زيارةُ طيف..

67 5 12
                                    

29320
(ملاحظة: تخيلتُ الرّاوي كذَكر خلال كتابتي لكن لكم حرية القراءة كما تشاءون لأن اللّغة العربيّة شاملة اجمالًا😂)
------------------------

يومٌ جديد آخر..
تسلّلت بضع خصلات نورٍ من شبّاك الغرفة، انزعجت قليلاً بعد مقاطعة حلمي، ظننته مريحاً، ربما كان عن لقاء شخصٍ ما..

عجيب كيف تُنسى الأحلام بسرعة، كتفصيل مُهمل أو مُبهم.. قاطع تفكيري الصباحيّ صوت أميّ، تتأكّد من استيقاظي:

"عزيزي، هل استيقظت؟ انهض هيّا أنا احضّر الفطور."

اعتلى صوتها الدّافئ المكان.. عمّت رائحة الفطور الشهيّ ارجاء الغرفة، آه كم أحبّ طبخ أمّي!

  أمّي..

شعرت فجأةً بالغرابة.. تركتُ فراشي المريح وتوجّهت إلى المطبخ. كانت تقف خلف المنضدة، بابتسامتها المشرقة المعتادة، تُقطّع بعض الخضار. كنت أراقبها بصمت، لم تنتبه بعد لوجودي.. حسناً لا بأس فهذا يمنحني بضع دقائق إضافيّة لمراقبتها.. دائماً ما كنت أحبّ مراقبتها في أعمالها، تَتبّعت عيناي دقتّها في إنجاز مختلف الأمور.. لم أجد بعد شخصاً كأمّي، فريدة في تعاملها ومميّزة في تناسقها الغريب..

أوه، كم أعشق هذه اللّحظات الهادئة! كيف لا نقدّر لحظات كهذه؟ كيف لا نعطيها حقّها من الأولويّة؟ استغرب بعض الناس الّذين يمرّون عليها مرور الكرام، كعابري سبيل..

على أي حال، هم لن يدركوا أهميّة لحظات كتلك إلّا بعد فقدانها وخسارة مُسبِّبَتها!

..
  فقدانها..؟

تقدّمتُ ببطئ من موقع أمّي.. بخطوات بطيئةٍ هادئة، ولكن.. لماذا أظنّها خطوات حذرة مُترّقبة أيضاً..؟

صمتٌ شامل يلّف المكان إلّا من صوت تقطيع الخُضر المُنتظم، ودندنة أمّي للحنٍ ما..

عندما تمرْكَزتُ خلفها تماماً، عانقتها فجأة! تعلّقت بها بشدّة.

لاحظت جفلَتها في البداية، ثم استرجاعها هدوئها، استطعت تخيّل ابتسامتها الهادئة وهي تبادلني العناق ببطئ، ونغمة صوتها وهي تسألني إن كنتُ بخير، وحتى لمستها الرقيقة، إلى أن لاحظت..

رقّة مختلفة عن العادة..
رقة شـديـدة أنا لم اعهدها يومًا..
خفيفة جـدًّا.. كأنّها في الهواء-!

لم ألحظ انهمار دموعي إلّا بعد أن ابتلّ قميصي، ارتفع صوت شهقاتي المكتومة.. أحرقني حلقي بشدّة عند خروج نَحيبي الصامت، غصّة الخيبة ربما.. شهقتُ بصعوبة بعد شعوري بانحباس انفاسي في صدري وخذلان رئتيّ وقلبي.. ورجفة اصابعي المُمسكة بقميصي في محاولةٍ يائسة لالتقاط الهواء.

حكايا قصيرة~Where stories live. Discover now