8

388 24 2
                                    

أوتار حادة (8)
بقلمي مروه اليماني(المروه)
                            * * * * *
                         جمال خطاب

نهرب حين لا يبقي أمامنا طريق للنجاة سوا الهروب , لكن ماذا لو لم نجد تلك النجاة, ماذا لو وجدنا أنفسنا نغرق أ كثر  وأ كثر, نتعقد أن في الهروب حل للمشكلة, لكن ماذا لو كنا نزيد مشاكلنا ونعقدها أ كثر بذلك, ماذا لو اكتشفنا أننا ربطنا حول عنقنا وتر جديد نخنق به أنفسنا ونبتر به رقابنا! .
هذا ما حدث معه خرج من القاهرة هارب من ألمه, لكنه لم يجد نجاته, وجد نفسه يزيد مشكلته القديمه بأخري جديدة, في يوم يتذكره جيداً, كان في الأيام الأولي من شهره الرابع في عروس البحر المتوسط ,كان يجلس في أحد المقاهي يريح قدمه بعدما عجزت قدماه عن حمله من كثرة سيره, خارت كل قواه وطلب من الشاب أن يحضر له كوب قهوة, هذا قبل أن يتطفل عليه أحدهم, كان يعبث في هاتفه حتي شعر بشخص يسحب مقعد ويجلس بجواره, نظر له متعجباً, ثم عاد بنظره يطالع هاتفه كأن الشخص غير موجوده .
كان الرجل كبير في السن يبدؤ أنه في أوخر عقده الخمسين قال وهو يمد يده ليصافح يايسن :
أنا (جمال خطاب) رجل أعمال .
قال ياسين ببرود وهي يصافحه: تشرفنا .
_: ربنا يعزك....ثم نظر لداخل المقهي وقال بصوت مزعج: واحد شاي يابني, ثم نظر لياسين وقال: دا لو ميضقش أني أشرب الشاي هنا .
قال ياسين وهو يرسم أبتسامه علي وجهه :أتفضل .

أنتها الرجل من تناول كوب الشاي وياسين ما زال يعبث بالهاتف ولا يعبء بوجوده حتي قال الرجل :
شكلك بيقول أنك أنت كمان مش أسكندراني .
هز ياسين رأسه إيجاباً, فقال الشخص :مبوسط أني قابلتك, أصل نادر ما بقابل واحد مصري هنا .
رفع ياسين حاجبيه متعجباً وقال في نفسه ( عبيط دا ولا أيه... أمال لو أتقابلنا في أوربا, لا حول ولا قوة إلا بالله )
تابع جمال كلامه قائلاً : وأسف مره تانيه لو أزعجتك .
أبتسم ياسين وقال: لا ولا يهمك .
لم يرحل!...ظل جالس مع ياسين وكأنه أحد أصدقائه القد وظل يتحدث معه ويضحك حتي أرتاح إليه ياسين شئ فشئ, لدرجة أ،ه لم يشعر بالثلاث ساعات التي قضاها في الحديث مع هذا الغريب, نظر في ساعته وقال: معلشي أنا لازم أمشي .
نهض الرجل وقال وهو يمسكها من يده : لا والله ما يحصل أحنا هنتغداء مع بعض أنهارده, ولا أنت بخيل بأه ؟! .
لم يجد نفسه إلي وهو ذاهب معه في سيارته وعزمه هذا الغريب علي الغداء في أحدي المطاعم المطله علي البحر, تناول مع الغداء, وكان سمك, طلب الرجل العديد من الاطباق البحريه وتعامل معه بود وكرم, فهم ياسين وقتها أنه ليس فرح لأنه ألتقي بشاب من مصر كما قال, أنما سبب فرحته هو وجود من يؤنس وحدته, فقد أخبره أنه وحيد .
قضي اليوم بأ كمله معه وكان يوم رائع, أوصله الشخص لمنزله وتبادلوا أرقام الهواتف, أستمرت لقائتهم لأيام حتي أرتاح له ياسين وأعتبره صديق له, والشخص الذي يدعي جمال أيضاً كان  يتميز بذكاءه الأجتماعي, فأستطاع التقرب من ياسين في أسبوع واحد!, حتي أنه عرف عن ياسين الكثير وأنه بلا عمل حتي الأن.
قال له وهو يتوقف بسيارته علي جنب :أزاي قاعد كل دا من غير شغل يابني...أنا رغم أني رجل أعمال وإلي زيي بيفضلوا ينهوا شغلهم في السن دا إلا أني مش حابب أقعد في البيت....أنت فاهم شخص زي وحيد ملوش حد يورثه كان ممكن أبعزق فلوسي وأعيش حياتي....بس أنا مش حابب كدا خالص .
_: يعني هو أنا لقيت شغل ومشتغلتش صمت ياسين قليلاً ثم  قال : بقولك إيه ما تدخلني معاك شريك في مشروعك إلي كنت كلمتني عنه دا .
كان الرجل قد أخبره أن سيفتح مشروع ضخم في الأسكندريه, سيعود عليه بمبالغ ضخمه, وأن هذا المشروع هو سبب وجوده هنا, لمعت عين الرجل حين ذكر ياسين أمر الشراكه ولكنه أزاحها بعيداً تجاه البحر وكأنه يفكر, قال دون أن ينظر إليه بمكر ودهاء : لا يا ياسين مش هينفع ....أنا قولتلك مبحبش الشراكه ....علي رأي المثل قطه ملك ولا جمل شرك .
حزن ياسين ولكنه لم يفعل شيء سوء الأيماء برأسه, نظر إليه وأبتسامة ظهرت علي وجهه محاها سريعاً وقال لياسين بمكر: خلاص ياسين عشان انت ابن أصول وجدع ومليش صاحب غيرك ... أوعدك أني أفكر وأ كيد لو حبيت أشارك حد مش هلاقي حد أمين زيك أستامنه علي فلوسي .
تحولت ملامح ياسين بسرعه إلي الفرح وقال بتودد : متشكر أوي يا جمال بيه .... وأن شاء الله مش هتندم .
وبالفعل وافق علي مشاركة ياسين له وليته لم يوافق! , بعدما عملوا في المشروع وربح منه مبالغ كثيره أخبره جمال عن صفقة العمر , ولانه كان يثق به وافق وأعطاه كل نقوده ولم يترك لنفسه إلا القليل, وفي اليوم التالي كان جمال قد أختفي من الأسكندرية بأ كملها, بحث عنه لشهرين كاملين, لم يترك مكان إلا وبحث فيه, ولا قسم شرطة إلا وقدم فيه بلاغ, دخل في حالة أ كتئاب بعدها لمدة أسبوعين, كان من النوع الصبور القادر علي التحمل (جبل) كما يدعوه أصدقائه, كان علي إيمان بأن الله لن يتركه في محنته وأن هذا ليس الدرس الأول ولا الأخير من دروس الحياة وأختباراتها التي لا تنتهي .
ولكن هذا الجرح ظل ينزف رغم تخطيه للأمر فالبقاء عامين في الأسكندرية, ثم العودة بنصف مكان يملك وخسارة الملايين التي جناها هناك أيضاً ليس أمر هين .                    
أخرجه من ماضيه القاسي صوت السيارات والأنوار المزعجه ليزيد من سرعته وينطلق متحدي الريح, تمني لو أن الأتصال الذي أتاه يتعلق بهذا النصاب .

خرجت نور من غرفة أخيها وهي تشعر بالوهن والضعف, لم تخرج إلا وقد أعطاها وعد بأن لا يكرر محاولته في الأنتحار, لكن هذا شيء غير مضمون, حين تأتي تلك الفكرة في عقله من جديد لن يكترث أو يتذكر أي وعود . وضعت بين نارين, أن تختار أحدهم فهناك أخري علي وشك أقتلاع كل شيء, هل سينصاع لها والدها إذا علم بمحاولت أخيها...أم سيحبس بين أربع جدران كي يمنعه, فهذا ليس جديد عليه فعلها من قبل معها ومع عصام أيضاً حين علم بطلبهم في الذهاب لرؤية أمهم وهم مازالو صغار .
قالت عصمت وهي تستند علي حافة الدرج: أزيك يا نور .... مش هتنزلي تتعشي .
لم تكن في حالة تسمح لها بخوض نقاش مع تلك الأفعي الأن فقالت ببرود وهي تتجه لغرفتها: مليش نفس .
نظرت لها عصمت بتوعد وقالت في نفسها: ماشي يا بنت زينب أن ما وريتك مبقاش أنا عصمت الشرقاوي .
دلفت غرفتها وأوصدت الباب, ثم ألقت بثقلها علي الفراش وقلبها يعتصر وعقلها تنخره الأفكار كما ينخر السوس السن, قالت لنفسها وكأن الحوار دائر بين عقلها وقلبها: طب أيه العمل دلوقتي يا نور .... اكيد لو إياد عرف هتحميه           أيوه بس لو بابا عرف هتبقي مشكلة  كبيره .... وإياد ممكن ميعرفش يخبي زيك وتحصل مشكله بينه وبين بابا وكمان ماما ممكن أوي بابا يأذيها          يعني هتستني لما يحاول ينتحر تاني
وضعت رأسها بين كفيها في حيرة من أمرها, أتت إليها فكرة  فنظرت في ساعتها وجدتها العاشرة, أمسكت بالهاتف وأتصلت بايمان, ردت عليها بصوت ناعس قائلة: السلام علسكم ...مين؟
_: أنا نور أنتي نمتي بدري ؟! .
_: عندي إجتماع بكرا الصبح ... مالك صوتك بيقول أن في حاجه ؟ .
_: أنتي هتيجي أمته ؟ .
_: بكرا باليل هكون في البيت .... بس أنتي مردتيش عليا ... مالك يا نور؟! .
_: لا خلاص هسيبك تنامي عشان شغلك وبكرا باليل هجيلك البيت .
_: أنتي كدا قلقتيني ومش هعرف أنام ما تقولي يا بنتي .
_: لا أنتي شكلك عايزه تنامي ومش هتركزي معايا...سلام .
أغلقت الهاتف في خيبة أمل, ظلت تفكر حتي الصباح وتذهب لغرفة أخيها تطمئن عليه بين الحين والأخر, سمعته وهو يخترف وكان من الواضح أنه يحلم بأمه وأنه التقي بها ويبكي في منامه, لم تفهم الكثير من خترفته تلك, كان يقول (ماما) ثم يصمت, ظلت بجواره بعدما قاست حرارته ووجدتها طبيعية, فعلمت أن ما يحدث من عقل اللاوعي ليس إلا .
لم تكن تلك اللية هينه وخاصة بعدما تذكرت أتصال سارة الذي أتاها اليوم ومشكلتها مع عصام التي أخبرتها بها, ولم يعود من عمله تلك الليلة لتتحدث معه .

يابنتي عشان خاطري أرجعي الشغل بقا .... لقي مطلع روحي هنا .
هذا ما قالته أسيل صديقة شيرين وهي تحدثها في الهاتف, أبتسمت شيرين أبتسامه خفيفه وقالت: لا مش هاجي .... بفكر أستقيل .
صرخة في وجهها قائلة : تستقيلي .... عشان أنا أنتحر, أنتي مش متخيله الشغل كله فوق دماغي حرام عليكي .
ضحكت شيرين وقالت: بهزر معاكي ... جايه بكرا أجازتي خلصت..... بس شكل لقي هو إلي هيرفدني .
ضحكت أسيل وقالت : ميتهيقليش أن المهندس لقي يعرف يستغني عنك يا جميل .
فهمت ما تلمح له صديقتها فقالت: طب أقفلي بقا عشان أعرف أصحي بدري بدل ما يبقي الشغل عليكي بكرا كمان .
قالت أسيل وهي تضحك : لا لو علي كدا تصبحي علي خير, ولو تحبي أصحيكي من عيوني ... بس متغيبيش أبوس رجلك .
أغلقت الهاتف, وحدقت في النافذه الزجاجيه, بدأت تشعر بالأرتياح, مع كل دقيقة تمر عليها, كانت تدرك أنه لا داعي للحزن فهي التي أوهمت نفسها بأشياء ليس لها وجود منذ البداية, قررت الذهاب لعملها عله يساعدها علي النسيان وتخطي تلك العقبه, ظلت تفكر في كلام أسيل عن لقي حتي غلبها النوم .

في صباح اليوم التالي, في منزل نيفين التي تعيش مع أبويها وكانت أختها الصغيره تعيش معهم قبل زواجها بثلاث سنوات, أما الأن فهي تقطن في منزل زوجها ولديها طفل رضيع عمره عام واحد, أستيقظت علي الصوت المعتاد خناقة جديده بين أبويها, خرجت من غرفتها بعدما أزالت الفراش بضيق, قالت : هو مفيش يوم يعدي إلا ولازم نسمع الناس صوتنا فيه .
تركهم والدها ونزل ليجلس علي القهوة كالعادة فجلست بجوار أمها علي الأريكه وقالت: إيه الي حصل تاني .
_: مفيش يا حبيبتي .... بقوله ينزل يشوف شغل جديد زعق, متشغليش نفسك أنتي بالكلام دا ... جايلك عريس أنهارده .  
نهضت غاضبه وقالت : ماما أحنا مش كنا قفلنا الموضوع دا قبل كدا .... أنا مش هتجوز ولا هقابل حد ... تمام .
تركت والدتها ودلفت لغرفتها, لم يكن والدها فقط سبب في كرهها لجنس الرجال, هو فقط كان أول سبب وسط أسباب كثيرة, كان والدها رجل بسيط ينتقل من عمل لأخر بحث عن رزقه ولم يكن يثبت في أي واحد منها حتي قرر أن لا يعمل مطلقاً ولم يكتفي بذلك جعل زوجته وأبنتاه يعملن وكان ياخذ المال من أمها ويسبها ويضربها كل يوم, ثم يصرفها علي نفسه, عملتا هي وأختها وهي في الثانويه وكانت أختها تصغرها بعامين, قرروا العمل ليعولوا أسرتهم وتكمل كل منهم تعليمها, كانت قد وجدت عمل في صيدلية في نفس الشارع الذي تسكن به, وهذا ما جعلها تحلم بأن تصبح دكتورة وتتخصص في الصيدلة تحديداً .
أما الأسباب الأخري هي أنها لم تسمع قصة حب مكتلمه حتي يومنا هذا, كل علاقة مليئة بالمشاكل, وكل واحده تنفرها من الزواج عكس أختها التي تزوجت لتتخلص من والدها ومشاكله التي لا تنتهي, كانت تري الزواج مسوؤلية لا تقدر علي حملها .
خرجت من غرفتها بعدما أرتدت ملابسها قالت لها والدتها : رايحه فين ؟! .
_: هكون رايحه فين ...نازله الصيدليه , ثم أخرجت أموال من حقيبتها وأعطتها لأمها قائله: أـفضلي يا ماما شوفي البيت محتاج إيه ... وأنا سبت فلوس لبابا علي التسريحة لو رجع أبقي  أديهمله .
_: متعينيهم يا بنتي لجهزاك .
نظرت لوالدتها بتعجب وقالت : أنا نزله , خرجت من المنزل وهي ما زالت تفكر هل سيأتي يوم فارس مميزاته تغطي عيوبه لينتشلها من هذا البيت ؟ , أم أن هذا الززمن ليس فيه مكان للميزات! .

في قسم شرطة سيدي جابر قال الظابط (أحمد إمام) رئيس القسم وهو ينهض ليصافح ياسين: أنا هدخل طابور العرض
دلوقتي ركز كويس وشوف مين الشخص إلي أنت قدمت فيه بلاغ وقولت نصب أنو عليك .
أوما برأسه إيجاباً فطلب الظابط من العسكري تدخيل طابور العرض, دلف مجموعة من المجلرمين وأصطفوا في صف واحد, نهض ياسين ودقق في محلامح كل منهم حتي أمسك بتلابيب شخص وكاد يخنقه فنهض الظابط سريعاً وقال :أهدا يا ياسين ... هو دا متأ كد  ؟! .
أوما برأسه إيجاباً وقال: أيوه هو ....أنا أطلعه من وسط ألف .
_: طب ممكن تقعد بقا وتسيبنا نشوف شغلنا .
طلب الشرطي من العسكري أن يأخذ المتهمين ويزج بهم في السجن, ثم جلس وقال: أحكيلي بقا كل التفاصيل وكنتةا بتتقابلوا فين ... ومسن شافكوا مع بعض .... عشان نجيب شهود ونرجعلك حقك .
أخبره ياسين بكل ما حدث منذ لقاءهم في القهوة حتي الصفقه المزعومه وأخبره عن الشباب الذين عملوا معهم وأسمائهم وعانوينهم, ثم غادر بعدما أنتهاء, كان يعلم أن هذا سيفيده فكلما كان المحضر أقوي ومثبت فيه كل الواقعة كلما أنتهت القضيه أسرع في يد المحكمه .

علي مائدة الأفطار سحبت نور المقعد ثم جلست, فنظر لها والدها متعجباً وقال: إيه دا يا حبيبتي معندكيش محاضرات في الجامعه النهارده ولا إيه .
_: لا يا بابا عندي بس الساعه 11 .
قال والدها دون أن ينظر لها : كويس أهو تفطري معانا يوم من نفسنا .
نظر لعصمت التي كانت تنظر له وأبتسم فتناول كل منهم طعامه, حتي قال والدها :أنا رايح المستشفي .... عايزين حاجه .
قالت عصمت: سلامتك بينما أ كتفت نور بهز رأسها وهي تبتسم, دلف عصام وهو ينطلق نحو غرفته في عجله بعدما ألقي عليهم التحيه, فأسرعت نور خلفه .
طرقت باب الغرفة فأذن لها عصام بالدخول قال وهوينظر لها: في حاجه يا نور ؟ .
_: أيوه كنت عايزه أتكلم معاك .... فاضي ؟! .
_: لا أنا جاي أخد حاجه وراجع عندي شغل كتير .... بس لو في حاجه مهمه أوي ممكن تتكلمي أنا سامعك .
أخذت نفس عميق, ثم قالت: سبت سارة ليه ؟, نظر لها متعجباً فتابعت كلامها قائله: سارة كلمتني أمبارح وقالتلي الي حصل البنت منهاره يا عصام.... أنت غلطت غلطه كبيره في حقها وحق نفسك لما خدت قرار زي ده .... ساره بتحبك أنا فاهمه أنك بعد الحادثه مصدوم وقلقان مش عارف تفكر وخايف تظلمها معاك ..... بس الي أنت مخدتش بالك منه أنك ظلمتها اكتر لما سبتها ... ومش بس هي ظلمة نفسك كمان .
نظر لها أخيها وقبل جبينها ثم قال : متقلقيش أنا هحل الموضوع وأرجعلها بس متقوليش لسارة أنا عايز أعملهالها مفأجاه وأصلحها بنفسي .
تركها وغادر فحمدت الله علي أنتهاء تلك الأزمه, ثم ذهبت لغرفتها هي الأخري لتبدل ثيابها . نزلت للأسفل وجدت عصمت تجلس علي الأريكه, وقفة مسرعه حين رأتها وقالت : أنتي مش قولتي محضراتك الساعه 11 علي فين العزم ؟! .
تنهدت بقوة ونظرت لها قائلة بضيق ونفاذ صبر : وأنتي مالك أنتي , ثم تركتها تغلي ورحلت .

