أربعة في واحد

By EsFaLtim

3.7M 318K 110K

أربعة شباب في السنة الآخيرة من كلية الهندسة مُهددون بالرسوب لأن هناك أستاذ يترصد بهم، وفي محاولة منهم لمنع ذل... More

مقدمة
1- نكون أو لا نكون
2- كيف تعاكس
3- ثلاثة أغبياء ووغد
4- كابتن ميخا
5- فتيان مهذبون
6- الوداع يا سامية
7- عايم في بحر الغدر
8- خبير العلاقات الإجتماعية
9- بنون الجماعة
10- شركاء في الجريمة
11- عسل أسود
12- سعادة غير مكتملة
13- تلاتاشر
14- جميلة ومختلة
حاجة مهمة
15- طفل وثلاثة آباء
16- ستاشر
17- إنسان جديد
18- نتفلكس
19- مسيلمة الكذاب
20- ليلى والذئب
21- خطة جديدة
22- خطوبة بالإجبار
23- الفرح
24- لأجل سونيا
25- خمسة وعشرون
26- أمثالنا لا يتغيرون
27- الحقيقة لا تختبئ طويلًا
معرض القاهرة الدولي للكتاب ٢٠٢٣
28- يومٌ طويل
29- استفاقة
30- عودة
31- واحد وثلاثون
32- تَغيُرات
33- بداية العد العكسي
حوار
34- مهما يكن، استمع لأحمد
35- ثنائيات
36- بداية النهاية
37- غباء ممنهج
38- ثمانية وثلاثون
39- البعض ينتقم
40- أربعين
41- لا شيء يبقى على حاله
43- مصائب قوم عند قوم فوائد
44- الفرح٢
45- خمسة وأربعون
46- ستة وأربعون
47- سبعة وأربعون
48- معًا نحو الداهية
49- من له ظهر أحيانًا سيُضرب على قفاه
50- خمسين
51- ليس الآخير
52- إلى اللقاء
معرض الكتاب

42- أطفالٌ تائهون

59.3K 5.3K 2.6K
By EsFaLtim

والله مدلعاكم آخر دلع بجد 😂


___________________________________

"تعرفي إن شكلك حلو النهاردة جدًا،" قال أحمد فابتسمت ولملمت خصلات شعرها خلف أذنيها وأردفت بطريقة طفولية وهي تضم قدميها بخجل على السور الرخامي الذي تجلس عليه بجانبه "بجد؟."

"أنتِ شكلك حلو في كل وقت، بس زي ما تكوني مشرقة كدا النهاردة."

شبكت يديها أمامها بخجل وأجابت بابتسامة واسعة "أصلي مبسوطة."

ضحك وطالعها بتفهم ثم أخرج سيجارة وأشعلها ليضعها في فمه وركز نظراته عليها، تبدو مختلفة .. مختلفة بشكلٍ جلي، ببساطة كانت وردة ذابلة والآن تبدو وكأنها أينعت، أخذ نفسًا من سيجارته وأخرجه ببطء دون أن يمحي ابتسامته التي التصقت على وجهه ثم نظر للنيل خلفها وعاد بعينيه لها

"ممكن أصورك؟" طلب منها فجأة فرمشت بعينيها بتردد ثم أومأت فأخرج هاتفه وفتح الكاميرا

"عايز تصورني ليه؟"

"عشان بتوحشيني،" قال والتقط الصورة عندما خجلت وابتسمت وأخفضت رأسها قليلًا فسقط شعرها على جانبي وجهها

أدار لها الهاتف ليجعلها ترى صورتها، كانت جذابة جدًا له اليوم، ربما ذكرته قليلًا بسلمى .. عفويتها وضحكتها اللطيفة وطريقتها الخجولة المرحة في نفس الوقت، لو عرف أن الانتقام من طليقها سيجعلها هكذا لكان قد فعلها منذ مدة طويلة

"حلوة أوي الصورة، إيه رأيك أحطها على الفيس؟" قالت فابتسم وشجعها "فكرة حلوة، حطيها دلوقتي يلا.".

بعد مدة كانا ما زالا يجلسان على ذلك السور غير أن أحمد قد اشترى لهما كوبين من حمص الشام والذي حرصت داليا على وضع الكثير من الشطة فيه بينما الآخر لم يفعل.

"طب على فكرة أنت فايتك متعة غير عادية، الشطة على الحمص جامدة جدا وبتدفي،" كررت بتحاذق فقلب عينيه وضحك "قولتلك كلي وأنتِ ساكتة، الشطة بتتعبني!"

"إخيه على الرجالة،" سخرت فضحك ونظر لها بلا مبالاة "أيوة بالظبط كدا، هو إخيه على الرجالة فعلًا، وبرضه مش هجرب اللي بالشطة."

"أومال عامل فيها بس باد بوي وبتاع وأنت خايف من الشطة."

"يعني هو ده اللي منظر باد جيرل؟ فين قلة الأدب والشبحنة؟ كنتِ عاملة بس باد جيرل أول ما شوفتك وأنتِ أصلًا شبه تويتي اللي في الكارتون."

توسعت عينيها ورمقته بضحكة مذهولة ثم تذمرت "أنا مش شبه تويتي، ولعلمك أنا باد جيرل فعلًا ومعايا علبة سجاير في شطنتي."

"أنتِ مسمية السجاير الحريمي اللي بالفراولة اللي بتشربيها دي سجاير؟ يا بنتي خلينا ساكتين أحسن، قال باد جيرل قال، أنتِ آخرك معايا تويتي."

"بطل تقولي يا تويتي!"

"حاضر يا babe."

قطبت جبينها ورمقته بضيق "ما تقوليش كدا كمان."

تلاشت ابتسامته ونظر لها بتيه وهو يشعر بقلبه ينبض بتسارع بداخل صدره "ليه يا داليا؟"

"عشان إحنا أصحاب بس،" قالت فابتعد عنها ورمقها بصدمة "أصحاب؟"

أومأت وفوجئت به يضع الكوب من يده على السور ويقفز في الأرض ليصيح في وجهها "أصحاب إيه! ده أنتِ لسه حاضناني! ولا هما ولاد الناس لعبة في إيديكم!"

ابتلعت لعابها ونظرت حولها كي تتأكد بأن لا أحد قد سمعه ثم قفزت له لتقف أمامه وهي تحاول عدم الضحك "أنت أتجننت! وطي صوتك!"

"مش هوطي صوتي، والله لأفضحك، مش بعد ما تحضنيني تسيبيني، طب خافي على أخوكِ الصغير! ترضي واحدة تحضنه وبعدين تقوله خلينا أصحاب!"

"يعني عايز إيه؟" تساءلت بضحكة مكتومة فرمقها بحاجبٍ مرفوع وشبك يديه أمام صدره ثم أجاب "تصلحي غلطتك يا ماما."

"أصلحها إزاي يعني؟!"

"نرتبط ونتخطب ونتجوز ودوم تتاكتك دوم تاكتك، يا كدا يا هتصل بطنط أقولها إنك حضنتيني."

"طب لعلمك بقى أنا أصلًا ما لمستكش،" قالت وهي تشبك ذراعيها أمام صدرها فرفع إحدى حاجبيه وسخر "والله؟"

"أيوة، علميًا الذرات ما بتلمسش بعضها، وإحنا كبشر مصنوعين من ذرات، لذلك علميًا أنا ما لمستكش وبالتالي ماحضنتكش،" تحاذقت بابتسامة منتصرة

ظنت أنها انتصرت عليه عندما رمقها بأعين ضيقة وهو يصك على فكيه، لكن حلقها جف عندما ارتسمت ابتسامة ماكرة على وجهه وتقدم منها وهو يقول بطريقة خبيثة "يعني أنا لو بوستك دلوقتي مش هبقى بوستك فعلًا؟"

ابتعدت عنه ورفعت سبابتها في وجهه "أحمد لم نفسك!"

"تسء، قصدك ألم ذراتي، ما تخافيش يا babe، ذراتي علميًا عمرها ما هتلمس ذراتك، يعني لو بوستك مش هيكون فيها مشكلة."

أصفر وجهها ونظرت حولها بهلع فوجدت لا أحد حولهما بالفعل ثم عادت بعينيها إليه فوجدته يضحك ويضرب بكفيه معًا وهو يعلق عينيه على وجهها المرتعب ثم قضم شفتيه مانعًا ضحكاته ووضع يداه في خصره ليرمقها بنظرة غريبة حقًا، لكن قلبه كان ينبض بداخله بقوة وهو يرمش بعينيه، ثم توقفت ضحكاته وابتلع لعابه بابتسامة خافتة

"ماخدتيش your first kiss صح؟"

سأل فجأة فارتفعت ضربات قلبها وهربت الدماء من وجهها ثم بدأت عينيها تتحرك في جميع الإتجاهات بتوتر وخجل في آنٍ واحد، ثم أخفضت عينيها ونفت برأسها.

أخذ نفسًا عميقًا وأخرجه بابتسامة جانبية ونظر لها بحب، عينيه بالفعل تلمع وبالكاد يستطيع السيطرة على ضربات قلبه التي تنبض لأجلها، إنه يتعلق بها أكثر ولا يدري ماذا يفعل حقًا، لديه رغبة عميقة بإعطاء تلك الفتاة كل ما لم تجربه أو تشعر به، لديه رغبة قاتلة بإعطاءها الحب.

"بتبصلي كدا ليه؟ على فكرة أنا شخص متحفظ جدًا ومابحبش حد يلمسني وماخليتش الحيوان طليقي ده يقرب مني بمزاجي، ولو حضنتك فده عشان ... عشان ... مش بعرف أعبر بالكلام، وأنا حسيت إني عايزة أوصلك اللي أنا حاسة بيه واللي مش هعرف اكيد أعبر عنه بال..." قاطعها بهمسه "شششش ... أنتِ مش محتاجة تبرريلي حاجة."

صمتت ولملمت خصلات شعرها خلف أذنيها ثم شبكت ذراعيها أمام خصرها، وفوجئت به يتقدم منها ليهمس "بحبك، كلك على بعضك كدا بسجايرك، بالمعلومات العلمية اللي مالهاش أي تلاتين لازمة اللي بتقوليها وبعقدك وبكلاكيعك وبعشوائيتك وبرودك، ولا مبالاتك وبرائتك وبالدبش اللي بترميه في وشي."

انحبست الدماء في وجهها وتوقف عقلها عن العمل وبدا أن كل ما يعمل في جسدها الآن هو قلبها الذي بدأ ينبض بصورة عشوائية، ومع كم المشاعر التي يغرقها أحمد بها، كانت قد تخلت عن صمتها وخجلها وترددها وخوفها من إظهار مشاعرها لتنطق بنبرة منخفضة لكنها كانت مسموعة له

"أنا .. أنا أظن إني كمان .. بحبك."

جفل وكأنه لا يصدق ما سمعه، لكن فرحة عارمة اجتاحته لدرجة أنه ضحك كالمخبول بدون تصديق، ولم يتردد في التقدم منها وجرها نحو عناق آخر على حين غرة، كانت ساكنة بين يديه وكان عناقهما ذلك دافئ جدا رغم برودة الجو حولهما، ولأول مرة هي حقًا تشعر بذلك الأمان منذ زمن، كانت تظن أنها لن تقدر على أخذ خطوة تجاه أحد الذكور مجددًا لكنها الآن بين ذراعيه وتشعر بأنها آمنة من العالم بأكمله

"بس أنا مش عايزة أتجوز،" تمتمت ضد صدره ففتح عينيه فجأة ونظر لظهرها بغيظ ثم رفع يده ليربت على رأسها كالأطفال "ششش، اقعدي ساكتة، ما تتكلميش."

"يعني أنت هتتجوزني غصب عني يعني؟"

"بس يا داليا الله لا يسيئك،" تمتم فابتعدت عنه لتنظر له بضيق "يا أحمد اسمعني!"

أخذ نفسًا عميقًا وتوجه نحوها لينظر في عينيها وهمس "حبيبي، أنتِ مش عايزة تكوني معايا؟"

"عايزة بس.." قاطعها بهمسه "مش عايزة تنامي في حضني؟"

صمتت وأخفضت رأسها لكنه مد يده ليرفع ذقنها وأكمل "مابوحشكيش؟"

كان من الصعب حقًا التفوه بأي حرف في حضرته، تبًا له وتبًا لتأثيره عليها بتلك الشدة وهي التي كان من الصعب التأثير عليها من أعتى رجل، أحمد يمتلك هالة محيطة به وبكلامه تجعلكِ عاجزة حقًا عن فعل أي شيء سوا ما يريده هو، وهي الآن تشفق على أية فتاة وقعت أمامه من قبل؛ لأن الصمود صعبًا بشدة أمام أحمد بعينيه ذات الرموش الطويلة وحنيته التي تغرقك مع كلامه الذي يتسلل للقلب دون أن يمر حتى على العقل، حتى نبرة صوته الرخيمة الهادئة وثقته وكاريزمته المبالغ فيهما ... وكأن هذا الرجل تم تصميمه وإعطاءه كل المقومات التي تجعل الفتاة تقع له.

"Babe."
تمتم بنبرة أجشة وهو يقترب منها لكنها صرخت فجأة "بس يا أحمد كفاية بالله عليك."

ثم رفعت يديها لتمسح على جبهتها ونظرت له بحزن "أنت ليه مش مصدق أني مش قادرة، مش مش عايزة! أنت مش هتكون مبسوط معايا، أنا مش عايزة أتجوزك عشان ما أخليش حياتك جحيم وفي الآخر تروح تخوني!!"

ابتلع الغصة في حلقه ونظر للأسفل، لا يدري حقًا ماذا يفعل؟ لقد استنفد كل وسائله وخططه مع تلك الفتاة!!!!

"أنا بحبك بس مش عايزة أتجوز، أنا آسفة .. حاول تعيش حياتك واخطب واتجوز وكون أسرة لأني مش هقدر أقدملك اللي انت عايزه."

راقبها تبتعد بدماءٍ تغلي في رأسه لدرجة أنه رغب بخبط رأسه في إحدى العمدان الآن، يشعر بأنه على وشك الإصابة بجلطة حقًا وهو لم يستطع كتم غضبه فعلًا فبدأ يصك على فكيه بغيظ ويقبض على يديه بقوة حتى هربت الدماء منهما، لم يصل لذلك الحد من الغضب في حياته قط، لكنه فعل الآن ولا يستطيع معرفة أين يفرغ كل هذا الغضب حقًا.

أخرج هاتفه ومرر أصابعه عليه قليلًا حتى أخرج رقم شيماء -التي أعتاد أن يتسكع معها في أوقات فراغه- ثم اتصل بها، ظهر صوت الأخرى متفاجئًا به "أحمد!"

"شيماء، أنتِ مش كنتِ عايزانا نتقابل في البيت؟"

"بس أنت عمرك ما وافقت يا مودي!"

"اديني العنوان، أنا جايلك دلوقتي.".

في مكانٍ آخر كانت تجلس ليلى على سريرها وعينيها متورمة من البكاء الذي امتد لثلاثة ساعات الآن بعد أن تركت قيس في المقهى ورحلت دون أن تتفوه بكلمة له، حاول الآخر إنكار كل شيء لكنها لم تصدقه وصرخت في وجهه بأن يتركها لترحل فوقف كالصنم يراقبها تبتعد وهي تمسح دموعها.

رن هاتفها وظهر رقم قيس للمرة السادسة والخمسون اليوم لكنه رمت بهاتفها بعيدًا وأكملت البكاء، سمعت صوت باب شقتهم ينفتح فأدركت أن هشام قد عاد أخيرًا، مسحت عينيها ببؤس ونهضت تلملم نفسها لكنها لم تلبث أن أنهارت من جديد وهي تفتح باب غرفة هشام دون الطرق عليه

"هشام .." همست بنبرة متحشرجة فارتعب الآخر من منظرها هذا واقترب ليكوب وجهها بين يديه بقلق "فيه إيه! مالك؟"

"قيس .." أجابت من بين شهقاتها فجفل هشام بعينيه وارتفعت ضربات قلبه، ماذا فعل قيس بأخته؟!

"عملك إيه؟ ما تخافيش .. عملك إيه؟" حثها على الكلام لأن أفكارًا سيئة باتت تدور حول عقله الآن

"هو قيس زي ما أنت قولتلي في الأول وأنا ماصدقتكش؟" نظرت له بأعين نادمة فابتلع لعابه وأردف "مش فاهم، قصدك إيه؟"

"يعني كان يعرف ستات وبيروحوله الشقة؟"

تصلبت الدماء في عروقه وتساءل "حصل إيه طيب؟"

"واحدة ظهرت وأحنا في الكافيه واتخانقت معاه عشان مش بيرد عليها وقالت إنها كانت بتروحله الشقة .. الشقة اللي هنتجوز فيها!" انهارت من البكاء مجددا وخارت قواها فجلست على سريره

"وهو قالك إيه؟"

"أنكر بس كداب، كل حاجة بتقول إنه كداب."

راقب هشام أخته بوجهها الأحمر وعينيها الحمراء ودموعها التي لا تتوقف، إنه يعرف بأنها قد أحبته حقًا، ولولا هذا لم تكن لتبكي بتلك الطريقة .. لكنه يعرف أيضًا أن قيس قد توقف عن تصرفاته السيئة مع الفتيات، وهو الآن لا يعرف ماذا يفعل؟ يكذب على أخته كي لا يكسر قلبها وقلب صديقه، أم يخبرها الحقيقة ويعطيها حرية الإختيار وستكون فرصة رائعة لإلغاء تلك الزيجة؟

"هشام، بالله عليك قولي الحقيقة، هو كان كدا فعلًا؟" ترجته بنبرة باكية فابتلع لعابه وأغمض عينيه بضيق وهو يهز رأسه بنعم .. لا يمكنه الكذب عليها في شيءٍ كهذا، خاصةً وهي أصبحت تعلم بالفعل.

توقف الزمن عند ليلى التي شعرت بأن البرودة تتسلل لجسدها شيئًا فشيئًا ولم تلبث أن بدأت ترتعش في مكانها، حين اقترب منها هشام ليربت على رأسها ويحتضنها هامسًا "اهدي، اللي أنتِ عايزاه هنعملهولك، ماحدش هيغصبك على حاجة.".

في مكانٍ آخر كان قيس في غرفته في منزل والديه، يجلس على الأريكة ويمسك بهاتفه بأيدٍ مرتعشة ليتصل بليلى من جديد، وكالعادة لم ترد عليه، لكنه لم ييأس وأكمل الاتصال بها، لن يتركها لترحل عنه، ليس بعد أن أحبها ورسم حياته معها وأشترى أثاث منزلهما وكان كتب كتابهما الأسبوع المقبل.

كان في وضعٍ صعب، شعر وكأنه كالطفل الذي تركته أمه في السوق ورحلت، لا يدري ماذا يفعل ولا أين يذهب، كل ما يفعله هو أنه ينادي عليها علها تسمعه وتعود لتمسك بيده من جديد.

اتصل بليلى للمرة الثمانون ووضع الهاتف على أذنه أثناء هزه لساقه بدون راحة، لكنها لم تجيبه ثم أغلقت هاتفها تمامًا.

نهض عن أريكته ونظر إلى اللا مكان، كان من الصعب عليه البقاء ثابتًا في تلك الحالة وهو أراد إخراج غضبه في أي شيء فتوجه لخارج غرفته مقررًا النزول إلى الحديقة وإفراغ جم غضبه على كيس الملاكمة، لكنه وجد أمه في وجهه عندما نزل إلى الطابق السفلي

"قيس، تعالى عايزاك،" أوقفته فقلب عينيه وصك على فكيه ثم تجاهلها وأكمل تحركه للخارج لكنها نهضت لتقف في وجهه "ولد! بقولك عايزاك!"

"عايزة إيه؟ انجزي؟" تذمر فتوسعت عينيها ورمقته بغيظ "اتكلم عدل مع مامتك، بلاش قلة الأدب اللي أنت فيها دي."

"مامتي؟ أنتِ مصدقة فعلًا إنك أمي؟" استنكر ورمقها بنظرة محتقرة ثم صك على فكيه ورفع سبابته في وجهها "لو أنتِ أمي فعلّا كنتِ أهتميتِ بيا، كنتِ شوفتيني أنا بعمل إيه ولا مصاحب مين، عمرك شوفتي قيس ده بينيل إيه في حياته؟ مش يمكن مصاحب شلة صيع وقاعد بيبوظ في حياته؟ افرضي كنت شربت مخدرات ولا عملت أي حاجة؟ كان فين دورك أنتِ عشان تقوميني وتقوليلي ده صح وده غلط!"

"إيه الكلام اللي أنت بتقوله ده ومخدرات إيه وصيع إيه! ابن لبنى هانم عمره ما يعمل كدا طبعًا، أنا مربياك كويس."

"مربياني كويس! يا لبنى هانم أنا ما أتربيتش أصلًا،" نطق بنبرة ساخرة ثم تركها وخرج فنظرت له بغيظ ثم عادت لتجلس مكانها وأكملت تصفح هاتفها بدون اهتمام.

في مكانٍ آخر كان أحمد قد وصل إلى العنوان الذي أخبرته به شيماء وهو الآن يقف أمام شقتها التي لطالما رفض القدوم لها من قبل، فتحت له الباب وشدته من معطفه للداخل بسرعة ثم نظرت يمينًا ويسارًا لتتأكد من أن لا أحد رآه ثم أغلقت الباب وابتسمت له ابتسامة لعوبة

"تصدق إنك واحشني."

ابتلع الغصة في حلقه وأشاح بوجهه عنها ثم أخرج علبة سجائره وأشعل سيجارة ثم أخذ نفسًا عميقًا منها وأخرجه بضيق

"هو أنتِ عايشة لوحدك صح؟"

ابتسمت واقتربت منه لتلعب بأزرار معطفه وأومأت "ما أنت عارف."

حمحم وابتعد عنها ثم ترجل للداخل ليجلس على الأريكة فتقدمت وجلست بجانبه ثم التصقت به "تعرف إني كنت مستنية اللحظة دي بقالي كتير؟"

ابتلع لعابه ونظر لها بأعين خاوية "إشمعنى؟"

"حاساك هتكون مختلف عن أي رجل تاني."

"شيماء، هاتيلي بس كوباية ماية واعمليلي كوباية قهوة كدا عشان دماغي مصدعة،" قال وهو يبتعد عنها قليلا فنظرت له بأعين ضيقة لكنها ابتسمت ونهضت تغمز له "ماشي."

وبعدها رحلت نحو المطبخ لتتركه بمفرده يجلس بدون راحة ويتململ يمينًا ويسارًا وهو يأخذ أنفاسًا سريعة من سيجارته، ما الذي جلبه إلى هنا؟ لم يصل حقًا لذلك الحد يومًا، كما أنه كان يحلم بأن يفعلها مع فتاة يحبها وتحبه .. وليس مع شيماء التي يتسكع معها هو والكثير من الرجال! كما أن ذلك حرام وكبيرة من الكبائر، ولو عرفت أمه فسيخيب أملها فيه تمامًا، هي لا تراه لكنه لا يعلم لماذا يشعر بأنه تراقبه الآن بوجهٍ خائب وكلامها يتردد في عقله

"أحمد، أنت حالك مش عاجبني، يا ابني حرام اللي بتعمله ده، أنا عمري ما ربيتك على كدا، أقول لربنا إيه لما يسألني عليك؟"

ابتلع لعابه ونظر للأعلى، حتى لو لم تعرف أمه فالله سيعرف، وسيعاقبه أكثر مما عاقبه من قبل.

نظر للمطبخ مجددًا ليتأكد من كون شيماء لا تراه، ثم أخرج هاتفه وعبث به قليلًا حتى أخرج صورة داليا التي قد التقطها لها منذ ساعتين، ماذا لو عرفت داليا أيضًا؟ .. من الممكن أن تعرف مثلما عرفت سلمى من قبل.

ارتعشت يداه وأغلق الهاتف بسرعة وهو ينظر أمامه وعينيه قد غُلفت بغلافٍ رقيقٍ من الدموع.

ظهرت شيماء بعد خمسة دقائق لتجد الصالة فارغة فقطبت جبينها ووضعت الصينية على الطاولة ثم استقامت لتنادي عليه "أحمد؟" لكن أحمد لم يستجب لها، فتشت عنه في كامل الشقة ولم تجده لتدرك بأنه قد رحل ..

ضحكت بسخرية وجلست تنظر إلى الباب، لطالما رفض الوصول إلى تلك النقطة وهو ما زال يرفض.

بينما كان الآخر يمشي في شارع فارغ من المارة وهو يرفع يده ليمسح دمعه قد سقطت من عينيه رغمًا عنه.

قضى أحمد ليلته في الشارع وقضى قيس ليلته أمام كيس الملاكمة الذي ضربه حتى أدمى يداه، بينما قضى هشام ليلته تلك يواسي أخته التي تعلقت في رقبته كطفلة صغيرة وأكملت بكاءها، في حين قضى أدهم ليلته في غرفته ينظر إلى السقف ولا يدري ماذا سيفعل مع أميرة غدًا، يشعر بأنه حتى لن يستطيع وضع عينيه في عينيها بعد ما حدث.

في صباح اليوم التالي كان أيمن يجلس في مكتبه وهو يتفحص بعض الأوراق في يده ثم نظر لنادر صديقه وتمتم بضيق "الست مش مش لاقيينها في أي مستشفى ولا فندق ولا أي مكان! أنا حاسس إنها جريمة قتل .. دي كأنها فص ملح وداب، مالهاش أي أثر."

"أنا شاكك في جوزها، أنا عملت تحرياتي كويس وعرفت إن مراته شكت إنه بيخونها وطردته من الشقة، والشقة وكل حاجة باسم مراته، كل الشبهات بتدور حواليه هو، لأن هو الكسبان الوحيد بموتها في الوقت ده،" أجاب نادر فأومأ الآخر وصمت لوهلة مفكرًا

"بس لو قتلها يبقى فين الجثة؟ إحنا مالقيناش أي جثة!" أردف أيمن فرفع نادر كتفيه وتمتم "ما نجيبه ونحجزه ونحقق معاه؟"

"تمام، اعملي بلاغ ضبط وإحضار وحط كل تليفوناته تحت المراقبة، الرجل ده بيكدب في كل اللي هو بيقوله وأنا متأكد من الكلام ده."

"طب بالنسبة لمحضر الإخصاء ده؟"

"احفظه، مافيش أي دليل ضد أي حد وهو مش متهم إلا طليقته اللي كل التحريات عنها أثبتت إنها كانت في بيتها وقت الحادثة وماخرجتش منه، وماكلمتش حد ولا حد كلمها، زائد إنها مش الشخص اللي ينفذ حاجة زي كدا أصلًا، الجريمة دي محتاجة على الأقل تلات رجالة عشان يعملوها، وطارق ده محامي وأكيد له أعداء كتير، خصوصًا إني عرفت إنه بيمسك قضايا مشبوهة."

"طب بالنسبة لاتهام طليقته له إنه بينتمي لجماعة محظورة؟"

ضحك أيمن وسخر "بقولك بيمسك قضايا مشبوهة يا نادر! ما تفتح مخك معايا كدا، ده مربي دقنه ستار بس للي هو بينيله."

أومأ نادر "يعني خلاص كدا؟" فتذمر الآخر "أيوة خلاص كدا، واحد وإتخصى، نعمله إيه يعني!".

في العزبة كانت أميرة تتجنب أدهم تمامًا منذ الصباح بعدما حدث بالأمس، وهو قد شعر بالضيق من هذا فنادى عليها عندما كان يقف في الشرفة منفردًا ورآها تتقدم منه بتوتر وهي تنظر يمينًا ويسارًا وكأنها تبحث عن السيدة كي لا يكونا بمفردهما هي وهو.

أتت ووقفت أمامه لتنظر للأسفل باستحياء "نعم."

"مالك يا أميرة، هو أنتِ خايفة مني؟ أنا ماكانش قصدي اللي جه في دماغك،" قال كاذبًا فرفعت عينيها بتردد وأعطته نظرة أعلمته فيها بأنها لا تصدقه

"بص يا أدهم بيه، أنا آه شغالة هنا وأبان عبيطة ومغفلة بس أنا متربية كويس وبنت ناس وعارفة ربنا، ومش عشان أنا غلبانة يعني هتفتكر إنك ممكن تلعب بيا."

تسارعت ضربات قلبه وهم ليدافع عن نفسه "ألعب بيكِ إيه بس يا أميرة! اللي أنتِ بتقوليه ده مش صح، كل ما هنالك بس إني .. إني معجب بيكِ."

توسعت عينيها وشعرت بضربات قلبها ترتفع ونطقت بتردد "معجب .. بيا؟"

ورغم كونه شعر بأنه قد أغرق نفسه في الوحل أكثر لكنه أومأ لها، فهذا أفضل له من أن يظهر لها كمنحرف عديم المبادئ.

"بس أنا مش من مقامك يا سي أدهم،" تمتمت بحزن فحزنت ملامحه وأجاب "مافيش الكلام ده، أنا متفق مع جدي إني هدخل كلية الشرطة في مقابل إني أختار شريكة حياتي بمزاجي."

سمعت صوت زوجة دكتور مصطفى تنادي عليها فتوترت وأستأذنت منه لتهرول بعيدًا، فهذه كانت فرصة جيدة للهرب منه الآن.

بينما وقف الآخر ينظر أمامه بتيه، ماذا يفعل؟ هو ليس لديه أدنى فكرة.

كانت رحمة تجلس بجانب ليلى على السرير تواسيها وتحتضنها بينما الأخرى أكملت نوبة بكاءها

"تخيلي، طلع كان سافل وقذر .. أنا مش مصدقة!" نطقت من بين بكاءها فربتت رحمة على ظهرها وتمتمت بحزن "مش يمكن اتغير يا ليلى؟"

"لا عمره ما هيتغير، ديل الكلب عمره ما بيتعدل، ثم إني مش قادرة أتخيل إنه كان بيعمل كدا مع الستات! دي كبيرة من الكبائر!"

"يا ليلى ما تقوليش كدا بس، والله أنا حاسة إن ربنا هداه وبقى كويس، حتى وأنتِ بتحكيلي قولتيلي إن البت القذرة اللي اسمها هند دي بتكلمه وهو ما بيردش عليها، طب اديله فرصة أخيرة."

تملك الغضب من ليلى وابتعدت عنها لتردف بطريقة مندفعة "قصدك إيه؟ قصدك إني أسامح وعادي كدا واتجوزه ولا كأن حصل حاجة! ده واحد زاني، عايزاني اتجوز واحد زاني!"

دخلت أم هشام لتنضم لهما واقتربت لتمسح على ظهر ليلى بحنو "يا بنتي بس بقى كفاية عياط، أنا أصلًا ماسكة نفسي بالعافية، مش كفاية شماتة الناس فينا لما الخطوبة التانية ليكِ تتفركش."

