الفصل السادس

84.2K 2.9K 1.5K
                                    


أوتار الفؤاد أوس

الفصل السادس

(حسابات جديدة)

مال عليه الجالس إلى ميمنته ليشعل سيجارته الزهيدة المتدلية من فمه بعود الثقاب الذي بحوزته، أطفأه بنفخة واحدة ثم ألقاه أسفل قدمه المتسخة، تفرس في وجهه بدقة عله يفهم ما الذي يدور في رأسه، وحينما فاض به الكيل من صمته المريب سأله بصوته المبحوح:

-يعني ماسبتش المعلوم زي ما قالتلك؟

أجابه "فارس" بعبوس شديد بعد أن نفث دخان سيجارته:

-لأ

تقوس فم زميله ليرد متهكمًا وفي نفس الوقت قاصدًا استفزازه:

-شكلها كانت بتلعب بيك يا معلم، وفي الآخر هتطلع من الليلة دي بلوشي!

التفت "فارس" نحوه ليرمقه بنظرة مغلولة قبل أن يعلق بغيظٍ:

-ومين قالك إني مستني فلوس الولية دي؟

توحشت نظراته أكثر حينما تابع:

-أنا مش هيبرد ناري غير لما أشوفه عاجز زيي، مسيره يقع ويجي هنا

رد عليه زميله مستخفًا من رغبته التي حتمًا لن تتحقق:

-هما اللي زي دول حد يقدر يجي جمبهم، بلاش أحلامك دي اللي هتوديك في داهية

لكزه "فارس" بكوعه في جانبه هاتفًا فيه بحدةٍ:

-ملكش فيه، سيبني ياخي أتفك بكلمتين، حتى دي مستكترينها عليا؟!

ثم مد ساقه للأمام بعد أن شعر بذلك التشنج المؤلم يعتريها، تنحنح زميله مبررًا جديته:

-أنا بس بأوعيك

في تلك الأثناء، كان "منسي" يسير منفردًا يُلقي نظرات عابرة على أوجه المساجين المليئة بعلاماتِ الإجرام، لم ينتبه خلال مشيه بالساق الممدودة مما جعله يتعثر بها، كاد ينكفئ على وجهه لكنه حافظ على توازنه في اللحظة الأخيرة، أصدر "فارس" أنينًا موجعًا من الخبطة المفاجئة، اعتذر منه "منسي" قائلاً بصوته الرخيم:

-لا مؤاخذة

سحب "فارس" ساقه المتألمة بصعوبة ظهرت على تعابيره المشدودة ليثنيها بتأنٍ شديد، احتدت نظراته نحوه معنفًا إياه بخشونةٍ:

-ما تفتح يا عم، وتبص إنت بتدوس فين!

رد عليه "منسي" بتأفف:

-مقولتلك ماخدتش بالي، خلاص يعني هتعملها جناية!

هاجت دماء "فارس" الثائرة مسبقًا في عروقه من رده المستفز، كور قبضته ضاغطًا على أعصابه وهو يهدر به منفعلاً:

أَوتَارُ الفُؤادِ.. أَوْس! ©️ (الجزء الخامس- كامل) ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن