سحر الفرعون

By heaven1only

138K 20.4K 6.8K

الرواية مكتملة✔️ كاريتا والتون فتاة ليست عادية فهي ابنة المدللة والوحيدة للمليونير داس والتون تدرس التاري... More

التعريف
فصل 2 - لعنة سيموتب
فصل 3 - قلادة الخنفساء
فصل 4 - ملكتي
فصل 5 - من المستقبل
فصل 6 - أسينات الجميلة
فصل 7 - أنا أكرهُك
فصل 8 - محبوبتي
فصل 9 - أنا لعنته
فصل 10 - أحبيني
فصل 11 - قبلتي الأولى
فصل 12 - رقصتي مع الفرعون
فصل 13 - الحقيقة
فصل 14 - قبلتهُ الساحرة
فصل 15 - إيجاد طريقة العودة
فصل 16 - حُزن عميق
فصل 17 - لستُ مُستعدة
فصل 18 - حبيبي الفرعون
فصل 19 - أنتِ فقط
فصل 20 - تزوجني
فصل 21 - السُم الناري
فصل 22 - القرار المصيري
فصل 23 - عالمين مُنفصلين
فصل 24 - الهوة المُظلمة
فصل 25 - مُجرد حُلم
فصل 26 - اليوم السابع
فصل 27 - قريباً جداً
فصل 28 والأخير - معاً لمدى الحياة

الفصل الأول - زوجة الملك

11.1K 885 410
By heaven1only



رواية سحر الفرعون

فصل الأول " زوجة الملك "



الفرعون زيروس الأول**


أصوات الطبول والأبواق والموسيقى صدحت عالياً في السماء بينما كنتُ أسمع أصداء الاحتفالات في الخارج..

تنهدت بعمق بينما كان خياطي الخاص يقوم بوضع النقبة القصيرة لفوق الركبة والبيضاء اللون والمصنوعة من الكتان وثبتها بحزام من الجلد على خصري والذي تم زخرفته بمجوهرات نادرة.. ثم ابتسم بوسع وانحنى أمامي قائلا

" فرعون.. من بعد إذن سموك هل تسمح لي بوضع العقد على كتفيك؟ "

تنهدت بخفة وأجبته بنبرة جامدة

" يمكنك فعل ذلك سيتوت "

وفوراً رفع رأسه وابتسم بوسع ثم أشار بيده لحارسين ليقتربا وفتح صندوق الكبير أمامي وحمل الثلاثة العقد ووضعوه على كتفي.. ابتعدوا عني وهم منحنين أمامي ونظرت إلى المرآة وتأملت بملل انعكاس صورتي بها..

فجأة سمعت حارس من خارج جناحي يهتف بقوة

" الملكة سات رع "

طبعاً كان غير مسموح لأحد بالدخول إلى جناحي من دون إذن مني.. ولكن والدتي يمكنها الدخول في أي وقت.. فهذه كانت تعليماتي للحرس الملكي الخاصين بي..

فتح الحُراس الباب الضخم ورأيت عبر المرآة والدتي تدخل وهي تبتسم بسعادة

" أخرجوا "

أمرت الحارسين و خياطي الخاص سيتوت بالخروج لأبقى بمفردي برفقة والدتي.. وفور خروجهم استدرت ونظرت بحنان إليها..

وقفت والدتي تتأملني برقة وبحنان ثم ابتسمت بوسع واقتربت مني وأمسكت بيدي اليمنى وقالت بسعادة

" بُني.. زيروس.. تبدو وسيماً كعادتك.. خاصةً اليوم في يوم عيد ميلادك "

كانت أمي الوحيدة المسموح لها بمناداتي بإسمي دون لقبي الملكي.. ولكنها طبعاً كانت تفعل ذلك فقط عندما نكون بمفردنا..

رفعت يدها وقبلتُها برقة ثم حضنتُها إلى صدري وقلتُ لها بحنان

" ملكتي.. الزمن يتوقف فقط أمام جمالكِ وحُسنكِ.. تبدين فائقة الجمال مثل عادتك "

قهقهت والدتي بسعادة فقبلت خدها برقة وحررت يدها ومشيت وجلست على الكرسي وأشرت لها لتجلس..

نظرت إليها بحنان وسألتُها

" ما سبب هذه الزيارة المفاجئة لي اليوم؟ "

رفعت حاجبيها وقالت بدهشة مصطنعة

" كيف تسألني عن ذلك؟.. أردت ببساطة أن أراك قبل أن نذهب إلى الاحتفال.. و.. امممم.. "

عرفت فوراً بأنها تريد التكلم معي بموضوع هام.. وحدسي لم يُخطئ بتاتاً عندما حمحمت والدتي وقالت بسرعة

" أصبحتَ في الثالثة والثلاثين من عمرك بُني.. وطبعاً أتمنى أن تحميك آلهتنا وتهبُك طول العُمر ملكنا.. ولكنني أمُك.. أريد أن أرى أحفادي وأفرح بهم.. الجميع في البلاط الملكي يتكلمون عن امتناعك بالذهاب إلى جناح حريم القصر الملكي منذ ثلاثة أشهر واختيارك لجارية.. الجميع يتكلمون بأنك توقفت عن الذهاب بعد أن اكتشفت بأن ابنة عمك نرختوس لم تكن حامل منك كما ادعت.. نرختوس كانت المفضلة لديك وهي من العائلة المالكة.. الأفضل أن تتزوج من داخل العائلة للحفاظ على سلالات العائلة المالكة و... "

وهنا رغماً عن إرادتي شعرت بالغضب الشديد.. وقفت بسرعة وقاطعت أمي قائلا بنبرة حازمة

" يكفي أمي.. لقد سئمت.. سئمت.. "

تأملتني والدتي بقلق فتهدت بعمق وتابعت قائلا لها بحدة

" تلك الخائنة نرختوس لم أُعطي أوامر بقتلها من أجلكِ فقط.. لأنكِ طلبتِ مني بنفسكِ بأن أرحمها لأنها ابنة عمي.. لكن لن أسامحها أبداً على خداعها لي.. أوهمتني وأوهمت الجميع بأنها حامل مني.. حتى أنها تأمرت مع تلك الحكيمة ليخدعوني.. صحيح تم إعدام الحكيمة ولكن تلك المُخادعة رحمتُها من أجلكِ فقط "

قبضت بعنف قبضتاي وتابعت قائلا لأمي بحرقة

" سئمت من الجاريات ومن ألاعيبهم و مؤامراتهم.. لا أريد أي واحدة منهم أو من أقاربي.. هل كثير عليّ إن انتظرت المرأة التي ستكون نصفي الآخر وملكة على عرش كمت  و والدة أطفالي؟.. هل كثير عليّ إن أردت أن أُحب وأعشق؟.. أريد أن أُحب أمي.. أريد أن أختبر مشاعر الحُب والعشق.. سئمت بينما كنتُ أنتظرها طيلة سنوات طويلة.. سئمت الانتظار.. أريدُ ملكتي.. أريدُها.. أريد زوجتي الرئيسية "

تأملتني والدتي بحزن ثم وقفت ووضعت يدها على خدي ومسدتهُ بأناملها برقة وقالت بحزن

" لا تحرق قلبك ملكي.. أنتَ الفرعون العظيم زيروس.. آبائنا الآلهة تحميك وترعاك وترعى شعبك وبلدك.. ربما هذا قرارها!!.. ربما آلهتنا اختاروا لك بأن لا تختبر مشاعر الحُب الحقيقي.. لذلك... "

وهنا فكرت بشيء بالغ الأهمية.. توسعت عيناي وأمسكت بيدها وأبعدتُها عن وجنتي بهدوء وقاطعتُها قائلا بسعادة

" كيف لم أفكر بذلك سابقاً!!!.. ملكتي أشكركِ من قلبي... "

تأملتني والدتي بعدم الفهم فاتسعت ابتسامتي وقلتُ لها بفرح

" الآلهة لم تستجب لأمنيتي لأنني لم أُقدم لها القرابين من أجلها لتُحقق لي هذه الأمنية.. عندما ينتهي الاحتفال سأذهب إلى المعبد وأُقدم القرابين لها علها تستمع إلى طلبي وتُحقق أمنيتي.. أشكركِ والدتي "

ابتسمت والدتي بحنان وأجابتني بثقة

" اذهب إلى المعبد وقدم القرابين للآلهة حتحور حتى تستجب لدعائك وتُرسل لك الملكة التي تنتظرها.. ثم اذهب إلى معبد الآلهة إيزيس وقدم لها القرابين كذلك فهي آلهة الخصب والجمال والحاكمة الأولى وبعدها اذهب إلى معبد الآلهة آمون.. آلهة الشمس والريح والخصوبة.. الآلهة إيزيس و الآلهة آمون سيجعلان ملكتك كاملة.. و... "

ابتسمت لها بحنان وقاطعتُها قائلا

" ملكتي.. سأذهب لتقديم القرابين لجميع آلهتنا.. سأصلي و أدعو من قلبي حتى تستجب لي الآلهة وتُرسل لي ملكتي المستقبلية.. اليوم بعد انتهاء الاحتفال سأذهب برفقة القائد بيدوس وحرسي إلى المعابد "

أومأت والدتي موافقة ثم قالت بحنان

" سأذهب الآن وأسمح لمُصفف الشعر بالدخول.. عليه أن يُصفف شعرك قبل أن يتم وضع التاج على رأسك.. سأنتظرك في غرفة العرش "

بعد خروجها من جناحي سمحت لمُصفف الشعر بالدخول.. كنتُ أكره وضع باروكة شعر مستعار وفضلت أن يتم الاعتناء بشعري الطبيعي..

عندما انتهى تم وضع الكُحل الأسود على عيناي ثم وضع المُصفف على رأسي مع مُساعديه تاج النصر وهو تاج تم صنعهُ خصيصاً من أجلي.. أزرق اللون وعليه في الوسط أعلى جبيني الأرابيس وهي أنثى الكوبرا والتي دورها حمايتي من أعدائي..

أمسكت بالصولجان وبالعصا المعقوفة والسوط وأمرت الجميع بالانصراف.. تنهدت بحزن ومشيت بخطوات بطيئة وخرجت إلى الشرفة ونظرت إلى مملكتي وإلى نهر إيترو عا  والتي تعني النهر العظيم...


مملكتي الجميلة وبلدي الحبيب.. لا يوجد أي بلد يُضاهي جمالها..

تنهدت بقوة ونظرت بحزن أمامي وأنا أفكر.. رغم أنني فرعون ولدي العديد من المسؤوليات الكبيرة.. حيث أعمل كرئيس للدولة والأمة.. و القائد العام للجيش.. وكاهن كمت الأكبر.. إلا أنني أشعر بفراغ كبير في حياتي.. أريدُ ملكتي..

رغم كل مسؤولياتي ورغم أنه يتم مساعدتي في مهامي الكثيرة من قبل النبلاء والكهنة والمسؤولون في الدولة وأفراد عائلتي.. كان يجب عليّ أيضًا أن أجد الوقت لأموري الخاصة بصفتي الملك.. وأن أقوم بارتداء أنسب الملابس لتعكس مكانتي العالية.. كما كان يجب عليّ أن أقوم بتخصيص الوقت لعائلتي.. ولكن أنا كنتُ أنتظر بفارغ الصبر زوجتي الرئيسية والتي تسمى باسم زوجة الملك الرئيسية..

" أين أنتِ ملكتي؟!.. لقد مللت الانتظار.. تعالي إليّ فأنا أحتاجُكِ "

همست بحزن بتلك الكلمات وفكرت بحديث والدتي.. كان الحريم الملكي لدي يضم أكثر من ثلاثمائة جارية تم اختيارهم بدقة و بعناية من قبل والدتي ولكن أنا لا أرغب بواحدة منهم..

استدرت ودخلت إلى جناحي وطرقت على الباب بخفة وفورا تم فتحه أمامي وخرجت.. رافقني حراسي إلى الأسفل ورأيت قائد جيشي وصديقي بيدوس يقترب بسرعة ليقف أمامي وأحنى رأسه باحترام ثم رفعه وقال

" فرعون.. عربة عرشك النقالة جاهزة.. سوف أرافقك بنفسي مع الحرس "

أومأت له موافقا وخرجت من القصر ورأيت عربتي أمامي.. صعدت وجلست بداخلها وفورا تم حملها على أكتاف العبيد وسمعت أصداء الموسيقى وهُتافات شعبي الحبيب..


كنتُ شارد كليا بتفكيري.. حزن عميق يجتاح قلبي وفؤادي.. أشعر بالفراغ وبأنني وحيد.. مللت انتظار ملكتي.. لماذا لم تأتي إليّ!..

بداخلي كنتُ أعلم بأنني سأميز ملكتي فور رؤيتي لها من النظرة الأولى.. كنتُ أعلم بأنني سأتعرف عليها على الفور.. لكن أين هي؟!.. طال انتظاري لها كثيراً وما زلت أُحارب الاستسلام.. لدي شعور بداخلي بأنني سأجدُها قريباً..

وما أن وصلت رأيت وزرائي مشغولين بالثرثرة كعادتهم..


وفور أن هتف الحارس

" الفرعون العظيم زيروس الأول.. انحنوا لعظمته "

توقفت الموسيقى وساد السكون في كامل أنحاء المملكة وفورا انحنى الجميع أمامي فاقتربت وجلست على كُرسي العرش الخاص بي في الأمام وكلمت رئيس الحرس قائلا بأمر

" تابعوا الاحتفالات "

هتف للجميع بمتابعة الاحتفالات ونظرت إلى يميني ورأيت والدتي تجلس وبجانبها وصيفاتها وهي تنظر بسعادة إلى شعبي..

بعد مرور الكثير من الوقت كنتُ أنظر بشرود أمامي دون أن أهتم للاحتفالات القائمة أمامي في الساحة الكبيرة أمام قصري ومعبد الآلهة رع والآلهة أتوم و أنوبيس ومعبد الآلهة حتحور..

فجأة تجمدت حواسي بالكامل وتشنج جسدي وفقدت الإحساس بجسمي إذ اختفى الجميع أمامي حتى الأصوات والهُتافات والموسيقى ورأيت الظلام أمامي ظلام دامس لكن ليس مُخيفاً..

توسعت عيناي بذهول عندما سمعت صوت قوي وجبار يُكلمني

( فرعون زيروس.. كسوف الشمس يقترب موعده والبوابة ستنفتح بين الزمنين.. عليك أن تقوم بخطوتك الأولى وبسرعة )

وفجأة كما اختفى كل شيء أمامي عاد بسرعة ورأيت شعبي يحتفل بسعادة بمناسبة عيد ميلادي.. نظرت بتوتر يمينا و يساراً وفي الأرجاء ثم نظرت إلى والدتي ورأيتُها مشغولة بالنظر إلى الاحتفال وهي تبتسم بسعادة.. عُدت ونظرت بقلق نحو اليسار ورأيت قائد جيشي بيدوس يجلس بجانب الوزراء وهو يتأملني كعادته ولا يُزيل عينيهِ عني من أجل حمايتي..


أشرت له بعينيّ ليقترب مني وفورا وقف ومشى ببطء ووقف بجانبي ثم انحنى وسألني بهمس

" فرعون.. أنتَ بخير سموك؟ "

تنهدت بهدوء وسألته بهمس

" بيدوس.. هل كلمني أحد منذ قليل؟.. هل وقف أحد خلفي و كلمني؟ "

أجابني بسرعة بهمس

" مستحيل فرعون.. أنا لا أسمح لأحد من الاقتراب من جلالتك دون اذن مُسبق من عظمتك "

التفت ونظرت إليه بتوتر وسألتهُ بهمس

" أنتَ متأكد بأنه لم يُكلمني أحد من الوزراء أو الكهنة أو الحُكام أو أمي و حرسي!! "

أجابني بثقة بأنه لم يُخاطبني أحد من دون اذني منذ قليل.. وفورا وقفت وساد الصمت في أرجاء المكان.. نظرت إلى القائد بيدوس وأمرته قائلا بنبرة حازمة

" اجمع على الفور عُلماء مملكتي والكهنة والقادة.. ثم ليتم تحضير القرابين سأذهب الليلة إلى معابد آبائي الآلهة "

" كما تأمر فرعون "

أجابني بيدوس بسرعة ومشيت مُسرعاً إلى عربتي..

وسط الحاشية جلس الفرعون العظيم على عرشه بقامته القوية وعضلاته المفتولة وشعره الأسود المُجعد.. استقبل عُلماء مملكتهِ والقادة بحضور بعض من الكهنة والقائد بيدوس..

نظرت إلى العلماء وسألتهم بحدة

" متى سيكون موعد كسوف الشمس؟.. لماذا لم يتم إعلامي مُسبقاً بذلك من قبلكم؟.. هناك كسوف للشمس سيحدث قريباً وأريد معرفة الزمن المُحدد له.. تكلموا "

أصابهم الوجوم وتأملوا الفرعون بذهولٍ شديد..

" تكلموا في الحال.. لماذا تم إخفاء ذلك عني؟ "

احنوا رؤوسهم إلى الأسفل وارتعشت أجسادهم بخوف وكلمني واحد منهم قائلا بصوتٍ مهزوز

" فرعون.. نحن.. لم يكن لدينا أدنى فكرة بأنه سيحدث كسوف للشمس قريباً.. من بعد إذن سموك اسمح لي لأذهب وأجلب المخطوطات الخاصة بحساباتنا الفلكية "

نظرت إليه بحدة وأشرت له بيدي ليذهب.. وعاد بعد قليل وهو يحمل لفافات بيديه ووضعها أمام الجميع وراقبتهم لوقتٍ طويل وهم يتشاورون ويقومون بالحسابات وفجأة توقفوا عن التكلم ونظروا إليّ بذهولٍ تام ثم انحنوا أمامي وسمعت المسؤول عنهم يُخاطبني بخوف قائلا

" فرعون العظيم.. حسب دراستنا اكتشفنا الآن بأن فعلا هناك كسوف للشمس سيتم بعد مرور عشرة أيام من اليوم "

نظر الكهنة والقادة إليّ بصدمة كبيرة.. عيونهم كانت تسألني كيف اكتشفت حدوث الكسوف دون اكتشاف العلماء لذلك أولا.. ولكن لم أهتم لتساؤلاتهم بل كل تفكيري كان مُنصب على شيءٍ واحد.. بأنه لدي فترة عشرة أيام فقط لأقوم بمهمتي..

لا بُد بأن أحد آبائي الآلهة هي من تواصلت معي؟.. لكن ما الذي تريدهُ مني بالتحديد؟!..

أمرت الجميع بالانصراف باستثناء القائد بيدوس.. وقفت وأمرته بحدة قائلا

" سوف ترافقني إلى المعابد الليلة مع حرسي.. اتبعني "

وكعادته تبعني بيدوس وذهبت برفقته وحرسي إلى المعابد.. بعد مرور ثلاث ساعات بعد انتهاء زياراتي لكل المعابد دخلت أخيراً إلى المعبد الأخير للآلهة أنوبيس إله الموت..

