مصابيح فى حنايا الروح الجزء ا...

By AyaMostaffa

3.2K 61 1

قالوا في الشدائد لا يبقى الا الرجال قالوا في الفرصة لا يقتنصها الا الاذكياء قالوا في المواجهة لا يدخلها الا ا... More

صور الابطال
المقدمة
الفصل الاول
الفصل الثانى
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادى عشر
الفصل الثانى عشر
الفصل الثالث عشر والرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر والاخير ج1
الفصل السابع عشر والاخير ج2
الخاتمة

الفصل الخامس

82 2 0
By AyaMostaffa

الفصل الخامس

صباح اليوم التالي

تقلب في الورق بيدها لعلها تفهم اي شئ بينما أختها تجلس بهدوء و صمت على غير العادة و هذا شئ يقلقها كثيرا .
فمنذ انفجارها بها في العيد بعد أخر مواجهه لهما و هي صامتة و لا تحاول النقاش معها بأي شئ .
اما هي فتفكر بوضعها طوال الوقت ... فمنذ الطلاق و انقسم المنزل لحزبين ... والدها الوحيد الذي وثق بها من أول لحظة و يؤيدها تماما في قرارها ... أخوها كان في حالة تذبذب و بالبداية أوشك على قتلها أو دفنها حية إلا أن فاندام تدخل و أخذها بمنزله بعد عودتها من المستشفى .
بعدها علمت من ابتسام و نعمة ان فاندام وسلطان و الدكتور مدحت كان لهم الفضل بعد الله بإقناعه بخطأه و ان اللوم كله يقع على لطفي خصوصا بعد اثبات برائتها بشهادة طبية .
و باليوم التالي آتى أحمد لها و اعتذر منها و أعادها لمنزلها واعداً إياها بحمايتها بعد ان لقن لطفي درس لن ينساه أبدا .
قطع ذكرياتها صوت أختها الحانق : بتقري في ايه عايزة افهم ... حد ضحك عليكي و قالك انك دكتورة و انا معرفش .
رفعت نظرها قائلة : فيه تحاليل بتتفهم مش محتاجة دكتور ... محتاجة تشغيل مخ ... اهو بيقولك ان نسبة الهيموجلوبين مفروض تكون 12 أو اكتر و انا عندي 8 يعني فيه أنميا لكن الباقي الصراحة مش فاهمه منه اي حاجة .
ردت أمها من بعيد و هي متابعة للحوار : لازم طبعا يجيلك أنميا شاي و قهوة و سندوتش جبنة طول النهار هتيجي الدموية في وشك ازاي!!
قالت بحنق : هي كوباية قهوة الصبح مفيش غيرها و كوباية شاي بعد الغدا و بتغدى معاكو عادي يعني مش مبطلة أكل زي ما بتقولي .
قالت أختها : أكيد الدكتور هيكتبلك فيتامين ... هتروحي امتى!!
قلبت عينيها و قالت : لما ماما تفضى ... ما انتِ عارفة ممنوع انزل إلا وحد منكو معايا زي ما أكون لسه عيلة صغيرة .
قالت أمها : لا يا حبيبتي مش عيلة صغيرة بس الناس لسه منستش الفضيحة اللي حصلت و الكل عارف انك اطلقتي .
قالت تحية سريعاً : بس لسه في العدة مش يمكن ربنا يهدي سرهم و ترجع بيتها .
انتفضت واقفة و قالت بغضب : انتو ايه مش بتزهقوا ... رجوع مش هرجع و لو جاب نجمة من السما ... ثم نظرت لاختها و قالت : انتِ مفيش فايدة فيكي ... انتِ لو اتحطيتي مكاني و اتهان كرامتك و اتكسرتي يوم فرحك عمرك ما هترضي ترجعي و لو رجعتي تبقي عديمة الكرامه و تستهلي يضربك بالجزمة بعد كده .
ثم وضعت يدها في خصرها و قالت بتهديد : انا الكل بيشهد باخلاقي و بكرة اتجوز اللي احسن منه مية مرة.
ردت أمها بغضب و قالت : هو انتِ حد هيبص في وشك و أختك ربنا يسترها على جوازتها ... يا خوفي تعنسوا و تفضلوا في رقبتي أنا و أبوكو .
صفقت بكفيها بغضب و قالت : مفيش فايدة مهما اتكلم هتفضلو تتكلموا في نفس الكلام ...
أنا بقول أهو ... السيرة دي محدش يفتحها معايا تاني وإلا هاطفش و أسيب البيت عشان ابقى فضحتكوا بجد .
انفتح باب الشقة ليلتفت الجميع لوالد تهاني الذي ذهب للسوق لشراء مستلزمات البيت قبل ذهابه للعمل ... ملاء الصمت المتوتر المكان .
بينما هو يدخل بهدوء يحمل عدة أكياس مليئة بالفاكهه و الخضروات و قال : السلام عليكم ... ايه مالكو صوتكو جايب أخر الشارع .
قالت أمها بغضب : كله منك أنت فضلت تقوي فيها و تنشف دماغها و اهي العند واخدها و رافضة ترجع لجوزها .
اعطى تهاني الأكياس التي بيده و هو يربت على كتفها بهدوء ثم نظر لزوجته و قال بلهجة صارمة : مش كنا قفلنا السيرة دي يا ام أحمد و لا ايه ... لما ابقى أعجز عن اكلها وشربها هابقى اغصب عليها ترجع لجوزها ... انا مربتهاش هي و أختها و شقيت عمري كله عشان يجي واحد واطي زي ده يضربها و يخوض في سمعتنا على أخر الزمن ... من الأصل كانت غلطة اني وافقت عليه لولا زنك و كلامك الفاضي ... البنت معاها شهادة و مفيهاش عيب عشان أجوزها لواحد اقل منها في كل حاجة ... حتى التعليم مفلحش فيه ... بس هاقول ايه الله يسامحك و يهديكي .
ردت بغضب : يعني ده جزائي إني خايفة عليها اللي قدها معاهم بدل العيل اتنين و المثل بيقول ضل راجل و لا ضل حيطة .
قاطعها بعصبية : هي عندها 50 سنة عشان يبقى القطر فاتها دي مكملتش حتى ال 30 و بعدين المثل برضو بيقول قعدة الخزانة و لا جوازة الندامة .
ثم تحرك متجهه لحجرته وقال بلهجة قاطعة : كلام في الموضوع ده تاني مش عايز اسمعه ثم نظر لتهاني التي عادت من المطبخ و قال : و من بكرة لو عايزة تنزلي تشوفي شغل إنزلي مش هنفضل حابسينك العمر كله عشان معرفناش نختار ليكي واحد يصونك .
قاطعته أمها : طب نديله فرصة تانية .
انفجر فيها قائلا : انتِ بتفكري ازاي ... عايزة ترضي لبنتك الإهانة ازاي فهميني ... أول جوازنا مرة اتعصبت عليكي بسبب مشكلة في الشغل و زقيتك غصب عني ووقعتي ... وقتها غضبتي في بيت أبوكي شهر لحد ما رضيتي ترجعي ... زقه بسيطة و غضبتي شهر و بنتك تتضرب و تتهان و تتفضح و انتِ لسه عايزة تديه فرصة يا شيخة اتقي ربنا حرام عليكي .
شحب وجهها من كلامه حاولت الرد وتبرير موقفها بالخوف على ابنتها من آلسنة الناس التي لا ترحم حركت شفتيها لتوضح له لكنه رفع يده و قال بغضب تفاقم منها و لم يهتم بوجود بناته : كلمة زيادة يا ام أحمد و صدقيني هاتجنن و أعمل اللي عمله طليق بنتك و إبقي شوفي وقتها هترضي تكملي معايا و لا لاء وتركهن بين خوف و قلق و ... راحة