في غرفة سارة كانت تجلس علي الفراش تسترجع كلماته التي لم تغادر ذهنها منذ تركها في المطعم (عشان كدا يا بنت الناس أنا مش هظلمك معايا...أنا واحد مش ضامن عمره في أي لحظه...حياتي مش ملكي...مش هينفع أربط حد بيا أ بحياتي....لازم نسيب بعض .)
أنهمرت دموعها من جديد وهي تتذكره وهو يتركها بلا رجعة, كيف يتركها هكذا؟ ..... لماذ لم يعبء بمشاعرها حين تركها؟ ... كيف ظن أنه يحميها بهذه الخطوة ؟ ومن ممَ يحميها ؟! .
أهذا جزاءها لأنها أحبته, سمعت طرقات علي الباب فردت بصوت متحشرج : قولت سيبوني لوحدي .
قالت نور: أنا نور, لم تجيبها فدلفت, جلست بجوارها علي الفراش, كانت تعرف أنها في أمس الحاجة لها الأن, ضمتتها, فبكت في حضنها, قالت نور : ممكن تهدي ... والله كل حاه هترجع زي الأول وأحسن .
_: حتي لو أخوكي فكر يرجعلي .... أنا مش هرجعله .... مش وقت ما يحب يسبني .... يسبني ووقت ما يحب نرجع يبقي نرجع .
نظرت لها نور بتعجب وقالت : تبقي غبيه! .
_: يعني أنتي لو مكاني كنتي هتقبلي ... كنتي هتهيني نفسك كدا .
قالت نور بهدؤ وهي تجفف دموع صديقتها الغاليه : يا حبيبتي أنتي لازم تقدري أن عصام كان خارج من المستشفي متغلبط ومش عارف يفكر كويس .... زعصام بيحبك ... بمجرد ما هدي فهم أن الي عمله دا غلط ... وأن الأعمار بيد الله .... وأنتو الأتنين بتحبوا بعض ومش سنه ولا أتنين دا من أربع سنين ...والي بيحب بيسامح يا سارة .
نظرت لسارة التي ظهر علي ملامحها الأقتناع ولم تمر دقائق إلا وأتت نيفين هي الأخري وشاركتهم الجلسه وعلمت منهن ما حدث لم تتحدث فقد زادت عقدها واحدة الأن, وها هي مشكلة جديده تطرح أمامها, حتي وأن عادوا وتصالحوا فبقت المشكلة في عقل نيفين في شئ واحد لم تري سواه, هذا الجرح الذي نخره الحب في قلب تلك المسكينه .

في المعرض وقف مصطفي بجوار عاصم وقال: كلمت ياسين .
_: لا لسه .
_ طب ما تكلمه تطمن عمل إيه ؟! .
_: هي الساعه كام ؟! .
_: مش عارف بس العصر هيأذن .
طب خلاص هنصلي العصر ونكلمه ..ز حتي يكون خللص هو كمان .
أوما مصطفي برأسه وتبع عاصم لذهبوا للجامع بعدما طلب من العمال متابعة الشغل حتي عودتهم . أنتهوا من الصلاة فأخرج مصطفي هاتفه وأتصل بياسين, أتاه الرد بعد أتـصاله التاني فرد قائلاً : أخبارك يا ياسين ... طمني عملت أيه ؟! .
_: الحمد لله متقلقش ... قبضوا علي جمال دا لو كان أسمه جمال فعلاً .
_: طب الحمد لله المهم أنهم قبضوا عليه ... بس قبضوا عليه إزاي ؟! .
_: لا دا موضوعع يطول شرحه ... لما أرجع هحكيلكم كل  حاجه .
_: هتيجي أمته ؟ .
قال ياسين بنبرة مجهده : مش عارف .... الموضوع شكله هيطول.
قال مصطفي مازح ليخفف عنه ما حسه من ألم في صوته : لا وحياة الغالين عندك .... دا أنا مقدرش علي بعدك .
ضحك ياسين وقال : طب غور يا خفيف .
_: بقا هي دي أخرتها يا صحبي .... ماشي خلي بالك من نفسك .
_: سلام .
أغلق مصطفي الهاتف وقال :أنا قلقان علي ياسين .
عاصم : أدعيله .
قال مصطفي : ربنا يعينه يارب, ثم عاد كل منهم إلي عمله حتي ل عليهم المساء فعاد مصطفي للمنزل وأخبره عاصم بأننه سيذهب ليري خالته ويطمئن عليها .

في منزل إيمان جلسعاصم علي الأريكه وخالته كانت تجلس علي المقعد المجاور لها بعدما وضعت الشاي أمامه قالت بلؤم : بقا كدا يا عاصم .... متسالش علي خالتك كل دا يابني .
_: معلشي بقا يام عاصم أبنك كان مشغوله لشوشته الشهر الي فات .... أدعيلي بقا عشان ربنا يباركلي بباركة دعواتك .
_: بدعيلك يا حبيبي .... بس متخلش الشغل يخدك مننا ... أنت الي باقي من ريحة الغاليه الله يرحمها .
_: الله يرحمها .... من عنيا يا ست الكل ...أوعدك أني هاجيلك علطول .
دلفت إيمان وهي تحمل حقيبتها فأسرعت إليها أمها قائلة : حمد لله علي سلامتك يا حبيبتي أحضرلك الأ كل .
قبلت جبينها وقالت : لا يا حبيبتي تسلمي .
ألقت التحيه علي عاصم ودلفت لغرفتها بعدما أخبرت أمها أن نور ستأتي, قال عاصم لخالته : أنا هامشي أنا بقا يا أمي ... هتعوزي حاجه .
_: متخليك يا عاصم شوية ... ملحقتش أشبع منك .
أبتسم عاصم وقال :هاجي تاني أن شاء الله .
رحل عاصم والتقي بنور وهو ينزل من علي الدرج فالقي عليها التحية ثم ذهب بينما صعدت هي للأعلي, فتحت لها والدت إيمان فأحتضنتها, ثم دلفت لغرفة صديقتها .
نهضت إيمان تحتضن نور بشوق وحرارة قالت إيمان وهن يجلسن علي الفراش : قوليلي بقا مالك من إمبارح عشان أنا قلقت . كادت نور أن تخبرها ولكنها صمتت حين دلفت والدة نور وهي تحمل العصير, وضعته وتركتهم يتسامرون, أخبرتها نور مشكلة إياد فقالت لها إيمان ووجهه تعتلسه الصدمه والدهشه : معقول! ...معقوله إياد يفكر كدا .
_:دا غلي حصل يا إيمان وأنا مش عارفه أعمل إيه دلوقتي ...محتارة .
_: يبقي تصلي صلاة أستخارة والخيرة فيما يختاره الله .
نظرت لها نور مستفهمه فعملت إيمان أنها لا تعرف كيف تصلي الأستخاره, فأخبرتها علي طريقتها وعلامتها التي قد تظهر في الحلم أو تكون بأنشراح الصدر لما فيه الخير أو أنقباض القلب ونفور الشيء أو غيرها من الدلائل .

عادت نور من عند إيمان وهي سعيدة أنها وجدت الحل أخيراً, فتحت باب الفيلا وكان الدور السفلي مظلم فاخرجت هاتفها  لتنير به , كادت تصعد الدرج لولا أنها سمعت صوت والدها يناديها، كان يخرج من الكتب فوقفت ونظرت له فقال: أنتي بتروحي حي العجوزة كل يوم الصبح تعملي إيه ؟! .
أعتلتها الدهشه والصدمه وشعرت بضربات قلبها التي تتسارع وكأنه يريد الفرار .

                                يُتبع
                            * * * * *
نهاية فصل انهارده من أوتار حادة متنسوش رأيكم وكمان بارت انهارده طويل 😉 ومتنسوش تقولوا شخصيه مين في الروايه عجبتكم أكتر 🤗 🖋🖋

أوتار حاده 🍁Where stories live. Discover now