الفصل الخامس

Start from the beginning
                                    

بعد ذلك تعود للمنزل، وفي المساء تقابل إيميلي، فتتناولا طعام العشاء بالخارج، أو حتى في منزل إحداهما، أو تمضي الوقت مع رامي، رغم أنه في معظم الأوقات يجلس إلى مكتبه في غرفته يصمم فقط، ولكنها تحب ذلك الهدوء الذي يخيهم على الغرفة من حولهما حينها.

لاحظت ديلايلا أنها لا تفعل الكثير في حياتها، فحياتها فارغة إلى حد ما، ليس لديها أصدقاء بجانب إيميلي، رامي، وأودولف، وليس لديها أماكن تذهب إليها، أو لنقل أنه ليس هناك مكان يثير إهتمامها إلا نادرًا، فأحيانًا تذهب إلى متحف النباتات، حيث يضم أندر وأجمل أنواع النباتات، وأحيانًا تذهب للحدائق العامة لتشاهد كيف الناس العاديين يستمتعون بوقتهم، وهناك جزء منها يشعر بالسعادة لرؤية الأطفال يلعبون بحرية هنا وهناك، بينما كانت هي مجبرة في طفولتها على أخذ الكثير من الدورس، والتدرب على الكثير من الأشياء نظرًا لموقعها في المجتمع، ورغم أن والداها حاول أن يُجنبها كل ذلك، وإلى حدٍ ما كان يهيئ لها بعض الأوقات العادية، التي تخرج فيها طفولتها المكبوتة من قِبل الكثير والكثير، ولكن هذا لم يكن كافيًا بالنسبة لها، فهي دائمًا ما تشبه نفسها بالطائر الحر، الذي تم أسره في قفص ذهبي، فهي تحب الحرية وتمقت من يفرض عليها عكس ذلك.

ألقت ديلايلا نظرة سريعة على ديلان، الشخص الذي سيرافقها في كل مكان. عندما رأته ظنت لمدة ثوانٍ بسيطة أن مصاحبته لها لن تكون بذلك السوء، فهو شاب في نهاية الأمر، وعمره يقترب من عمرها، ظنت للحظة أنها ربما سَتُكون معه علاقة صداقة حتى لا تشعر أنها مع شخص مجبرة على الوجود معه، أو تشعر أنها حبيسة لأوامر جدها، ولكنها غيرت رأيها ما إن راقبت تفاصيله.
ربما ديلان في عمر الشباب، ولكن طريقة حديثه، وتحركاته الطفيفة الرزينة، توحي بأنه أكبر من عمره الحقيقي، فهو لا يتحدث كثيرًا، إلا بكلمات قليلة كرد، ويبدو أنه يحسب تحركاته جيدًا، كما أنه لم يبتسم ولو مرة واحدة طوال مدة جلوسها معهم، فهو كان يحافظ على الوجه الحاد الذي لا يحمل مشاعر طوال الوقت.

كان طويل القامة، اطول منها بـ '٥سم' على الأكثر، فهي ليست قصيرة، ولا طويلة، هي متوسطة الطول، وكان جسده رشيق، كرياضي متمرس، وعضلات ذراعه تظهر من القميص الذي يرتديه، فأكمامه كانت ضيقة على أي حال.

تنهدت ديلايلا في خيبة أمل واضحة، فيبدو أن وقتها مع ذلك الشخص سيكون كالجحيم، كما توقعت تمامًا.

...

إستيقظت ديلايلا صباح اليوم مبكرًا عن عادتها، هي حتى لم تنم إلا أربعة ساعات أو أقل، فهي كانت تفكر في حالها الذي انقلب رأسًا على عقب.

أكثر ما تكرهه ديلايلا هو دخول أشخاص غريبة لحياتها أو بغير رضاها، فهي بالفعل لا تستريح في حضرة جمع من الناس، فكل من تهتم بهم في حياتها بالفعل ولا تريد غيرهم، ولكنها الأن مضطرة لأن تلتزم جانب شخص غريب تمامًا عنها، وسيذهب معها في كل مكان، حرفيًا.

الذي يؤرقها أكثر هو أنه شخص غير ودي، فهي بالفعل أخذت عنه إنطباع الآلة، فهو يتصرف كواحدة. حاولت معه الليلة الماضية بعد أن قدمه جدها إليها أن تفتح معه حديث، ولكنه لم يستجيب إلا بكلمات قليلة جدًا، كأنه مبرمج على أن يجيب الناس إجابات محددة فقط، تمامًا كالآلة.

نظرت بجانبها على المنضدة الخاصة بسريرها، إلتقطت الساعة المكتبية الخاصة بها، وأضاءتها لتجدها السادسة صباحًا، وموعد إستيقاظها الطبيعي هو الثامنة.

تأففت في إنزعاج، ثم قررت الخروج لحديقة القصر، وبدأ تمرينات اليوجا خاصتها مبكرًا اليوم. إلتقطت هاتفها على مضض، وأرسلت رسالة لديلان، حارسها الجديد، فقد نبه عليها جدها بحذر شديد أن لا تخرج حتى لإحدى حدائق القصر بدونه، كان من المفترض بها أم تهاتفه، او حتى تطرق بابه الذي يجاور بابها حتى تتأكد من إستيقاظه، ولكنها إكتفت برسالة صغيرة، فربما لن يستيقظ وحينها لن يكون خطئها عدم اصطحابه، بل خطئه هو؛ إبتسمت برضى على خطتها الصغيرة، ثم بدأت في تجهيز نفسها.

بعد خمسة عشر دقيقة بالضبط كانت قد خرجت من غرفتها لتنتفض للخلف برعب شديد، فقد وجدت ديلان يقف على مقربة من باب غرفتها، وكان يبدو مستعد بالفعل للخروج، فكان يرتدي هذا اليوم ايضًا اللون الأسود، من بنطال وقميص قطني.

-لقد أخفتني.

بالكاد نطقت الجملة بشكل مسموع، بعد ذلك حاولت تهدئة نبضات قلبها التي كانت على وشك الانفجار منذ ثوانٍ، لم يرد عليها ديلان رغم انه قد سمعها جيدًا ولكنه بالطبع لن يضيع وقته في إجابتها.

إنتظر بصمت لمدة دقيقتان أن تتحرك وتقوده لوجهتها، وكانت هي في إنتظاره ليتحدث، ولكنه لم يفعل. زفرت في تبرم، و همست بصوت خافت 'يبدو انه سيكون يومًا طويلًا'

...

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
أجيجWhere stories live. Discover now