وصل منير البيت بعد مدة من الزمن ...
السيد رابح: لماذا تأخرت يا منير ؟
منير و هو يجلس على أقرب كرسي بتعب ...
السيدة ميادة : ما الأمر يا منير ؟
منير بتعب و هو يحاول أخذ أنفاسه : أخي الكريم صاحب السيارة انطلق مغادراً دون اصطحابي و لحسن حظي الجميل محفظتي بقيت
في سيارته و أتصل به و لا يجيب ، فاضطررت للمشي من مكان المسابقة للبيت .
السيد رابح باستفزاز : لماذا و أين سيارتك يا بني ؟
منير بغيظ : أبدا لقد أخذها شخص عزيز على قلبي طلبها مني و لم أرفض طلبه .
السيدة ميادة : يجب أن أشكره بشدة من سحب السيارة أقصد من أعطيته سيارتك فهو بذلك جعلك تحرق سعرات حرارية و هذا جيد لك .
منير : هذا جيد ؟! ما الجيد بالأمر أنا أحتاج لسعراتي الحرارية من قال لكم بأني لا أريدها ، أبي أرجوك أعد لي مفاتيح سيارتي .
السيد رابح : ألم تقل بأن شخصا عزيزا طلبها و نفس الشخص يطلبها منك فأظن بأنك لن ترده خائباً .
تابع السيد رابح : دعك من هذا الآن و أخبرني ماذا حدث مع مراد و سراج ؟
منير : أعطني مفتاح السيارة و سأخبرك .
السيد رابح : منير لقد بدأت تثير غضبي و سأمدد العقاب إذا ...
منير بسرعة : لا ولما الغضب ، القصة يا والدي العزيز ....
و بدأ يخبر والديه بأحداث المسابقة ...
...............................
في بيت السيدة سعاد
دخل سراج البيت و أخذ نفساً عميقا يحاول تهدئة تلك البراكين التي تثور داخله ....
السيدة سعاد : أهلاً بعودتك ، سراج لماذا تقف عندك ؟أدخل يا بني .
دخل سراج و أزاح كرسياً وقال بهدوء : أمي لو سمحتي اجلسي هنا .
السيدة سعاد : ما الأمر يا سراج ؟
سراج : سنتحدث قليلاً اجلسي رجاء .
جلست السيدة سعاد و جلس سراج على الكرسي المقابل ...
أخذ سراج نفسا عميقاً ثم قال : أمي هل تعلمين شيئاً عن عائلة السيد رابح ؟ هل عادوا يا ترى من السفر ؟ ألم تحاول الخالة ميادة مراضاتك بعد ما قاله مراد يا ترى ؟ ألم تهاتفك ؟
السيدة سعاد بتوتر و تلعثم هي تعلم بعودتهم وتخشى هذا اليوم فقالت: ما الذي خطر ببالك يا سراج ؟ نحن قد قطعنا علاقتنا بهم منذ ذلك اليوم و لا أعلم شيئاً عنهم .
سراج بهدوء مريب : نعم ذلك اليوم ، ترى يا أمي ماذا حدث في ذلك اليوم ؟
السيدة سعاد بقلق و انفعال : سراج ما الأمر هل فقدت ذاكرتك أم ماذا ؟
سراج بنفس هدوئه : لا ذاكرتي بخير و الحمدلله و لكن أريد استعادة ذكريات ذلك اليوم الذي دمر حياتي و مستقبلي .
كادت السيدة سعاد تقف من مكانها و
قالت بانفعال : أغلق هذا الموضوع نهائياً يا سراج ...
قبل أن تكمل كلامها قاطعها سراج و هو يقول بهدوء تام : سؤال واحد فقط ، و أرجو أن تجيبيني عليه بكل صراحة .
السيدة سعاد : سرااااج سمعت ما قلت أغلق هذا الموضوع .
سراج : ماذا أخبرتي مراد في ذلك اليوم ؟
تجمدت السيدة سعاد في مكانها و لم تتحدث ...
سراج و لا زال على هدوئه : من الذي مات يا أمي ؟ لم تخبريني لكي أقدم واجب العزاء ؟ ترى كم من سنة مر على ذكرى رحيلي ، هل تذهبين لزيارة قبري يا ترى ؟
سراج مكملاً بسخرية : عوضك الله خيراً و صبر الله قلبك يا أمي في فقيدك أقصد في رحيلي .
