1 - بطلة-

57 3 0
                                    

رنّ الجرسُ يُعلن بدايةَ الدوام الصباحي،غير أنّ معلمة الصف قد تأخرت في المجيء، غمرتني سعادةٌ كبيرة أمرتني بالصراخ فرحا غير أن خيالي الذي أخذ يفكّر في إصابتها بكسر أو حادث سير، جعلَ حماسي ينخفض.

لم أصدّق أن السُّنبلة التي وضعها فتيان صفي تحت مكتبها متمنين إصابتها بحادث سير أو كسر يمنعها من التحرك لنصف شهر على الأقل، قد أثمرت نتائجها بهكذا سرعة!

لطالما كانت أفكار الصبيان تصيبني بالغثيان لسخافتها، لكنني حقا أسحب شعوري ذاك بسبب هذه الفكرة العظيمة التي قاموا بكل تأكيد باستنساخها كسابقاتها.

لكن..ما هي إلا مصادفةٌ ليس إلاّ، فاليومُ هو اليوم الأخير الذي يسبقُ عُطلة الشتّاء،و ربما المعلمة قد فضلت عدم المجيء.

كان الصف في حالة من الفوضى، الفتيان باشروا لعبهم الخشن أما الفتيات فقد اختفت أصوات ضحكاتهن فجأة، بعد أن كُنّ يصرخنَ فرَحًا لأسبابٍ أجهلها و قبل أن أستدير خلفي أتبين السبب، التقطت أذناي أكره صوت إلى قلبي.

- أين اللمجة التي ستعطينني إياها؟ لا تقولي أنّكِ لم تحضري لي شيئا.

ارتفعت نبرة صوت سارة، قبل أن تُحدق بملامحها الغاضبة على الفتاة الواقفة بخزيٍ أمامها، لم تخفى علي نظراتها التي غلّفها التكبر و التي سلّطتها على الفتاة لوهلةٍ،لتُردف بعد أن دفعت الواقفة أمامها بقوة جعلتها تسقط على الأرض الباردة تحت همساتِ الفتيات اللاتي اجتمعن حولهما.

- هذه آخر مرةٍ أراكِ تحومينَ حولي أو تقتربين من مكانٍ أنوي أن أقصده، انتهت صداقتنا.

-لكن.. ظن-ظننتُ أننا صديقتان.
نبست بينما ترنو إلى سارة بعينين شاخصتين.

- و من ينوي مصادقة فتاةٍ حمقاء مثلكِ؟
سمعتُها تخُبرها بقسوة، بينما تلهو بخصلات شعِرها القصير، لِتتعالى ضحكاتُ زميلاتي غير مباليات بهُدى و التي تبكي دون توقف، أو ربّما البعض منهن قد تظاهر بذلك كي لا يُنبذ من دائرة صديق- أقصد تابعاتها إن صحّ القول.

لا أدري حتى كيف نهضت من مقعدي تحت أنظار صديقتي رانيا المستغربة و التي كانت الوحيدة التي لم تنضم لهن، كلّ ما أذكُره أنّ قدماي تحرّكت من تلقاء نفسها إلى أن وقفتُ أمامَ سارة ثم دفعتُها بقوة أسقطتها أرضا، شهقات عالية التقطتها أذناي على حين غرّة صدرت من فتياتِ صفي كانت كفيلة بجعل ابتسامة صغيرة تحتل ثغري، وجهت عيناي البندقيتين نحوها لأقول بحنق بدا جليا على ملامح وجهي المتجهم :

- توقفي عن التصرف بعلوّ و لو لمرة واحدة في حياتكِ و ارحميني من رؤية هذه المسرحية السخيفة، ألا تملين من هذا؟

وجهت سؤالي الأخير، و قد عنيتُ كلّ كلمةً قلتها، فليست المرة الأولى التي تُقدمُ فيها على شيء مُماثِل، فهذا ما حدث تماما لرانيا العامَ الماضي و لفتاةٍ قد غيرت المدرسة لذات السبب!

ميزانWhere stories live. Discover now