الفصل الأول

27K 762 401
                                    

"يخرج ليلًا ولا يعود إلا الفجر... لا أعرف لمَ، ولكنه لا يريحني." قالت الفتاة بانفعال، صوتها حادٌ وملامحها مبهمةٌ في مخيلتي. تخيلتها شقراء، جسد صغير وملامحٌ طفولية.

"هل حاولتِ التحدث معه بشأن الأمر؟" قلت عيناي مركَّزتان على روني في غرفة الإذاعة التي أمامي مُباشرة. حتى روني وجد الأمر مُضحكًا، يداه على صدره وعيناه الصغيرتان مغمضتان وكرشه يهتز بقوة.

اعتدل في جلسته وتنحنح قبل أن يُشير بأصابعه أنه قد تبقى دقيقتان على البث.

"ليس حقًا..." أجابت بتردد، صوتها أهدأ من أول مرة.

"سيدتي العزيزة.." اعتدلت في جلستي وبدأت بترَّهاتي اليومية، كان روني قد قطع الاتصال بالفتاة وكنت أخاطب المستمعين الآن. "كما قلنا من قبل إن التواصل مفتاح لكنوزٍ كثيرة في العلاقات. فهم ما يدور في عقل شريكك يقبع على بُعد سؤالٍ واحد.... لذا كوني واثقةً في نفسك وبادري بالأمور ولا تنتظري حدوثها."

"وكما اعتدنا، في ختام حلقتنا، اخترنا لكم أغنيةً هادئة لأمسيةٍ مريحة. إلى اللقاء، كان معكم نيكول رايد على راديو عشرون عشرون."

خلعت سماعة رأسي ونظرت في الساعة التي عُلقت على الجدار مقابلي تمامًا.

كُنت متأخرةً جدًا.

ولقد كان عن سبق إصرارٍ وترصد.

قصدت العمل هذا اليوم في موعدٍ غير موعدي وساعةٍ غير ساعتي فقط لأتحجج عن التغيب عن هذا الحدث ولأتصرف لاحقًا كأنني أردت الحضور حقًا لكن عملي أجبرني.

لسوء حظي انتهى بثِّي مُبكرًا وفي أي لحظة سأتلقى اتصالًا حول إذا ما كنت أخطط الحضور أم لا.

كنت قد خرجت من المحطة الإذاعية، يداي ممسكةٌ بهاتفي بينما يطِن في أذني مُتوجهةً نحو سيَّارتي، أنتظر ردًا منه.

"تبًا لماذا لا يجيب!" تذمرت كعباي يصدعان الأرض من تحتي. أعدت الاتصال أكثر من مرة حتى أجاب.

"ما مشكلتك، لمَ لم تجب سريعًا؟!" صحت فيه وأنا أقود بأبطأ ما لدي حتى أنني كدت أسمع الشتائم التي رُميت بها بسبب قيادتي بعد دخولي للطريق السريع.

"هل هذا أول ما خطر ببالك؟" استنكر بغضب وشعرت بالاستفزاز فحسب. "لقد كدت أن أموت في حادثٍ منذ قليلٍ يا نيكول!"

"ماذا؟" كنت على وشك ضغط المكابح في منتصف الطريق السريع لكنني تمالكت ردة فعلي وأكملت قيادتي... لكن ببطء.

"ألن تحضر إذن؟!" صحت مجددًا. كان هذا أهم حدث هذا العام، الليلة الوحيدة التي أثبت فيها لأختي وأمي أنني لست وحيدةً وأنني لا أصتنع حبيبًا خياليًا.

حرير | Silkحيث تعيش القصص. اكتشف الآن