الفصل العشرون

6.9K 364 9
                                    

قام الآنجيوس بحمل چايدن إلى (إيبريوس) كما أمره لوكا.. وكعادته أوصله إلى مكان خاوي على أطراف المملكة المترامية.. وقف أمامه مباشرة مُصْدِراً فحيحه الكريه ثم تحدث بنبرة خافتة : أنا أعلم جيداً مدى بغضك لي .. لكنني مثلك تماماً .. مجرد آداة بين يدي الساحر الأعظم لتنفيذ خطته
رمقه چايدن باستغراب شديد من هدوء لهجته على غير المعتاد متسائلاً : ما خطبك؟..تبدو غريباً؟!
أجابه مترنحاً يميناً ويساراً بشكل مريب : لا ترهق ذهنك في التفكير بي ..لديك مهمة صعبة هنا .. ساد صمت للحظات قبل أن يتحرك الآنجيوس زاحفاً ليعود إلى شكله الطبيعي على ذراع چايدن الذي كان يتابع حركاته و حديثه الغير متوقع بأعين ذاهلة وشفتين فاغرتين وإستوقفه متسائلاً : هل لي أن أسألك عن شئ؟
تسمر الآنجيوس مكانه ليجيبه : تفضل يا ولي العهد
رمش چايدن سريعاً يحاول إستيعاب ماوصل إلى مسامعه.. إنها أول مرة يناديه بولي العهد .. نفض رأسه غير مصدقاً ثم قال : أعتبر هذا إقرار منك بأنني لم أعد خادمك؟!
تحدث الآنجيوس بنفاذ صبر : سَل ماشئت ولا تهدر الوقت
رفع چايدن كفيه مستسلماً يسأله بفضول : أود معرفة مصير ڤيكتور وچانوس
جاوبه الآنجيوس بفحيح خافت : إنهما الآن في سجن (ڤينكولا) المشدد..ولن يتحررا حتى نهاية حياتهما
تسائل چايدن مرة أخرى : لماذا لم يقم لوكا بقتلهما؟
رد عليه الآنجيوس بتأكيد : سيدي لوكا لا يقتل لكنه يفعل الأبشع من القتل..و هذا السجن لم يدخله أحدٍ قط وخرج منه حتى اليوم
أشاح چايدن بوجهه مفكراً في الأمر ولم ينتبه للآنجيوس الذي عاد لشكل الوشم مجدداً على يسراه .. رفع كفيه يمسح بهما رأسه ممرراً أصابعه بين خصلات شعره الناعمة التي لاحظ إستطالتها بشكل ملفت.. سحب نفساً عميقاً داخل رئتيه ثم زفره على مهل بيأس من هذه الفوهة التي لا يخرج منها.. كلما حل أحجية تظهر أمامه أخرى أكثر غموضاً.. يتسائل في نفسه متى سيأتي غد هذا الليل الحالك الذي يسحقه في ظلمته؟... متى ستكون حياته طبيعية؟.. متى سينفك عن عنقه ذلك القيد المؤلم لجميع خلايا روحه وجسده؟.. متى سيتحرر من سجن لعناته؟.. إعتدل في جلسته يستدير على عقبيه حتى إنتبه لوجود بعض الشجيرات محيطة به.. إتجه إلى إحداهن ليجلس مستنداً على جذعها.. مرجعاً رأسه إلى الخلف.. يطبق على جفنيه بإرهاق شديد.. شعر بنسمة هواء مُحَمْلَة برائحة أشجار الكروم تمر على وجهه مما جعله يبتسم رغماً عنه.. ولم يدري لماذا ذكرته بهيلينا .. إنها تشبه وجودها في حياته.. عليلة.. مُثْلِجَة للروح.. تمر على القلب تاركة أثرها الفاتن بين ثناياه.. شهية لدرجة الإغواء مثل حبات الكستناء الدافئة.. مؤلمة في فراقها كضربة سيف تدق العنق بلا هوادة.. مجرمة في عشقها أكثر من تعاويذ السحر أجمع الأبيض منها والأسود.. رفع كفه عند شفتيه يتلمسها عندما تذكر قبلتها الرقيقة ..وكم كانت عذبة .. مُشْبِعة و مُشَجِعة على طلب المزيد بكل أريحية.. إتسعت إبتسامته لينفرج ثغره البسَّام متنهداً بخفوت ثم تحدث في نفسه : ماذا سأفعل بكِ إن كانت قبلتك لذيذة لهذه الدرجة يا حبة الكستناء؟..
***********
على صعيد آخر /
وصلت هيلينا إلى مكان إقامتهما في إيبريوس عن طريق إرشادات العصا.. وقفت تطوفه بأنظار متعجبة.. المنزل يبدو غريباً عن سابقيه.. واسع بعض الشيء.. فراشه وثير.. يوجد به نافذة يظللها كرمة كبيرة تحمل أغصانها ثمار عنب مختلفة الألوان.. أحست ببعض الراحة الممزوجة بالترقب لما ستراه داخل هذه المملكة.. متأكدة أنها لن تختلف عن غرابة الكوريدون وستيلاي ... لكن الغموض يحتاج إلى إستكشاف لم يحن موعده بعد .. أفاقت من أفكارها على صوت والدتها تناديها : هيلينا! حبيبتي.. هل يصلكِ صوتي؟!
أجابتها هيلينا بهدوء : أجل أمي .. أسمعك جيداً
سألتها سيلڤيا : كيف حالك بنيتي؟
ردت هلينيا وهي تتجه نحو الفراش تجلس عليه بإنهاك شديد : مرهقة بعض الشيء..
تحدثت سيلڤيا بخوف : مابكِ ياعزيزة والدتك؟
تنهدت هيلينا بتعب ثم قالت : لم أنم جيداً منذ مدة بالإضافة لهذا اللثام الذي يعيق خروج أنفاسي.. صمتت لثواني قبل أن تسألها : متى سأتخلص منه يا أمي؟.. أختنق بشدة ولم أعد قادرة على تحمله..
جاوبتها سيلڤيا بحزن على حالها : للأسف ياصغيرتي هذا اللثام سيرافقك حتى تعودي إلى ليبرا.. أرجوكِ هيلينا تحملي قليلاً.. وأعدك أن كل شيء سيكون على مايرام
تحسست هيلينا غطاء وجهها قائلة بتوسل : إنه يزعج چايدن..
ضحكت سيلڤيا تقول بمزاح : إذن سمو الأمير مشتاق لرؤية وجه جميلتي..
بادلتها هيلينا الضحكات قائلة : يستفزه لدرجة الجنون ويغار منه بشكل أحمق..
تعالت ضحكات سيلڤيا أكثر ثم قالت : حبيب أمه .. مازال خفيف الروح والظل رغم مايعانيه
سألتها هيلينا من وسط ضحكاتها : هل أستطيع إزالة اللثام بيني وبينه؟
أجابتها سيلڤيا ومازالت الضحكات تزين حديثها : حسناً يمكنك إزالته فقط داخل المنزل.. لكن توخي الحذر حتى لا يلتهمك أميرنا
تخضب وجه هيلينا بحمرة خجل تسرب إليها عندما تذكرت قبلتهما ثم قالت بخفوت : أشكرك بشدة.. لقد حللتِ مشكلة كبيرة بيننا
توقفت سيلڤيا عن الضحك بشق الأنفس محاولة إصباغ صوتها بالجدية وتحدثت بتركيز شديد : لا عليكِ عزيزتي والآن إنتبهي إلى ما ساقوله جيداً ..هذه المملكة تبدو مختلفة تماماً وهي بالفعل كذلك لكن لا يغرنك هذا التباين بينها بين مجاوراتها من ممالك.. الجميع يمتلك حماقة خاصة به وستسكتشفين الأمر بنفسك.. الجو هنا معتدل وهذه ميزة فريدة.. حاولي إستغلالها في الإسترخاء قليلاً .. وتأكدِ أنني دوماً في الجوار.. قريبة منكِ إذا طلبتِ العون
سألتها هيلينا بتحفز شديد : هل وصل چايدن إلى هنا؟
ردت عليها سيلڤيا : أجل ياحبيبتي.. وصل منذ فترة قصيرة وهو في إنتظارك الآن.. ستجدين فرساً بالخارج مربوطة بجذع الكرمة.. هذه وسيلة إنتقالك إليه لأن المسافة بعيدة نوعاً ما
تسائلت هيلينا مجدداً : هل هي نفس الفرس التي أستعنت بها في ستيلاي؟
جاوبتها سيلڤيا : نعم هي نفس الفرس ومازالت تتمتع بسرعة فائقة على إجتياز المسافات الطويلة.. هيا ياصغيرتي أسرعي.. سمو الأمير ينتظرك
نهضت هيلينا سريعاً تتأهب للخروج قائلة : سأذهب إليه على الفور

خادم الوشم (Jayden)..(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن