الفصل الأول:أﯙل لِقاء

Start from the beginning
                                    

تأملته للحظات فهي لم تتوقع هذا التصرف منه لتنزل رأسها بخجل ثم همست له بصوت مُتقطع:« شكرا »

ـ هل علي أن أُذكرك كل مرة؟! لا يوجد بيننا شكر فهذا هو واجبي.

خرجت بسرعة من مكتبه حتى لا يرى دموعها التي شارفت على السقوط لتهمس لنفسها بصوت باكي:«إلى متى سأظل ضعيفة وأطلب العون من الجميع؟».

ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ

ـ السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله... ردد الإمام مُعلنا انتهاء
صلاة العصر في أحد المساجد العتيقة المبنية في العاصمة الخرطوم وكما جرت العادة بدأ المُصلون في افشاء السلام بينهم ثم انطلق بعضهم إلى حلقات التلاوة التي تُقام في شهر رمضان المُبارك.

جلس شاب كان في أواخر العشرين متوسطا احدى الحلقات ليلتف باقي المُصلين من حوله، قام بتوزيع الأجزاء فيما بينهم ليبدأ الجميع بقراءة القرآن بهمس وبعد انتهاء الختمة تفرق كل لشأنهِ لكن ذلك الشاب ظل على حاله يقرأ جزءً آخر حتى سمِع صوتا يقول له:

ـ أيُها المُخادع تقرأ جزءً اضافي حتى تختم القُرآن من قبلي!.

ـ ماذا تقول معاذ الله.
أجابه وقد رسم ابتسامة عريضة على ثغره، كان قمحي اللون متوسط القامة يملك عينان صغيرتان بلون الليل وشعر أدهم ناعم الخُصلات وقد زيّن وجهه بلحية كثيفة.

جلس صديقه يُوسف بجانبه ليقول له بامتعاض:« لن أسمح لك هذه المرة بختم القُرآن قبلي وإن كلفني ذلك البقاء مُستيقظا طوال الليل».

أغلق مُحمد المصحف الذي يحمله في يده ثم أجاب صديقه:« أرأيت تنعتني بالمُخادع وأنت قد خصصت وقتا اضافي مُسبقا دون أن تُخبرني».

ضحك يوسف بسبب فضحه لنفسه ثم سلّم عليه قائلا:« مضى وقتُ طويل منذ آخر مرة رأيتُك فيها، يا الله كان ذلك منذ خمس ساعات!».

ـ إنه وقتُ طويل حقا لقد اشتقت إليك كثيرا. رد عليه مُحمد بنفس السخرية.

ـ لماذا ستشتاق إليّ هل أنا زوجتك مثلا؟!

ـ فقط لو تتوقف عن أجوبتك المُحرجة والمُستفزة.

ضحك يوسف مرة أخرى نابسا:« ما ذنبي إن كنت خجولا هكذا».

أكمل الصديقان تلاوتهما ليخرجا من المسجد ثم اتجه كل واحد منهما نحو طريقه، كان يُوسف يقود سيارته بسرعة حتى لا يُضطر إلى الافطار في الطريق فمنزله بعيد قليلا من المسجد الذي ذهب إليه، سمع صوت رنين هاتفه ليفتح مُكبر الصوت ثم وضعه جانبا.

ـ يُوسـف... نطق المُتصل اسمه بغضب.

ـ يا قلب يوسف ويا روحه ويا كل حياته، حاول تلطيف الجو بينهما.

ـ لن يفلح كلامك المعسول معي هذه المرة، إن لم تقدر على الوصول في الموعد فأنا لن أتحدث معك أبدا.

 كيـاﻥ [قصة شاب مُسلم] Where stories live. Discover now