٩ | الفصل التاسع

Začít od začátku
                                    

وفي خِضمِ قراءة برام للكتابِ لاحظتْ آيّا بأن هناك شيئًا يتدَلى من جيبِ مِعطفهِ، لذا سحبتهُ لترى بأنها قلادَة صغيرة لتُريها للآخر بينما قالتْ: "أنظر هذا كان يتدلى من جيبكَ!"

"هذه كانت في الكوخِ لكنني أحضرتها!" أردفَ برام حتى إكتشفتْ آيّا أنهُ بإمكانها فتحها لترى بداخلها رسمة صغيرة لشخصين لتتسائَل بينما أمالتْ برأسِها:

"من هؤلاء؟ هل لديكَ عائلة؟!"

"هؤلاء هم .. كانوا فقط عائلتيّ، الرّسمة بداخلها والدتيّ وانا!" أجابها الآخر بصوتٍ هادئ بينما حاولتْ آيّا أن تتمعنَّ في الصّورة أكثر لترى برام وهو لا يزال يُشبه ذاتهُ القديمة ولم يتغير كثيرًا على مرّ السّنين

"ماذا عن والدكَ؟!" سألتْ بنبرةٍ هادئة عندما شعرتْ بأنها كانت تتحدث عن أمورٌ خاصة وآخرى حساسة بالنّسبة لبرام وربما لا يَرغب الحديث بها

"لقد ذهَب، تركنا منذُ زمنٍ بعيد!" رغم أن برام يعلم بأن كُل ما يقولهُ الآن مجرد كذبٌ لا أكثر، لكن لم يَود من آيّا أن تكتشف هويتهُ بعدَ..

"أتريدين الإحتفاظ بها؟!" سألها برام عندما قطع حَبل أفكارهِ محادِثًا آيّا الّتي كانت تتأملها بإعجابٍ تام

"كلا، مؤكد بأنها شيءٌ ثمينّ لكَ من الأفضل أن تُبقيها معكَ!" رفضتْ آيّا ذلك حتى هزتْ برأسها عندما سمعتْ إقتراح الآخر، هي صحيح بأنها قد أعجبتها لكنها لم تُرد أن تأخذ شيئًا بدى ذو قيمة عالية للآخر

"في الواقع، بدأتْ أشعر بضعفِ إرتباطيّ بها، لم أعد أرى بأنني بحاجةٍ لها!" أردفَ برام كونهُ لم يَعد يَمتلك أيّ نوعٍ من المشاعِر إتجاهَها، لا يعلم لماذا بقيتْ رفقتهُ طوال تلك السّنين المديدة

"لكن عليكَ الإحتفاظُ بها، ربما تجدُ عائلتكَ وقد تُساعِدكَ في تذكُرهم أيضًا!" آيّا الّتي وضعتها في كفة يدهِ بينما أشارتْ إلى صورة والدتهِ بداخلها

كيف يستطيعُ برام أن يشرحَ لها بأنهُ قد مرّ أكثر من ألفيّ عامٍ على هذا؟ عائلتهُ قد غادرتْ الحياة منذُ زمنٍ بعيد، بسبب الحرب الّتي قامت بين مملكة البَشر ومصاصي الدّماء، لكن بدلاً من ذلك إكتَفى برام فقط بقولِ: "ربما معكِ حق!"

"أعتقدُ بأنهُ وقتُ العودة للنومِ آيّا!" أكمل برام كلامهُ عندما وضع ذلك الكتاب وعليهِ تلك القلادة بينما إستدارَ نحوها

"هل تستطيعُ البقاء هكذا قليلاً؟ إن السّرير صلبٌ جدًا لا أعتقد أنهُ بإمكاني النّوم عليهِ مجددًا!" علّقت هيَ بينما وضعتْ رأسها على كتفهِ لتُغلق عيناها حتى شعرتْ بذراعٍ قامتْ بالإلتِفافِ حول جسدِها ويُربتْ عليها

في الواقع فهِم برام سبب قول آيّا شيئًا كهذا، السّرير كان صلبًا جدًا على جسدها كما لو أنها تنامُ على الأرضِ..

ولأول مرةٍ كان برام يسمعَ آيّا وهي تُشخِر بصوتٍ خافت من شدة تعبِ جسمها، حتى أن وجهها كان مائلاً للأصفرِ، ربما هيَ قد مرضتْ قليلاً جراء الطّقسِ المُتجمد، لذا أمسك برام بطرف الأغطية حتى تجعلها تلتفُ حول جسدها!

لا يعلم برام كيفَ سوف تنتهيّ هذهِ الليلة بهما، لكنهُ كان يسمع صوتَ الشّمعدان وهو يضحكُ ويُضيئُ الغرفة، وقبل أن يتحدث نحوهُ، شعر بيدٍ تعصُر جسدهُ الضّئيل كاملاً حتى أوقفهُ هذا عن الضّحك بسبب إنزعاجهِ منهِ..

..

كان ذلك في الصّباحِ رفقة شروقِ الشّمس وإرسال أشعتها إلى كُل جزءٍ من الكُرة الأرضية.

خرجَ كِلاهُما لتنزهِ قليلاً مع توقف الثّلج عن الهطولِ بينما أخذا يجمعا بعض الأغصان من أجل وضعها في المدفئة، كونهُ لم تتواجد كمية كافيّة لهما في المنزل الجديد

آيّا كانت تحتضنُ رزمةً من الأغصانِ بينما ترى ذلك الأفق البعيد الّذي يَطلُ على الحقلِ الواسع والمنازل الصّغيرة المَجهورة أيضًا، حتى إصطدمَ بوجهها نسيمُ هواءٍ بارِد

"سيد برام؟!"

"ما الخطَب؟!" همهَم برام ليسألها هو أيضًا

"هل والديّ حقًا قادمٌ إلى هنا؟ أيضًا لأننا إنتقَلنا إلى مكانٍ جديد وقد لا يعلم أننا هنا" تحدثتْ آيّا بصوتٍ خافِت وقلق لكن برام كان يستطيعِ سماعها، ما زالتْ تُفكر آيّا بأن والدها قادمٌ إلى هنا وسوف يأتي لأخذها، لكن وبسبب إنتقالِهن لمنزل جديد تذكرتْ آيّا ذلك مما أشعرها بالقلقِ

هذا لم يكن في الحُسبان! أيّ كذبةٍ آخرى سوف يقوم برام بإخبارها بها؟ لا يوجد، وأيضًا ربما آيّا قد سئمتْ من إخبارها تلك الكذبة ذاتها، صحيحٌ بأنها لا تُجيد القراءة والكتابة لكن ذلك لم يستدعيّ أن تكون غبيةً وحمقاء لتصديقِ كل ما يقولهُ لها!

"آيّا، هل نستطيعُ تأجيل هذا لوقتٍ آخر؟!" التّجاهل؟ ربما هذا الحلُ الوحيد الّذي جاء في ذهنِ الآخر، لأنهُ لم يعد يستطَيعُ أن يخَتَلق كذبة آخرى عليها، هي سوف تملُ من ذلك عاجِلاً أم آجِلاً

"هل حدث شيءٌ ما؟!" رأتْ آيّا بأن الآخر قد إستدارَ وأعطاها ظهرهُ متجاهِلًا سؤالها بينما كان يسيرُ نحو المنزلِ حتى أكملتْ كلامها بمُناداتها لهُ: "سيد برام؟!"

"سيد برام، ما الخطب؟ هل كُل شيءٍ على ما يُرام؟!" سألتهُ مجددًا بشكلٍ مُنفعل عندما إقتربتْ منهُ وعلامات القلق والإضطرابِ واضِحة على وجهها

"كُل شيءٍ بخير، لا تقلقيّ!"

إجابة برام لم تكن راضيّةً تمامًا بالنّسبة لآيّا، فهذهِ المرة الأولى الّتي يتجاهلها بتلك الطّريقة ويجيبُ بشكلٍ جاف وبارد لذا شعرتْ بأن هناك شيءٌ سيء قد حدَث، ذلك ما جعلها تبدو قلقة

"وماذا عن والديّ؟ لماذا لا تُريدُ إخباريّ عنهُ أيّ شيء؟!" سألتْهُ آيّا مرة آخرى لكن بصوتٍ أقل إنفعالاً بينما أخذتْ تَحتضن تلك رزمة الأغصان الّتي بين ذراعِيها

"آيّا .. والدكِ لن يأتيّ البّتة!"

..

هِيغان-بَانا.Kde žijí příběhy. Začni objevovat