- ألستروميريا. 10

205 26 63
                                    

الحقيقة هي أنني لا أزال لا أعلم كفاية من أنا. لكنني أرغب  حقًا بأن أكون شخصًا أفضل ولو بمقدار يسير لكل يوم.

 لكنني أرغب  حقًا بأن أكون شخصًا أفضل ولو بمقدار يسير لكل يوم

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

أسيرة الكتابة.   

الكتابة، كلمة رنانة، أنيقة بشدة، وكأنها جرسٌ رقيق مصقول يرنُ بهيجًا فوق أذناي كلما هرب من ثغر أحد أو أمسكته عيناي في الأرجاء.

الكتابة، محبوبتي التي لم تبادلني العواطف الهائجة، ولا العشق المشتعل، لا في أقسى ليالي شتاء ديسمبر، ولا مع أول شعاعٍ ربيعي في مارس.

لطالما تركت في هاجسًا من الشوق الملح، الانتماء العميق الجارف، والرغبة، الرغبة، الرغبة دون اكتفاء.

لم أفهم، وكم يطيب لي حتى الآن أن أفهم، ما الذي يبرر التعاطف العظيم والاتصال الروحي الجنوني الذي كان يربطني بالكتاب المنكبين في سطر عواطفهم من شتى بقاع هذه الأرض المشتتة؟ ما هو ذاك السحر الأخاذ الذي يتركني لا أكتفي من الكتب وذويها المهتمين بسرد الحكايات؟

كان هناك دومًا، منذ نعومة أظافري، منذ أول بذرة تتفتح في وعيي من شتلات هذه الحياة، لطالما كان لدي ذاك الشغف الغير مفهوم بالكتابة، الإعجاب الفذ بها وبكل ما يتعلق بها من كلمات وعبارات و طقوس لا أفهمها.

والحقيقة هي أن حبي ذاك، استمر ثقلًا مرامًا لوقت طويل فيّ، لم يتوقف ولو لوهلة، حتى جاء ذلك اليوم وأخيرًا، الذي قررت فيه أنني سأكتب، ولأول مرة بكل إصرار، للمرة البكر حاملة للكتابة فوق كتفي.

ويجدر بي القول، أم تلك المرة لم تحضر حلوةً غضة الملامح والتعابير، ولو كم تمنيت لو فعلت. لكن الحقيقة، والتي سيدركها الجميع في نقطة ما من حياتهم، أن الحب وحده ليس كفيلًا لخلق الأشياء، وأن الفرص لا تحضرُ براقةً.

كنت قبل تلك المرة التي قبلت فيها الوجه الجميل للكتابة، قد تمنيت كثيرًا، وحاولت كثيرًا، وفشلت بأكثر من طريقة واحدة ممكنة وبعدة مسميات غير واضحة.

الكتابة لم تسعفني حتى عندما نزفتُ عند قدميها راجية، لم تلتفت لي حتى عندما انتحبت من لوعة الأيام الجارية، لم تفعل لسبب ما، ومع كل حبي العظيم لها، لا أظنها أحبتني يومًا.

وحتى مع قصتي الأولى التي انتهيت منها، ومع شعور النشوة العارمة بالإنجاز الصغير ذاك، فإني علمت بأنني استطعت لمس البشرة الرقيقة ليد الكتابة النضرة، وأنني كنت محظوظة كفاية، لكنني لم أكتفِ أبدًا. لم يكن فقط بمقدوري الاكتفاء.

علمت أنني دخلت دوامة لا تتريث في ركضٍ جنوني نحو الكتابة وحبها، نحو العشق المضني، والشغف القاتل.

شعوري الفطري بالانتماء أخذ يزداد، أصبحت المسميات وحدها ونزير الكلمات قادر على تهييج مشاعري وإيقاد نار غرامي.

ومع انغماسي أكثر فأكثر في هذا العالم الملتوي، فإني فقدت الكثير، لكن اكتشفت الأكثر، وجدت نورًا لهدف لا أفهمه بالكامل بعد، والأهم من ذلك، وجدت قطعة من أحجية ذاتي المبهمة.

ومع أني أترك روحي هنا وهناك، فوق كل كلمة أسطر، مع كل جملة أختم، وعند كل شخصيةٍ أحكُم، إلا أنني استمر بالامتلاء والامتلاء بتأنٍ.

الكتابة لا تزال لا تحبني، لكنها تعطيني الكثير. وهذا ما يتركني متعلقة بها، مهما طالت الأيام، واتسعت الفجوات، وثقُلت الهموم والمسميات.

الكتابة هي دربٌ، تدخله برغبتك العارمة، وقد لا تقدر على مغادرته أبدًا، مهما حاولت، لأنك أصبحت جزءًا منها وهي منك.

وهذا ليس سيئًا، إطلاقًا. فهي لن تتركك دون شيء أبدًا، وإن اشتدت وعورة الطريق.

ولأنني كنت في أمس الحاجة قبلًا لأحد ما ليخبرني كم هي جنونية محبة الكتابة، فإنني اخترت اليوم أن أخبركم عن هذا الأمر بالذات.

تحيا الكتابة!

• كُتِبَ بواسطة: meddlemist_red

ROWOONx 1Where stories live. Discover now