"هروب"

2.9K 78 6
                                    

ظننت أنك سـ تزول بـ الرحيل لكن لم أجد سوي
أنك تسربت داخلي أكثر..

الأسكندرية .. عروس البحر المتوسط .. في إحدى المنازل أو كما يطلقون عليه البعض _ فيلا _ .. تجلس فتاة تبلغ من العمر الثالث والعشرون تدعي قدر في غرفتها شاردة تفكر في خطتها .. الهرب .. نعم ستهرب قبل العرس .. لا مفر يجب أن تتحرر .. تبحث عن حب حقيقي ليس ذلك الحب المفروض عليها .. لكن كيف قدر كيف!!.. يجب أن تجدي وسيلة!!.. سـ أفعلها مهما كلفني الأمر .. لن أقبل بشئ لا أُريده ..

                     *******************

في غرفة متوسطة نوعاً ما لا تحوي سوى مائدة لـ الطعام يُحيط بها عشرة مقاعد .. تجلس قدر تتناول الطعام في صمت تام هي ليست صامتة هي شارة .. تفكر وتدعو أن تكتمل خطتها .. أن تحظى بالرحيل ..

قطع الصمت صوت "أحمد" قائلاً 

_ ها يـ قدر لحد دلوقتي مقررتيش انهي فستان هتلبسيه خلاص فاضل اسبوع على الفرح 

هيهات .. قدر ليست موجودة على المائدة .. قدر جالسة جسد بلا روح .. بلا عقل ..

نظر "يوسف" لها نظرة مُتعجبة قبل أن يقطع شرودها قائلاً 

_ قدر .. ياااقدر

_ هاا .. 

كان هذا ما صدر عن "قدر" كـ رد فعل تلقائي

أجابها "أحمد" قائلاً بـ مرح

_ لا دا انتي مش هنا خالص يادي الفرح وعمايله

صاحت قدر داخلها ساخرة .. فرح!!.. أي فرح هذا!! .. هذه كذبة مجرد تنفيذ للوصية لا أكثر .. قدر لـ يوسف ويوسف لـ قدر .. وكأن قدر دمية .. كأنها جماد .. 

ردت "قدر" قائلة 

_ أنا اسفة يا جماعة بس انا تعبانة هطلع ارتاح شوية

رد "يوسف" قائلاً باهتمام حقيقي ونبرة تحمل القلق في طياتها 

_ مالك فيكي حاجه تحبي أخدك ونروح لدكتور!!

أجابته بنبرة جامدة 

_ لا انا كويسة شكرا .. عن إذنكم 

غادرت قدر وتركت يوسف حائراً .. يعلم أنه ليس سهلاً عليها إلي الأن لا تستطيع تقبل أنها ستصبح زوجته .. أن الصداقة بينهم أخذت مجرى آخر الزواج .. يحبها .. بل يكاد يقسم أنها تسري بعروقه .. إن أُصيب ونزف سيراها تسير في دمه .. أبنة عمه وصديقتة الاولي .. وحبيبته الوحيدة .. يعلم أنها ظنها بأنه تزوجها ليرضى أباه فقط .. مخطئة .. تزوجها لإنه أحبها .. لا بأس سيعترف .. فقط أسبوع وتصبح له كلياً وبين يديه وسيعترف حينها .. لا بأس سينتظر كما أنتظر كل تلك السنوات ..

                    *************************

رغم فرحتها بأن خطتها ستنجح وهي تثق في نجحها .. رغم فرحتها في كونها سترحل دون أن تتزوجه يبقى هناك حزن خفي .. سترحل!!.. ستترك صديقها الأوحد .. دائماً ما كان يوسف صديقها تبوح له بمكنون صدرها منذ أن كانت في الخامسة عشر من عمرها حين أتت إلي هذا المنزل بعد وفاة أبويها وقرار عمها بأن يتكفل بها .. عمها الوحيد هي تحبه وتعشقه .. لكن أن تتزوج لإجله شئ صعب .. كيف يتحكم في مصيرها بهذا الشكل!!.. كيف يقرر أن يكون قدر لـ يوسف ويوسف لـ قدر .. بهذا القرار قتل الصداقة بينهم لم تستطيع قدر أن تتعامل معه كالسابق عندما وافق يوسف علي ذلك .. كيف يوافق على شئ كهذا!! لا يمتلك فماً ينطق أن هذا مستحيل نحن أبناء عم وصديقين لا أكثر .. كانت ستظل تتعامل معه كصديق لها .. دخلت كلية الهندسة فقط لكي تصبح مُهندسة مثله لم يكن يوماً سوي مثلاً أعلي لها وصديق أوحد .. لكن تلك الصداقة قُطعت وأنتهى الأمر .. سترحل ..

                    ********************

جاء اليوم المنشود .. يوماً إنتظره كلاهما لبدء حياة جديدة .. إحدهما إنتظره لبدء حياة بقرب الحبيب والآخر إنتظره لبدء حياة بدونه .. 

_ قدر يا قدر .. قدر خلصتي يلا عشان ننزل تحت الضيوف وصله 

 كان هذا صوت يوسف ينادي قدر من خلف باب غرفتها .. وعندما لم يجد رداً دفع الباب ..

_ قدر 

خطاب .. خطاب مُلقي علي  سريرها .. أخذه مُتردد .. أيعقل أن تكون!! ..

"يوسف ..

في هذه اللحظة التي ستقع عيناك فيها على هذه الكلمات سأكون غادرتك .. أعلم أن هذا سيسبب لك الأذي .. لكن الأذى الأكبر كان سيحدث لكلانا لو تم هذا الزواج .. أعلم أنه ليس سهلاً أن أُغادر بفستان زفافي .. لكن كنت مضطرة لذلك .. حاولت مراراً وتكراراً أن أتدرب علي كلمة اقبل لكن لم أستطع بهذه الكلمة سأكون وقعت عقداً أبدياً بحبك .. وهو لم يكن موجود من الأساس .. لا أستطيع خداعك وخلق شئ من العدم إنه الحب يأتي دون ارداه ودون ترتيب .. الحب لا يستأذن القلب بل يقتحمه إقتحاماً .. ولم يحدث هذا معي تجاهك .. هذا العقد يجب على الالتزام ببنوده والتي تنص علي حبك وعلي أن أهبك أنفاسي لتبقي إن تطلب الأمر .. علي أن نبقي سوياً علي عهد حبنا .. وأنا لن أستطيع فعل أياً من هذا .. قلبي ليس تحت سطوتي .. بل هو من يسطو علي .. انا لم اجد حبي إلي الأن ولذلك أعطيتك الفرصة لعلي قلبي ينبض بإسمك في لحظة ما ويبدأ عهدنا .. لكن لم يحدث ولهذا رحلت .. رحلت لكي لا أوذي قلبي واجرح كبرياء قلبك .. اسفه يوسف .. ستكون غاضباً مني الأن لكن ستتفهم الأمر فيما بعد ..

إلي لقاء جديد نكون فيه خير صديقين .."

أغلق الخطاب وسقطت الدمعة الوحيدة المُتمردة التي لم يستطع منعها من السقوط .. وكيف يستطيع منع دموع عينيه من السقوط وقلبه ذاته ذُبح لتوه!! ..

                  

                       ***************
الرواية سبت وتلات إن شاء الله❤

قبرك بين صمام قلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن