16 |الشاب المظلم|

7.2K 728 325
                                    

"أتينا إلى هذه المدينة على متن سفينةٍ لنقل البضائع، وُضِع بها بعض البشر على سبيل البضاعة أيضاً، مدينتنا كانت مدينةً هاجمتها الكثير من الممالك الأخرى، أهلها تميزوا ببشرتهم الداكنة وشعرهم الأسود، جميع من في المدينة تم أخذه واستعباده في مكانٍ ما، نحن لا نعرف حقيقةً من جعل مدينتنا مدمرةً ونحن في أول شبابنا وقد بدأنا نرى العالم جميلاً لأول مرة، ولا نعرف حق أرضنا ضاع في يد من، ولكن نعلم أن حق حريتنا سلبته ست ممالك، كل شخصٍ تم أخذه واستعباده فقد تم أخذ حق حريته عن طريق أحد هذه الممالك، تماماً مثلنا!!

أنا وديالا وماركوس جُلبنا إلى هنا مرغمين، مكبلين بالأصفاد، مرميين في حجرةٍ صغيرة مع الأغراض التي اشتراها الأغنياء مثلكِ من السوق دون أن يعرفوا من أين جاءت، وبعض الأطفال الصغار والكثير الكثير من القذارة.

كنتُ ومازلتُ مهووساً بالقتال، مازلتُ أذكر وجه كل جندي قيد يداي ورماني كما ترمى السلع في السفينة، مازلتُ أذكر وجه كل شخصٍ أهانني وذلني وداس على كرامتي قبل أن يدوس على وجهي، ومازلتُ أملك رغبةً عارمةً في قتلهم، وأسأل نفسي لم لم أفعل هذا في ذلك الوقت؟

كان بوسعي أن أفعل، كنتُ سأقتل منهم عشرةً ومئةً وألفاً وفي النهاية كانوا سيردوني قتيلاً، كنتُ سأموت حراً، ولكني فضلتُ أن أعيش ذليلاً لأجل ديالا وماركوس، إن كانت الحياة لأجل أصدقائكِ ذلاً، فأنتِ ستقبلين الذل على قدر ما يعينه لكِ هؤلاء الأصدقاء، ماركوس وديالا كانا يعنيان لي كل شيء، كل شيءٍ حتى أكثر من حياتي..

الذي كان مسؤولاً عن نقلنا كان قذراً، لو فقد شخصاً من بضاعته سينفجر غاضباً ويفرغ غضبه على أي أحد، وبما أن ماركوس أكثر عنداً مني، والبقية صبيةٌ صغار سيرهقوه بالبكاء، كان سيؤذي ديالا كثيراً.. ولم أكن سأستبعد أن يسرق براءتها على متن سفينةٍ قذرة لنقل البضائع، لم أردها أن تحمل هذه الذكرى بسبب رعونتي..

كان المطر يتساقط، والسفينة تترنح، الظلام كان مخيماً على المكان، أنا وماركوس كنا هادئين وصامتين، أما ديالا غنت تهويدةً للأطفال كي يناموا..

جمعتنا الغرفة الصغيرة، تحت العتمة، وسط البرد، محفوفين بالخوف، اقتربت ديالا لتجلس في الوسط مقابلاً لنا تماماً بعد أن نام الأطفال على عذب صوتها، نظرت لنا بأعينها اللامعة وسط الظلام وسألت سؤالاً واحداً لم يعرف أياً منا جوابه "ماذا سيحصل لنا؟!"
لم نجبها، ساد الصمت مجدداً، قبل أن تقترب وتحضننا وتبكي بصمت، سمعتُ صوت شهقاتها فقط ومررتُ يدي في شعرها لتشهق بألمٍ أكبر، بينما أمسك ماركوس بيدها ولم يكن قادراً على إخبارها أن كل شيء سيكون بخير، غطيتُها بالرداء الخفيف خاصتي، ونامت وهي تمسك بيدينا متشبثةً بها بقوةٍ شديدة، ديالا لم تكن تبكي لما آلت إليه الأمور، رجفة يديها التي مازلتُ أشعر بها في كفي أخبرتني كم كانت خائفة، مرتعبةٌ تماماً مما سيحصل في الأيام القادمة..

Phenomenal | استثنائيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن