هند

488 19 5
                                    

هند فتاة مُشعة.
بإمكاني أن أكتفي بكلمة مشعة لأسمح لكم بتخيلها كيفما شئتم ، و لكن حسناً...
مرحة، تختلط سريعا بالناس و تقتنص المبادرات، الفرص، تقتنص كل شيء، مقتنصة حد الاحتراف ، ليس و كأنها انتهازية ، لا قطعا، لطالما كانت روحا كريمة و لا تزال. بيضاء، حسنة الملامح بشعر كستنائي، قوام مشدود و جسد متناسق ، بإمكانها أن تبتسم فتبعثر أفكارك ، - لك أن تتخيل هذا؟ - ، و هي تبتسم كثيراً فعلا .
لطالما تمتعت بمهارات كثيرة ، تحصل على ما تريد نادرا ما تُوضع لها حدود ، و لكنها لم تتجاوز حدوداً أبداً، لم تكن فظة أو متطاولة، جميلةٌ حد الثمالة، و رغم أن المثالية ليست مقياساً يُخص به البشر إلا أنها كانت مثالية قدر الإمكان.
من عائلة ميسورة، وحيدة أهلها، تعلمت أن تجمع مصروفها و توفر لنفسها ما تحب، و لطالما أحبت التحف و الأشياء القديمة، فتكدست في غرفتها لوحات تشكيلية قديمة و صُورٌ فوتوغرافية بَلَتْ، كاميرات كتلك التي تظهر في الأفلام الكلاسيكية و ساعات رائعة الأشكال، و رغم أن والديها لم يحبوا شكل إنفاقها لكنهم لم يعترضوا عليه، و احترموا شغفها، حتى أنهما لم يمنعا نفسيهما من الإعجاب بطريقتها في المساومة.
كان ذاك في الثانوية عندما أيقنت هند أن ميولها تتجهُ نحو الفتيات، فلقد أعجبت أيما إعجاب بمنافستها في القسم، و ذلك لم يحدث قبلا عندما كان المنافس فتى، أثارت رغبتها تلك الفتاة التي تنافسها في تقديم الإجابات الصحيحة دائما و أبدا، و التي صارت تسترعي اِنتباه الأساتذة و رعايتهم، عندما خفق قلبها في المرات الأولى ظنت أنها حانقةٌ عليها لكنها لاحقا بدأت تدرك أنها تتباطؤ في الرد لتسمح لها بتجاوزها و قد ارتضت هند بأن تحل ثانياً برحابة صدر، و عندما قررت أن تصارحها بإعجابها جعلت منها تلك الفتاة أضحوكة القسم و لاحقا أصبحت فتاة الثانوية الشاذة، لحُسن حظها لم يُصدق الكثير هراء الفتاة و اعتبروه شائعة مُطردة و رفض الأساتذة و إدارة الثانوية التحقيق في الأمر أو حتى استدعاء والديها و اعتبروا المسألة سوء فهم ناتج عن غيرة بين متنافسات دراسة ، و سرعان ما اختفت الشائعات و صارت الأقاويل همسات ثم همهمات ثم صمت يخيم على الجميع حينما تمر بهم ، ثم نسوا الأمر و انشغلوا بشائعات أخرى، و عادت هند إلى المرتبة الأولى متجاوزة الأخرى سريعا و لم تسمح لها يوما بعد ذلك باِلتقاط أنفاس أفكارها، و سرعان ما دفنت ذاك الإعجاب عميقاً إلى أن تحلل و اختفى ، و لم تَعُد إلى التفكير فيه مجددا و شغلت نفسها بدراستها و ولعها بالتحف، و لكن القدر يرسم فوق خططك خطتهُ غير آبهٍ.

ميلاد قزم أحمر Where stories live. Discover now