20_وداعاً نوار

6.3K 173 64
                                    

استقلت ياسمين سيارة تكسي مباشرتا بعد مغادرتها الحي الذي تلبث به فوزية ، ومعها الطيور التي اشتاق لها نوار والتي مثلت له الصداقة والتسلية والاستئناس ، كانت تمني النفس بمساحمة نوار لها ، وخصوصا أنها تكلمت معه كثيرا بعد أن استفاق واوصلت له رسالتها وندمها على كل ما فات بينهما ، كانت تبتسم وهي تنظر من نافذة سيارة الاجرة المفتوحة نصف فتحة ، وهي تراقب شوارع واسواق المدينة لكن شرودها لم يكن لتلك المناظر بل كان تفكيرا بلحظة لقاء نوار بعد قليل، كانت تفكر بأن تحضر له لباس جديد كهدية أو أن تحضر له طعامه المفضل ، ولكن سرعان ما تنهي تلك الافكار بابتسامة بسيطة وهزة رأس تعني ان كل هذا لا ينفع من مريض سرطان يحتضر واستفاق من غيبوبته للتو . وقبل ان تصل ياسمين للمشفى ولانهم لم يسمحوا لها بإدخال الطيور بتلك الاقفاص الكبيرة ، اوقفت سيارة الاجرى أمام احد المحال وابتاعت قفص صغيرة بحجم حقيبة صغيرة وضعت بداخلة كل طيور نوار وتخلت عن تلك الاقفاص الكبيرة والبالية ، وتوجهت الى المشفى الذي بات قريباً .
بعد أن وصلت ياسمين للمشفى خبأت القفص الصغير بقطعة قماش كي لا ينتبه له أحد ، ودخلت الى المشفى وامتطت المصعد الكهربائي للوصول الى الطابق الذي يرقد به نوار ، واقتربت من غرفته ، نضرت من نافذة العناية قبل ان تدلف داخلها لكنها لم تجد نوار ، ثم اسرعت داخلها ، تنضر يمينا ويسارا ولكنها لم تجده ، بدأ قلبها يخفق بعنف وشعور مخيف ينساب اليها مصحوب بقشعرية تهز الجسد وكأنها لفحة برد ، خرجت للبحث عن الممرضة المسؤولة عن غرفة العناية ، وجدت تلك الممرضة السمينة واسرعت إليها سألتها وهي تبتلع ريقها

_ أين نوار !!!

اطرقت الممرضة ، راسها وهي تعلم مدى وقع الخبر الذي ستنقله لها وقالت

_ المريض الذي تبحثين عنه ، قد توفي قبل ساعة ، اصيب بنوبة شديدة واختلاج انتهى بتوقف قلبه عن الخفقان ، فليكن الله معك ايتها الطبيبة .

تسمرت عيون ياسمين وهي تنظر للمرضة ، وقع منها ذلك القفص الصغير ، ثم صرخت بكل قوة صرخة مدوية ملئت ارجاء المشفى واغمي عليها

اسرعت الممرضة بنجدتها ووضعها على سرير ، واحضرت الطبيب الذي اعطاها ابرة مهدء لتنام قليلا .

بعد عدة ساعات استفاقت ، ياسمين وهي تتمنى ان يكون ما حصل حلم ، تلفتت فوجدت نفسها على سرير في ذات المشفى اللعين لتتأكد ان كل شيء انتهى وأن نوار قد مات ، وبات من الماضي ، قد فارق الحياة دون أن يقول لها انه سامحها .
استجمعت بعض شتاتها واتكئت على يديها ووقفت ، سإلت الممرضة التي حاولت اقناعها بالعودة .

_ أين هو !!!

ردت _ هو في ثلاجة المشفى

قالت لها _ خذيني إليها

اومئت بالموافقة واخذتها الى نوار لتلقي عليه نظرة الوداع

وصلت ياسمين للثلاجة واخرج لها الموضفين هناك بعض من جسد نوار ، انهمرت دموعها وهي تبتلع ريقها بحزن ، لمست وجه نوار كان شديد البرودة ، ضمته بحرقة وآلم وصرخت

_ ااااااااااه يا وجعي

يا اجمل حروف نثري ، واعذب الحان شعري ،يا اروع اقداري ..سأشتاقك وسأحن اليك اينما كنت ، فانت الاول والاخر واجمل اختياراتي ،واقسى تعاساتي واخر إخفاقاتي ،  ستبقى تسري في شرايني مع دمي و ستبقى تتدفق الى قلبي مع شهيقي ، لن أنساك يا نوار انت ابي واخي وحبيبي وزوجي .
انا أعلم انك سامحتني لانك لا يمكن ان تحزن طفلتك المدللة ياسمين ، أعلم انك تغفر لي يا حبيبي وأعلم اننا سنلتقى في الجنة ، وسنحقق ما لم نحققه في الحياة ، لا ادري كيف هي قصتنا يا حبيبي ، لم أختر قدري ..
ولم أرسم طريقاً لي
فكنت أنت قــدري ملكتني كلي ولم تملكني بذات الوقت
أحببت جنوني .. مشاعري .. غموضي .. حنانك
يشـاركني في كُل لحظـة فرح تحتـوينـي
كنت أراك باشـراقة كل شمس .. بضـوء كل قمــر
بكل قطــرة مطــر .. بلــون كل زهــرة
بنغمـة كل وتـر .. بقصيـدة كل شاعـر
صدفه جمعنا القدر وصدفة فرقنا  يا أعذب قدر.
كيف بدأت تلك العلاقة  وكيف انتهت ، يحترق قلبي يا نوار وانا امسك وجهك البارد ، وكأن برود وجهك شمس تحرق كل شيء امامها ، اعدك يا حبيبي انك ستبقى تشاطرني يومي وتفكيري ....
أعدك أن تبقى تشاطرني نومي واحلامي ...حتى انك  ستشاطرني نبض قلبي وانفاسي وستأتي كل صباح لتشاطرني قهوتي ايضا ....ايكفي ام لا ......؟

هيا يا نوار اجبني هل يكفي هذا لتسامحني ، لقد احضرت لك طيورك الجميلة ألا تريد ان تراها ارجوك قم وشاهدها لن تموت وتبقى غصتها في قلبك ، هيا يا نوار ارجوك قم افتح عينييك هيا.

وانكبت تبكي بحرقة فوق الجثة ، الى أن سحبتها تلك الممرضة الممتلئة وهي تضمها وتمسح شعرها ، وتقول

_ هيا يا ابنتي لله ما اعطى ولله ما أخذ ، اقسم اني لم اتأثر يوما بقصة كما تأثرت بقصتكما ، كل يوم يموت شخص او اثنين في هذا المشفى ، ولكني لا أتاثر ولكن قلبي احترق حزنا عليكما،  انت وزوجك  هدئي من روعك فأنتِ طبيبة ، لا ادري على ماذا تطلبين منه السماح ولكن مادام يحبك فهو قد سامحك بكل تأكيد فالمحبين  لا يمكن ان يكونو قساة على من يحبون ، هيا يا ابنتي استخرجي اوراق الإخراج وسارعي بدفن ميتك   فإكرام الميت دفنه .

اكملت ياسمين إجراءات خروج جثمان نوار من المشفى ، ودفنته في اليوم التالي ، لم تكن تعرف احد دفنته مع شيخ وعدة رجال كانو يصلون في المسجد الذي صلي على جثمانه به ، مات غريبا دون ولد او اخ او زوجة ، بضعة رجال فقط قاموا بحضور جنازة رجل عظيم ك نوار فقط بدافع الواجب دون أن يعرفو عنه شيء ، وهذا ما حز في قلب ياسمين التي حرمته الاسرى و الاطغال والكينونة  التي لطالما تمناها ، بكت وبكت وبكت كثيرا حتى جف دمعها بقيت لأيام فوق القبر تقرأ القران على روح نوار وتبكي وتطلب السماح وليس من مجيب .....

تابعوا الجزء الاخير من هذه الملحمة الرومنسية

ترى كيف سيكون حال ياسمين بعد نوار

اين ستذهب وكيف ستعيش

ما مصيرها وما مصير طفلها وما مصير طيور نوار كله ستكشفه الاحداث في الجزء الاخير

....

الكاتب ضياء عسود

الجاحدة .....Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang