الفصل 4

221 30 7
                                    

لم أفهم معظم كلام سيمون المليء باﻷلغاز.

فهم القليل فقط من كلامها يتطلب وقتا طويلا وجهدا كبيرا، والمرور بتجارب مشعوذة وأنا حتما لست كذلك. لم يكن أمامي سوى انتظار مرور الأيام لتعلمني ما أجهله وما أرغب في معرفته.

عدت لوضعي السابق واستمريت في مراقبتها إلى أن أنهت إعداد خليط أعشابها، ملأته في قنينة خشبية ووضعته في سلة صغيرة، ثم اتجهت ﻷحد أركان كوخها وأحضرت رداء قديما ممزقا تستخدمه أحيانا كغطاء لتقي نفسها من البرد. اجتذبت منه قطعة متوسطة الحجم، وأمرتني أن أربط بها جرح الويفرن بعد أن أضع له الخليط.

فتحت النافدة فصفعتها الريح النكباء على وجهها المليئ بالتجاعيد فأغلقتها على وجه السرعة، ثم استدارت ناحيتي لتقول بتأسف: "الجو سيء جدا خارجا ،لا يمكنك الذهاب لرؤية الويفرن اليوم. انتظري ريثما تهدأ العاصفة"

خاب أملي وشعرت بالإحباط إذ كنت قلقة عليه وأردت الذهاب لرؤيته علني أهدئ شوقي العارم إليه، ثم إن إصابته تشغل بالي ؛ماذا لو ساءت حالتها؟ ما الذي سأفعله حينها؟ا لا يمكنني تخيل الأمر حتى .
أخرجني من بحر أفكاري صوت هسهسة النار في الموقد، وصفير الرياح خارجا، وصوص ارتطام اﻷشجار ببعضها البعض فأدركت أن العاصفة قوية ومن الخطر الخروج في جو كهذا .

ظللت واقفة قرب الباب أنتظر أن يعود الجو إلى طبيعته وتهدأ حال الريح وتتوقف الثلوج عن الهطول بشدة، لكنني لم أتكبد إلا العناء لساقي، والملل الشديد الذي ساقني إلى التجمد الطفيف والخدر الشديد. آثرت اﻹستسلام للواقع فذهبت لأستلقي جانب سيمون علني أجد الدفئ في حضنها ،تحركَت قليلا من مكانها لأستلقي ،أحاطتني بذراعيها ،ثم بدأت في سرد القصص والحكايات، مضت ساعات ونحن على حالنا هذا إلى أن توقفت عن الكلام وانتظمت أنفاسها، رفعت رأسي قليلا فإذا بسيمون نائمة، ابتسمت بعفوية لمنظرها اللطيف قبل أن أغلق جفني أنا أيضا .

استيقظت باكرا صبيحة اليوم التالي.
فتحت عيني بتثاقل، من المعروف على سيمون الاستيقاظ باكرا لذا لم تكن في مكانها. نهضت ووجدتها جالسة فوق الكرسي وبقربها صحن من نحاس، وضعت به برتقالتين، وبجانبه كوبا من الماء.

انتبهت لي فابتسمت بإشراق لما ألقيت عليها التحية الصباحية المعتادة، أشارت نحو الكرسي بجانبها فجلست عليه، احتضنت وجنتي بيديها ونظرت في أعماق عيني العسليتين ثم قالت بنبرة حنونة على غير العادة: "لا تتهوري وفكري جيدا قبل أي فعل،لاتخافي من الويفرن فهو لن يؤذيك!! وضعت لك هذه الفاكهة في السلة، اصعدي الجبل بحذر وحذار من أن تستشف مرآك أعين الناس."

أبعدت يديها عني ثم تمتمت: "اقترب موعد اكتمال القمر"

واستطردت بصوت قلق: "أخشى من كارثة قريبة!!"

استنكرت كلماتها فشرحت باقتضاب: "أخبرني أبي أن أسطورة شرقية تقول بأن كارثة تحل كل مئة عام حين يصبح لون القمر أزرقا، ولن ننجو من ذلك بالتأكيد!!"

جبل أبولوWhere stories live. Discover now