ضحكت لها بمجاملة حتى توقفت هي وهي تفسح لي لكي أجلس في الصالون فجلست واختفت هي وحضرت مرة أخرى وجلست أمامي وهي تقدم في كوب شاي - متى أعددته ؟ يبدوا أنها كانت ستشربه قبل أن آتي - تأملتها بعيني بنظرة خاطفة ترتدي ملابس منزل عادية وتعقص شعرها على شكل ( ذیل حصان ) ، في الحقيقة كانت جميلة .
- " أنا آسف بس أنا كنت متفق مع ( عبعزیز ) أن آجي النهاردة وأصور مذكرات معاه ، هو هايتأخر ؟ "
ابتسمت لي وكانت ستقول شيئا ولكننا سمعنا صوتا أجش ينهر أحدا فنظرت لها مستفسرا فقالت لي : .
. ده الكهربائي بيكلم الصبي بتاعه ، أصلنا جبناه علشان الكهربا عملت قفلة أكتر من مرة في العمارة وهو بقاله جوه حوالي ساعة بيحاول يوصل الكابلات في حيطة المطبخ "
قلت في بالي لذلك سمعت صوت الشاب يأتي من الداخل إذن يبدو أنه صبي الكهربائي ، قلت لها :
۔ حضرتك أخت ( عبعزیز ) مش كدة ؟ " ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تقول :
- في الحقيقة أنا زي أخته ، اسمي ( شاهندة احنا اتربينا مع بعض من واحنا صغيرين وجيران من زمان

أثناء كلامها وقعت عيني على ساعة معلقة على الحائط ولكن عقاربها متوقفة عند الساعة التاسعة والنصف ، كانت الفتاة لاحظت نظري للساعة المعلقة فنظرت معي وقالت : ۔

- " بتبص على إيه ؟ "

- " على الساعة دي ، واقفة عند الساعة 9 ونص ، ودلوقت الساعة حوالي 10 " نظرت لي بدهشة وهي تقول :

- " يا نهار أبيض الساعة عدت 9 ونص "

قالت تلك العبارة ثم نظرت بسرعة خلفها وصرخت في أحد ما في الصالة قائلة :

- " قوم یا ( حمادة بسرعة استعجل الكهربائي وقول له الساعة عدت 9 ونص "

سألتها عن ما يحدث فقالت لي بابتسامة : - " مفيش حاجة بس المفروض الشقة تولع الساعة 9 ونص

كنت أبتسم لها في المرة الأولى مجاملة ولكن ابتسامتي تحجرت على فمي وأنا أقول لها :

- " احم . . معلش ما سمعتش كويس هو انتي قولتي إيه ؟

فتحت فمها لتقول شيئا ما لكن صوت الكهربائي الضخم أتي من الداخل وهو يقول :

- " المطبخ مش عايز يولع يا جماعة ، الحريقة هاتتأخر شوية " فنظرت الفتاة للصالة وهي ترفع صوتها قائلة : - طب يالا بسرعة علشان كدة احنا اتأخرنا عن كل يوم

تنحنحت وقلت لها مستفسرآ : - " هو الكهربائي اللي جوة دة بيحاول يولع في المطبخ ؟ - " آه " - يولع نار طبعا • - " آه " - " وطالما هو كهربائي فهو هایولع عن طريق ماس كهربي "

- " أكيد "

- الله ؟ هو أنا اللي عبيط وألا الكلام اللي أنا قولته ده عادي وألا إيه بالظبط ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ "

هنا سمعت صوت فرقعة واهتزت الإضاءة ثم انطفأت فصرخت وأنا أقفز من مكان :

- " يا ولاد المجنونة . . أنتوا بتولعوا في الشقة بجد ! ! ! ! ! ! "

سمعت عندها صراخ ، والفتاة التي كانت تجلس أمامي ظلت تصرخ وأنا اسمع أصوات متداخلة ثم رأيت ضوءا أحمر يخرج من الصالة يبدو أنه لهب نار ، ماذا أفعل ؟ رأيت على ضوء اللهب الفتاة تجري للصالة وهي تنادي على أمها بفزع فلم أكذب خبرا وجريت أنا الآخر وراءها وأنا أقول لنفسي لماذا تنادي الفتاة على أمها وتصرخ بهذا الشكل أليست تعلم بميعاد الحريق ، ثم كيف تعلم بميعاد حريق قبل بدئه وكيف يحدث هذا كل ليلة ؟ ؟

عندما خرجت الفتاة للصالة وأنا أتبعها رأيتها تجري ناحية المطبخ وأصوات صراخ تخرج منه ، وقفت في الصالة ثوان وأنا أفكر . . ماذا أفعل

الدخان يملا الصالة لو لم نمت من الحريق سنموت من الاختناق ، لحظة ! ! الحريق بدأ من المطبخ ولو قلنا أهم يستخدمون أنبوب بوتاجاز أو حتى يستخدمون الغاز فذلك يعني انفجارا سيتم في أي لحظة

فتحت باب الشقة بسرعة کی أستنجد بأي أحد فقط لأجد بمجرد فتحي الباب الشقة رجل يقف على باب الشقة المقابل لي وبجانبه طفلان ينظران لي بخوف والرجل نفسه ينظر لي بدهشة وشك

- " فيه حريقة في الشقة هنا الحقنا يا حاج "

قلتها بلهفة فلم يتأثر الرجل وظل ينظر لي كأنه غير مدرك الكلماني ، ثم قال بتساؤل :

- " انت دخلت الشقة دي إزاي ؟ ؟ "

ارجعت رأسي للوراء بدهشة من سؤاله الغريب وفجأة انتبهت لشيء ، لقد خبت أصوات الصراخ من الشقة ، كنت أقف على باب الشقة وأنا أمسك بابها المفتوح بيدي فنظرت ببطء خلفي لداخل الشقة لأجد . .

لا إضاءة داخل الشقة ولا يوجد ألسنة لهب ولا نيران ، ولكن على ضوء مصباح السلم رأيت الصالة وأثاثها الذي يشبه العجين ؟ ؟ نفس الأثاث الذي لاحظته عند دخولي الشقة لكنه الآن قديم متهالك مليء بالتراب وأكثره تعرض لحرق ، وهناك مقاعد خشبية تحولت لكتلة وأشياء لا أعرف ما هي وخيوط عنكبوت تملأ الشقة من الداخل ، ووقعت عيني على النتيجة المعلقة التي تشير لعام ۱۹۹۹ والتي أصبحت تمتلئ بالأتربة وخيوط العنكبوت ! ! ! ! ! نظرت ببطء مرة أخرى للرجل ثم نظرت مرة ثانية إلى الشقة ، بكل احترام وشموخ خرجت من الشقة وأنا أغلق الباب خلفي بعناية ثم أنظر للرجل الذي مازال ينظر لي بتساؤل ، وأنا أقول له بابتسامة :

حكايات فرغلي المستكاوي لـ حسن الجندي   Where stories live. Discover now