تم وضع القرابين ومثل العادة دخلت بمفردي إلى المعبد لأنه غير مسموح لأحد من الدخول إليه سواي والكهنة.. جثوت أمام تمثاله العظيم وأخفضت رأسي وهمست قائلا له بحزن

" أله أنوبيس.. أبي و حامي العالم السفلي.. أقدم لك القرابين لتسمع صلواتي وتُلبي نداء قلبي.. ملك شعبك يحتاج إليك لتساعده مع آبائي الآلهة.. ارسل لي ملكتي الرئيسية.. أشفق عليّ وأرسلها لي.. ومهما كان اختياركم لها سأتقبله ولن أشتكي.. سأحبُها من أعماق قلبي وأتزوجها وأجعلها زوجتي الرئيسية.. ارحم وحدتي والفراغ في قلبي وحياتي "

أغمضت عيناي وصليت من أعماق قلبي.. شعرت بحركة بجانبي لكن لم أهتم إذ ظننت بأن أحد الكهنة دخل إلى المعبد.. عندما انتهيت من تلاوة صلواتي وقفت وانحنيت باحترام أمام عظمة آلهتي أنوبيس وما أن استدرت تجمد جسدي بالكامل عندما تلاقت نظراتي مع نظرات ذلك الثعبان الذهبي الكبير أمامي..

هناك من تأمر على قتلي في المعبد!.. فكرت بغضب بينما كنتُ أنظر بحدة إلى الثعبان أمامي.. فجأة فتح فمه وهجم عليّ....


في زمن الحاضر**


**كاريتا والتون


نزلت السلالم بسرعة وأنا أنده بسعادة

" دادي.. دادي أين أنت؟ "

رأيت رئيسة الخدم تقف في الأسفل أمام أول درجة من السلالم وهي تبتسم برقة وأجابتني بحنان قائلة

" أنسة كاريتا.. صباح الخير.. السيد في غرفة الطعام ينتظركِ كعادته "

ابتسمت لها بوسع وعندما أصبحت أمامها عانقتُها بشدة ثم قبلت وجنتها وشكرتُها وركضت باتجاه غرفة الطعام.. رأيت والدي يجلس كعادته على الكرسي الذي يترأس الطاولة وهو يقرأ جريدة.. ابتسمت بسعادة وهتفت بينما كنتُ أركض

" صباح الخير دادي "

وقفت خلفه وانحنيت وعانقتهُ بقوة وقبلت وجنته وخده بقبلات عديدة بينما أبي داس كان يضحك بسعادة.. وضع الجريدة جانباً ثم أمسك بمرفقي وجذبني لأقف أمامه وهنا بسرعة اقترب الخادم وأزاح الكرسي لي لأجلس.. بعد أن جلست نظرت بمحبة كبيرة إلى حبيب قلبي والدي.. ابتسمَ بوسع وكلمني بحنان كعادته قائلا

" صباح الخير طفلتي الجميلة.. لقد أمرت مثل العادة الطباخ ليطهو لكِ وجبة فطوركِ المفضلة.. هيا صغيرتي تناولي وجبتكِ فالسائق ينتظركِ ليوصلكِ إلى الجامعة "

بدأت بتناول وجبتي وسمعت فجأة والدي يسألني بنبرة جادة

" أخبريني كاريتا وبصدق.. هل ما زالت زميلتكِ أسينا تُزعجكِ في الجامعة؟.. إن كانت ما زالت تفعل سأذهب بنفسي إلى الجامعة وأتكلم مع العميد ليقوم بطردها.. في المرة السابقة امتنعت عن فعل ذلك لأنكِ طلبتِ مني ذلك.. ولكن لن أرحمها إن كانت ما زالت تتنمر على طفلتي "

بلعت بقوة ما في فمي من طعام ونظرت إليه بدهشة.. والدي داس لم ينسى أبداً.. فمنذ أسبوعين كنتُ حزينة جداً بسبب تنمُر أسينا عليّ وذهبت وأخبرت والدي وأنا أبكي بحزن.. لا أفهم لماذا تكرهني أسينا!.. فمنذ الثانوية وهي دائما تحاول التنمر عليّ مع أنني كنتُ أستلطفها وأرغب فعلا بأن تكون صديقتي.. ولم تتغير مُعاملتها لي حتى بعد أن التحقنا بالجامعة.. وما زالت على عادتها تكرهني بشدة وتُحاول السخرية مني والتنمُر عليّ لكنني أضعها عند حدها كعادتي..

ورغم تمثيلي أمامها بأن كلماتها الجارحة لم تؤثر بي إلا أنني كنتُ أبكي بصمت عندما أعود إلى القصر وتحديداً إلى غرفتي..

طبعا لا أريد أن يؤذيها والدي بسببي ويمنعها عن متابعة دراستها الجامعية بسببي لذلك ولأول مرة في حياتي أكذب عليه إذ أجبتهُ بغصة

" لا دادي.. لا داعي لتفعل ذلك بها.. لقد توقفت عن إزعاجي نهائيا "

تأملني والدي بحنان ثم أردف قائلا برقة

" أتمنى فعلا بأن تكون قد توقفت عن التنمر عليكِ صغيرتي.. ولكن إن عرفت بأنكِ تكذبين عليّ بخصوصها وتحمينها من قراري سوف أعاقبكِ وأقوم بطرد تلك الوقحة من الجامعة.. فأنا أتبرع لجامعتكِ بأموال ضخمة ولن يجرؤ أحد وخاصةً عميد الجامعة على مُعارضتي.. والآن تابعي طفلتي تناول وجبتكِ سوف تتأخرين على مُحاضراتك "

مستحيل أن أكذب على والدي لمرة واحدة وتمضي عليه بسهولة.. طبعا اكتشف بأنني كذبت عليه الآن ولكن أنا لا أريده أن يؤذي أحد بسببي ومن أجل أن يحميني..

عندما انتهيت من تناول وجبتي مسحت فمي بالفوطة ثم قبلتهُ على خده وعانقته وهمست بأذنه

" أحبُك بجنون دادي.. أنتَ أعظم أب في الكون.. أراك في المساء حُبي "

قهقه والدي بحنان ثم تأملني بعاطفة وقال برقة

" انتبهي على نفسكِ أميرتي.. اتفقنا! "

أجبته بسعادة موافقة وخرجت بسعادة من القصر بعد أن سلمتني الخادمة حقيبتي ورأيت السائق يبتسم بفرح لي وهو يفتح باب الليموزين.. وصلت إلى الجامعة وألقيت التحية على البعض من زملائي وما أن دخلت إلى البهو في المبنى الضخم وقفت بأرضي عندما رأيت أسينا تقف أمامي وهي تتأملني بنظرات باردة كارهة كعادتها..


" الصبر إلهي.. "

همست بقهر ورأيتُها تقترب مني خطوة ثم كتفت يديها أمام صدرها وقالت بكُره

" انظروا من وصل إلى الجامعة للتو.. سمو الأميرة والتون ابنة أثرى رجل في البلد.. أخبريني سموكِ هل تناولتِ الكافيار في وجبة فطورك؟.. اوه طبعاً فعلتِ.. فأنتِ طفلة والدها المدللة.. الأميرة كاريتا والتون.. أخبريني هل ذهب والدكِ لرؤية الملكة وطلب يد حفيدها لكِ؟.. اوه للأسف لن تكوني أميرة شرعية لأن أحفاد الملكة قد تزوجوا.. مؤسف لكِ "

تأملتُها بجمود وسألتُها بحدة

" ما هي مشكلتكِ معي أسينا؟.. لقد مللت منكِ ومن تصرفاتكِ اللعينة.. ابتعدي من أمامي قبل أن.... "

" ما الذي يحدث هنا؟.. كاريتا.. أسينا.. المُحاضرة ستبدأ في الحال.. إن لم تذهبا على الفور إلى القاعة سأرفدكما بنفسي "

التفت إلى الخلف ورأيت المسؤولة عن الطلاب تقف خلفي.. القيت تحية الصباح عليها ثم اعتذرت منها وبعدها نظرت بحدة إلى أسينا وركضت نحو القاعة..

" حسناً من منكم يعرف متى سيتم كسوف الشمس هذه السنة؟ "

سألنا البروفيسور ديفيد وهمهم الجميع وفوراً رفعت يدي ليسمح لي بالإجابة.. رأيتهُ بسعادة يتأملني وقال

" مثل العادة.. كاريتا والتون الوحيدة التي تعرف الإجابة أولا ثم أسينا "

نظرت إلى أسينا بغيظ ورأيتُها ترفع يدها وهي تنظر إليّ و تبتسم بخبث.. لكن تأملتُها بغرور عندما سمعت البروفيسور يقول

" تفضلي كاريتا يمكنكِ الإجابة "

" حضرة البروفيسور.. طبعا علماء الفلك في البلد سبق ونشروا خبر حدوث كسوف للشمس بعد مرور شهر من اليوم "

" أحسنتِ "

أجابني باحترام ثم قال للجميع

" تعلمون جميعاً بأن في مصر القديمة وتحديداً في زمن الفراعنة كان يوجد علماء في البلاط الملكي استطاعوا دراسة الفضاء في عصرهم ومعرفة متى سيتم كسوف القمر أو الشمس.. اكتشفنا ذلك عبر المخطوطات التي تم ايجادها من قبل عُلماء الأثار.. ولكن سؤالي لكم ليس عن ذلك.. ففي احدى المخطوطات تم اكتشاف بأن الفراعنة اعتقدوا بأنه عندما يحدث كسوف كامل للشمس ستفتح بوابة زمنية بين الحاضر والمستقبل.. ولكن طبعا هذه تبقى نظرية لدى الفراعنة العظماء.. ما رأيكم أنتم بهذه النظرية؟ "

بالطبع الجميع عارضها باستثنائي فعندما سألني البروفيسور ديفيد أجبته بصدق وبرومانسية

" بنظري الفراعنة لم يُخطئون بهذه النظرية.. فما زال عُلمائنا لغاية هذه اللحظة يجهلون الكثير والكثير عن حضارتهم و أسرارهم "

سمعت بغيظ أسينا تضحك بسخرية ثم قالت بصوتٍ مرتفع

" الأميرة والتون تحلم أحلام اليقظة عن الفراعنة.. ربما ستفتح بوابة الزمن وتجدين فرعون الملك بانتظاركِ على أحر من الجمر "

التفت ونظرت إليها بحدة وغرقت القاعة بضحكات الطلاب.. هتف البروفيسور بغضب ليتوقفوا عن الضحك ثم قال

" سؤالي التالي هو.. من يعلم ماذا كانت لغة أهل مصر القديمة؟ "

ومثل العادة رفعت يدي و أسينا كذلك.. تنهد البروفيسور بقوة ثم أشار لـ أسينا لتجيبه.. سمعتُها بغيظ تقول

" لغة مصر القديمة تُعرف باسم اللغة الهيروغليفية "

شعرت بالقهر لأنها قالت إجابتي.. لكن شعرت بالدهشة عندما قال البروفيسور مُعارضا

" اجابتُكِ خاطئة.. الإشارة إلى لغة مصر القديمة باسم اللغة الهيروغليفية بين العوام ووسائل الإعلام خطأ شائع.. لأن الهيروغليفية هي نظام الكتابة لديهم.. ونظرًا لصعوبتها وأهميتها لم يكن كل المصريين القدماء يكتبون بها وإنما اقتصرت معرفتها وكتابتها على الكهنة والكُتّاب في مصر القديمة.. و أطلق المصري القديم على لغتهِ اسم فم مصر "

شعرت بالحماس والاثارة لمعرفة المزيد عن حضارة مصر القديمة.. فهي شغفي الأول في الحياة.. بسبب عشقي الكبير لحضارتهم قررت الدخول إلى الجامعة ودراسة حضارة مصر القديمة.. أردت أن أكون عالمة أثار لأسافر إلى مصر وأقوم بدراسة الأهرامات..

أخفض البروفيسور شاشة كبيرة في وسط الحائط خلفه وظهرت عليها صورة للوح حجري أثري عليه كتابة هيروغليفية تم اكتشافه من قبل العالم الأثري كيفوك ونستون الأمريكي في هرم خوفو منذ عام 1963 م.

سمعت بسعادة البروفيسور يقول شارحا لنا

" كما ترون أمامكم على الشاشة يوجد لوح أثري تم إيجاده في غرفة سرية في هرم خوفو.. وكما تشير الرسوم الهيروغليفية.. اللوحة تتكلم عن فرعون عظيم اسمه زيروس الأول.. لم يتم اكتشاف أي شيء عنه لغاية الآن سوى هذه اللوحة.. ولكن كما كُتب عنه فهو كان ملكًا مميزًا.. رمزًا لبطولة عسكرية ومثالًا يُحتذى به.. على حد ما كُتبَ في اللوحة.. إلا أن المعلومات التاريخية حوله ظلت غير موثقة ومبهمة.. فلا أحد يعرف على وجه الدقة الزمن الذي عاش به.. حتى أنه لم يتم اكتشاف جثمانه أو أي دليل آخر عنه.. والطريقة التي قُتل بها أو موقع مقتله وقبره.. هو لغز حير عُلماء الأثار لغاية الآن "

كنتُ لفترة نصف ساعة كاملة أسمع بسعادة وبتركيز تام مُحاضرة البروفيسور عن الفرعون زيروس الأول.. ثم في نهاية مُحاضرته فجر قنبلة جعلتنا جميعا نهتف بسعادة لا مثيل لها.. إذ قال لنا بفرح

" سأضع أمامكم كُراسة عن تكلفة الكاملة لرحلة سفر إلى مصر وتحديداً إلى الجيزة.. الجامعة ستدفع ثلاثون بالمائة من كلفة الرحلة لجميع من يرغب بالسفر في رحلتنا الجامعية والتي ستكون بعد ثلاثة أسابيع.. طبعا أنتم راشدين ولكن سياسة الجامعة تطلب موافقة الأهل أولا.. سأقوم بتوزيع أوراق يجب أن يتم توقيعها من الأهل.. تحضروا طلابي سنذهب في رحلة من العُمر إلى الجيزة لدراسة الأهرامات ومعالمها الأثرية لفترة شهرٍ كامل "

جميع الطلاب كانوا سعداء بهذا الخبر.. لا أعلم أسبابي لكنني نظرت باتجاه أسينا ورأيتُها حزينة.. شعرت بالتعجُب لردة فعلها.. ربما والدها لن يسمح لها بالسفر!.. هززت كتفي بعدم اكتراث وانتظرت بفارغ الصبر لتنتهي محاضراتي وأذهب إلى القصر وأرى والدي..

أسبوعين كاملين وأنا أحاول جاهدة إقناع والدي ليسمح لي بالسفر إلى مصر.. كنتُ حزينة جداً بسبب رفضهِ القاطع وعدم سماحهِ لي بالذهاب..

ولكن في ليلة دخل إلى غرفة نومي بعد أن امتنعت عن تناول وجبة العشاء برفقته.. ما أن دخل والدي إلى غرفتي حتى وضعت هاتفي جانبا وجلست على السرير ونظرت إليه بحزن..

تنهد والدي بقوة ثم تأملني بحنان وجلس على طرف السرير بجانبي وأمسك بيدي اليمنى وضغط عليها بخفة وقال بحزن

" ما بها أميرتي حزينة ولا تريد رؤيتي وحتى تناول وجبات الطعام برفقتي؟!.. هل تُعاقبينني لأنني لم سمح لكِ بالسفر في رحلة الجامعة؟.. كاريتا.. أنتِ ابنتي الوحيدة.. ليس لدي غيركِ في الحياة.. لقد ربيتُكِ بنفسي منذ نعومة أظافركِ بعد أن فقدت والدتكِ رحمها اللّه.. لا أستطيع التفكير بأنكِ سوف تسافرين وتبتعدين عني لفترة شهرٍ كامل.. صحيح أنتِ راشدة الآن لكن ستظلين بنظري طفلتي.. أشعر بالخوف بأن.. أن... "

نظرت إليه بحنان وقاطعته قائلة بحرقة

" دادي لا تغضب مني.. الرحلة لا تهمني بقدرك.. سامحني أرجوك لأنني كنتُ أنانية ولم أفكر بك.. سأبقى هنا وسأخبر البروفيسور في الغد بأنني لن أشترك في الرحلة.. لا بأس دادي لن أحزن.. فسعادتك بالنسبة لي هي الأهم "

تأملني والدي بعدم التصديق ثم عانقني بشدة إليه.. بادلته العناق ووضعت رأسي على كتفه ثم توسعت عيناي بصدمة كبيرة عندما سمعته يقول برقة

" حسناً.. أنا موافق.. مستحيل أن أكون أنانياً مع أميرتي الوحيدة.. سأوقع على أوراق الجامعة وأسمح لكِ بالسفر إلى مصر "

انتفضت وابتعدت عنه قليلا ونظرت بدهشة كبيرة إليه وهتفت بجنون وبفرحٍ كبير

" حقا دادي!!... أنتَ موافق؟!!!... "

قهقه بخفة ثم ابتسم بوسع وداعب وجنتي بأصابعه برقة وأجابني بحنان

" طبعاً أميرتي.. أموال العالم كله لا تهمني.. فسعادتكِ عندي هي الأهم "

سالت دموع الفرح من عيناي وهتفت بسعادة لا توصف

" اااااااااااااععععععععععععه.. أحبُك دادي بجنون.. أعشقك يا أفضل أب في الكون "

رميت نفسي عليه وعانقته بشدة.. ضحك بسعادة ثم أبعدني عنه وغمزني وأردف قائلا بحزن مصطنع

" وتقولين لي بأنكِ لن تحزني إن لم أوافق.. ابنتي الجميلة أنا أحفظكِ غيباً.. اذهبي وكوني سعيدة.. يمكنكِ أن تستخدمي بطاقتكِ المصرفية في مصر ومع ذلك سأعطيكِ نقداً مبلغ سيكفي لكل مصاريفكِ هناك.. كما مناخ مصر يختلف عن بلدنا لذلك في الغد اذهبي واشتري ملابس مناسبة لكِ.. و إن أردتِ يمكنكِ السفر إلى مصر في طائرتي الخاصة فهي تحت تصرفكِ في أي وقت.. "

نظرت إليه بسعادة وبفخر.. أبي داس أعظم وأرق وأجمل أب في الكون بنظري.. رغم أنه في الخامسة والخمسين من عمره إلا أنه ما زال يتمتع بجسد رياضي رائع ووسامة مدمرة ويبدو أصغر من عمره الحقيقي بكثير..

قبلتهُ على خده وقلتُ له بخجل

" أشكرك دادي.. لكن الأفضل أن أسافر برفقة زملائي.. لا أريدهم أن يظنوا بأنني أتـــ.. "

قاطعني والدي قائلا بحنان

" أفهمكِ أميرتي.. تصرفي بالطريقة التي ترتاحين لها.. وإن واجهتكِ أي مشاكل في مصر سآتي على جناح السرعة وأكون بجانبكِ "

شكرته وتكلمنا لوقتٍ طويل ثم أمر والدي الخدم بجلب وجبة العشاء لي إلى غرفتي.. في اليوم الثاني وجدت صعوبة لشراء ملابس جديدة خفيفة تناسب مناخ مصر فهنا نحن في فصل الشتاء.. لذلك قررت أن أذهب إلى اتوليه المصممة العالمية جيفا..

ما أن دخلت إلى الاتولية حتى استقبلتني المصممة شخصيا ورحبت بي بسعادة ثم سمعتُها تنده لموظفة لديها

" أسينا.. تعالي بسرعة أيتها الكسولة.. أريدُكِ أن تهتمي بزبونة هامة جداً "

ثواني قليلة ورأيت بصدمة أسينا تركض مُسرعة لتقف بجانب المصممة وما أن نظرت إليّ حتى شحب وجهها بشدة بينما أنا كنتُ أتأملها بذهول وبصدمة تامة..


" أسينا؟!!!... "

همست بصدمة كبيرة بصوتٍ منخفض باسمها وعرفت بأنها سمعتني ولكن المصممة لم تنتبه وقالت موجهة حديثها لـ أسينا

" اهتمي بالأنسة والتون فهي زبونة مهمة جدا بالنسبة لي.. وأي تعديل تريده على الملابس فليتم تنفيذه بسرعة دون أي نقاش "

ثم نظرت المصممة إليّ وقالت موجهة حديثها لي

" كاريتا.. هذه أسينا وهي موظفة جديدة ومؤقتة هنا.. تعمل بدوام جزئي ولكنها جيدة.. كانت تعمل سابقا لدى عدوي المصمم تيودور ولكنها استقالت لأنه حاول التحرش بها.. المهم سوف تكون تحت تصرفكِ اليوم وتساعدكِ.. عندما تنتهين سأنتظركِ في مكتبي.. استمتعي باختيار أجمل الملابس من تصميمي كاريتا "

بعد مغادرتها رأيت أسينا ترتعش أمامي وهي على وشك البكاء.. أحسست بالشفقة عليها بسبب خوفها مني حاليا.. نظرت إليها نظرة مُعاتبة وسألتُها بهدوء

" أليس والدُكِ رجل أعمال ثري جداً ولديه ثلاثة قصور و شركتين و.. وأمور كثيرة كنتِ تتباهين بها أمام الجميع في الثانوية وفي الجامعة!.. ماذا حدث؟.. هل أعلن إفلاسهُ يا ترى! "

لكن رق قلبي أكثر عليها عندما رأيت دموعها تسيل على وجنتيها الشاحبتين وقالت بصوتٍ مُنخفض

" والدي يعمل موظف بريد في شركة والدكِ "

سقط فكي إلى الأسفل من هول الصدمة ثم سمعتُها بحزن تقول ببكاء

" أرجوكِ كاريتا لا تفضحي سري أمام أحد في الجامعة.. دخلت إليها بمنحة دراسية.. وشركة والدكِ تتكفل بالأقساط المتبقية.. أنا أعمل لمساعدة عائلتي.. وأحاول تأمين مبلغ الرحلة الجامعية.. والدي لا يستطيع دفع مصاريف الرحلة.. و.. أرجوكِ.. أنا أعتذر عن تنمري عليكِ سابقاً وأعدكِ لن أقترب منكِ مجدداً.. فقط لو سمحتِ لا تُخبري زملائنا عن... "

قطعتُها قائلة بحنان

" لا تقلقي سركِ في أمان معي.. لن أبوح لأحد عنه.. ولكن أريد أن أعرف منكِ وبصدق سبب كُرهكِ لي.. فأنا لم أؤذيكِ في حياتي "

نظرت بخجل إلى عيناي وقالت ببكاء

" كنتُ أحسدُكِ.. سامحيني.. كنتُ أشعر بالغيرة لأنكِ فتاة ثرية جداً وجميلة جداً ولأنكِ لستِ بحاجة للعمل لمساعدة عائلتكِ الفقيرة.. ولأنكِ لا تنامين جائعة في المساء حتى تتركِ ما تبقى لكِ من طعام لشقيقكِ الصغير ولوالدتكِ.. أنا.. أنا.. سامحيني فأنا لم أكرهكِ في حياتي ولكن كرهت ثراءكِ الفاحش و.. و.. "

كنتُ أتأملها بحزن وفجأة مسحت دموعها وركضت هاربة من أمامي.. تبعتُها ودخلت إلى حمام السيدات وبحزن سمعتُها تبكي وتنتحب خلف الباب..

انتظرتُها حتى هدأت وفتحت الباب.. تأملتني بحزن وقالت بصوتٍ مُختنق

" لن ألومكِ كريتا إن قمتِ بفضحي أمام الجميع.. والآن حتى لا يتم طردي من عملي رافقيني لو سمحتِ "

حاولت أن أكلمها لكنها لم تعطني فرصة لذلك إذ خرجت مُسرعة من الحمام.. تبعتُها بحزن ولفترة ساعتين ساعدتني باختيار ملابس صيفية مناسبة للرحلة.. وعندما انتهيت استأذنت مني وانصرفت.. دخلت إلى مكتب المصممة وجلست أمام مكتبها.. وعندما أعطني حسابي سلمتُها بطاقتي المصرفية وقلتُ لها

" أضيفي مبلغ أربعة ألاف يورو على الحساب لو سمحتِ.. ومن بعد اذنكِ سلمي هذا المبلغ إكرامية لـ... للموظفة أسينا "

تأملتني المُصممة بذهول ولكنها وافقت على طلبي الغريب وشكرتني على الحضور إلى الاتولية الخاص بها وعندما انتهت من تحويل المبلغ خرجت بهدوء..

بعد انتهاء عطلة الأسبوع ذهبت إلى الجامعة برفقة سائق والدي كعادتي.. ولكن ما أن دخلت من البوابة العملاقة رأيت أسينا تقف أمامي وأمسكتني بإحكام من معصمي وجذبتني لأمشي خلفها إلى حمام الطالبات.. وما أن دخلنا إلى الحمام أغلقت الباب وتأكدت من خلو المكان ثم وقفت أمامي وسحبت ظرف من حقيبتها ووجهته أمامي وقالت بكبرياء

" أنا لا أحتاج إلى شفقتكِ.. خُذي أموالكِ كاريتا.. صحيح أنا فقيرة لكن علمني والدي بأن لا أقبل حسنة من أحد.. عندما كنتُ مُراهقة أمي علمتني الخياطة والحياكة.. كنتُ أعمل بعرق جبيني لمساعدتها ووالدي وشقيقي الصغير.. حتى أنني كنتُ أُخيط ثيابي بنفسي.. وتفوقت بدراستي حتى أُخفف عنهم أقساط دراستي.. أنا أُقدر لكِ ما فعلته لكن من المستحيل أن أسمح لنفسي بأخذ هكذا مبلغ ضخم منكِ "

أشارت لي بالظرف لأمسكه فتنهدت بعمق ولا أعرف ما أصابني إذ فجأة رفعت يدي وأمسكت بمعصمها وحركت يدها الممسكة بالظرف لتلتصق بصدرها وقلتُ لها

" اعتبريه دين صغير مني لكِ.. يمكنكِ الاحتفاظ بالمبلغ وبعد أن تنتهي الرحلة ادفعي لي مبلغ صغير مُعين في نهاية كل شهر.. هكذا سوف تستطيعين الذهاب إلى مصر وأنا سأسترد أموالي لاحقا منكِ.. ما رأيكِ؟ "

تأملتني أسينا بذهول وسألتني بصدمة

" أنتِ جادة؟! "

ابتسمت لها برقة وأجبتُها بصدق

" نعم أنا جادة.. ما رأيكِ!.. أنتِ موافقة؟ "

لدهشتي الكبيرة هتفت أسينا بسعادة كبيرة ثم عانقتني بشدة.. نظرت بدهشة أمامي ولكنني تركتُها تعانقني ثم ابتعدت عني وشكرتني بحرارة ووعدتني بإعادة كامل المبلغ لي.. ثم لصدمتي الثانية قبلت خدي بقوة وخرجت من الحمام بعد أن وضعت الظرف في حقيبتها..

وطبعاً لم أكن أعلم بأن هذه اللحظة ستكون بداية صداقة قوية بيننا وآلام مُشتركة ومؤلمة جداً...

تبقى عشرة أيام بالتمام للرحلة.. كنتُ أنتظر بفارغ الصبر اليوم المنتظر لها.. سعادتي كانت لا توصف وكنتُ متحمسة للغاية للرحلة..

خرجت من الحمام ودخلت إلى غرفة نومي.. ارتديت قميص نوم زهرية جميلة ثم تثاءبت بقوة وقررت أن أنام.. ولكن فجأة تجمد جسدي برعب عندما أظلمت الغرفة بالكامل..

ارتعش جسدي بعنف وهمست بخوف

" دادي.. أنتَ هنا!.. نانا هل هذه أنتِ؟!... "

لكن طبعاً لم يُجيبني أحد.. حاولت التحرك لكن لم أستطع بسبب خوفي الشديد.. حاولت أن أرى وسط الظُلمة أي شيء لكن لم أستطع رؤية سوى الظلام..

بلعت ريقي بقوة وفجأة شعرت برعشة قوية تسير في كامل أنحاء جسدي عندما رأيت ضوء خفيف يظهر أمامي.. ثم توسعت عيناي بذعرٍ شديد عندما رأيت ضوء ذهبي اللون مثل الذهب يشعُ أمامي ثم بصدمة كبيرة رأيت أمامي امرأة ضخمة تجلس على كُرسي عرش وترتدي ملابس ذهبية وعلى رأسها تاج كبير عليه قرص للشمس بين قرنين ذهبين..


" اااااااااااااااااااااااااااااااااااععععععععععععععععععععععععععهههههههههههههه.... "

كردة فعل مني أولية صرخت بفزعٍ كبير وبكامل قوتي.. رأيتُها بفزع ترفع حاجبها عاليا وتتأملني بنظرات غريبة وكأنها مُستغربة لردة فعلي برؤيتها..

أنيت برعب وكنتُ ارتعش بجنون من قمة رأسي إلى أخمص قدماي عندما رأيتُها تقف وفجأة تقلص حجمها إلى حجم أي بشري عادي ورأيتُها بذعر تقترب مني..

" اااااااااااااععععععععععععععععععههههههههههههه.... "

هتفت بخوف أحرق كياني عندما رفعت يدها اليمنى ووضعتها على رأسي.. أغمضت عيناي وبكيت بشدة عندما شعرت بنار حارقة تدخل دماغي وتُشعله ثم سقطت الحرارة إلى كامل جسدي وسمعتُها تقول بصوت لم أسمع مثيلهُ في حياتي كلها بسبب جماله

" همت نسوا "

تعني زوجة الملك.. لم أفهم كيف استطعت أن أفهم ما قالتهُ لي بتلك اللغة الغريبة ولكن كانت تلك الكلمات آخر ما سمعتُها قبل أن أرى الظلام...



انتهى الفصل


تجدون الرواية كاملة هنا وعلى  " مدونة روايات هافن  " في غوغل..

رابط الرواية موجود على صفحتي هنا مع روابط حساباتي الخاصة في الفيسبوك و تويتر و بنترست وانستغرام.


مرحباً أحبائي ❤️❤️❤️❤️

تم نشر بارت الأول من رواية " سحر الفرعون "  موجود على مدونة روايات هافن

أتمنى أن يُعجبكم البارت وتنال روايتي استحسانكم الكامل ❤️❤️

الرواية مُكتملة هنا على الواتباد وعلى المدونة الخاصة بي.

انتباه الرواية رومانسية جداً ستفهمون ما أقصده بعد بارت 3.. كتبت بجرأة ولكن لم أكتب مشاهد مُفصلة حميمة كما وعدت سابقا المُتابعون الأحباء❤️❤️

أتمنى أن يسحركم الفرعون كما سحرني 🤗🤗 فأنا لا أستطيع كتابة شخصية في أي من رواياتي إن لم أشعر بها.


والآن لمن يرغب بكتابة تعليق عن البارت هنا:



الفرعون زيروس؟...

الملكة سات رع ؟...

القائد بيدوس؟..

كاريتا والتون؟..

داس والتون؟..

أسينا ريفر؟..

وطبعا استمتعوا بقراءة روايتي كاملة على المدونة أحبائي.


اشكركم من قلبي على مُتابعتكم لروايتي الجديدة ❤️❤️ أحبكم جدا❤️❤️❤️❤️.


Continue Reading

You'll Also Like

297K 10K 28
فتاة باحدى الدول الاجنبيه تعيش بقريه جبليه مع جدتها وطفلاها التؤام الذي يبلغان من العمر 9 اعوام ووالدتهم. 24 عاما فهي تملك طفلان دون زواج تحب عائلتها...
5.7K 256 59
مجموعة من الفتيات و الشباب يجمعهم القدر ليعيشوا تحت سقف واحد رغماً عنهم.. يذهبون للجامعة معاً و يتناولون الطعام علي نفس المائدة كعائلة واحدة.. و لكن...
12.7K 741 21
علي شاطئ العشق تتجمع القلوب في بلد الاساطير في بلد من بلاد عالمي الخيالي يأخذنا الامير الياس و الفتاة آيرس في رحلة طويلة رحلة أمير يعاني من أهله...
60.1K 3.9K 23
هاي هذي الرواية جزء ثاني الجزء الاول نفس الاسم 😊 تم النشر في ** 2016/3/4