ليلة عاشوراء..

Start from the beginning
                                    

وكيف لا يكون الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه في تلك الليلة كذلك؟
وهل خرج من بيته إلاَّ من أجل ذلك؟
ألم يخرج لقتال يزيد بذلك الشعار الذي أطلقه 

" ألا وإني لم أخرج بطراً ولا أشراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله
( صلى الله عليه وآله وسلم ) أريد أن امر بالمعروف وأنهى عن المنكر "؟

وهل كان رفضه لبيعة يزيد قبل خروجه من المدينة إلاَّ من أجل أن يحافظ على الصلاة كما يريدها الله ( عزَّ وجل) وحتى لا تتحوَّل العبادة إلى كلام فارغ من المضمون وحركات جوفاء لا تثير في النفس شعور الخضوع والخشوع والتذلُّل لرب العالمين؟
ألم يخرج من أجل أن تكون حياة الأمة الإسلامية كلها في أجواء الصفاء والنقاء عبر توفير الأوضاع التي تسمح لهم بإحياء لياليهم كما أحيا الإمام الحسين ( عليه السلام) وأصحابه ليلة العاشر من المحرَّم؟

لقد أراد الإمام ( عليه السلام ) أن تكون تلك الليلة ليلة الوداع من هذه الدنيا
فهو يعلم أنه مقتول في الصباح اللاحق بها لذا يريد التفرُّغ لعبادة ربّه لا يشغله عن ذلك شي‏ء لأنه يريد الخروج من هذه الدنيا على أكمل هيئة يخرج بها أولياء الله من هذه الدنيا وهم الذين يعيشون الإيمان كله ويعرفون الحياة كلها ويؤدُّون حق الله تعالى على الوجه الأكمل

إن ذلك الموقف الحسيني المشبع بجو الخشوع والخلوص لله ( عزَّ وجل ) ليلة العاشر من المحرَّم هو الذي أستلهمه كل الذين سلكوا سبيل الحسين ( عليه السلام ) بعده من المجاهدين والشهداء الذين كانت تهديهم تلك الليلة بأجوائها العطرة والعابقة بشذى الإيمان وعطره الأخَّاذ

إن موقف الحسين ( عليه السلام ) ليلة العاشر أعطى كربلاء أبعادها الإيمانية والروحية التي أمتزجت بالجهاد والعطاء والشهادة في اليوم العاشر من المحرَّم ليتشكّل من ليلة عاشوراء ويومها خط السير النهائي لحركة كل السائرين في خط الثورة من أجل دين الله ( عزَّ وجلّ‏َ )

لقد صار ذلك الموقف الرسالي الخالد مدرسة يتعلَّم منها كل المجاهدين الذين يحملون معهم ليلة العاشر بكل ما كانت تحويه من صفاء الإيمان ونقاء الارتباط بالله ويجعلونها اخر أعمالهم قبل البدء بمواجهة أعداء الله والإنسانية ليلاقوا الله من موقع الجهاد وهم في حالة من الخشوع والعبادة والدعاء والابتهال إلى الله فتراهم في عتمة
 الليل العُبَّاد الزهَّاد الذين يشعرون بلذة طعم مناجاة الله ويذرفون الدموع السخيَّة خوفاً من الله وطمعاً برحمته ومغفرته وليقولوا من خلال ذلك للحسين ( عليه السلام )

نحن أتباعك ومحبوك ومريدوك والسائرون على نهجك ونحن الذين نريد أن نخرج من الدنيا على طريقتك لنكون معك وبين يديك إلى جوار نعيم الله وظلّه الذي لا ظلّ بعده ...

رحلة العشق Where stories live. Discover now