منزل والد حازم
منضدة خشبية بيضاوية الشكل مزينة بنقوش قديمة الطراز تحيطها ستة مقاعد بنفس النقوش و مبطنة بقماش أزرق غامق ... تعلو المنضدة مفرش رخيص من البلاستيك بنقوشات شعبية تتراص فوقه عدة أطباق من الفول و الفلافل و الباذنجان المقلي و البطاطس المقلية و البيض المسلوق و أخيرا العسل الأسود و الطحينة .
تضع ام حازم طبق العيش و مصفاه بلاستيكية داخلها اعواد الجرجير و الخس .
بصوت عالي تقول : يالا يا ابو حازم الفطار جاهز ... يا عاليا صحي كريمة و تعالي كولي لقمة قبل ما تروحي شغلك .
تنظر لغرفة حازم و هي تفكر هل تنادي عليه ام تتركه يستيقظ مفرده كعادته كل يوم .
نظرت لغرفة عاليا و هي تفكر بضيفتهم ثم عادت بنظرها لغرفة حازم لتتجه نحوها بعزم و هي تكلم نفسها قائلة : لازم يفطر معانا و أضغط عليه بوجود ضيفة ... ميصحش يسيبها و يفضل نايم و أهو طريقة يمكن بيها يرجع يكلم الناس بدل ما هو بيكلم حيطان الأوضة كدة .
فتحت الباب بدون أن تطرقه لتتجه لنافذته و تفتحها و هي تقول بصوت حنون : حازوم يالا يا حبيبي قوم افطر معانا .
وضع وسادتة على رأسه يهرب من ضوء الصباح و قال بصوت ناعس : مش قادر اقوم ... نايم متأخر .
قالت تحايله : يا ابني قوم عايز الضيفة تفتكر إنك مش واخد راحتك عشان وجودها ... مش كفاية امبارح نزلت و رجعت وحتى مرمتش عليها السلام ... يصح كده يعني .
هب جالساً و قد تذكر كل شئ و هو يضع يده بشعره و يقول سريعاً : لا طبعا ميصحش ... طب شوفيها كده خرجت الصالة ... مينفعش اطلع بالمنظر ده قدمها تتفزع و تطلع تجري .
ضحكت أمه من قلبها بسعادة برغم أنها جملة عادية لكن من حازم و بهذا الوقت تعتبر كلماته من أسعد ما سمعت لاول مرة من زمن يداعبها بالكلمات .
فتحت الباب و نظرت للخارج و قالت : يالا مفيش حد اطلع بسرعة على ما اروح اصحيها .
انطلق سريعا و هو يفكر أنه بعد الافطار سوف يتجه للعمل بشقتها بعد زيارتها بالأمس لتحديد الأدوات المطلوبة .
دقائق و كان يجلس على منضدة السفرة يتوسط والده و والدته بينما أمامه كريمة و عاليا التي تأكل سريعا ... تنحنح قائلا محاول مشاكستها على غير العادة : براحة يا عاليا ... أول مرة تشوفي أكل في حياتك .
نظرت له ببلاهة و قالت بعد لحظات من الصمت : أنت كويس يا حازم ... سخن و لا حاجة!!
قال بابتسامة صفراء : ها ها ها خفيفة اوي ودمك شربات والله .
ابتسمت و غمزته قائلة : عارفة اني شربات بس مش متعودة منك على الهزار فخفت تكون بتخرف .
ابتسمت أمهما في سعادة و قالت : ربنا يصلح حالكو يارب و أشوفكو أحسن الناس .
ثم نظرت لكريمة و قالت : ما تاكلي يا بنتي و لا الأكل مش عاجبك .
ردت سريعا ووجهها يتورد حرجا : لا ازاي يا طنط تسلم إيديك افتكرت يوم الجمعة و فطار ماما الله يرحمها نفس القعدة و نفس الاكل .
قال والدهما : ألف رحمة و نور عليهم الأستاذ عبد الغفور كان و نعم الجار و الأخلاق عمرنا ما سمعنا عنهم غير كل خير ...
و انتِ رجعتي من امتى يا بنتي ... الواحد مستغرب انه مخدش باله من رجعتك و عمل معاكي الواجب .
هزت رأسها نافية و قالت : لا يا عمي الغلط مني ... انا رجعت من كام شهر بس كنت نادر لما بكلم حد ... كنت لسه مصدومة من وفاة بابا و ماما فجأة كدة و في يوم واحد ... بعدها مقدرتش اكمل برغم شغلي و حياتي كلها هناك ... إحنا هناك من أكتر من عشر سنين .
قالت ام حازم بصوت حزين : لا حول و لا قوة إلا بالله ... ربنا يرحمهم يا بنتي و يصبرك ثم قالت بتلقائية : إعتبرينا زي أهلك و أي حاجة تخطر على بالك تطلبيها مننا .
قالت و الدموع تتكون بعينيها دون إرادة منها لحنان هذه السيدة الطيبة : ربنا يبارك فيكو يارب .
كان يتظاهر بتناول الطعام بينما هو مهتم بكل كلامها محاولا معرفة تفاصيل أكثر عنها ... هالة النقاء و البراءة المحيطة بها تجذبه لسبب لا يعلمه ... كل ما يعلمه أنه يشعر براحة غريبة لوجودها في محيطه .
إنتبه لصوت عاليا تقول : انا هامشي عشان هتأخر كده ... لو عوزتوا أي حاجة كلموني .
لتقف كريمة بتوتر يلفها الخجل من هذا الموقف فهي وسط إناس لا تعرفهم و لم ترهم منذ كانت طفلة صغيرة ... بالأمس لم تخرج من حجرة عاليا بين تعب و إرهاق و صدمة والجميع تفهم و إحترم صمتها ... أما الأن فلا تعلم ... هل تنتظر لتساعد ام حازم ... أم تعود لحجرتها حتى لا تسبب أي قيد لأصحاب المنزل وقفت تقول بعيون حائرة : أنا ... هو ... حضرتك ...
تفهمت ام حازم حيرتها و خجلها فقالت ترفع عنها الخجل : روحي يا حبيبتي ارتاحي ... صلي الضحى و نامي شوية ... و لما حازم و ابو حازم ينزلوا هاجي اصحيكي نشرب الشاي سوا و تبقي على راحتك .
تبسمت بامتنان لها على تفهمها لدواخلها و انسحبت بخطوات سريعة .
بعد إنتهاء الإفطار و تبادل بعض الكلمات ساعد حازم أمه في رفع الطعام و قام بعمل كوب القهوة الخاص بأبيه ... كما اعتاد منذ عدة اسابيع في محاولة منه لكسر حالة التقوقع التي لازمته بعد خروجه من السجن .
بعد تناول والده القهوة و تبادل الحديث مع ابنه وقف حازم و قال : هاروح أبص على الشقة ... عشان ألحق أخلصها لأن فيها شغل كتير .
و خرج بدون إنتظار اي رد
رفعت أمه يدها و قالت : ربنا يحميك ويهديك و أشوفك حازم بتاع زمان يارب .
قال والده و هو يتجهه لحجرته : أمين يارب يا ام حازم ... هاروح أنام ساعة كده و لما اصحى هاروح أزور الحج محمد بإذن الله ... بقاله يومين مبينزلش القهوة .

قبل بعض الوقت خرجت عاليا للذهاب لعملها ... نظرت لهاتفها و هي تفكر : معها عشر دقائق إضافية ... تستطيع السير بعض الوقت قبل استقلال أي مواصلة للذهاب للعمل ... همت بنزول الدرج فسمعت الباب المقابل يفتح ليخرج هذا المتجهم المدعو أشرف فقالت ببساطة : صباح الخير .
رد ببرود : صباح النور ... ثم قال باستنكار : هو انتِ أخت حازم!!
توقفت خطواتها و قالت بتحفز : اه أخته ليه فيه حاجة و لا ايه!!
رفع كتفه في لامبالاه و قال : لا عادي أصله قابلنا يوم ما وصلنا و فتحلنا محضر و مسبناش إلا لما عرف إننا من طرف الأستاذ مجاهد .
اومأت بحزن وقالت : هو بس بقى قلقان زيادة من ساعة ما خرج من السجن .
نظر لها متفاجئ و قال بتساؤل : هو كمان كان في السجن ... اقصد كان متهم في ايه يعني!!
تنفست بعمق و قالت تتذكر الأيام العصيبة التي مرت عليهم : النصيب ... دخل يصلي في جامع و للأسف كان فيه مجموعة جوه بيخططوا لتفجير قنبلة و الأمن الوطني مراقبهم فقبضوا على كل اللي جوة و هو كان ضمنهم .
اومأ بتفهم فبرغم كل ما مر به إلا أن المتهم بأي تهمة تمس أمن الدولة يلقى أضعاف مضاعفة مما رآه هو بالداخل .
لذلك توتر و ظهر عليه الخوف و القلق ... يحمد الله فبرغم كل شئ كان يعامل بطريقة أدمية داخل السجن و بالتأكيد هذا ما لم يلقاه حازم .
اشارت له بالنزول و سألته بتلقائية : وأنت تهمتك كانت ايه جنحة و لا جنايه!!!
لم يشعر بنفسه إلا و هو يجذبها تجاهه من ذراعها و قال بحدة بينما وجهه يتحول للون الأحمر من الغضب ... ماذا تعرف عنه لتساله و ماذا تريد منه و بأي حق تتباسط معه كأنه صديق لها منذ الصغر قال بصوت منخفض لكن صارم : انتِ تعرفي عني ايه ؟؟ و بتسألي ليه ؟؟ و بأي حق تسمحي لنفسك تدخلي في حياتي؟؟
تأوهت و هي تحاول جذب ذراعها من تحت يده ... تحاول إبعاد جسدها الذي أصبح على بعد سنتيمترات من جسده و قالت : آه إيدي ... إنت مجنون و لا ايه ... إبعد إيدك .
نظر ليده بذهول ثم نظر لها و هو يدرك غباء ما فعل فرفع يده سريعا بفزع وهو يعود خطوة للخلف و هو يقول باضطراب : أنا ... أنا أسف مكنش قصدي صدقيني ... أنا بس اتصدمت إنك عارفة .
دلكت ذراعها بيدها الأخرى و هي تفكر لا تريد أن يغضب من مجاهد إذا علم أنه هو من أبلغها لكنها لن تكذب عليه فقالت بهجوم : فهمت من كلام الأستاذ مجاهد ... مش محتاجة ذكاء أنت جاي عن طريقه و مفيش شغل و هو لمح إنك ممكن تكون صديق لحازم لظروفكم المتشابهه ففهمت إنك زيه ... إتقبض عليك ظلم .
دلك جبهته بإرهاق من تصرفه الغبي و قال : أنا أسف مرة تانية ... فعلا اتقبض عليا ظلم ... مش عايز أعطلك أكتر من كده عن شغلك و أكيد هيجي وقت أقولك كنت مسجون ليه
ثم هرب من أمامها غير مصدق لانفلات أعصابه ... بينما هي بعد ثواني هدأت من الغضب المسيطر عليها و هي تتذكر حال أخيها عند خروجه من السجن ... بالنهاية يعتبر رد فعل أشرف اهدأ بكثير من رد فعل أخيها .
نظرت لساعاتها فوجدت أنها تأخرت عن ميعادها فهرولت سريعاً لخارج البناية كي تستطيع الوصول في أسرع وقت .

