2 -خُسران-

30 2 0
                                    

ما الذي يجب علي فعله يا تُرى؟ تساءلتُ بينما أمسكُ طرف مئزري أشده بين أصابعي لينكمش، رفعت عيناي اللوزيتان ناحية سارة بعدما كانتا مسلطتان على البلاط، فقابلني وجهها الذي تعلوهُ ملامح الغرور، بدت و كأنها قد هزمتني أنا؟

لقد طفح الكيل، لا يهمني إن نُبذت أم لا على كل حال نحن على وشك التخرج من الابتدائية و سننتقل إلى المتوسطة و سأحرص آنذاك على كسب سمعة جيدة أما الآن فأنا أود تطبيق ما علمه إيّاي أخي، و تهشيم وجهها ذاك!

زفرتُ محاولةً التّنفيس عن غضبي، ليس من المفروض علي أن أفكر بهذه الطريقة فأنا لست صاحبة الدور الشرير هنا، متأكدة أنني أشبه بطلة برنامجي الكرتوني المفضل.

رفعت رأسي شامخا و أنا أسهب في تفكيري مع ابتسامة بلهاء، أجل أنا صاحبة الأخلاق و المبادئ العالية و التي تعتني برفيقاتها على الدوام، كما أنني متيقنة أن دور الفتاة المتعجرفة الشريرة ستناله سارة بكل جدارة!

أجل هذا ما يبدو عليه الحال!
إذن، كلّ ما علي فعلهُ هو إلقاء خطاب مؤثر على الفتيات هنا مثلما تفعلُ البطلة و هذا سيجعلهنّ تعرفن في أي صف عليهن أن يقفن.

ضحكة صغيرة هربت مني، جعلتني أنتبه إلى الوجوه التي تحدق إليّ باستغراب شديد، فشغلتُ نفسي بهندمة مئزري الوردي الذي انكمشت أطرافه، كي أتهرب من نظراتهم المريبة.
ثم ما لبثتُ أن مددت كف يدي فاتستقر على كتفِ هدىٰ التي ارتبكت و رفعت رأسها ناحيتي، رأيتُ لمعانَ عينيها العسليّتين فأهديتها ابتسامةً أُطمئنُها، ثم تقدمتُ خطوة واحدة لأصبح على مقربة من سارة و لم يعد يفصلني عنها سوى شبر واحد.

قطّبت سارة حاجبيها السوداوين في استغراب ثم ما فتئت ترمقني بنظرات تحدّ، أدرت بصري حول زملاء فصلي بابتسامة و قد لاحظتُ أنّ الفتيان كانوا متحمسين يأملون في رؤية شجار، أما الفتيات فكنّ تحدقنّ فيّ بترقب.

فرّقتُ شفتاي أنوي إلقاء الخطاب المؤثّر الذي أحفظه عن ظهر قلبٍ، نتيجة إعادتي لجميع حلقات المسلسل الكرتوني لعدد لا يحصىٰ، و ما هي إلا لحظاتٌ حتى فُتح باب الصف بقوة جعلت الجميع يشيح ببصرهم عني! و أنا التي كنت سأعصف بجو الصف!

زممتُ شفتاي بغضبٍ أحاول ألا أصرخ عاليا في وجه من قطع علي لحظة انتصاري، لكن سرعان ما استُبدلتْ ملامحي الغاضبة إلى أخرى سعيدةٍ و أنا ألمحُها بفستانها القصير، مئزرها الزهري و ظفيرة شعرها البندقيّ تنظر باستغرابٍ إلى مكتب المعلمة الفارغِ ثم إلى التكتل الطلابي في آخر الصفّ.

تلك الفتاة مميزة في نظري حقا، ليس الأمر و كأننا صديقات مقربات لكنّ شخصيتها تجذبني، إنها هادئة على الدوام  -على عكسي- و لطالما كانت صادقة سواء في أفعالها أو كلامها إنها تشبه صديقة البطلة و هذا يعجبني! لهذا علي أن...

قاطع تفكيري مجموعة من بنات صفي اللاتي ركضن ناحيتها مسرعات، ما إن وصلنَ إلى مكانها حتى راحت إحداهن تقول بحماس:

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 27 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ميزانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن