تَنهَّدَ الطَّبيبُ مُعَلِّقًا سَمَّاعَتهِ عَلى رَقبَتِهِ بَعدَمَا كَشفَ سَريعًا عَلى مُعَدَّلِ سُرعَةِ نَبَضَاتِ قَلبِ لُوى.
"مَاذَا بِى؟"
سَألَ لُوى بنَرفَزَةٍ وَاضِحَةٍ كَون مَلامِحِ الطَّبيبِ لا تُبَشِّرُ بخَيرٍ البَتَّة.
"حَسَنًا، لقَد جِئتَنَا مُنذُ يَومَينٍ فَاقِدًا الوَعىَ تَمَامًا، قُمنَا بالتَّحليلاتِ الكَامِلَة فوَجدنَا أنَّك تُعَانِى مِن.. سَرطَانِ الرِّئَة."
وَقعَت كَلِمَاتُ الطَّبيبِ عَليهِ كالصَّاعِقَة، تَصَنَّمَ مَكانَهُ غَيرَ قَادِرٍ عَلى النُّطقِ بحَرفٍ، مِن صَدمَتهِ بالأمرِ قَهقَه بتَقَطُّعٍ عَلى حَالهِ، فهُوَ وَحدَهُ حَتَّى بأصعَبِ الظُّرُوفِ كـ تِلك.
"مَا مَرحَلُتى؟"
سَألَ بخُفُوتٍ ليَتنَهَّدَ الطَّبيبُ عَالِمًا بمَشَاعِرهِ المُحَطَّمَةِ الآن.
"للأسَفِ بمَرحَلةِ شِبه مُتأخِّرَةٍ، لقَد أَهمَلتَ حَالتَك حَتَّى بَعدَمَا خَرجَ مِنك الدَّمُ، لكِن بِكُلِّ الأحوَالِ هُنَالِك أمَلٌ، سنَفعَلُ مَا بِوسعِنَا حَتَّى تُصبِحَ مُعَافَى تَمَامًا."
لَم يُعَلِّق لُوى عّلى حَديثِه وفَضَّلَ الصَّمتَ مُفَكِّرًا، أَأصبَحَت أيَّامُه مَعدُودَةً؟
"هَل هُنَالكَ شَخصٌ مَا تَوَدُّ الإتِّصَالَ بهِ؟"
كانَ الطَّبيبُ مُشفِقًا عَليهِ وعَلى حَالَتهِ بشِدَّةٍ، فهُوَ صَامِتٌ يَنظُر للفرَاغِ بتَشَتُّتٍ، ويَبدُو أنَّه لَم يتَقَبَّل حَقيقَةَ مَرَضهِ بَعد.
"أُ-أُريدُ الإتِّصَالَ بـ زين."
نَهَضَ الطَّبيبُ لرُكنٍ فى الغُرفَة وأخَذَ هَاتِفَهُ مِن عَلى المِنضَدَةِ ليُنَاوِلَهِ إيَّاه.
"تَفَضَّل هَاتِفَك، أيضًا كُلَّ مُتعَلَّقَاتِك هُنَاك، سَأكُونُ بالخَارِج إن احتَجتَ شَيئًا." أَومَأ لُوى بهُدُوءٍ ولَم يُكَلِّف نَفسَهُ حَتَّى بالنَظَرِ لَهُ، زَمَّ الطَّبيبُ شَفَتَيهِ مُرَاعِيًا ظَرفَهُ ثُمَّ خَرَجَ تَارِكًا لَهُ مِسَاحَتهُ الشَّخصِيَّة.
بأصَابِعٍ مُرتَجِفَة قَليلًا أَمسَكَ بهَاتِفِه ضَاغِطًا رَقمَ زين، وَضَعَهُ عَلى أُذُنهِ ليَأتِيه صَوتُ زين.
"وأَخيرًا تَذَكَّرَ الوَغُدُ لُوى صَديقَهُ." تَحَدَّثَ زين بـ مَرَحٍ كعَادَتِهِ لكِن تَلَقَّى صَمتًا مِن الطَّرَفِ الآخَرِ لـ يُردِف بقَلَقٍ.
"لُوى؟ أمَازِلت هُنَاك؟"
"نَعَم، زين.. أَيُمكِنُك المَجِئُ إلىَّ الآن؟"
كانَ صَوتُ لُوى مُنخَفِضًا وضَعيفًا ليُزيدَ مِن قَلَقِ زين الذِى نَهَضَ فَورًا مُتَّجًهًا للخَارِج.
الفَصلُ الثَّالِث والثَّلاثُون.
ابدأ من البداية
