الفصل الثاني: ﻣلامِـح باﮪِتة

11.8K 639 96
                                    

السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله 👏

هناك امـرأة تُنسى بامـرأة أخرى،
وهناك امـرأة لم تُخلق للنسيان.
ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ

توقف المطر عن الهطول وقد أينع الزهرُ من بعده خُطوات ناعمة رسمت أثرها على الأرض المليئة بالوحل، كانت تلك أثار الصغيرة رهف التي بدأت بالقفز فوق بِرك المياه المُتجمعة أمام باب منزلهم بسعادة..

ـ لماذا تأخرتِ يا فاطمة؟

سمعت تِلك الحزينة صوتا لطالما سبب لها الإزعاج، ولم تكن تلك سوى زوجة خالِها سوسن. ملأت رئتيها ببعض الهواء كأنها تبخل عليهما وأعطت السائق أُجرته ثم تحركت نحو رهف التي توقفت عن اللعب وهمت بالدخول من قبلها.

ـ هل أنتِ خرساء أنا أتحدث معكِ لماذا تتجاهلينني؟.

صاحت زوجة خالها بغيظ وقد أوقفتها عن السير مُمسكة بذراعها، نظرت لها فاطمة ببرود. كانت سوسن امرأة حادة الصوت، تُميزها تلك البشرة السمراء الصافية تميل إلى البدانة بسبب قِصر قامتها وقوامها المُمتلئ.

ـ أتسألين لأنكِ قلقة علي؟.

ـ الفتيات المُحترمات لا يعُدن إلى منازلهن بعد غروب الشمس. أجابتها بشيء من الاستهجان لكن فاطمة لم تكترث لحديثها بل وهمست لها بكل جُرأة:" إذن أنا لستُ مُحترمة! " ثم تابعت طريقها لتدلف إلى الصالة التي عادة ما يتم فيها استقبال الضيوف، توجهت من بعدها إلى الجزء الآخر من المنزل حيث تقطُن فيه مع أخيها الأصغر " مؤيد" لكن قبل دخولها إليه سمعت صوت رهف النابع من غُرفة جدها.

ـ لقد وضعوا لي الكثير من الأجهزة في صدري لكنني لم أخف منها هذه المرة.

ـ لأنكِ حفيدتي الشُجاعة التي لا تخاف.

حمحمت فاطمة ليلتفت جدها إليها، كان جالسا على كُرسي خشبي بالقرب منه عصاه التي يستند عليها. اشتعل الشيب في رأسه ورسم الزمن أثره على ملامح وجهه لكنه لم يقدر على محو هيبته التي تطأ الجميع!.

ـ لي حديثُ معكِ بعد العشاء... أخبرها بجفاء دون أن يُكلف نفسه عناء سؤالها عن حالها أو حتى دون أن يُلقي عليها السلام!.

ـ هل يُمكن... حاولت أن تتحدث لكنه صدها بقوله:" لا مجال للاعتراض، أوامري تُنفذ دون تفكير"

صمتت فاطمة من فورها ثم حملت رهف من حضنه حتى تضعها على فراشها.. بدلت ملابسها ثم جلست تُطالع الأرض كأنها تبحث عن شيء فقدته! دخل عليها مؤيد وهي على هذا الحال لينتشلها من عالمها المُظلم بسؤاله:

ـ ماذا قال لكِ الطبيب حتى عُدتِ بهذا الشكل؟!

ـ أنا أخشى عليها وأخافُ من فكرة فُقدانها، قلبي لا يقوى على تحمل ألما آخر!.

أناخ مؤيد رُكبتيه بالقرب منها ثم كور وجهها بين يديه قائلا لها:" ستكون بخير إن شاء الله، الله وحده  يعلم بحالتها وهو قادر على كُل شيء دعينا نتوكل عليه.. "

 كيـاﻥ [قصة شاب مُسلم] حيث تعيش القصص. اكتشف الآن