اهلا بالغريب

124 10 3
                                    


أحياناً نتخذ بعض القرارات التي لا نعرف نتيجتها  و لا عواقبها، قد تكون القرارات الصحيحة
بينما قد تكون القرارات التي نحتاجها في هذا الوقت، وقد تكون مجرد قرارات اجبارية اتخذناها في وضع معين ، وأحياناً تكون قرارت غبية قمنا بها،  و بالطبع هذه القرارات  تنجح في البداية لكنها قد  تفشل بعد فترة والعكس ، بعض القرارات والاختيارات قد تغير مجري حياتنا بالكامل و تجعلنا نعيش حياة أخري و أوقات و ذكريات جميلة

تماماُ كالقرار و الاختيار الذي اتخذته قبل سنوات من الأن، ذلك القرار الذي غير حياتي و
جعلني أبادر في اتخاد  العديد من القرارات المهمة في كل حياتي ، و ها أنا اليوم نتيجة لذلك القرار
أحاول أن أقرر و أختار أمر أخر قد يجعل حياتي تتخذ منحى أخر، فماذا سيكون قراري؟
و ما هو خياري؟ بل  الأهم من ذلك ما هو القرار التي اتخذته في الماضي و جعل ثقتي في
نفسي كبيرة لهذه الدرجة؟!..
دعوني أخبركم بقصتي التي كلما تذكرتها أشعر أنني قد وقعت من أحد الكتب الخيالية،
تلك الكتب المليئة بالألوان والأشياء  الجميلة، تلك الكتب التي ترسم البسمة في وجوه كل الناس و كل شيء فيها قد يحدث بكل سهولة ، و أيضا ينتهي بسرعة كما لو أنه مجرد حلم روادنا لليلة واحدة و اختفي بعد أن ترك في قلوبنا و عقولنا ذكري لا تنسي..
اسمي هو كيم يو جين، أبلغ من العمر اثنان وعشرون   أدرس في مجال لا أفهمه و لا أعرف حتي لماذا اخترته، لقد أردت دائماً أن أدرس الفن و لكن بسبب كره أمي لهذا الأمر جعلتني أتخصص في الاقتصاد ، لقد أرادتني أن أحقق حلمها و أعمل محاسبة في أحد البنوك الفخمة.

وما أعرفه بكل تأكيد عن حياتي هو  أنني بعيدة كل البعد عن بلدي ، فقد انتقلت إلي أمريكا
عندما كنت في الخامسة عشر،  بعد أن انفصلت أمي عن أبي و تزوجت برجل يعمل في
أمريكا،  كما أخبرتكم من قبل أن أمي تكره الفن و كل ما يتصل به و ذلك بسبب بسيط و هو أن والدي كان فنان، لقد كان يلحن الأغاني أتذكر طفولتي معه كنت دائماَ أجلس تحت نافذة الأستوديو الخاص به في المنزل، و أغني معه ، و هذا السبب الذي دفع أمي لترك والدي لقد كانت تظن أن الموسيقي لا تصنع المال أرادت أمي أن أحصل علي التعليم و الحياة الجيدة
لهذا طالبت أمي بأخذي معها  بعد الطلاق، كان طلاقهما أمراً مريراً علي و لكنني تحملت
الأمر في النهاية..
عندما وصلت إلي أمريكا  لم يكن الأمر ممتع كثيراً، قضيت معظم الوقت في غرفتي لا أملك أصدقاء و لا أقابل زوج و الدتي كثيراً،  فور دخولي الجامعة أخترت جامعة بعيدة جداً عن
المدينة التي نعيش فيها لأنني لم أكن ارغب في العيش مع زوج أمي أكثر من هذا ، في سنتي الثالثة من الجامعة طلب منا أحد الأساتذة بحثاً مفصل عن أي بلد نحبها، لهذا قررت أن أتحدث عن بلدي كوريا، و هذا بسبب شوقي لها و رغبتي في العودة إلي هناك...
نال البحث الخاص بي  الدرجة المثالية لهذا طلب مني الأستاذ  أن أقوم بتوسيع البحث و ارفاق بعض الصور من الانترنت ، لهذا توجهت إلي أقرب مكتبة و جلست هناك  و أنا فخورة  لأقوم
بذلك البحث المدرسي، كنت أبتسم طوال الوقت و قد  وقعت في حب تلك المناظر الجميلة لبلدي،  و ذلك الطعام الذي أشتهيه أكثر من كل شيء، أردت أن أجرب كل شيء،  أردت و بشدة أن أكون هناك، لقد أيقنت أنني مشتاقة لبلدي كثيراً..
بينما كنت أبحث و جدت إعلان شد انتباهي كثيراً، كان يتحدث عن أحد التجارب التي تقوم بها بعض العائلات في كوريا و تنص علي  استضافة تقليدية في منزل تقليدي و تعيش معهم لمدة شهر لتجربة الثقافة الكورية كاملة..
أعجبني الأمر كثيراً و أرددت أن أحظي بمثل هذه الفرصة  لكنني لم  أستطع حتى التفكير فيها لأن أمي لن تسمح لي بذلك خصوصا  أنني قد  أقابل والدي هناك..
أغلقت الموقع و عدت لأنتهي من البحث و لكن الأمر ظل في ذهني و لم أستطع نسيان الأمر
نظرت لجهاز الحاسوب و أعدت فتح الموقع من جديد،  كانوا سيختارون فقط ثلاثة فائزين،
نعم ثلاثة أشخاص محظوظين لتجربة كل هذه الأمور الرائعة، فكرت قليلا و في نهاية الأمر قررت أن أشارك ،  إنهم فقط ثلاثة فائزين من المستحيل أن أكون أنا واحدة منهم و النسبة
ضعيفة فهناك الكثير من الناس من حول العالم قد شاركوا في هذا  الاختيار ، شاركت  حتى لا أشعر بالندم و أتوقف عن التفكير في الأمر، بعد أن شاركت تابعت بحثي و عدت للمنزل.
و انا أفكر في تلك التجربة الفريدة التي لن أحصل عليها أبداً..



في صباح اليوم التالي كنت على وشك الذهاب إلي الجامعة عندما وصلتني رسالة فى ايميلي الشخصي، لم افكر في الأمر كثيراً  و خرجت مسرعة من المنزل حتى لا أفوت محاضراتي،
و مر اليوم مثل العادة بين دروسي و الاختبارات ، لينتهي مثل أي يوم سرت  في طريقي للعودة لغرفتي الصغيرة فى الحرم الجامعي، حملت هاتفي و نظرت له ، أردت أن أتصل بأمي و أخبرها أنني بخير ، لكنني كنت متأكدة من أنها ستطلب مني زيارتها قريباً لهذا قررت أن أرسل  لها فقط رسالة لأخبرها أنني بخير و أنني مشغولة في الدراسة، قمت بالدخول علي ايميلي شخصي و شد انتباهي ذلك البريد الذي و صلني في الصباح،  لهذا قررت أن أري محتواه قبل أن أرسل رسالة لأمي، و بينما أنا أقرأها صرخت
بصوت عال، لقد ثم اختياري و فزت بتلك التجربة، لم أصدق الأمر في البداية و لم أعرف ما العمل عدت لغرفتي و أسرعت إلي جهاز الحاسوب و فتحته لأتحقق من الموقع و هناك رأيت أسمي و تفاصيل الرحلة، لم أصدق فقط اسبوعان فقط  علي أن أذهب هناك بعد أسبوعان، هل من الممكن حدوث هذا لماذا أنا من بين كل الأشخاص الذين شاركوا، و أيضا تساءلت كثيراً كيف سأذهب  إلي هناك الأن، علي أن أشتري تذكرتي و لكنني لا أملك المال الكافي، بدون أن أعلم وجدت نفسي أتصفح الموقع الخاص بشركة الطيران، تأكدت من سعر التذكرة و أيقنت
أنه ينقصني الكثير، لم أعرف ماذا أفعل حاولت أن ألغي طلب اشتراكي في اليوم التالي لكن الموقع قد أغلق لهذا أرسلت لهم بريد الكتروني لكنهم أجابوني أن الغاء الأمر صعب الأن و أنهم أغلقوا الموقع لفترة أسبوعان و سيعاد فتح الموقع عندما نكون هناك ليقوموا بتغطية كافة رحلتنا و نشاطاتنا هناك ..
جلست تحت تلك الشجرة التي أحبها في الجامعة و أنا أفكر بعمق ربما سفري إلي هناك أمر محتم علي، ربما اختياري كان بسبب، أعتقد أنه علي أن  لا أفوت هذه الفرصة، اتصلت بأمي و طلبت منها بعض المال حتي أشتري التذكرة لكنني لم اخبرها بذلك أخبرتها أنني أحتاج المال لشراء بعض الأغراض الضرورية لدراسة لهذا وافقت علي ارسال المال علي حسابي، توجهت لمكتب الجامعة و طلبت إيقاف دراستي لفترة من الوقت و بحث عن عمل بدوام جزئي حتي أحصل على بعض المال قبل سفري، و بالفعل حصلت على عمل في مقهي بدوام كامل و بدأت أعمل فيه بكل قوتي و في كل يوم أتقاضي مرتبي اليومي أضع ذلك المال في حقيبتي الصغيرة و أنام و أنا في قمة السعادة..
حل يوم رحلتي جلست في المطار و أنا سعيدة جداً، اتصلت بوالدتي و أخبرتها بأنني قد لا أتواصل معها لبعض الوقت بسبب انشغالي  في الدراسة و أنني سأقوم بزيارتها بعد أن أنتهي من امتحاناتي لهذا وافقت علي الفور ، حل موعد رحلتي توجهت إلي الطائرة و أنا لا أعرف ما الذي ينتظرني هناك.

فور وصولي للمطار و  لأنني أجيد اللغة الكورية بالطبع  لم يكن هناك أحد لينتظرني لهذا خرجت من المطار  توجهت إلي أقرب هاتف عمومي و اتصلت بالمنزل الذي علي أن أتوجه إليه و حصلت على العنوان بالكامل، أوقفت سيارة أجرة و طلبت منه أن يوصلني إلي وجهة معينة .
جلست فى السيارة احدق عبر النافذة وأنا في قمة سعادتي، فرح كبير كان يغمرني وسعادة لا مثيل لها، فتحت النافذة و أنا أتنفس بكل قوتي لاستنشاق كمية كبيرة من  الهواء الذي اشتقت له كثيرا و أبتسم كالفتاة المجنونة، نظرت لحقيبتي بقربي وأنا أبتسم حملت أغراضي المبعثرة فقد اشتريت العديد من الأشياء من المطار  وضعت كل الاغراض في الحقيبة و أغلقتها برقم سري فكل ما أمكله ثمين داخلها ، و نظرت من تلك النافذة و أنا في سعادة..
بمجرد اقترابي من المكان الذي سأعيش فيه لمدة شهر ، توقفت السيارة عن الحركة و أخبرني السائق أن المكان الذي أريده يبعد فقط ثلاثون دقيقة من المشي، و أنه لا يستطيع أن يدخل بسيارته إلي هناك لأن المكان لا يتسع لسيارة..
ابتسمت له و قدمت له الأجرة و نزلت مسرعة و أنا أجر حقيبتي و أنظر من حولي،  كنت أرغب في رؤية المزارع الجميلة و أتنزه بين المنازل التقليدية هناك، و من كثرة سعادتي سرت كثيراً و بدون أن أشعر ضعت في تلك الأرجاء,,
لم أستطع ايجاد المكان الذي أريده لهذا قررت أن أعود من حيث أتيت و أحاول المشي مرة أخري لأجد المكان أو أجد أي شخص أسأله عن المكان.
واصلت السير إلي أن شعرت أن قدمي قد تخدرت، جلست على الأرض و فتحت حقيبتي و أخرجت هاتفي و لكن البطارية كانت فارغة، و تذكرت أنها فرغت في الطائرة و أنني استعملت الهاتف العمومي فور نزولي من الطائرة لهذا أعدته إلي حقيبتي و أغلقتها مرة أخري  و قررت أن أسير بضع خطوات أخري ، طوال طريقي  لم يمر أي انسان في المكان حتي أتمكن من سؤاله  ..
مشيت إلي أن وصلت إلي نهاية الطريق و قفت و القيت نظرة حول المكان و فجأة رأيت  محل صغير تلك المحلات التقليدية ، فرحت كثيراً و لم أصدق أنه على فقط أن أعبر هذا الشارع لأجد شخص ما قد يساعدني و بدون أن أشعر أو أفكر أسرعت لعبور تلك الطريق و التوجه إلي المحل الصغير،  و فجأة سمعت صوت سيارة تقترب مني بسرعة و قعت أرضا، و بات المكان مظلم من حولي وكل ما كنت أسمعه بعض الهمسات الغريبة التى لم افهمها...
ماذا سنفعل؟ هل هي بخير؟ هل نتركها ونذهب، ما الذي علينا فعله؟ علينا الاتصال بالمدير في الحال.
مر وقت قصير و أنا مرمية علي الأرض شعرت أنه بالفعل وقت طويل حاولت التركيز في تلك الهمسات التى أسمعها بينما أشعر أن رأسي على وشك الانفجار لكنني سمعت، فتحت عيناي مرتان و لم أستطع ،  لكنني عدت لأحاول، كانت الأصوات متداخلة مع بعضها لم أفهم ما كانوا يقولونه، أخيرا استطعت أن أفتح نصف عيناي رأيت أمامي 6 أشخاص لم أستطع تمييز وجوههم أو أصواتهم لأنني غبت عن الوعي بالكامل.
يتبع....

اهلا بالغريب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن