[الفصل السادس عشر]

Start from the beginning
                                    

ـ هذه نهاية من لا يستمع إلى حديث والدته.. هتفت رُقية بصوتها الحاد مما جعل مازن يُغلق أُذنيه قائلا بهمس:

ـ ما هذا الصباح المُزعج.

وجهّت له والدته نظرة صارمة كعادتها جعلته يُخبئ وجهه خلف كوب الشاي. كان جمال يجلس بجانب ابنه بينما يفرد الصحيفة الاخبارية أمامه بطريقة تسمح له بوضع السكر داخل قهوته لكن رُقية كشفتهُ بسهولة آخذة علبة السكر منه مما جعله يُكرمش وجهه بحزن ويمحو دمعة زائفة من عينيه.

ضحك مازن على منظره لكنه تلقّى لكزة قوية في كتفه جعلته يصمت. تأملت فاطمة هذا المشهد الحميمي بين أفراد العائلة والذي اعتادت على رؤيته.

نظرت إلى زوجها والذي فضّل الصمت بدل اخبارها بما يؤرق كاهله لتحترم رغبته.

ـ هل تُريد بعض الكعك يا يوسف؟

سألته والدته بعد أن جلست بجانبه ليهز رأسه بلا لمحت رُقية محاولة زوجها في أخذ قطعة الكعك الموجودة بجانب مازن لكنها سحبت الصحن بسرعة. لم تستطع فاطمة اخفاء ابتسامتها أكثر إثر رؤيتها للتعبير الذي صنعه جمال فقد كان كمن سُرق منه كنزه قُبيل وصوله بلحظات.

ـ سأنتقل إلى منزلي عصر هذا اليوم.

أعلن لهم يوسف كمن يتحدث عن نشرة الطقس، لم تتفاجأ فاطمة كثيرا من قراره؛ فقد أخبرها بالأمر سابقا لكن الملامح التي علت وجه رُقية جعلت القلق يغزو كيانها.

ـ ألم نتفق على أنك ستعيش معنا بعد الزواج..

ـ رُقيـــة... هتف بها جمال وقد كانت تلك أول مرة تسمع فيها فاطمة نبرته الصارمة.

ـ لماذا يُريد العيش بعيدا عني أنا لن أقبل
بهذا أبدا.

ـ أنا من اشتريتُ له قطعة الأرض واعطيته الموافقة مُسبقا وأرجوكِ توقفي عن مُعاملته كأنه طفل صغير لقد صار ابننا كبيرا وله الحق في عيش حياته بطريقته الخاصة دون أن نتدخل نحن فيها إلا إن لزم الأمر.

ـ لكنني لم أوافق بعد، ألا تهتمان إلى رأيي؟.

دلك يوسف جسر أنفه محاولا ضبط أعصابه أما والدته فقد نهضت من مكانها مُتجاهلة نداء زوجها لها مما دفعه للحاق بها.. تفاجأت فاطمة من سلوك رُقية الغريب وما أثار حيرتها أكثر هو ههمهات مازن الذي قال بصوت حانق ظن أنه لن يُسمع:" تهتم به وكأنه محور الكون!".

وقتها أدركت فاطمة شيئا مهما، المُمازحات التي يتبادلها مازن مع والده نابعة من شعوره بالغيـرة ورُقية تقلق على ابنها أكثر من اللازم، وهذا ما دفعها إلى طرح سؤال مع نفسها " لو قامت هي بأذية يوسف يوما ما فهل ستتغير مُعاملة رُقية لها؟ هل ستقف ضدها يا تُرى؟ "

كاد عقلها أن يُجيبها لكن شعورها بهمس زوجها بالقرب من أُذنها جعل عقلها يتوقف عن العمل وسمح لقلبها بتولي زِمام الأمور لكن الأخير كان منشغلا بالرقص على الخفقات السريعة التي تصدر منه.. وقف يوسف من مقعده راسما ابتسامة أقل ما يُقال عنها أنها ماكرة ثم ردد لها قبل ذهابه:

 كيـاﻥ [قصة شاب مُسلم] Where stories live. Discover now