ثريد | " شمس المعارف الكبرى.📖🕯"

961 73 17
                                    



.

هل يمكن أن يكون عالماً آخر مصدر كتاب قرأه ويقرأه الكثيرون في كلّ مكان منذ عقود؟!

كتاب ينتشر بلغات عدّة وبطبعات مختلفة وترافقه شروحات كثيرة لشخصيّات حقيقيّة عاشت بيننا، هل يمكن أن يكون قد انتقل إلى كوننا بطريقة ما؟!

كتاب نعرفه جميعاً باسم "شمس المعارف الكبرى" والحقيقة أنّ اسم الكتاب حينما كان مخطوطاً هو "شمس المعارف ولطائف العوارف" وهو كتاب في السّحر، ويعدّ من أهمّ ما كتب في هذا المجال عبر التّاريخ، فهو يبدأ من قيم الحروف إلى قيم الأعداد تتخلّل فصوله وصفات سحريّة لم يسبق لأحد الاطّلاع عليها وصولاً إلى البروج وغيرها.

شمس المعارف الكبرى" منسوب إلى صوفي جزائري اسمه شرف الدّين أو شهاب الدّين أحمد بن علي بن يوسف البوني المالكي من مدينة بونة والّتي أصبح اسمها اليوم عنّابة، عاش في القرون الوسطى وتحديداً في زمن الحروب الصّليبيّة، بحسب الرّوايات التّاريخيّة القليلة جدّاً عنه رغم أنّها تتحدّث عنه بوصفه عالم مهمّ في زمنه

يفترض أنّه عاش (102) عام وهو أمر ممكن وإن كان نادراً في كلّ الأزمان، ورغم أنّ هذا الصّوفي الّذي يمتلك خبرات سحريّة غريبة على عصره ووسطه الدّيني، عاش عمراً طويلاً وتجوّل في غالبيّة البلدان المسلمة (الأندلس، مصر، القدس مرّتين، الحجاز مرّتين، العراق) إلّا أنّ المصادر عنه شحيحة جدّاً، وصف معاصرو الرّجل شخصيّته بالانعزالية والتّقشّف الشّديد، وعرف عنه عدم الزّواج وعدم الرّغبة في استقبال تلاميذ أو مريدين وهذا ما يزيد شخصيّته غرابة.

البوني شخصيّة يملؤها الغموض...
سحرة هذا الزّمن ينظرون إلى البوني وكتابه بوصفهما رائدان في السّحر والتّنجيم، لكن السّؤال الّذي يحيّر الكثيرين يتعلّق بمضمون الكتاب، من أين جاء البوني بهذه الوصفات السّحريّة الّتي لم تذكر قبله في أيّ كتاب؟! فهي لم تكن متفرّقة ليجمعها ولم تكن سرّيّة ليعلنها بشهادة أهل السّحر، فقد جاء البوني في كتابه "شمس المعارف الكبرى" بأنماط سحريّة لم يألفها عصره ولا العصور الّتي تلته، وافتراض أن يكون الكتاب قد تمّ إملاؤه على البوني من قبل كائنات ماورائيّة أمر لا غرابة فيه، بل ربما كان الأكثر منطقيّة، يكفي أن نقول أنّ الرّواة ذكروا عنه التّالي: قيل عن البوني أنّ الحروف تخاطبه فيعلم منها منافعها ومضارّها.

ورغم أنّ البوني يذكر أسانيد متّصلة لوصفاته إلّا أنّ نظرة بسيطة عليها تجعلك تثق بأنّها مختلفة، لأنّها ببساطة تجمّع بين أناس مختلفين في الأزمان وفي الموضع الجغرافي وحتّى في الاعتقاد أحياناً، ممّا يدلّ على أنّه وضعها للتّمويه.

تم طبع الكتاب للمرة الأولى بواقع (577) صفحة في المكتبة الشّعبيّة ببيروت عام (1895)، وكان المخطوط بتحقيق صوفي لبناني اسمه عبدالقادر بن عبدالقادر الحسيني الأدهمي الطّرابلسي، وقد أرفق فصولاً أربع في نهاية الكتاب بقلمه هي أقرب للتّعليق على كتاب شمس المعارف للبوني، لكن الكتاب تمّ منعه لاحقاً ولم يتمّ ترويجه علنيّاً على مدى عقود حتّى ظهرت نسخ قيل أنْها خضعت لتعديلات ولحذف وتحريف لكي تصبح ملائمة للقوانين، ويشار دائماً من قبل السّحرة أنّ النّسخ التّجاريّة من "شمس المعارف الكبرى" طالها مقص الرقيب وليست كالكتاب الأصلي.

الكتاب موجود ومتوفّر، لكن يقال أنّ عليك ألّا تقرأه بلسانك، أي لا تتلفّظ الكلمات بفمك ولكن اقرأه في قلبك ولن يمسّك مكروه.

ينصح المختصّون دائماً بأن لا يقرأ الكتاب مع التّلفّظ ويعتقدون بأنّ مجرّد لفظ الصّيغ المذكورة في الكتاب من الممكن أن تؤدّي إلى استحضار كائنات ماورائيّة ربّما تكون خطراً على الإنسان، ورغم أنّ الكتاب يضع نوايا إيجابيّة للأعمال السّحريّة إلّا أنّ الأساليب المستخدمة لا تخلو من هرطقة وتجديف ديني، فهناك نسخ يعتقد أنّها تطابق أصل المخطوطة تتضمّن أعمالاً سحريّة تنال من مقدّسات لدى المسلمين لأجل إرضاء كائنات أخرى.

جاب البوني العالم الإسلامي، ربّما بحثاً عن الأسرار والوصفات السّحريّة القديمة.

قبل تسعة أعوام أقام جزائريّون ملتقى دوليّاً ناقشوا في أحد أيّامه شخصيّة البوني الغربيّة ومقطوعة الصّلة، تحدّث الباحث في التّصوّف سعيد جاب الخير عن البوني قائلاً أنّه ذكر في مؤلّفات لم تحقّق له أفلاطون وأرسطو وفيثاغورس وأبوقراط وهرمس مثلّث العظمة بالإضافة إلى المنجّمين الكلدانيّين والصّابئة والبابليّين، ويقول أيضاً أنّ البوني ذكر في كتاباته حكاية عثوره على مخبأ تحت الأهرامات المعروفة بأهرامات أخميم مليء بالبرديّات القديمة والمتعلّقة بالسّحر إذ أنّ اللّغة الّتي كتبت بها البرديّات إمّا هيروغليفيّة أو قبطيّة.



.

_____________



ثريد'ز || Threads ⭐حيث تعيش القصص. اكتشف الآن