الفصل الرابع

35.2K 839 15
                                    

انتهت دُره من ارتداء ملابسها، ومازالت في فترة حدادها علي والدها، القت نظره أخيره علي نفسها قبل أن تنحني لارتداء حذائها الرياضي، ثم هتفت دره في عجلة من امرها:
-ماما انا ماشيه اتأخرت
اجابتها كريمه بحنو:
-طب استني بس افطري
قالت دره وهي تعدل من حقيبتها متجها الي الباب:
-مش هاقدر ياماما متأخره اوي، يالا سلام
اجابتها كريمه:
-مع السلامه ياحبيبتي
نزلت لاسفل بخطوات متعجله، وقفت امام الباب الحديدي حاولت فتحه بصعوبه لقدم عمره محاولة واخري ونجحت في النهاية.
رفعت نظرها للجالس امامها و امام ورشته المكتوب عليها ب لافته كبيرة  ورشة القاضي،  تطلعت اليه ثم ابتعدت بعينيها عنه وكأنها لم تراه،ونجحت في اظهار تجاهلها له،لكنه تتبعها بعينيه حتي غابت عن محيطه.
اقترب منه سيف و جلس بجاوره وبادر هو بالسؤال مباشرة بعد ما اخذ نفسا عميقا من سيجارته:
-،عرفت مين دول
واشار بعينه للبنايه امامه اجاب سيف مسترسلا:
-يوه دول بنات البشمهندس سعد الحكيم رجل اعمال كبير اوي ومستواه عالي،لحد ماحد ابن حرام نصب عليه في مشروع و همى و خد اللي وراه واللي قدامه...الراجل مااستحملش ومات والبنوك حجزت علي كل املاكه حتي الفيلا اللي كانوا عايشين فيها و مافضلش ليهم غير البيت ده ، بيت اهل أبوهم من الاصل وزي ماانت شايف كانوا  سايبينوا او ناسينوا و بقي له عوزه في الاخر وجم عاشوا فيه لما الدنيا ضاقت بيهم.
استمع حسن له  بأنصات و تركيز في حديث سيف وتفاصيله المهمه ولكنه تسائل في امر معين يعنيه حسن:
-وبناته؟
قال سيف بتقرير:
-هما بنتين الكبيره في طب والتانيه في اولي جامعه بس لسه مش عارف ايه  ومالهمش حد خالص لا قرايب و لا معارف طول عمرهم في حالهم
اواما له حسن بشرود بحديثه عن العائلة الجديده في منطقته باهتمام
.................
اقتربت شهد من منزلهم عائده من كليتها، وعند اقترابها من منزلهم لفتت نظرها من تلوح لها بيدها حتي تلفت انتباها و تتوقف، اقتربت منها الفتاه وقالت بابتسامه رقيقه:
-ازيك انا سميه جارتكم في البيت اللي جمبكم علي طول
قالت شهد بابتسامة صغيرة:
-اه أهلا وسهلا
قالت سميه بشخصيتها الودوده:
-انا استغربت لما لاقيت البيت مفتوح لانه مقفول من زمان اوي من وانا صغيره، وعمري ما شوفت حد فيه
اردفت شهد مؤكد:
-فعلا ماجناش هنا من سنين
قالت سميه بابتسامة :
-انتي اسمك ايه بقي
-اسمي شهد
هتفت سميه بعفويه اثارت استغراب تلك التي امامها:
-نبقي صحاب بقي ده إحنا الباب في الباب وامي عمله صنيه بسبوسه وعامله حسابكم فيها و الله
ترددت شهد قليلا ثم اجابتها مرحبه :
-لا مادام فيها بسبوسه يبقي هاستناكي النهاره تيجي انتي وطنط نتعرف عليكم
رحبت سميه بأقتراحها قائله:
-اتفقنا هاشوفك باليل سلام
-سلام
التفتت شهد لزوج من العيون المراقبه لها ومن الواضح انه واقف منذ حديثها مع جارتها الجديده، رفعت ذقنها لاعلي و  اظهرت لا مباالاتها له،ثم التفت للجهه الاخري  اتجاه منزلها و دخلت وعند إغلاقها الباب نظرت له و باغتها هو بابتسامه عبثيه،بادلته هي النظره بغضب وصعدت لأعلى مسرعة متجاهله اياه ...
ضحك سيف بشده علي احمرار وجهها من شده الغضب،لايعرف لما يتصرف امامها بتلك التصرفات الصبيانيه،ويبحث عن مايثير حنقها، ويتلذذ بتلك النظره الغاضبه التحذيرية منها.
عاد بظهره الي الخلف غير مدرك لطرف الحديده البارزه من الحائط خلف رأسه، حتي اصطدم بها  فجاءه  وانتابه علي اثرها آلم مفاجئ في رأسه من الخلف.
صرخ سيف بعفويه من الآلم المفاجئ،حتي لفت انتباه احد رجاله  و الذي هرول اليه هاتفآ:
-في ايه ياريس سيف مالك
قال سيف بوجع وصداع بدء يشتد معنفآ الرجل :
-الله يخربيتك حد يحط الحديده كده دخلت في دماغي ، ايه شغل الكروته ده
صرخ الرجل عندما رأي خط من الدماء بجانب راسه ينزل علي رقبته قائلا بقلق وتحذير :
-دي باينلها راسك  انفتحت ياريس سيف هاروح اشوف ريس حسن نروح المستشفى بسرعه.
وضع سيف يده علي رأسه بألم ثم نظر ليده المليئه بالدماء بضيق، متأففآ من ما حدث دون حسبان من إهمال العمال.
هرول حسن  اليه اثر الخبر قائلا وهو يتفحص رأسه بحذر:
-مالك ياسيف ايه الي حصل
هتف الرجل قائلا:
-دماغه اتفتحت وعايزه خياطه ياريس
شد حسن سيف وادخله بسيارته دون مقاومه من الاخر متجهين للمشفي ، بينما سيف مازال يتمتم بغيظ وحنق ، فقال حسن مهدئآ:
-قول الحمد لله ان شاء الله سليمه
بغيظ هتف سيف وهو ينظر لقميصه الذي تتساقط دماؤه عليه:
- والمصحف لاكدرهم، عشان يبقوا يشوفو شغلهم عدل

لم يجيبه حسن ولكن توقف بسيارته امام مدخل الطوارئ، اقتربت منهم احدي الممرضات للفحص ،ثم نظرت لحسن
باعجاب واضح بعينيها وفي بعض تصرفاتها ودلالها المتعمد امامهم للفت نظر ذلك الذي لا يعيرها اي انتباه.
قالت بصوت رقيق:
-الف سلامه عليه
لم ينظر اليها حسن، لكنه قلب عينيه بضيق من تلك التصرفات التي يحفظها جيدا وليست المره الاول.
فارد حسن بجمود:
-الله يسلمك بس هاتفضل دماغه مفتوحه كده
إجابته بلهفه:
-لا طبعا تحت امرك ثواني والدكتور  هايجي استنوا
قاطعها بضيق متعمد احراجها:
-واحنا لسه هانستني ما تخلصي
اجفلت من فظاظته وقالت بحرج:
-هانادي حد من الدكاترة يخيطها
ضحك سيف رغم الصداع المؤثر عليه وقال :
-وده وقت اعجاب
لوي حسن فمه بضيق ناظرا لاثرها :
-انا عارف ايه ده ، هي ناقصاها دي كمان
التفتوا لصوت انثوي من الخلف وقالت دره بهدوء:
-السلام عليكم
التفتوا اليها ونظرت اليهم بدهشه، ثم هتف سيف بابتسامه مرحه:
-يامحاسن الصدف
نظرت له بأستغراب تحاول ان تتذكر وجه المألوف عليها، هي من الوهله الاولي ادركت الواقف بجانبه،لكن هو استصعب عليها الامر فقالت:
-صدف..  هوحضرتك تعرفني
قال سيف معرفآ بنفسه:
-انا سيف القاضي
هزت رأسها بتفهم للاسم  الذي مر عليها مرارا وتكرارا في تلك المنطقه ، ورغم انهم لم تمر فترة كبيرة علي تواجدهم،الا انه وصل اليها صيتهم وصيت عائله القاضي  جيدا ...
نظرت للجانب الاخر لذلك المتفحص لها بصمت، لكنها تجاهله، واقتربت من سيف
وقامت بفحصه بتركيز وقالت بعمليه:
-الجرح محتاج خياطه و
قاطعها حسن فجاءه باستهزاء :
-لا والله جبتي التايه مااحنا عارفين امال جاين ليه
اغمضت عينيه تحاول تمالك غضبها من فظاظته المتعمده،التفتت اليه بوجه محتد:
-ايه جبتي التايه دي ماتتكلم كويس انا عارفه شغلي كويس
لم يعرف لما تلبسه شيطان الان واجابها :
-مش ناقص غير العيال كمان اللي هايعرفونا نتكلم ازاي،نا عايز دكتور شاطر اللي يخيط له الجرح مش ناقص دكتوره امتياز تجرب ف دماغه
لم تصمد كثيرا امام وقالت فا هتفت بغضب امام وجهه :
-عيال ايه ياجدع انت شايفني بضفاير انا دكتورة واشطر دكتوره امتياز موجوده هنا واتكلم معايا كويس احسنلك
ارتفع حاجبيه لاعلي،ثم شملها بنظرته من اسفلها لأعلاها، واقترب منها بخطوات بطيئه رجعت هي علي اثرها للخلف، وقد تسلل اليها شعور بالخطر امام صوته المهدد لها :
-احسنلي هاتعملي ايه!!!!
يتبع...

دُرة القاضي / سارة حسن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن