الحرية

5.4K 407 61
                                    

يرن هاتف قيس باستمرار ويشعر قيس بالارتباك، وينظر نحوي.

- قيس: عدنان.

تجاهل قيس المكالمات وركضنا مع أسماء ومجموعة النساء إلى السيارة التي تتواجد أيضاَ في القبو تحت الأرض، تعجبت فكيف سنخرج من هنا.

- أسماء: هنالك طريق تحت الأرض سنتخذه حتى نصل إلى الجسر الذي سيخرجنا إلى جبل، ومن بعدها سنتجه إلى الميناء حيث السفينة التي ستهرّبنا.

- أنا: سفينة؟ ألن يحدث ما حدث لنا أنا وقيس.

- أسماء: لا تقلقي ...لا يوجد جاسوس هنا غير قيس هذا ..ولن يذهب معنا إلى السفينة بالطبع.

يومئ قيس الذي يمشي بصمت، وأنا ألاحظ الخوف في عينيه، أمسكتُ بيديه وابتسم نحوي بابتسامة صفراء.

ركبنا السيارة وجلست بجانب قيس في الخلف، بينما تقود أسماء السيارة وكارمن تجلس في المقعد الأمامي مجهزة السلاح أسفل مقعدها، أمسك قيس بيدي وتنفس الصعداء، ثم انطلقت السيارة بأسرع ما يمكن، لأتفاجأ بمجموعة من السيارات وهي تلاحقنا.

شعرتُ بالتوتر، وكأن الجيش سيظهر أمامنا في أية لحظة للقبض علينا، ولكن في الوقت ذاته شعرتُ بالحرية، وبالأمان، وكأنني أنتمي بين هؤلاء النساء اللواتي كنُ يصرخن بأعلى أصواتهن، لتكون أصواتهن بعلو أصوات محركات السيارات، صوت الحرية، صوت النضال، صوت الحب وصوت الايمان.

نظرت أسماء نحوي وهي ضاحكة، لأجد نفسي أيضاَ أضحك وأصرخ، ولكن لم يكن قيس في نفس هذه الحلقة، وكأنه في عالم، ونحن في عالم آخر، ترك قيس يدي وشرد في ذهنه للحظات، ولكنني تمسّكت بيده ووضعت رأسي على كتفه، قبّل قيس وجنتي ثم همس في أذني.

-قيس: أحبكِ، وحبي لكِ يقهر الأبدية، يقهر الحروب، ويتعدى مفهوم البشرية.

نظرتُ نحوه وأنا أشعر بذلك، بهذا الحب الذي يتعدى مفهوم البشرية، ووجدتُ أتردد مجدداَ، ربما علي البقاء، هنا في حضن قيس، وأن أرضى بهذا المصير، وربما سيرضيني الموت إن كان بقربه، ولكن لم أستطع، لم أستطع أن أكون بهذه الأنانية وأن أجعل موت والدي، وما حل بآدم، وما حل بحزب المضيئين، وما فعلته والدتي، أن يذهب سدىَ، كان علي القتال، وحلمتُ بذلك المستقبل الذي حلمنا به قيس ونحن في تلك السفينة تلك الليلة.

- أنا: إن لم تستطع رصاصة قتلنا...لن يستطيع أحد أن يفرقنا...سنجد ذلك المكان الذي نستطيع أن نكون أحراراَ فيه..وسنكوّن عائلة وننجيب أطفالاَ احراراَ.

يبتسم قيس فوراَ ويتمسّك بي.

- كم هي جميلة هذه اللحظة، لن أمانع أن تكون هذه اللحظة هي آخر لحظة لي في هذه الدنيا...الهواء الطلق، وانتي بين ذراعي

عندما شهدتُ مقتل أبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن