12

483 64 16
                                    

لم أنسك يوما، هي ذي الحقيقة التي لا أستطيع إنكارها، لكن بعد سنتين من فقدانك، نبتت فوق جرح الفقد زهرة طرية وبطريقة ما انتقلتِ من ذاكرتي المؤلمة حد الموت إلى طيف زهري بارد يحط على نيراني فيطفئها.

اليوم ازددت نضجا عن ذي قبل وخمدت مشاعري الملتهبة ليطغى العقل على القلب، آمنت بأحقية النهايات بحكاياتنا وبضرورة الاستمرار رغم صعوبة السير، لم يعد الوجود متعبا وغدت الأحداث وإن جارت عادية جدا، هي مجرد حياة يا رينا، وكل ما أرجوه منها أن أمضيها في العمل النافع.

الربيع العربي يكبر ويصبح أكبر من أحلامك وأحلامي، يزهر داخل قلبي وروحك ويمتد زهره فوق الأرض ليسر العين، والحلم العربي يشتد في جوفي ووعودي لك لا تذبل. قلبي اشتد عوده وصار متينا والكآبة تناثرت واضمحلت حتى تلاشت، بات شرب كوب شاي صباحي عند مقهى بسيط بالشارع المقابل فعلا سعيدا ، قراءة كتاب خفيف ومقابلة صديق غير مقرب والتأمل في الفضاء، كل هذا بات يمنح قلبي بعضا من النشوة.

بفضلك أنت فقدت الحياة ثقلها، ولربما دخلت في دوامات العبث والعشوائية وصرت شبيهة بغريب ألبير كامو غير المبالي، ولكنني صرت قانعة بكل شيء حولي، ربما لأن أقسى ما كان ليصيبني في حياتي هو فقدانك أنت في أوج الحلم، ولأن التعافي من الفقد والاستمرار بقوة رغمه جعلاني أرى البعد المسالم من الحياة أخيرا لأدرك أن الأشياء لا تستحق كل هذا البذل والحزن والتفكير، وأن الدنيا لحظة عابرة. لحظة خفيفة جدا لا نعلم متى بدأت وأين تأخذنا ومتى تنتهي، ولأن العمر قصير جدا، يحبذ أن نعيشه ضحكة إثر ضحكة، فلا شيء يستحق التعب، كل شيء زائل وليس الدائم إلا أثرنا الطيب على سطح الوجود.

لطالما كنت أنت أثرا طيبا، رحلت وتلاشيت وتلاشت أفراحك وأحزانك من هذه الأرض، لكن أثرك الجميل دام شفافا في كل قلب، ولعل جل ما صرت أطمح له بعدك، أن أبقى مثلك، طيفا شفافا دافئا يسكن بعض القلوب برفق حين لا يبقى مني شيء.

ريناWhere stories live. Discover now