ترجل هشام للداخل بينما رحمة قد نظرت لليلى بذهول "أنتِ هتفركشي الخطوبة؟ حرام عليكِ ده أنتِ لسه شارية العفش، وافرضي الواد اتغير وتاب لربنا .. نموته يعني؟"

شعر هشام بالضيق لكون الجميع يبكي وكأن هناك ميت، ولم يلبث أن صب تذمره ذلك على رحمة

"بقولك إيه، ما تخليكِ في حالك! أنتِ إيه اللي يحشرك وسطينا أصلًا! مالك أنتِ ومال ليلى تسيبه ولا تتجوزه! ما دام هي مش مرتاحة للجوازة السودا دي ما تسيبيها في حالها،" رمى بكلماته التي مثل الحجارة، والتي أصابت قلب رحمة تلك المرة، ابتلعت لعابها ونظرت له ثم لوالدته وأخته وكظمت الغصة في صدرها ونهضت عن السرير تومئ "عندك حق، أنا ماليش دخل فعلًا."

أمسكت بها ليلى لتمنعها من الرحيل "اقعدي يا رحمة، هشام ما يقصدش."

نظرت له رحمة وارتسمت ابتسامة جانبية مريرة على شفتيها وأردفت "ولا يقصد."

أشاح الآخر بعينيه عنها حتى لملمت أشيائها ورحلت، وحينها وبخته شقيقته "ليه كده يا هشام! حرام عليك يا أخي!"

بدأ يشعر بمدى قبح ما قاله الآن فترجل للخارج قاصدًا اللحاق برحمة لكنه وجدها قد رحلت، فهرول بسرعة للخارج وأوقفها على السلم ثم هم ليتكلم "رحمة أنا .."

قاطعته الأخرى "بقولك إيه، أنا مش عايزة أعرفك تاني، أنا أستحملت منك قلة ذوق ودبش وقلة تقدير كتير، أنا زهقت، اعتبر الفاتحة اللي أنت قرأتها مع بابا اتفركشت، أنا مش هاجي على نفسي أكتر من كدا مع إنسان غبي وماعندوش ريحة الدم ولا الذوق زيك."

رمت بكلماتها ثم أزاحته عن طريقها وأكملت النزول حتى أختفت تمامًا وتركته يقف بمفرده ينظر نحو اللا مكان.

كان مصطفى في منزله عندما سمع طرقًا على الباب، وفور أن فتح وجد نادر في وجهه مع قوة من العساكر ورفع ورقة في وجهه "دكتور مصطفى، معانا محضر ضبط وإحضار، يلا معانا على القسم."

وقبل أن يستوعب مصطفى أي شيء كان أحد العساكر قد أمسك به بالفعل وسحبه للخارج.

في اليوم التالي استيقظ مصطفى ليجد نفسه ما زال في الزنزانة فنهض ليصيح "أنا دكتور محترم! طب على الأقل أعرف أنا عملت إيه؟!"

فصاح في وجهه أحد العساكر "اخرس يا متهم، لما الباشا يبقى يقول نجيبك هنبقى نطلعك، إنما غير كدا تسكت خالص."

فعاد ليجلس أرضًا ونظر أمامه بضيق، ما الذي فعله هو كي يتم خطف زوجته والقبض عليه؟ هو لا يدري حقًا.

كان قيس يرتمي بإهمال على سريره، يمسك بهاتفه وينظر لصورهما هو وليلى معًا بملامح خاوية، لم يغمض له جفن منذ الأمس .. هشام لا يرد على اتصالاته، ليلى لا تجيبه .. أيجب أن يذهب إلى منزلها؟ هو يجب ان يوضح لها، يجب أن يخبرها بأنه يحبها ولا يريد خسارتها وبأنه قد توقف عن كل شيء قد فعله من قبل .. لكن هل ستستمع له ليلى؟

توقفت انفاسه عندما وجد رقمها يتصل به، في ظرف ثانية واحدة كان قد اعتدل في جلسته وسارع باستقبال المكالمة "حبيبتي .. أنتِ كويسة؟"

"قيس، لو سمحت عايزة أقابلك دلوقتي، تعالالي، أنا مستنياك بس مش في البيت،" جائته نبرتها المرتعشة فابتلع لعابه وصمت .. إن بداخله إحساس سيئ بأنها ستفطر قلبه اليوم لكنه سيذهب على أية حال، لا يملك خيارًا سوى هذا.

"ليلى، أنا آسف .. والله آسف وندمان، ندمان على أي حاجة عملتها قبل ما أعرفك وندمان إني عرفتك متأخر، ولو كنت أقدر ألاقي وسيلة أغير بيها الماضي كنت هغيره، بس للأسف مافيش .. بس قسما بالله أنا ما رفعت عيني في واحدة حتى من بعد ما أتخطبنا وعمر ما فكرة إني أكلم واحدة جت على دماغي، لأنك شاغلة كل تفكيري .. سامحيني، ده ربنا بيقبل التوبة وبيسامح يا ليلى .."

"ولو كنت أنا مكانك، لو كنت عملت كل ده قبل ما أتجوزك كنت هتسامحني؟" أردفت وهي تقضم شفتيها محاولةً السيطرة على ارتجافة جسدها

صمت وأخفض رأسه أرضًا ولم يعطِها إجابة فكررت "رد عليا، كنت هتسامحني وتتجوزني؟"

"لا،" خرج صوته مهزوزًا دون أن يرفع عينيه لها

"وليه طالب مني أسامحك لما أنت مش هتسامح؟"

رفع عينيه لها هذه المرة وفوجئت ببعض القطرات تترقرق في عينيه لكنه يحبسهم جيدًا، ثم أجاب "عشان أنتِ أحسن مني، أنا مش كويس ومش نضيف وطيب زيك .. وأنا نفسي أكمل معاكِ حياتي عشان أبقى زيك."

"يا ليلى، أنا عمري ما خونتك، أنا عمري ما خونتك .. كان قدامي فرص كتير عشان أخونك بس أنا كنت بهرب منها .. ليه بتعاقبيني على حاجة عملتها قبل ما أعرفك؟ لو كنت عرفتك ساعتها ماكنتش عملت كدا، أنا غلطان وعملت حاجة حرام، بس أنا كنت مُتَخبط، ما كانش فيه حد يفهمني الصح من الغلط، بابا عمره ما قعد معايا وحاول ينصحني، ماما أصلًا مش فاضيالي أنا بشوفها صدفة، وأخواتي أنا وهما مابنتفقش، وأصحابي القدام كانوا شبهي ... طب مين كان يعرفني أو يقولي ماينفعش؟"

"الحلال بين والحرام بين، أنت كنت عارف إن اللي بتعمله ده غلط ومع ذلك عملته،" قالت وهي تخفض رأسها وتحاول السيطرة على رعشة يديها

"ماشي، خلاص، كنت عارف إنه حرام وعملته، أعمل إيه دلوقتي؟ قوليلي أعمل إيه؟ توبة؟ توبت، قسمًا باللي خلقني توبت وبعدت عن كل السكك دي، طب أعمل إيه مش عارف؟ قوليلي أعمل إيه وأنا هعمله."

ترقرقت عينيها وبدأت الدموع تتسلسل من عينيها لشعورها بالضياع هي الأخرى، لا تدري ماذا تفعل؟ إنها تحبه لكنها لا تستطيع إخراج ماضيه من عقلها

"يا ليلى ده ربنا بيسبب الأسباب، ربنا حطك في طريقي عشان عايزني أرجعله وأتوب، وربنا بيقبل التوبة، وأنا ما غلطتش في حقك أنتِ، أنا غلط في حق ربنا، لأني ماخونتكيش وأنتِ عارفة كويس إني ماخونتكيش ولا هخونك، لأني بحبك ومن أول ما شوفتك وأنا بدأت معاكِ صفحة جديدة .. يا ليلى حرام عليكِ كدا، ده العفش وصل الشقة وكنا هننزل نشوف القاعة اللي هنعمل فيها الفرح!"

إزداد بكائها في هذه اللحظة وأشاحت بوجهها عنه، ألم قلبها لم تعد تتحمله، إنها تحبه، الوحيد الذي أحبته، لكنها قد اختارت الشخص الخاطئ وهي تعرف هذا، ولا يمكنها تمرير أفعاله المشينة التي فعلها من قبل، لا تستطيع تخيل أنها ليست قبلته الأولى، ليست حضنه الأول، وبأنه فعل كل شيء سيفعله معها من قبل!

"لا، أنا مش عايزاك تاني ولا يمكن أتجوزك،" قالت وهي تمسح عينيها وتمد يده المرتعشة ليدها الأخرى لتخلع خاتم خطوبته

شلت الصدمة رأس الآخر وراقبها بأعين مرتجفة وهي تمد يدها له بخاتمه، نظر ليدها ثم إلى وجهها ثم عاد لينظر إلى يدها

"ليلى .." كان سيتكلم لكنها قاطعته "قيس لو سمحت احترم قراري، أنا مش هقدر أكمل مع واحد زيك."

وضعت الخاتم في يده واستدارت لترحل وهي تمسح الدموع عن عينيها وتركته يقف في مكانه يحتضن الخاتم في كفه وينظر إلى ظهرها حتى سقطت دمعة واحدة من عينيه أخيرًا لكنه سارع بمسحها ونظر بعيدًا ثم جلس على الرصيف أمام سيارته ومد كفه أمامه لينظر إلى خاتمها.

لقد ظن أنه قد قطع كل صفحات ماضيه من كتاب حياته وبأنه سيبدأ حياة جديدة حيث لا وجود إلا لحبهما سويًا وإلا للصورة الجميلة التي تنظر له ليلى بها، لكن بعض أخطاء الماضي لا تُمحى قط، ستلاحقه أينما ذهب، ستدمر مستقبله ولن تتركه ينعم بالراحة إلا قليلًا.

______________________________

شايفين قرار ليلى وداليا ورحمة صح ولا غلط؟

Continue Reading

You'll Also Like

1.4M 120K 25
كانت الزهرة بين تسعة من النخيل الشاهق، ذلك النخيل الذي وقف في وجه العواصف مانعًا إياها من الوصول للزهرة، لكن وبسبب زيادة تلك العواصف شراسة، اضطروا لا...
336K 10.2K 43
💫الرواية الثانية من سلسلة ساحرتي الصغيرة 💫 ✴️WALAA ALI 👑✴️📖 🐦شقية طفولية.. عفوية.. مشاغبة.. رقيقة.. حنونة تعشق الحياة والمرح... لا تحبذ الحزن. ...
41.7K 1.4K 40
ترجمة مانهوا ولا اروع🧸💗 مجرد يوميات و مغامرات طالبه محجبة عاديه تدعى ب آمو مع اصدقائها ✨ الأول في الفكاهه لسنة 2023 🌸✨
13.9M 260K 53
جميع الحقوق محفوظه للكاتبه آية يونس ... ممنوع النشر او الاقتباس الا بإذن الكاتبة آية يونس ... رواية بالعامية المصرية ... عندما يصبح الإنتقام والتحدي...