تتصل به للمرة الخامسة و لا رد ... ليس من عادته عدم الرد عليها ... حتى و هو منشغل يرد و يخبرها بأنه سوف يتصل عندما يتفرغ لها .
زفرت بحنق و تركت الهاتف و حاولت الإنشغال بأي شئ أخر .
بعد عدة دقائق كان الهاتف يرن بنغمته المخصصة له لتلتقط الهاتف سريعا و ترد بلهفة : أيوة يا هشام أنت فين من امبارح؟؟
رد بصوت ناعس و قال : أنا رجعت بعد الفجر بشوية و نمت ... هي الساعة كام دلوقتي ؟
ضربت على صدرها و قالت : يالهوي يعني منزلتش الورشة لحد دلوقتي ده الساعة داخلة على تلاته .
قال بإرهاق : بقولك داخل 5 الفجر و على ما كلت لقمة و نمت كانت 6 ونص يعني لو نزلت هاركب الشكمان مكان الموتور في العربية .
ناقشته قائلة : بس كده صاحب الورشة هيخصم ليك و ممكن يجيب حد غيرك .
قال بلامبالاه : يعمل اللي يعمله كلها كام شهر و أنساه خالص وأنسى أيامه .
قالت بقلق : وأنا يا هشام؟؟
تسأل بعدم فهم : انتِ ايه يا زينة!!
قالت بخوف : هتنساني أنا كمان لما تتشهر و تشوفلك واحدة تناسب وضعك الجديد .
ضحك و قال ببديهية : حد ينسى روحه يا عبيطة ... يا بت انتِ مراتي ... اه لسه مكتبناش الكتاب عشان أبوكي مش راضي بس انتِ عمرك ما هتكوني لحد غيري و إلا يكون أخر يوم في عمرك .
ابتسمت بحب لغزله العنيف و قالت : بابا زي أي أب مش عايز يكتب الكتاب لفترة كبيرة وبنفس الوقت أنت لسه مش جاهز للجواز .
قال : أول ما ربنا يفرجها عليا و أبدأ أتعرف .... أي فلوس هتيجي هتبقى لجوازنا .
قالت بأمل : يارب يا هشام يوفقك وتبقى أشهر مغني في مصر .
قال بشقاوة : مقلتليش حماتي طابخة ايه النهاردة!!
ردت : خالتك عاملة رز وصنية بطاطس و فرخة محمرة .
قال بصوت متلذذ : مممم طيب هاروح أشوف أخبار الورشة ايه وأعد فيها كام ساعة وأجيلك قبل معادي مع هادي .

الأسكندرية
تفكر و تفكر ... تشتاق لسماع صوته ... للكلام معه ... لإلقاء همها على مسامعه فلا يوجد غيره يفهمها و يحتويها ... حتى الأن و بعد مرور عدة شهور على قرار البعد إلا أنها لا تتقبل قراره ... غير مقتنعة بأنها النهاية ...
داخلها يقين بأنها له وأنه ملك لها ... مهما كانت الظواهر والشواهد تؤكد استحالة وجود أي مستقبل لهما إلا أنها على يقين بأن لهم لقاء ثاني بعد شهر أو سنة أو حتى عشر سنوات ... اتخذت قرارها و طلبت رقمه بقلب مرتحف وأنفاس متلاحقة ... تخشى صده لها و الأسوأ تجاهلها ... رنة ... أثنان ... ثلاثة و لا رد ... تكونت الدموع بعينيها لعدم رده لهذه الدرجة هانت وهان حبها عليه ... كانت في حالة رثاء الذات فلم تنتبه لأنه فتح الخط و قال بلهفة : سلمى إزيك انتِ كويسة ... حد جراله حاجة ... سلمى ... سلمى!!!
انتبهت أخيرا لنداءه ... لصوته الذي طالما دغدغ مشاعرها ... أجلت حنجرتها و قالت بلهفة و بصوت يملؤه غصة البكاء رغما عنها : مالك ... أنت ... أنت وحشتني أوي .
أغمض عينيه بألم فهو اشتاقها أضعاف مضاعفة فقال رغما عنه : انتِ كمان وحشتيني أوي أوي يا سلمى .
قالت بقهر : طيب يبقى ليه ... ليه نبعد طالما بنحب بعد!!
قال بوجع : لأن كل الظروف اللي حوالينا ضدنا .
جادلت : بإدينا نغير الظروف أو حتى نتجاهلها يا مالك ... لكن البعد صعب ... صعب أوي .
زفر بألم تمكن من كل خليه فيه و قال : دلوقتي ممكن نتجاهل الظروف لكن صدقيني مع أول مشكلة هتحصل بينهم هتأثر علينا و مشكلة ورا التانية هنكره بعض ونأذي بعض .
أغمضت عيناها بتعب ... جزء منها مقتنع بكلامه و لكن الجزء الأخر يحثها على التجربة ... على المحاربة للحفاظ على حب حياتها ... هي ببساطة عاجزة على تخيل نفسها مع غيره أو أنه يكون من نصيب أحد غيرها .
قالت بوهن : يعني أنت مرتاح كده ... مقتنع بقرارك اللي أخدته من غير حتى ما نتناقش فيه .
قال باختناق : أنا عملت اللي شايفه صح لينا إحنا الاتنين عشان منرجعش نندم بعد كده .
ردت : الصح إني أكون لغيرك ... قادر تتصور إني أكون أم لولاد مش ولادك و زوجة لراجل غيرك!!
إنقباض بالقلب و غصة تمكنت منه و أنفاسه ضاقت من مجرد التخيل ... إذن ماذا سيفعل إذا كانت حقيقة واقعة؟؟
لم تنتظر رده و قالت بتهور : خلاص يا مالك إفتكر إنك أنت اللي اخترت و استنى دعوة فرحي بأقرب وقت .
وأغلقت الخط و هي تبكي بانهيار لتأكدها أنها وبكل أسف لن تستطيع تنفيذ تهديدها الغبي .
بينما هو تجمد مكانه لدقائق أو ثواني ... لا يعلم ... ثم انتفض فجأة ليحطم أول مزهرية توجد أمامه ... يلعن الظروف التي تسببت بكل هذا .

تقف ابتسام و هي تنهت من التعب لكن نظرة رضا لمعت بعينيها و هي تنظر حولها بعد أن نسقت وضع البضاعة الجديدة بالمحل .
نظرت لرشا و قالت و هي تخرج بضع أوراق مالية تعطيها لها و تقول : خدي يا رشا هاتلينا علبتين كشري من عند الزعيم بلاش كشري الأمير العدس بتاعه قليل و مكرونته مجلدة.
و هاتي من الكشك اللي في السكة اتنين سفن أو بيبسي عشان نبلع الكشري .
اخذت رشا المال و ذهبت لتشتري ما أوصتها به العسلية .
دقائق و دخلت هدية و هي تنظر حولها و تقول : أنا عارفة حظي مفيش أحلى منه ... شكل البضاعة الجديدة وصلت وهادلع نفسي .
ثم أمسكت بأحد أصابع أحمر الشفاة و قالت و هي تتأمل لونه : حلو أوي اللون ده يا عسلية نازل موضة .
قالت ابتسام بغرور مصطنع : طبعا يا بنتي هو أنا هاجيب أي حاجة في المحل بتاعي .
وضعته هدية بحقيبة يدها و قالت : خلاص هاخده .
أومأت ابتسام و قالت و هي تجلس على مكتبها : إنجزي يا هدية و قولي الكلمتين اللي عندك .
عضت على شفتيها و قالت : هو أنا باين عليا أوي كده .
قالت بتفهم : لا مش باين لأي حد بس أنا عرفاكي كويس ... عملتي عاملة هباب و جاية تاخدي رأي ... و مروحتيش لأي حد غيري عشان عارفة إني أجن منك و هاطوعك على جنانك .
ضحكت هدية و هي تجلس على أحد المقاعد و تقول : أنا روحت لهادي الشريف .
صمتت ابتسام تحاول تذكر الاسم فعقبت هدية قائلة : الملحن .
شهقت ابتسام و ضربت على صدرها و قالت : يا مجنونة ... عرف إنك أخت هشام ... رضي يسمعك ... قابلك ازاي ... ما تنطقي يا هدية بدل ما أنط في كرشك .
ضحكت هدية و قالت : انتِ مدياني فرصة افتح بقي ...
طبعا مقلتلوش إني أخت هشام و سمع صوتي و عجبه جدااا و عرض عليا أمثل كمان .
قالت الأخرى بلهفة : وانتِ قلتيلو ايه!!
قالت و هي ترجع خصلة وهمية من خصلات شعرها : قلتله تمثيل مستحيل بابي أكيد هيرفض عشان إحنا عيلة محافظة جدا و هربانه من البودي جارد بالعافية .
نظرت لها ببلاهة ثم انفجرت قائلة : بودي ايه يا هدية يا بنت توحيدة .... انتِ نسيتي أصلك يابت و ناوية تتبري من سوق الخضار ... ده كده و لسه محدش سمع عنك أومال لما تتشهري هتعملي ايه .
له حق هشام يقول الشهرة بتغيير النفوس ده انا .....
انفجرت هدية بالضحك و هي تقول من بين صحكتها : بس ... بس ... بس ايه ما صدقتي لقيتي حد تهزقيه ... مش تفهمي و تسمعي انا عملت كده ليه .
ثم ضربتها على كتفها و قالت : اخس عليكي تظني فيا كده .... أنا بس خفت يعرف إني أخت هشام فيرفض عشان أخته ... أو يقول لهشام ووقتها الخطة كلها هتبوظ .... وبعدين قلت يمكن لما يفتكر إني بنت ناس أغنيا يهتم بيا زيادة ... لكن أكيد هاقوله أنا مين وأخت مين .
هدأت ابتسام نسبيا و قالت و هي تسترخي بجلستها مرة أخرى وقالت : اه بحسب ده أنا كنت هاخلي العشرة منك بقرش يا بتاعة البودي جارد .
ابتسمت الأخرى و قالت بحالمية : بس ايه يا عسلية ... هادي ده اييييه ... مش عارفة أقول ايه عنه ... حاجة كده خيال .
عارفة الناس اللي تشمي ريحيتهم من بعد كيلو كده ... مستحمي و نضيف و بيلمع و لا شكله يا عسلية ... و لا رشدي اباظة في زمانه .
وضعت الأخرى يدها على خدها و قالت : و ايه كمان يا شادية مش ناقص تغني يكنش ده اللي اسمه الهوى اللي ملوش في الكون دوا .
اعقلي يا هدية وانزلي على الأرض بدل ما تبصي في العالي وتقعي على جدور رقبتك .
تأففت هدية و قالت بلا مبالة ظاهرية : أوف عليكي فصلتيني ... إن الله جميل يحب الجمال يا عسلية ... أنا بس بوصفلك مش بتغزل فيه لا سمح الله .
ضحكت ابتسام باستخفاف و قالت بسخرية : لا سمح الله ..... المهم دلوقتي ناوية على ايه مع رشدي اباظة بتاعك؟؟
تنهدت و قالت : و لا حاجة مستنية تليفون منه عشان أروحله و يبدأ يمرني ... خايفة يكون بيوزعني و خلاص يا عسلية .
قالت ابتسام بدعم : لا بإذن الله يكلمك تاني بس أهم حاجة تعقلي و تركزي ... و بأقرب وقت تقوليلو الحقيقة عشان لو عرف إنك بتضحكي عليه ممكن يرفض يدربك و يعلمك .
أومأت الأخرى و هي تفكر في صحة كلام ابتسام و وعدت نفسها أن تنتظر الوقت المناسب لإخباره الحقيقة كاملة .

منزل كريمة

يتأمل ما حوله و هو يفكر من أين يبدأ العمل ... ظاهريا لا توجد أي مشاكل غير مشكلة صغيرة سببت الحريق لكن بمجرد فحص باقي مخارج الكهرباء وجد أن كلها تحتاج للتغير و أغلب الأسلاك بالحائط متهالكة ظن أن العمل سيستمر ليوم أو أثنان بالكثير لكنه وجد أن الأمر سيحتاج لأكثر من ذلك غير التكسير بالحوائط ... بالنسبة له لا مشكلة فهو لا عمل لديه بالوقت الحالي ولا بوقت قريب ... بالعكس هو سعيد لأنه استطاع أخيرا كسر القيود الوهمية التي قيد نفسه داخلها ... لكن هي ... هل ستوافق على كل هذه الإصلاحات .
لكن ليس أمامها خيار أخر فمعنى رفضها اندلاع حريقة ثانية بوقت قربب أو لأحسن الظروف ماس كهربائي يؤدي الى تلف أحد الأجهزة الكهربائية الموجودة بالمنزل .
صعد درجات السلم الخشب ليبدأ من هذا المكان انهمك بالعمل و لم يشعر بالوقت حتى فوجئ بصوت انغلاق الباب تعجب و هو يتذكر ... متأكد هو من إغلاقه الباب معقول كل هذه المدة و الباب مفتوح و لم يشعر .
نزل بحرص من على السلم الخشبي ليجد كريمة تتجول في الصالة غير مدركة لوجوده .
اتم نزوله وأوقع أحد معداته كي ينبهها لوجوده فصرخت صرخة صغيرة ليرفع يده تلقائيا و هو يقول سريعا : ده أنا ... حازم ... إهدي متتخضيش .
أغمضت عينها في محاولة لتهدئة نفسها و قالت بصوت مرتجف رغما عنها : أنت هنا بتعمل ايه؟؟
رفع حاجبه و قال بتهكم : هكون بعمل ايه يعني !! مش اتفقنا إني هاصلح الكهربا البايظة قبل ما عبده يبدأ في شغل النقاشة .
قالت بتماسك أكثر : أيوة ... أيوة افتكرت بس أصلي جيت امبارح و ملقتكش فقلت غيرت رأيك .
قال بتساؤل : و مسألتنيش ليه الصبح وإحنا بنفطر .
تهربت من عينيه و قالت بصوت حرج : أنا ... أنا اتكسفت أصل هو مش فرض عليك و كده .
ابتسم متعجب من دقات قلبه المتسارعة و لهفته لإطالة حديثه معها فقال : لا طبعا فرض ... ده النبي وصى على سابع جار و بعدين انتِ لوحدك فلازم نحطك في عنينا .
تورد وجهها ذلك التورد الذي يفتنه فتنحنح بحرج من تحديقه بها و قال : انتِ كنتي جاية عايزة حاجة و لا ايه!!!
تذكرت قائلة : اه ... لبس المستشفى بتاعي هنا فجيت أخده عشان هانزل من بكرة الشغل .
فقال بانبهار ظاهري بينما داخله متفاجئ ... حزين من كونها طبيبة ... أين هو و أين هي : ماشاء الله انتِ دكتورة!!
ابتسمت بحرج و قالت : لا أنا معهد تمريض ... بشتغل ممرضة في مستشفى الشفا الخاصة .
أومأ بارتياح و قال بعفوية : أنا برضو قلت اللي زيك لازم تكون ملاك ... و نظرتي في محلها طلعتي من ملايكة الرحمة .
تورد وجهها بشده بينما هو يؤنب نفسه عندما أدرك تغزله الواضح بها فقال سريعا بتهرب : طيب أنا هارجع البيت عشان أسيبك براحتك و لما تخلصي و ترجعي عندنا خبطي عليا عشان أجي أكمل شغل .
نظرت له ببلاهه غير مستوعبه كلامه فقال موضحا : يعني ميصحش نفضل لوحدنا هنا أكتر من كده .
شهقت بصوت عالي و ملامح الفزع على وجهها وأخذت تشير بيدها له : طب يالا يالا بسرعة أخرج ... ازاي مخدتش بالي ... وأنت ازاي تفضل ترغي كل ده من غير ما تنبهني .
كاد ينفجر بالضحك و هو يلملم عدته و يضعها جانبا وقال : دول هما 5 دقايق مش نص ساعه يعني .
قالت بغضب : يالا يا استاذ أنت لسه هترغي ناقصة هي .
خرج سريعا من أمامها فقد كادت تطرده حرفيا و بمجرد إغلاقها الباب إنفجر ضاحكا ... ضحكة لم تزره منذ شهور طويلة ... شعور غريب يتسلل له ... شعور افتقده منذ القبض عليه منذ شهور .... شعور بالحرية ... بالراحة ... بالالفة .

القهوة

و كعادتهم اليومية بعد انتهاء اعمالهم يجتمع سلطان و فاندام و مجاهد و احيانا ينضم لهم ناصر و ياسر.
يجلس كل من حودة و سلطان بانتظار حضور مجاهد و يتناقشوا ببعض الامور الحياتية العادية الى ان سأل سلطان : مقلتليش اخبارك اية مع ابتسام؟؟
اوما فاندام و قال : الحمد لله ... الامور احسن من ساعة العيد ... جبتلها رشا تقف معاها بالمحل و سفرية اسكندرية فرقت كتير ... و اتفقت معاها كل اسبوعين تلاتة نخطفلنا يومين في اي حتة ... طالما ظروفنا تسمح.
وافقه سلطان قائلا : عين العقل ... ربنا يصلح احوالكو ... كنت خايف تفهم كلامي بالشقلوب و تروح تبلطج عليها.
ابتسم فاندام و قال بثقة : البلطجة من راجل لراجل ... مهما اتجننت مش هاستقوى على واحدة ست ... و دي مش اي ست يا سلطان ... دي مراتي.
وافقه سلطان و قال : عارف انك جدع و راجل من ضهر راجل ... الستات عايزة محايلة و بال طويل.
ضحك حودة و قال : والله و بقيت بتدي نصايح يا سلطان ... فين ايام زمان.
بادله الضحك قائلا : يا عم مكنتش مركز الا في الشغل و مش واخد بالي.
ابتسم حودة و قال : ربنا يبارك لنا فيهم ... هما بنات حلال و مستحملينا.
دخل عليهم مجاهد و هو يطلب مشروبه المفضل و يجلس قائلا: ازيكو يا شباب.
رد حودة و هو بتناول شيشته : بخير يا متر ... اخبارك انت اية!!
قال و هو يجلس بتعب : كان يوم متعب بس عدى على خير.
قال سلطان و هو مبتسم : جاي و ايدك فاضية يعني لا حتة بسبوسة و لا طبق ام علي!!
رد حودة ضاحكا : شكله ناوي يعمل رجيم.
فتح مجاهد عيونه برعب قائلا : الشر برة و بعيد ... رجيم !!! ليه اتجننت ... يا ابني الاكل هو اعظم متعة في الحياة ... احرم نفسي منها ليه. و الحمد لله المدام عندي مش معترضة على شكلي يبقى ليه اكدر نفسي.
انطلقت ضحكاتهم عالية على منطق التوربيدوا العجيب.
و بعد لحظات هدأت ضحكاتهم و سأل مجاهد : محدش منكو شاف اشرف او مالك.
قال سلطان : البشمهندس مالك كان لسه معدي من شوية و قال هياكل لقمة و ينزل يعد معانا شوية.
دقائق و نفذ مالك وعده و كان يجلس وسطهم يتجاذب اطراف الحديث و يرسل رسالة لاشرف كي يأتي ليجلس معهم لكنه اعتذر.
سأله حودة : و انت سبت اسكندرية ليه يا هندسة ... يعني اكيد مستقر هناك اهلك و شغلك و حياتك.
قال مالك بدبلوماسية : والله حصل مشكلة كبيرة بالشركة اللي كنت فيها ... حصل غش في مواد البنا و حاولوا يلبسوا التهمة لاشرف بس الحمد لله ربنا ظهر برأته و البركة في الاستاذ مجاهد ... طبعا دورت على شغل بديل بس انتو عارفين حال البلد و كانت الشركة اللي هنا تعتبر احسن العروض اللي اتقدمت ليا.
قلت منها اجرب و منها اكون مع اشرف.
قال سلطان بحكمته المعهودة : فعلا حال المقاولات اليومين دول نايم لا بيع و لا شرا الا بطلوع الروح الا طبعا اللي معاهم ملايين و دول عايزين شركات لها اسمها و سمعتها.
أيده مالك و قال : فعلا عندك حق الفترة اللي فاتت ظهرت شركات كلها نصب في نصب عشان كده اهتميت باسم الشركة و تاريخها قبل المرتب و المكان.
ريت مجاهد على كتفه و قال ربنا يوفقك و يوفق اشرف بشغل في اقرب وقت باذن الله
وهكذا تحاذب معهم اطراف الحوار في محاولة منه لبناء حياة اجتماعيه جديدة ليتناسى مشاكله و يغرق وسط مجتمع جديد .

منزل سلطان
منتصف الليل.
يدخل سلطان حجرته بعد ان اطمئن على والدته و تناول عشائه الذي وجده معد سابقا على المائدة في الصالة.
وجدها تضع يحيى بحرص شديد خوفا من ان يستيقظ مرة اخرى.
اقترب سلطان بهدوء و بدل ملابسه و جلس جوارها على السرير فوجدها جالسة تنتظره لكن عيونها مغمضة ... تسأل هل هي نائمة ام فقط تريح عيونها من الارهاق.
اقترب بهدوء و جذبها الى حضنه و قال بصوت هامس : نمتي يا نعنع و لا اية؟؟
قالت و هي تقاوم النعاس : لا يا اخويا نمت اية انا مستنياك اهو.
قبل اعلى رأسها و قال : شكل الواد ده هيخليكي تنسي سلطان.
شهقت بخفوت و قالت و شعور بغيض بالذنب يجتاحها : انا اقدر انساك هو انا ليا غيرك يا معلم.
ابتسم وضمها أكثر له و قال يناغشها : اومال يا نعنع لا عارف اتغدى و لا اتعشى معاكي.
قالت و احساس الذنب تجاهه يزيد : من بكرة هاستناك و مش هاحط لقمة في بقي قبل ما تيجي ... حقك عليا متزعلش مني.
ضحك بخفوت و قال : انتِ مجنوتة يا نعنع انا بهزر معاكي يا بت ... اوعي تستني انا بتاخر و انتِ بترضعي يعني محتاجة تتغذي غير الواد اللي مصحيكي طول الليل ده.
ثم اقترب منها يقبلها باشتياق و هو يعد المتبقي من الأيام لهذا الابتعاد الاجباري ثم قال : انا لا يمكن اقدر ازعل منك ... كفاية كل اللي بتعمليه عشاني.
ضمت نفسها له و قالت بصوت ناعس : ربنا ما يحرمني منك يارب ... ثم صمتت ليبدأ هو يقص عليها ما حدث اليوم كما اعتاد و بعد عدة دقائق نظر لها متعجب من عدم ردها عليه فوجدها غارقة بالنوم فابتسم و قبل رأسها و عدل وضعها بالسرير و تركها تنعم بعد دقائق قبل ان يستيقظ يحيى معلنا عن جوعه.
ثم حمد الله وشكره على نعمته عليه ليستغرق هو الآخر بالنوم.

انتهى

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين








Continue Reading

You'll Also Like

371K 29.1K 56
من رحم الطفوله والصراعات خرجت امراءة غامضة هل سيوقفها الماضي الذي جعلها بهذة الشخصيه ام ستختار المستقبل المجهول؟ معا لنرى ماذا ينتضرنا في رواية...
870K 42.2K 54
لستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في...
3.1K 164 39
برائتها، حنوّها، ضحكتُها، عيونُها اللامِعة، مُزاحُها . . تتمتع بكل هذه الصفات رغم ما حدث وما يحدُث لها، فقدت ذاكرتَها وتسبب هذا في عقباتٍ كثيرة، ليأ...
198K 6.9K 20
ﺗﺤﺖ ﺳﺘﺎﺭٍ ﻣﻦ ﻇﻼﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺃﺧﺬﺕ ﺗﺘﻠﻔَّﺖ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺑﺎﻧﺘﺒﺎﻩ .. ﺧﻮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻌﻨﻴﻒ ﻳﻬﺰُّﻫﺎ ﺑﻘﺴﻮﺓ .. ﺃﻗﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻨﺘﻔﺾ ﺑﻌﻨﻒ، ﺩﻋﻮﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﻣﺘﺔ ﺗﺘﻮﺍﻟﻰ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ...