الفصل 2

257 35 4
                                    

وضعت جرة الماء على أرض المطبخ فهتفت أمي بفرح: "لم لم تخبريني أن السيد ثيودور الصغير قد رافقك أمس لكوخ سيمون وقضى معكما الليل بطوله؟!"

توخيت الحذر وأنا أحدق في أمي وهي تدفع بقدمها القط الذي ظل يحوم بها رغبة في اللحم.
رسمت ابتسامة واسعة على ثغرها وهي تضحك: "كنت أدرك أن ذلك الطفل الشقي سيصبح شابا وسيما!"
دفعت القط الذي لم يبتعد ثانية بقدمها وهي تعجن الخبز: " لقد صارحتني إيسابيل أنها رأته أكثر من مرة يلحق بك، وأكدت لي أن ابنتها فرجينا قد أنبأتها بصدق مشاعره تجاهك، ورغبته في اتخاذك عروسا له!"

هتفت ببرود: "إنه يكبرني بعامين فقط، ولا يعمل شيئا في حياته!"

اعترضت أمي على كلامي موبخة إياي.

-ألا يكفيك أن جده رئيس القبيلة ويملك كل أراضي ما دون الجبل؟ كل تلك اﻷراضي ستصبح ملكا له ذات يوم أي ستصبح لك بعد أن تتزوجا!

-لقد كانت ملكنا، وهم أخذوها منا بالقوة!

وضعت سبابتها على شفتها هامسة: "اصمتي يا بنية، أتريدين أن تتسببي لنا بالمشاكل؟!"

-أنا لا أريد الزواج به يا أمي، وإن كان سيصبح القائد حتى. لقد صرحت فرجينا ﻷمها بهذا اﻷمر ﻷننا على غير وفاق، وتريد تحطيم حياتي وسعادتي!!

هتفت أمي بضيق: "يا حسرتاه! يا حسرتاه على هذه الفتاة العنيدة. اذهبي وأحضري اﻷخشاب، خذي هذا القط اللقيط من هنا وغيبا عن أنظاري!"

-ألن أحضر معكم لقداس يوم اﻷحد؟!

رفعت أمي كتفيها قائلة بتبرم: "اذهبي وأحضري الخشب،لن نحضر للقداس فستزورنا بريندا وزوجها هذه العشية!"

حملت القط وقد رق قلبي له،فهو سيمضي هذا الشتاء القاسي ولن يتحمله أحد.
سأمضي به لسيمون إذ لن تطرده،ثم سأحضر الخشب من اﻷشجار بجانب بيتها. اﻷشجار في الغابة السفلية تكون معمورة بالصيادين، وخدم اﻷثرياء من آل ثيودور وأصدقائهم، والقرويات اللواتي لا أكون على وفاق معهن غالبا.

ترقيت الدرج الذي يؤدي إلى القرية الجديدة ببطء وأناة.
حييت سيباستيان الذي ابتسم لي، وتجاهلت همسات النساء اللائي يتحدثن بالتأكيد عني وعن ثيودور بشأن ما حصل صبيحة اليوم. سيبلغ حدث مبيته معي عند سيمون بالتأكيد مسامع القائد وسيكون صارما بشأننا، لن يحب مطلقا أن تربط علاقة حفيده بقروية حقيرة مثلي.

أخذت أعدو شبه راكضة وأنا أتجاوز الفلاحين في ساحة القرية الجديدة، ظل القط بين يدي يموء ورجوت أن تحول القلنسوة بيني وبين ثيودور. ولعظمة حظي فقد أدركت نفسي وأسرعت للغابة بسرعة حتى اختفيت عن اﻷنظار.

قفز القط من قبضتي بعد أن خمش راحة يدي، أصدر مواء يشبه الخوار وراح يجري فزعا. أسرعت الخطى حوله قائلة بشجب: "عد إلى هنا أيها القط الشرير!! هل تلبستك روح خبيثة أم ماذا؟! عد إلى هنا وإلا تركتك في أعماق الغابة!"

جبل أبولوWhere stories live. Discover now