تائه في عيون عوراء(مكتملة)

By Shimaaosman321

17.8K 981 600

لكني علمت أن قلبي قد أصابه الخواء، وما شهدته في أيامي الماضية أوصد باب السعادة بمفتاح قد تبخر! يبدو أن سهادي... More

اقتباس
الأول(ذكريات مهشمة)
الثاني(في كهف عتمتي!)
الثالث(طيف مجهول)
الرابع(رماد الماضي)
الخامس(الحقيقة المُرة)
السابع(الإتصال الروحي)
الثامن(روح مُلثمة)
التاسع(مفترق الطريق)
العاشر(أنين فؤادي)
الحادي عشر (المجهول)
الثاني عشر(جحيم الماضي)
الثالث عشر(حنين متدفق)
الرابع عشر
الخامس عشر
السادس عشر
السابع عشر
الثامن عشر
التاسع عشر
العشرون والأخير

السادس (العناق الأخير)

540 49 47
By Shimaaosman321

الفصل السادس من رواية تائه في عيون عوراء.
كان توتر ملامحها جليّ، تصنعت أنني قد أقتنعت مما قالته لي، وأنها تشعر بالمرض لذلك لم يظهر عليها الحماس.
أمسكت بيدها عصير مُغلف، كانت ترتعش وتنظر إليّ بقلق.
ظننت للحظة أنها ستعيده مرة ثانية، ولن تعطيني إياه.
وأخيرًا حسمت أمرها، فأخذته منها بابتسامة هادئة. قاطع ذلك رنين هاتفي، وكان خالد كعادته تلك الأيام يريد مصالحتي.
تصنعت أنني سأجيب على الهاتف، وخرجت من السيارة. اتجهت سريعًا لأشتري عصير مماثل لما أعطته لي. فكرت أنه ربما سيكون به منوم، فتصنعت النوم لأتأكد بعد ما قد شربت العصير.
خرج منها صوت مرتعش، وهي تربت على وجنتي، ثم سريعًا قامت بالخروج من السيارة.
فتحت عيني بحرص، وعلمت حينها أن ربما قام عمر بتهديدها، لتعطيلي عن المهمة.
لم أتوقع قط أنها ستذهب إليه، قمت بقيادة السيارة وجمعت رجالي، وأنا أشرح لهم ما سوف نقوم به حينما يحل موعد التنقيب، لكي نقبض عليهم أثناء قيامهم بذلك الفعل الاجرامي.
مر بعض الوقت، وقررت تحرك القوات، وبالفعل اتجهنا إلى المنطقة التي حددتها إليّ آية من قبل.
وصلنا، وقمنا بمراقبة المكان جيدًا.
تسللنا سريعًا إلى الداخل، ونحن في أتم الاستعداد.
لكن المكان فارغ تمامًا.
ظللت أسير بغضب، واستوقفني أثر الحفر، وفغرت فاهي حينما وجدت سلسلة كانت آية دائمًا ترتديها، وقد رأيتها أثناء مقابلاتنا القليلة.
نظرت إلى الحفرة الموضوع بها الرمال بشكل مهمل، وغير مكتمل، وسرت بعيني تجاه السلسلة مرة أخرى، وقلبي دق بشيء قد أرعبه.
أمسكت أداة الحفر سريعًا، وبكل قوة أزحت الرمال وساعدني جميع الرجال.
صُدمت حينما وجدتها، ووجدت ثعبان صغير إلى حدٍ ما يحيط عنقها.
تملكني الفزع، وأنا أصرخ باسمها، أمسكت الثعبان ونثرته بعيدًا.
حملتها وأنا مازالت أصرخ باسمها، لكنها كانت قد استسلمت.
وضعت أذني بجانب قلبها، فسمعت دقات خافتة للغاية.
ركضت بها إلى الخارج وأنا ادعي الله أن ينجيها مما هي به الآن.
& بقلمي شيماء عثمان
★ صلّ على الحبيب ★

كنت قد أفرغت جزء مما بداخلي إلى ذلك الرجل الذي من المؤسف أنه أبي.
نثرت يد رجاله، وخانتني قدمي، فسقطت أرضًا وأنا أبكي بكل جزء حزين يتملكني.
ظللت هكذا لبرهة من الوقت، لا أعلم ما هي الخطوة القادمة، ولا أعلم كيف أعيد الترياق لصاحبة النظارة السوداء التي كانت تبكي في الطرف الآخر.
كنت قد رفعت رأسي، ومازال صوت بكائي يحيط المكان. أدعي إلى الله وأشكو له مما يعتمل صدري، حتى قاطع تلك المناجاة صوت رصاص دوى في المكان، وإزدادت معها صرخات صاحبة النظارة السوداء.
شحت بنظري تجاه الصوت فوجدته قد صوب الرصاص على رأسه، وأنهى حياته بيده.
لا أعلم هل عليّ الصراخ وأقول أن أبي قد مات!
هل عليّ أن أدخل دوامة جديدة، وصفحات أخرى تضاف إلى ذكرياتي البائسة؟ وهل من الأساس كل ما مرّ كان ذكريات خاصة بي؟
عقلي توقف عن العمل، ومازالت دموعي تصرخ بالهبوط!
صعدت روحه إلى السماء، وحدقة عيناه قد أتسعت على آخريهما، وكأنه ينظر لي!
تجمدت مكاني، مشاعري متاهة كبيرة ليس لها مخرج، وصوتها يخترق أذني، وهي تردد اسم والدتها.
وقفت أخيرًا، وتحاملت على قدمي.
اتجهت إليها، وسحبتها من بين أيديهم، خارت قوتها بين يدي.
تألمت وهي تنظر إلى الأسفل فوجدت زجاج الترياق المفتت قد جرح قدمها
جلست أرضًا وهي تبكي بقلة حيلة، لكنها استمعت إلى نحيب يأتي من الغرفة المغلقة.
وقفت بفزع وهي تردد اسم" مريم" تلفتت حولها ولم تجد أي من الرجال الذين كانوا قد رحلوا بعد موت قائدهم، فثقيلة عليّ أن أقول أبي!
وقفت خلف الباب تصرخ، وتردد اسم الفتاة مرة أخرى، لم تجبها الفتاة. لكنها مازالت تبكي.
وقفت وأنا أسير كآلة خالية من المشاعر، وقمت بتحطيم الباب بكل قوتي.
دخلت سريعًا إلى الفتاة الصغيرة، وحينما رأت هيئتها ظلت تصرخ.
فكانت ممزقة الملابس ومعذبة، احتضنتها محاولة تهدئتها وحاولت أن تفك وثقها ولم تستطع.
فاقتربت وقمت بفكها، وخلعت عني قميصي، أعطيته لها بهدوء فوضعته على جسد الفتاة بأيدي مرتعشة، ونحيب متقطع.
تركتها معها، وخرجت من الغرفة، ووقفت أمام جثمانه، وقعت على ركبتيّ، ودموعي تتساقط، تذكرت حينما كان يشجعني لأدخل مجال الآثار، وكيف ساعدني في الحصول على ذلك العمل، وتذكرت العديد من الأشياء التي كان يفعلها معي حتى ينتقم مني في هدوء!
وتذكرت أيضًا تنبيهه لي بألا أقرأ مذكرات من كان المفترض أن يكون أبي؛ بحجة ألا تتفتح الذكريات في قلبي من جديد.
لكن السحر قد إنقلب على الساحر، فله من الله ما يستحق.
نظرت إليها من جديد، وأنا أتألم لأجلها فهي لم تستحق ما فعله بها.
أمسكت بالفتاة، واقتربت مني وهي تقول بصوت قد خرج هاشًا:
- كل شيء راح!
وقفت وقد ضاعت مني الكلمات، ونسيت أحرف الهجاء. لا أعلم كيف أخفف ما يقتحم قلبها من ألم.
وكم الحرب النفسية التي تداهم روحها، وألم الضمير!
خرجت مني الكلمات بهدوء و أنا أقول:
- مافيش حاجة ضاعت.
هزت رأسها وهي تنظر أرضًا، ودماءها كانت قد غطت الأرض، فتألمت ملامحها.
هبطت بجسدي ووجدت قطعة قماشية في الأرض، فأخذتها، وبجزء أزحت عن قدمها الدماء، وبالآخرى أحكمت ربطها على قدمها.
أتى رنين من هاتفها الذي كان داخل حقيبتها التي قد سقطت أرضًا من قبل، أخذته سريعًا ،وبأيدي مرتعشة ضغطت على زر الرد، فأجابت وحينما استمعت إلى الطرف الآخر، سقط منها الهاتف، وفقدت، وعيها وأثناء ذلك سقطت عنها النظارة السوداء!

.............................

وصلت أخيرًا إلى المشفى، فخرجت سريعًا منها، وقمت بحملها، وركضت إلى الداخل.
ظللت أصيح في الجموع، فعندما رأوا زيي الشرطي ألتفتوا لي، وتم تجهيز غرفة طبية لآية.
وقفت بتوتر، أدعو ربي أن ينجيها، وأتمنى ألا يكون ذلك الثعبان قد بث سمه إليها.
طال الانتظار، وهي مازالت بالداخل، فأمسكت هاتفي وكتبت به رقم ليلى، الذي كان مسجل في الكارت الذي أخذته من آية من قبل.
انتظرت حتى تم الرد، وأخبرتها ما حدث، فانقطع صوتها، وسمعت صوت ارتطام.
ثم أتى إليّ صوت رجل، وهو يتحدث سريعًا ويسألني ما حدث.
سألته من يكون، فأجابني أن لا وقت لديه، وأنها قد فقدت وعيها، فأخبرته أن صديقتها في المشفى وأعطيته عنوانها، وأغلقت الهاتف منتظر أي جديد.
& بقلمي شيماء عثمان
......................

أغلقت الهاتف، وأنا في حَيرة من أمري، نظرت إليها وجدت سائل أصفر يحيط عيناها اليسرى.
لم ألتفت إليه، وظللت أرتب على وجنتيها حتى أنني لم أكن أعلم بمَ أناديها، وأنا لم أعرف اسمها من قبل.
استفاقت بعد محاولتي وهي تتنفس بصعوبة.
فتحت عيناها، فوجدت عينها اليمنى محمرة اللون كثيرًا، وتتحرك بريبة بينما كانت عينها اليسرى ثابتة.
لم أركز في كل هذا وذاك، وطمئنتها أن صديقتها ستكون بخير.
جلست في زاوية من الغرفة وهي تقول وصوتها يخرج ممتزج بالبكاء:
- أروح لأمي ولا لأختي؟!
لم استطع الجواب، فأنا على علم أنه صعب للغاية.
أعتدلت ثانيًا، وهي تمسك هاتفها وتقوم بمكالمة مع أحدهم.
وضعت الهاتف على أذنيها وهي تردد الدعاء، ثم استمعت إلى الطرف الآخر، وبمجرد أن استمعت ظلت تصرخ بعنف.
اقتربت منها محاولًا فهم ما حدث، فظلت تضربني بعنف وهي تردد أن أبي هو السبب في كل ما حدث وأن والدتها قد فارقت الحياة!
ازدردت ريقي بصعوبة كبيرة، هل حقًا فقدت والدتها!
أزاحتني بعنف من طريقها، وقامت ممسكة بجزء من زجاجة الترياق المسكوب.
أتجهت إلى جثمانه، وهي تزحف أرضًا من كثرة وهن جسدها.
نظرت إليها بحيرة ،فوجتها تغرز الزجاج في الجثمان! اتجهت إليها سريعًا وأنا أسحبها وهي تزيحني عنها بعنف، وتصرخ بطريقة مريبة.
ظللت أمسك بها وهي تدفعني، حتى صدمت عينها دون مقصد مني، فوجدتها قد تألمت كثيرًا، وبيد مرتعشة وضعت يدها على عيناها، وقامت بازاحتها بعنف، وطردتها من يدها، فسقطت العين أرضًا، وأصبحت عيناها فارغة!
فزعت مما حدث، وعقلي غير قادر على الاستيعاب.
فجلست ثانيًا تصرخ بعين فارغة، وتنهرني، وتنهر ذلك الجثمان الذي مازالت عيناه مفتوحة على آخريهما.

★ لا إله إلا الله ★

وقف طارق شقيق ليلى أمام غرفة والدته، ترجى الطبيب أن يلقي نظرة عليها، فسمح له لعلها تكون النظرة الأخيرة.
دخل هو ووالده الذي كان يتحرك بصعوبة نظرًا لما يحمله في قلبه.
توقفا الاثنان أمام القابعة على الفراش في هدوء، ظهر الألم على وجه فاروق، وهو يرى زوجته على خطوة واحدة من الموت.
ردد الأدعية كثيرًا، وهبطت من مقلتيه الكثير من الدموع، وطارق يربت على كتفيه محاولًا جعله يتحلى بالصبر والايمان رغم ما به من فقده.
وأخيرًا فتحت عيناها ببطئ اقترابا الاثنان منها بفرحة عارمة، وركض طارق ليخبر الطبيب، لكي يرى والدته.
نقلت نظرها إلى فاروق الذي كان ينظر إليها بعين دامعة، ويده قد أحكم قبضتها على يديها.
تنفست بصعوبة وهي تقول له بضعف، وصوت يكاد يسمع بالكاد:
- خلي بالك من عيالي يا فارو..
مالت برأسها على الفراش، وحينها دخل طارق راكضًا بعدما أتى بالطبيب، وعلى وجهه ابتسامة، لكنها تلاشت بمجرد سماعه لصوت ذلك الجهاز يعلن عن فقده لأمه الحنونة!
أغمض فاروق عينيه بألم وأزاح دمعة قد فرت من زوجته قبل موتها!
وقف يردد الحوقلة، ودموعه مازالت تهبط.
تجمد طارق مكانه، وهو يرى والدته جثة هامدة، هز رأسه رافضًا ما حدث، صوته خرج متهدجًا، وكأنه عاد طفل صغير فقد أمه بدون أن يستعد!
أمسك يدها، ونظرات التيه تقتحم وجهه وهو يقول ببكأ وشفتاه ترتعش:
- كنتِ عايزة تشوفيني لمّا اتخرج من كلية الطّب!
قومي يا أمي، لسه في حاجات كتير أوي عايز أعيشها معاكِ، طيب قولي لي مين هينور حياتنا بعدك؟
أبتعد وجلس في زاوية من الغرفة، وصدم رأسه في الحائط، والجميع يحاول أن يهدئه، لكن قلبه أبى الصمود، وعقله رفض أن يفكر في أي شيء، وكأنه توقف عن التفكير.
أخذه والده، وقام باحتضانه، وهما يبكيان معًا.
قاطع ذلك الجو المؤلم رنين هاتف فاروق الذي وجد شاشته تنير باسم ليلى.
نظر إلى طارق، والحمل قد تثاقل أكثر من قبل.
كيف سيلقي على مسمعها أن والدتها قد فارقت الحياة؟ وكيف ستتحمل مزيد من الألم؟
تراكم كل شيء على قلبه، وضغط على زر الهاتف وأجابها بصوت متهدج.
سألته عن والدتها فخرج صوته بتحشرج، وهو يبلغها أن البقاء لله.
استمع إلى صرختها، حاول أن يهدئها لكنها لم تسمعه، قلق عليها وخاصة أنه لا يعلم أين هي، حتى غُلق الخط، وغلق معه كل مفتاح أمل.

........................................

تسللت بوجه متخفي وهي مرتدية زي النقاب لكي لا يعلم أحد من تكون، أصيبت بنظرة من الجالس أمامها ونظرات الخبث تتملك وجهه.
اقتربت منه بملل، وكان التوتر، والقلق سيد الموقف، وهي تتلفت يمينًا ويسارًا في خوف مما تفعله.
أمسكت الأموال، وأعطتها للجالس، لوى ثغره، فعلمت أنه يريد المزيد.
أمسكت المزيد من الأموال، ودثتها في يديه لتدخل إلى ذلك المكان الموحش، وتزيل أثر جريمة قد مرّ عليها أربعة أعوام، بدون أن ينكشف سرها!!
خشيت عندما علمت ماحدث بعد أن أخبرتها والدتها بصوت متألم كثرة البكاء، تظاهرت بالحزن أو ربما حزنت حقًا!
خرجت من ذلك المكان، وأنهت فعلتها، ومازال ذلك الرجل موجود ينظر إلى الأموال في سعادة.
رحلت وفي الطريق قامت برفع النقاب عن وجهها، ونثرت شعرها وهي تتنفس، ثم أكملت سيرها، وصعدت إلى منزل، والدتها وقامت بالصراخ ليتجمع جميع من يسكن حولهم، وتبلغهم بالحدث الذي قد جعلهم يحزنون.
جلست على الأريكة، وهي مازالت تبكي، وتنوح، ثم أحكمت يدها على شيء قد وضعته في ملابسها للتأكد من وجوده، حتى لا يُكشف السر.
قامت من وسط الحضور، ودخلت غرفتها وهي تمسك بذلك الشيء، لم تعلم حينها هل ما فعلته قبيح أم أنه مبرر لدوافعها وأهوائها الشخصية.
قطع خلوتها ولوج والدتها التي سحبت منها ما تدثها بين أصابعها، تجمدت في مستقرها.
شهقت والدتها مما قد رأتها قابع بين أنامل ابنتها، فانهالت عليها بالصفعات، والأخرى غير قادرة على الصراخ حتى لا يسمع بما حدث أحد من الذين يجلسون في الخارج!!!
& بقلمي شيماء عثمان
★ لا حول ولا قوة إلا بالله ★

نظرت إلى العين التي قد سقطت أرضًا، وعدت ببصري إليها من جديد.
كانت بحالة يرثى لها، كتبت عن صاحبة النظارة السوداء العديد من الوصف الحزين سابقًا في إحدى روايتي التي بعد أن أنهي كتابتها سأمزفها كالعادة. لكن الحقيقة فاقت بكثير، وكان الحزن يتغمد روحها بالكامل.
عينها فارغة، والعين الأخرى ملبدة بالدموع، نظراتها شجية.
وقفت، وهي تتسند على الحائط، أمسكت بمريم التي كانت بدورها تبكي هي الأخرى، ورحلا عن المكان.
ظللت أقف هكذا حتى رحل طيفهما عن نظري وتبقت العين ساقطة أرضًا بجانب الجثمان، والنظارة السوداء على الجانب الآخر.
اقتربت من الجثمان، وأغلقت عيناه بيدي، وجلست في زاوية من الغرفة لا استطيع الحراك منها، وغير قادر على تحديد طريق لأسلكه.
ظللت أرتعش، وأخذتني دوامة الذكريات التي أعجزتني عن فعل أي شيء.
أريد أوراقي الآن لأبواح عمّا يكمن في الفؤاد الذي تهشم، وما تبقى منه صار حطام!
لم أكن أعلم أن الحزن إنسان هجر العالم كله وسكن قلبي، كما تسكن الشياطين أجساد البشر!

...........................

خرجت بعد أن سقطت عيني الصناعية أمامه، رأيت معالم الصدمة على وجهه حينما وجد عيني خاوية.
أردت أن أحرق تلك الغرفة بمن بها. أردد الأدعية بأن أكون قد سمعت خطأ، ولم تمت أمي بعد.
كانت بيدي مريم التي لم أكن أعلم أنها قد تم اخطتافها من ذلك القاتل، كانت ترتعش وهي تحكم القميص الذي أعطاها إياه يحيى على جسدها جيدًا.
كنت غير قادرة على أن أخفف على تلك الصغيرة، وغير قادرة على أن أقول لها أن شقيقتها في حالة خطيرة، وتقبع بين الأسلاك الطبية.
والأقسى من ذلك كان أمر موت أمي، عصي على أن أفهمه بسهولة!
فمرارة اللحظات القاسية لا تعافي منها، مِثلها مثل السُمّ الذي لا ترياق له!
جررت أقدامي حتى وصلت.
آه يا أمي كيف أصعد وأراكِ وأنتِ تذهبين إلى مآواكِ الأخير، لو كان الأمر بيدي لدفنت نفسي قبل أن أراكِ هكذا، قبل أن أُقبّل يدك القبلة الأخيرة، وقبل أن أطلب منكِ أن تحتويني بدعائك، فترفعي يدك إلى السماء وتدعي بقلبك وليس بلسانك فقط.
لم أعلم أن ذلك الوداع قاسي، أودع روحي بروح منهكة.
لم نتبادل الحديث بالساعات في لياليكِ الأخيرة، ولم استمع إلى كلماتك الحزينة وأنتِ تسحبيني لأجلس معكم.
كنت أسحب نفسي، وأقبع بين غياهب ظلماتي في غرفتي الكئيبة.
لم أكن أعلم أنكِ تطلبين الوداع، ولو بشكل غير مباشر، وليتني علمت!
وقفت أمام الغرفة، استمعت إلى صوت نحيب أخي، وصوت أبي الذي كان يردد الدعاء.
واستمعت كذلك إلى صرخات قلبي.
فتحت الباب، وحينها كأن الخرس قد أصابني، وكأن الرؤية تختفي، وكأن أذني غير قابلة للعمل.
صرت حينها عوراء، وخرساء، وكل الفقد أصابني حين فقدت أمي!
رفع أبي عينيه التي قد أغرقت بالدموع، وكان أخي يجلس على الأرض بجانب فراش أمي والجميع يحاول سحبه، لكنه ممسك بيد أمي، ولا يريد التخلي عنها.
نظرت إلى هيئتها، كانت مغطاه بالكامل، لم استطع أن أزيح ذلك الفاصل، وكذلك لم استطع أن أجعلها تتركني هكذا بدون أن أودعها.
اقتربت بخطوات ثقيلة، وقفت أمامها وبيد مرتعشة رفعت ذلك الفاصل.
ظهر وجهها وكان خالي من معالم المرض، حاولت ألا أبكي، اقتربت منها بهدوء، وقبلتها بحزن.
لم أشعر ذلك الشعور من قبل، فحينما تعلم أن الشعور بالأمان سينقطع، ينقطع معه كل أمل ولد في الحياة.
نظرت إليها النظرة الأخيرة وأنا أقول لها بعيني" سأشتاق إليكِ يا أمي!"

انتهى الفصل السادس
آخر مشهد ده أنا حقيقي عيطت وأنا بكتبه😥
ياترى مين البنت اللي كانت لابسة نقاب!وبتعمل أيه؟
وهل شر عمر هيموت مع موته ولا في حاجة مستخبية؟ وعلى فكرة عدد فصول الرواية مش كتير يعني ممكن مانوصلش للتلاتين❤️
وياريت اللي متابع الرواية يقول قبل ما أموت كل الأبطال😂
#انتظروني_في_مزيد_من_الغموض_والتشويق
#تائه_في_عيون_عوراء
#شيماء_عثمان
باي ❤️

Continue Reading

You'll Also Like

10K 444 35
مغرم بك اينما كنت، جمعتنى بك ظروف اجهلها ... وذات الظروف هى من فرقتنا وتمكنت منا لكنك ستظل داخلى اينما حييت لعلنا من بعد بعدٍ نلتقى❤
3.2M 88.1K 64
عجيبٌ حقاً أمرُ البداياتِ والنهاياتِ ، فكِلتاهُما في كثيرٍ من الأحيانِ قَد تبدو لنا متشابهاتٍ ، أحياناً عندما نتعرضُ لِإنتكاسةٍ رَوْحِيَةٍ نَعْتقدُ أ...
9.6K 453 7
كسرة قلب ... حينما كنتُ صغيرة كانت أمي تخشي عليِّ من الجروحِ والاصابات .. وتقوم بتحذيري بعدم الاستماع إلي همسات الفتيات ... ولكنيِّ كنتُ متمردة...
1.6K 109 12
اجتماعية رومانسيه فى إطار عائلى