السيدة سعاد بدموع في عينيها : سراج .
أكمل سراج و لكن هذه المرة ظهر الحزن جليا ًفي نبرة صوته : هل كان سهلاً عليك نطق كلمة موتي يا أمي ؟ كيف استطعتي قول
شيء كهذا ، ألم تخشي علي أن يعاقبك الله بسبب كذبتك تلك بي ، ربما تتحقق فعلاً هذه الكذبة و تصبح حقيقة ألم تخافي من هذا الأمر ؟
السيدة سعاد بانهيار : لقد كان الأمر فوق طاقتي يا بني لقد هددتني بك ، أقسم لك لم أرد فعل ذلك و لكنها هددتني أن تقتلك
جدتهم هددتني إن لم أخرج من القصر و أنهي صداقتك مع مراد فسوف توكل شخصا ليقتلك ، وقالت لي إن نفذت الأمر فستعطيني
المال و ستبقى أنت و بذلك أستطيع تحقيق حلمك ، بحثت عن مصلحتك وسعادتك يابني أنا ....
سراج بألم و انفعال : مصلحتي ! و سعادتي أيضاً ! قول لي أين هي سعادتي أين مصلحتي بالأمر ؟لماذا لم تخبريني ليس حينها عندما
كبرت على الأقل ؟ أنت جعلتني أعيش في كذبة كبيرة فرقتني عن أعز صديق و أخ ،دمرتي مستقبلاً و حلماً و ماضيا ًليس أنا وحسب
بل لا أعلم كيف كانت حالة مراد حين كذبت عليه ، كنا على بعد خطوة واحدة لنحقق حلمنا و سعادتنا ماذا فعلت يا أمي ؟
نسفتي سقوف طموحاتنا على رؤوسنا ، كنا نحلق في أعالي السماء و سقطنا فجأة لأعماق الأرض ، دعك من هذا كله ، ألم تشفقي
علي؟ ألم تشفقي على حالتي بعد أن كذبتي علي في ذلك اليوم ؟ ألم يحزن قلبك حين رأيتني أبكي بلا توقف ؟ ضعف جسدي و ارتجافته
ألم يؤثر بك ؟ عيوني الذابلة ألم تشفع لي ؟ هل هكذا سعادتي بالنسبة لك يا أمي ؟أجيبيني هل هكذا مفهوم السعادة لديك يا أمي ؟
السيدة سعاد ببكاء : لم أكن أريد فعل ذلك أقسم لك لقد هددتني فيك ، وأنت وحيدي لا أستطيع العيش من دونك .
سراج بدموع تلمع في عينيه : و هل يعجبك حالي هكذا جسد بلا روح ؟ هل بنظرك أنا حي هكذا ؟ هل هكذا تقابلين المعروف الذي
قدمته لنا خالتي ميادة و عمي رابح ، هل تؤذين اليد التي امتدت لمساعدتنا ؟ كيف هان عليك كل ذلك يا أمي ؟
السيد سعاد بألم : لست أنا بل هي من فعل هي من فعلت كل هذا ، سراج ، سراج انتظر إلى أين أنت ذاهب ، سرااااج.
غادر سراج البيت و كل ألم الدنيا في قلبه لا يصدق ما يحدث حوله سبب ألمه و وجعه أقرب الناس إلى قلبه و كم هو موجع أن تطعن
من أقرب شخص لقلبك ، غادر راكباً دراجته النارية و قد قادها بسرعة جنونية .
............................
في منزل السيد رابح ...
فتح منير باب غرفة مراد دون استئذان ، و كان مراد ينظر للكمان و يسترجع ما حدث منذ ساعات في المسابقة ...
منير وهو يمثل البكاء : أخي الذي تركني و ذهب بسيارته دون أن يفقد أخاه الأكبر كيف هان عليك ذلك يا أخي أنا أنا أخوك الأكبر
تفعل ذلك بي أنا من كنت أطعمك و أنت صغير هل هذه جزائي أنا من يسرح شعرك و يكتب لك واجباتك ...
قاطعه مراد بضحكة خفيفة : على رسلك ما هذا؟ نظام المتسولين ؟ من ثم أنت كنت تكتب واجباتك بعد أن تركض أمي وراءك و
تضربك فكيف أصدق بأنك تكتب واجباتي يا فهيم ؟
منير : كان يجب أن أقول ذلك لأجعل ضميرك يتألم لتركك لي .
مراد : سأقول لك محاولتك فاشلة فضمير لم يشفق عليك ، اعتبره عقاباً لأنك أخذت سيارتي دون استئذان .
منير نظر له بغيظ : سأسامحك لأني أحتاجك هذه الفترة فقط و لكن بشرط أن تعزف على الكمان الآن و في الحديقة .
مراد : تحتاجني هذه الفترة و تشترط أيضاً لمسامحتي ، من ثم لماذا في الحديقة ؟
منير : لأن أمي و أبي هناك و يجب أن تسمعهما عزفك يا فهيم .
مراد و هو يحمل كمانه و ينزل مع منير حيث يجلس والداهما ...
قال مراد : أتعلم في بعض الأحيان أشعر أني الأخ الأكبر و ليس الأصغر لا أعلم لماذا ؟
منير بفخر : ذلك لأني صغير و روحي الظريفة تعطيني عمراً أصغر .
مراد بهمس : أي أنه ليس بسبب تصرفاتك الطفولية ؟
منير : هل تقول شيئا ؟
مراد : لا شيء .
بالفعل جلس مراد و منير مع والديهم في الحديقة و بدأ مراد بالعزف معزوفة هادئة جميلة ، صوت مذعور جعل مراد يقطع عزفه
و كذلك الجميع نظر للسيدة سعاد التي دخلت من البوابة الرئيسية و تستنجد ....
أقبلت نحو مراد بالذات و أمسكت يده جاثيةً على ركبتيها أمامه : أرجوك ابحث عنه ، أوجد لي ابني ، ابحث عن سراج يا مراد أرجوك
، أعلم بأني أخطأت بحقك فأرجوك سامحني ...
تقدمت منها السيدة ميادة و أسندتها مجلسة إياها على الكرسي و تحاول تهدأتها ...
السيدة ميادة : اهدئي قليلاً يا أم سراج لكي نفهم ما الذي حدث ؟
كان مراد تصنم مكانه و لا يعلم ما الذي يحدث و حين رآها تذكر ذلك اليوم الذي أخبرته بموت سراج ...
قصت عليهم كل ما حدث من بين دموعها و شهقاتها و اعتذارها المتواصل ...
السيدة سعاد ببكاء و نحيب : أخشى أن يحدث له شيء لقد خرج مسرعاً بدراجته النارية أخشى أن يحدث له شيء ، أتصل به ولا يجيب
أخشى بأن يحدث له شيء.
رنين هاتف مراد هو من قطع ذلك ...
أجاب مراد على ذلك الرقم الغريب ،
صدر صوت سراج: مراد ؟!
مراد بصدمة : سراج .
هدأ الجميع يستمعون بانتباه
تحدث سراج بارتياح : الحمدلله إنه رقمك لقد أخذته من العم مصلح و لكن خفت أن يكون مخطئاً .
مراد : أين أنت يا سراج ؟ و هل تتحدث على الهاتف و أنت تقود الدراجة النارية.
سراج برجاء : نعم ، مراد أرجوك أريد مقابلتك عند ......
فجأة سكت صوت سراج و لكن صدر صوت اصطدام قوي خلع معه قلب مراد ...
مراد بقلق : سراج هل تسمعني ؟ سراج ما الذي حدث ؟
كان يسمع مراد صوت ضوضاء أحد الأشخاص الذين تجمهروا أمسك هاتف سراج و أجاب على مراد ...
الرجل : هل أنت قريب لصاحب هذا الهاتف ؟
مراد بقلق : نعم أرجوك ماذا حدث ؟
الرجل : حادث سير اصطدمت الدراجة النارية بشاحنة سوف يتم نقله لمشفى (...)
تجمد مراد و سقط الكمان من يده و شرخ اثر السقوط
مراد بهذيان : حادث سير ، سراج .
صدمت حلت على الجميع و ها هي الكذبة التي لم تحسب السيدة سعاد حسابا ًلها أصبحت واقعاً يتحمل سراج ذنبه.
يتبع ...