[ 7 ] الرّحـيلُ الأوّل.

ابدأ من البداية
                                    

كنتُ أتمنى البقاء أَكثر لوداعها بشكلٍ لائق، لكن سائق سيارة الأجرة ينتظرني خارجاً، أخشى أن ينزَعج، و بالتّالي سيرحل و يتركني. قبّلت جبينها بعمق، على أيةِ حال، أعتقد أنّي سأعود لهنا قريباً مجدداً، حيث أنني و هيكتور متفقان على فكرة خروجي من القَلعة حينما لا يكون موجوداً.

خرجتُ من المنزل، عائداً لسيّارة الأجرة. الجزءُ الأصعب في كل هذا سيكون ودَاع كاسبر، الّذي سينتقل بكلِ الأحوال، مما يعني ذهابي للقلعة لن يشكّل أي فارق، فلو بقيتُ فأنا لن أرآه أيضاً. السؤال هنا.. هل سيتقبّل وداعي بعد آخر ما حدث بيننا أمس..؟

حينما عدتُ للشّقة، كان وقت العَشاء، لكنّي لم أكن بمزاجٍ جيّد لتناوله، قد أكتفي بقطعة فواكه لاحقاً. بحثتُ عن كاسبر، لا بد من كونِه عاد، بالعادةِ هو يقوم بإنتظاري على أريكةِ غرفة المعيشة، لكن اليوم أنا لا أرآه هنا.

طرقتُ باب غرفته المُغلقة، ثم فتحت الباب. وجدته يقوم بترتيبِ ثيابهِ و أغراضهِ الشخصية في حقيبةٍ سوداء، هو سيرحلُ فعلاً إذاً. على الرغمِ من كوننا بالكادِ نتقابل في اليَوم، إلا أن كلينا ترك أثراً عميقاً في بعضنا البَعض. بمعنى.. لا أتخيّل أن أفتح باب الشقة و لا أجده في استقبَالي كالعادة.

« سترحلُ إذاً..؟ »

توقّف عن ترتيبِ ثيابه، ثم نَظر لي :
« أجل. »

تابع قائلاً بنبرةٍ غير مهتمة :
« بتُّ أرآك كثيراً بشكلكَ الحقيقي، هل يعني هذا أنّك تخطط لترك عملكَ قريباً..؟ »

الرحمة..! نحن لا نستطيع خَوض نقاشٍ واحد طبيعي دون أن يُقحم عملي فيه.

إبتسمتُ ببرود :
« أولاً، حبي للملابسِ النّسائية و مساحيق التّجميل لا شأن له بِعملي، لقد كنتُ هكذا من قَبله. ثانياً.. و هذا أهم طبعاً، لما لا تقحم قضيباً كبيراً في فمك اللعين هذا كي يخرسك للأبد..؟ »

احتدّ صوتي بالسؤال الأخِير، و هو نظر لي بُذهولٍ و عدمِ تصديق. إنها المرّة الأولى تقريباً التي أفقد فيها سيطرتي، لكن الأمر قَد زاد عن حدّه، يقوم بربطِ كل شيءٍ بعملي كما لو أنّ هذا شأنه.

شعرتُ بالتوتر حينما اقتَرب منّي، و سألني بصوتٍ مظلم :
« ماذا قلتَ لتوك..؟ »

أعلم أنّ كاسبر رجلٌ لا يفضّل الشتائم أبداً كوني بالكادِ أسمعه يشتم، و أعتقد أن الوضع سيكون أكثر سوءاً لو قام شخصٌ ما بشتمه، بالأخص.. لو بدا هذا الشخص مِثلي.

هسهستُ أمام وجهه :
« قُلتُ، لما لا تُقحم قضيباً كبيراً في فمك اللعين كي تَخرس للأبد و تتوقف عن حشرِ مؤخرتكَ بشؤوني..؟ »

أعلمُ أني أجبن من مواجهتِه، و لم أعتد على التّصرف معه بتلك الطريقة. لم أرغب في أن يكون يومنا الأخير شجاراً قد يمنعنا من توديع بعضنا كَما يجب، و لا أنكر خوفي من ردةِ فعل كاسبر لأني أعلم جيداً لا أحد يستطيع التنبؤ بأفعاله.

قلعة هاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن