بالخجل الشديد منكِ.. لماذا فعلتِ ذلك؟.. كان يمكنكِ القدوم دون عنــ.. "

نظرت إليها بجدية وقلتُ لها بهمس

" بما أنني ساعدتُكِ الليلة.. أريد خدمة في المقابل.. توقفي عن التذمر في أذني المسكينة واعتبري بأنني لم أجلب أي هدية معي "

تأملتني بدهشة كبيرة وهنا سمعت السيدة كلارا تسألني

" أهلا وسهلا بكِ أنســ.. كاريتا.. هل ترغبين بشرب عصير التفاح أم الليمون أم الفراولة؟.. إنها من صنع يداي وهي طازجة "

ابتسمت لها من أعماق قلبي وأجبتُها

" عصير التفاح جيد من بعد إذنك.. أشكركِ سيدة كلارا "

سمعت أسينا تهمس في أذني قائلة

" كاريتا.. أمي طيبة القلب جداً.. وهي تشعر بفرحٍ كبير بسبب زيارتكِ لنا.. لم أراها سعيدة بهذا الشكل منذ زمنٍ طويل.. أشكركِ من قلبي لأنكِ جعلتها سعيدة الليلة "

وهنا نظرت إلى أسينا بشرود.. رأيتُها تضحك وزال توترها وخوفها مني.. كانت الأمسية جميلة جداً.. واكتشفت كم أسينا طيبة القلب وتُحب عائلتها الصغيرة بجنون..

للأسف حسدتُها.. حسدتُها لأنها تمتلك أم و شقيق.. حياتها كاملة رغم حالتهم المادية المتواضعة.. وكم تمنيت لو كانت أمي ما زالت على قيد الحياة.. كان القصر سيضج بصرخات شقيقاتي.. أو أخي..

أحببت من قلبي عائلتها وخاصةً أمها الحنونة.. إذ بكت بشدة عندما فتحت اول هدية جلبتُها لها وهي عبارة عن معطف من الفرو الأصلي من ماركة شانيل.. أما الثانية كانت حقيبة يد كلاسيكية مع حذائها من ماركة عالمية.. أما السيد لورانس اخترت له بدلة من أرماني.. طبعا يمكنه تبديلها بمقاس أصغر لاحقا إن أراد ولكن لحسن الحظ كانت مناسبة..

وأخيرا لـ أسينا جلبت لها أربعة هدايا.. لكنها لم تفتحها بسبب خجلها مني.. أتمنى أن تعجبها...

لم أشعر بالوقت يمضي وعندما انتهت السهرة عرض عليّ السيد لورانس أن يقلني إلى منزلي لكن اعترضت وفضلت أن أطلب سائقي أنطوني.. وعندما وصل وقفت وشكرتهم على كل ما فعلوه من أجلي الليلة وقمتُ بتوديعهم وخرجت من المنزل سعيدة..

كنتُ نائمة في غرفتي وشعرت فجأة بالبرد.. أنيت بتذمُر ورفعت الغطاء لفوق رأسي علني أشعر بالدفء..

" زوجتي.. ملكتي "

سمعت صوت صدى لرجل يتفوه بتلك الكلمتين بحزن بلغة سمعتُها سابقا من الآلهة في حُلمي.. ظننت نفسي أهلوس وغرقت بنومٍ عميق..



الفرعون زيروس**


هناك من تأمر على قتلي في المعبد!.. فكرت بغضب بينما كنتُ أنظر بحدة إلى الثعبان أمامي.. فجأة فتح فمه وهجم عليّ...

تحركت بسرعة ورفعت ذراعي اليسرى وأمسكت برأسهِ وبعنقهِ بقبضتي وضغطت بعنف وأغلقت فمهُ الكريه.. نظرت نحو مدخل المعبد وهتفت بقوة

" بيدوس "

ثواني ورأيته يقف أمام المدخل ونظر بذعر إلى الثعبان بين يداي وهتف بقلق

" فرعون.. اقذفه ناحيتي بسرعة "

هل هو جاد بكلامه؟!.. تساءلت بذهول رغم أنني أعلم بأنه لم يدخل إلى المعبد لأنه غير مسموح له بفعل ذلك.. سأقوم بتعديل بعض من القوانين قريبا.. فكرت بذلك وشعرت بالثعبان يُحرك ذيله وحاول أن يلفهُ على قدماي وهنا فورا قفزت عاليا بأرضي ثم دُستُ بقوة على زيله وبكامل قوتي ونظرت نحو بيدوس هاتفا له بحدة

" ارمي لي سيفك الخوبيش وبسرعة "

سحب بيدوس سيفه ورماه عاليا باتجاهي.. نظرت ورأيت السيف يدور ويلتف في الهواء و يتوجه باتجاهي بسرعة كبيرة



رفعت يدي اليمنى وأمسكت بمقبض السيف ثم حررت رأس الثعبان ولكن قبل أن يهجم علي ويعضني كنتُ أسرع منه إذ قطعت له رأسه بنصل السيف الحاد.. رأيت بقرف جسد الثعبان يقع على الأرض ولصدمتي تحول إلى غبار بسرعة وأختفى..

" ماذا؟!!... "

همست بصدمة إذ عرفت بأن الثعبان لم يكن حقيقي بل بفعل السحر وتعويذةٍ ما.. سمعت شهقة خائفة وفوراً التفت إلى الخلف ورأيت خيال شخص يختبئ خلف إحدى الأعمدة.. نظرت بحدة إليه وهتفت بأمر

" أيها الكاهن أُخرج من مخبأك على الفور بأمر من الفرعون الملك "

لكن عندما رأيته يهرب هتفت لقائدي بيدوس بقوة

" بيدوس.. بأمر مني أدخل إلى المعبد واجلب لي ذلك الخائن على الفور "

وبسرعة ركض بيدوس إلى الداخل مع جنود المعبد ورميت له سيفه الخوبيش ووقفت أتنفس بحدة حتى رمى بين أقدامي أرفع كاهن في مملكتي والذي هو خنسو الكاهن الأول للفرعون والذي ينوب عني في الصلوات وتقدمة القرابين أحيانا..

نظرت إليه بغضب ثم أمرت بيدوس بصوتٍ حاد

" ارموه في الزنزانة على الفور.. ما فعله هو خرق للأعراف الأخلاقية والعرفية والدينية.. لقد حاول قتلي باستخدام سحر وتعويذة شريرة.. سيتم مُحاكمته أمامي غدا حسب قوانين ومفهوم الآلهة ماعت.. آلهة الحق والعدل والنظام في الكون.. وأريدك بيدوس أن تستجوبه بنفسك الليلة لتكشف لي من هم شركائه "

أمسكه الحُراس للكاهن والذي كان يبكي وتوسل مني الرحمة.. لكن نظرت إليه بحدة وقلتُ له

" وثقتُ بك وقمتُ بتعينك كاهني الأول.. لكنك غدرتَ بي لسببٍ مجهول.. الموت سيكون من نصيبك "

وما أن بدأ الحُراس يسحبونه إلى الخارج حتى هتف الكاهن بجنون وبغضب أعمى

" باسم الآلهة الآباء والآلهة أنوبيس.. سأنزل عليك لعنة أبدية فرعون زيروس الأول.. سيحترق قلبك ولن تجد لا هنا ولا في الحياة ما بعد الموت زوجتك الأولى الرئيسية.. ولن تُحبك حتى لو فرشتَ لها الأرض كنوزاً و... "

" اخرس أيها الحقير "

هتف بيدوس بوجهه بغضبٍ جنوني ثم لكمهُ بقوة ليغيب عن وعيه وأمر الحراس بحملهِ ورميه في احدى الزنزانات.. كنتُ أقف جامدا بأرضي أنظر بصدمة أمامي.. فعندما كاهن يقوم بلعن أحد داخل المعبد لعنته سوف تتحقق.. صحيح أوقفه بيدوس عن تكملة اللعنة وأخرجه محمولا من المعبد لكن رأيت الكتابات في المعبد على العمود يخرج منها ضوء قوي وبعدها شرع يخف تدريجياً حتى اختفى نهائيا..

تمايل جسدي وأسندت نفسي بالعامود الضخم ثم جثوت بانهيار أمام تمثال الآلهة أنوبيس وقلتُ له بحرقة وبرجاء

" أرجوك آلهتي.. لا تحرق قلبي وتسمح بتلك اللعنة.. أرجوك.. لا تسمح بها بأن تصيبني "

وقفت وخرجت بخطوات بطيئة من المعبد ورأيت حرسي وعربتي النقالة بانتظاري.. وصلت إلى القصر الملكي وهتفت بجنون بينما كنتُ أتجه نحو الزنزانات

" افتحوا لي الأبواب.. تحركوا بسرعة "

ركض حُراسي الملكيين خلفي برعب ثم البعض منهم ركضوا أمامي وبدأوا بتأمين الطريق لي.. دخلت السراديب وتوجهت نحو الزنزانات السرية.. رأيت بيدوس يلكم بعنف الكاهن خنسو وفور سماعه لخطواتنا توقف عن لكمهِ ونظر إليّ باحترام وأحنى رأسه قائلا بنبرة قوية

" فرعون.. لم يتكلم هذا الخائن بتاتا.. هو لا يريد البوح لحساب من حاول قتلك "

دخلت الزنزانة وأمرت بيدوس بحدة

" أخرج وانتظرني في السرداب الأول "

" بأمر عظمتك "

أجابني باحترام وهو يحني رأسه وخرج مُسرعا من الزنزانة.. كنتُ أعلم بأنه ليس راضياً عن تركهِ لي هنا.. لكن بيدوس سيفهم أسبابي قريباً..

وقفت أمام خنسو وهتفت لحارسين من حُراسي الملكيين ليدخلوا.. ثم أمرتهم بحدة قائلا

" اجعلوه يجثو على ركبتيه أمامي "

وفورا جعلوه على ركبتيه أمامي ووضع الحارس الأول سيفه الخوبيش على عنق الكاهن أما الحارس الثاني وضع نصل سيفه على صدر الكاهن..

نظرت إلى خنسو بغضب وقلتُ له بحدة بينما صدري كان يعلو ويهبط بعنف بسبب انفعالي

" كان جميع زملائك الكهنة يريدون الكاهن سيتو أن يكون كاهني الأول.. لكنني رأيت بك ما لم يراه أحد.. الذكاء وحُب المعرفة ولنقل الإخلاص.. وقررت تعينك كاهني الأول وفعلت.. وأنتَ بماذا كافأتني؟.. حاولتَ قتلي وداخل معبد الآلهة أنوبيس ثم ألقيت بلعنة عليّ.. قد أقوم بتخفيف الحُكم عليك وعدم القاء لعنة سيموتب عليك قبل موتك وبعده.. ولكن في المقابل أخبرني مع من تعاملتَ ضدي "

لعنة سيموتب هي من أقوى اللعنات التي يخاف منها الشعب المصري.. هذه اللعنة لا يستطيع أحد فعلها سوى الفرعون المُعظم بنفسه.. وهي مُخيفة لدرجة أنه لا يتم لفظ اسم هذه اللعنة سوى من الفرعون بنفسه..

رأيت الحارسين يرتعشان بخوف لدى ذكري لتلك اللعنة ثم رأيت الكاهن خنسو يتبول على نفسهِ من شدّة الخوف وهتف بذعرٍ شديد

" لاااااااااااااااااااا.. أرجوك جلالتك لا تفعلها.. سأتكلم.. سأتكلم وأعترف لك "

رفعت رأسي بشموخ ونظرت إلى الأسفل نحوه بكبرياء وبغضب وأمرته بحدة قائلا

" تكلم في الحال واعترف لي بكامل الحقيقة "

بدأ يبكي بشكلٍ غريب وقال من بين شهقاته

" لقد رأيت.. رأيت المستقبل فرعون العظيم.. بوابة غريبة الشكل ستفتح وسيدخل إلى عالمنا أرواح ليست من زمننا.. وتلك الأرواح سوف تتسبب بأمور فظيعة ومنها موتك النهائي جلالتك.. أنا لم أتفق مع أحد لخيانتك.. أنا فقط ما رأيته أرعبني.. تلك الروح متصلة بك وستكون سبب اختفائك الأبدي.. والمملكة ستنهار من بعد اختفائك.. ما رأيته أرعبني للغاية وقررت أن لا أسمح لتلك الأرواح بالدخول.. ولم يكن أمامي سوى أن أستخدم سحري لأجد الطريقة المناسبة.. وعندما فعلت دخلتَ جلالتك إلى المعبد وظهر لك ذلك الثعبان الكبير.. شعرت بالخوف الشديد وأردت أن أهرب.. و.. وهذه هي كامل الحقيقة عظمتك.. صدقني أرجوك "

هو يكذب.. طبعا يكذب.. عرفت فورا بسبب رجفة جفونهِ.. عادة من يكذب ترتجف جفونه بفعلها.. صرخت بغضبٍ عميق بوجهه

" كيف تجرؤ على الكذب أمامي أيها الكاهن؟.. لا أحد تجرأ سابقا على الكذب عليّ.. سأقوم بلعنك في الحياة وما بعدها.. لعنة سيموتب ستنزل عليك وعلى جميع أفراد سُلالتك "

نظرت إلى الحارسين وأمرتهما بحدة

" أخرجوه فورا من هنا وضعوه في معبد الآلهة أنوبيس.. وليكن جميع الكهنة حاضرون هناك "

بدأ الكاهن خنسو يصرخ بجنون وهو يطلب الرحمة مني له ولأفراد سُلالته.. خرجت من الزنانة ودخلت السراديب ورأيت بيدوس ينتظرني بقلق..

" فرعون زيروس.. هل اعترف لك لصالح من قام بخيانتك؟ "

أشرت له بيدي ليتبعني وخرجت مُسرعا من القصر الملكي نحو عربتي وأمرت بيدوس ليرافقني..

دخلت إلى المعبد ورأيت جميع الكهنة بانتظاري.. اقتربت من الحائط الأمامي للمعبد خلف تمثال الآلهة أنوبيس.. رفعت الصولجان الخاص بي عاليا وطرقت ثلاث طرقات على الحجر النافر من ناحية اليمين ثم طرقت ثلاث طرقات على الحجر النافر من ناحية اليسار ثم ثلاث طرقات على الحجر الضخم النافر في الأسفل وهتفت بملء صوتي

" آلهة أنوبيس.. الهة العالم السفلي والموت.. افتح لي بوابة سيموتب.. فكاهن خائن ستقع الليلة عليه لعنة سيموتب وعلى كامل سُلالته بسبب خيانتهِ العظمة لي "

رجعت بخطواتي إلى الخلف وفجأة اهتزت الأرض وتحركت الأحجار الثلاثة العملاقة إلى الداخل ثم إلى الخارج ثم إلى الداخل وبدأت تبتعد عن بعضها ببطء لتظهر لنا غرفة المُحرمة.. غرفة سيموتب...

كان الجميع خائفون فلا أحد سابقا دخل إلى تلك الغرفة.. فلم يُسبق لفرعون سابقاً أن استخدم لعنة سيموتب المُخيفة..

رفعت صولجاني وأشرت به إلى الأمام نحو الغرفة وهتفت بقوة

" ارموه في الداخل "

ومشيت أولا ودخلت إلى الغرفة المظلمة وفوراً تحركت المرايا باتجاه الأنابيب المفرّغة جزئياً والتي تسمح بمرور أشعة الشمس أو القمر ما يؤدي إلى إضاءة الجدران المُقابلة بفعل المرايا..

رأيت قبر كبير أمامي وشاهدت الحراس يزيلون الغطاء الحجري عنه.. شحبت وجوههم عندما نظروا بداخله ورأيتهم يبتعدون عنه بسرعة ووقفوا حوله ينظرون إلى الأرض ويرتعشون..

أصوات أنين وصرخات أرواح مُعذبة متألمة صدحت في أرجاء الغرفة.. نظرت إلى بيدوس وأشرت له برأسي ليقترب.. بدأ الكهنة يتلون طقوس التحضير للتعويذة بعد أن تم رمي الكاهن خنسو أمام القبر..

علت الأصوات المُرعبة الخارجة من القبر وتلاها أصوات فحيح الأفاعي.. أغمضت عيناي وأمسكت بكلتا يداي صولجاني الخاص وبدأت أتلو بصوتٍ مُرتفع لعنة سيموتب على الكاهن الخائن..

عندما انتهيت اهتزت الأرض أسفلنا ووسط صرخات الكاهن خنسو أمرت الكهنة برميه داخل القبر..

رفعت رأسي ونظرت بحدة ودون شفقة إلى الكاهن خنسو وهو يبكي ويتوسل الرحمة والسماح.. تم رميه داخل القبر والذي كان ممتلئ بأرواح الشريرة المتألمة والأفاعي والعقارب.. شاهدته ببرود وهو يصرخ ويحاول النهوض والهروب ولكن ثواني ورأيت أفعى سوداء كبيرة تلتف على عنقه وتدخل رأسها في فمه ثم نصف جسدها.. أما العقارب بدأت تلسعه بذيلها ومع كل لسعة كان يكبر حجمها أكثر فأكثر.. أما الأرواح الشريرة المُعذبة كانت تتمسك بجسد الكاهن وتُثبتهُ وهي تصرخ بجنون وتسحب روحه لتحبسها معها في العالم السفلي

" أغلقوه بسرعة "

أمرت الكهنة بذلك وفورا حملوا اللوح الضخم ووضعوه على القبر وما أن انغلق بالكامل حتى ساد السكون في الغرفة.. نظرت إلى الكاهن سيتو وقلتُ له أمام الجميع

" كاهن سيتو.. أصبحتَ كاهني الأول منذ هذه اللحظة.. والآن يمكنك الكتابة على اللوح بنفسك لعنة سيموتب.. ولا تنسى أن تشمل سُلالته بها.. سيموت كل فرد من أفراد سلالتهِ في صباح الغد وتحديداً لدى ظهور أول خطوط الشمس الذهبية.. ستختفي الأرواح الشريرة عند شروق الشمس هذا الصباح "

وخرجت من الغرفة ثم من المعبد برفقة بيدوس وحرسي..

وكما قال الفرعون في لعنته حدث.. مع شروق أو خطوط ذهبية للشمس على مصر صرخات وبكاء عنيف اهتزت بفعلها منازل الحُكام.. فقد مات كل فرد من سُلالة الكاهن خنسو والذي أصبح لفظ اسمه مُحرما في مصر...


انتهى الفصل




ولمن يرغب بكتابة تعليق عن البارت هنا:


الفرعون زيروس الأول؟...

بيدوس؟...

الكاهن خنسو؟..

كاريتا؟...

أسينا؟...

كلارا والدة أسينا؟...

لورانس والد أسينا؟...

البروفيسور ديفيد؟...

وطبعا توقعاتكم للبارت القادم؟...


أشكركم من أعماق قلبي على محبتكم لروايتي ومتابعتها ❤️❤️❤️❤️ لكم جزيل الحُب والشكر والتقدير ❤️❤️❤️❤️.

Continue Reading

You'll Also Like

24.3K 1.1K 19
تروي قصة فتاة تجبرها الضروف على خوض تجربه فريده من نوعها في مجال العمل نوع القصه رومانسي درامي ذو طابع كوميدي جوليا : فتاه في ال١٩ من العمر ..جميله...
693K 32.6K 59
فرح الرواي بنت مصرية أقل ما يقال عنها أنها شقية و مجنونة تكتشف بالصدفة ان خالتها ساحرة و تنقلب حياتها رأسا عن عقب عندما تجد نفسها تنتقل إلى عالم آ...
443K 14.2K 33
ماذا سيحصل عندما يلتقي رجل الأعمال الملقب بالسوق الداهية لذكاءه بكاثرين هيل الفتاة القوية التي تكره الضعف رجل يكره النساء بسبب ماضيه المؤلم فتاة خسرت...
33.4K 913 11
نوفيلا العيد....... نوفيلا فانتازيا بسيطة خفيفة من خمس فصول مقتطفات من النوفيلا انا عشقت كلمة لم اتوقع ان اقولها كلمة كنت اضحك عندما يقولها احد لى وا...