الفصل التاسع عشر

ابدأ من البداية
                                    

كان ضرغام يستمع الى كلماته المتحلاقة التي كانت اشبه بوابل رصاص يخترق عقله ومسامعه ..يالهول ما سمعه للتو ! كان لديه شك صغير ببرائة ناز ولكن الآن هو متأكد اشد التأكيد بعد تأكيد كمال وكلماته التي اعتلها نبرة الندم والتحسر ..هل من المعقول انه خسر حب امرأة طاهرة بلحضة طيش وتهور وتسرع ! كان كمال يبكي وقد جثى على ركبتيه وامسك رأسه بين يديه ..مازالت الصدمة تشل ضرغام بالكامل ..ارتسمت على وجهه نضرة جمود خطيرة تشبه السكون الذي يسيطر على البحر قبل العاصفة صرخة واحدة مدوية اطلقها ضرغام وهو يهجم على القضبان مجددا ..وابل من الشتائم خرج من فمه وهو يضرب بكل ما أوتي من قوة عسى ان تتحطم القضبان ويخرج من خلفها ليمسك بكمال ويبرحه ضربا الى ان يخرج روحه !

-اخرسوا جميعا وكفاكم ضوضاء ..تعال انت الضابط يريد التحقيق معك

تقدم احد رجال الشرطة وهو يحمل عصا سوداء اللون قصيرة بعض الشيء وقام بفتح زنزانة ضرغام وجره كمن يجر الخروف ..حاول ضرغام الهجوم على زنزانة كمال لكن الشرطي ركله في بطنه وجره بكل ذل نحو مكتب التحقيق

*

كانت سهى مستلقية على الأريكة في حضن والدتها وهي تبكي بمرارة ..حاولت والدتها تهدأتها وهي تضمها الى حضنها وتهدأ من روعها ..

-لا اصدق انه طلقني بهذه السرعة وبهذه السهولة

صرخت سهى بلوعه وهي تحاول الابتعاد عن والدتها والدموع تغرق وجهها المصفر

-استغفر الله العظيم واتوب اليه ..حسبي الله ونعم الوكيل عليك يا سامر كلما سامحتك تعود لعمل شيء يدمر كل ما بناه

شهقت سهى بألم وغطت وجهها بكلتا يديها وهي تبكي

-تحملته سنين طويلة ولم يتحملني ثلاثة اشهر ! لا اصدق ..تخلي عني كما يتخلى عن قطعة قماش بالية ..انا اكرهه اكرهه صرخت بعبارت الكره وهي تجري لتدخل غرفتها لتصفع الباب بقوة ..تردد صدى انصفاق الباب في البيت الصغير احتضنت الجدة مصطفى الصغير الذي كان مرتاعا بسبب بكاء والدته المرير

-سامر ...دمرت ابنتي حسبي الله ونعم الوكيل ..حسبي الله ونعم الوكيل

دخلت غرفتها لتبكي على حبها الذي دفن ليموت ولن يرى النور بعد ذلك..بكت وبكت وبكت الى ان استنفذت طاقتها وهدأت بعدها

-أنا أكرهه !! صرخت بداخلها لكنها كانت تجيب نفسها بنفس اللحظة

..-بل تحبينه حتى وان قتلك وها انتي تبكين الأن كالبلهاء

مسحت الدموع عن وجهها الرطب وتوجهت نحو الحمام ..فتحت صنبور المياه وأخذت تغسل وجهها وتدعكه بكل قوتها لدرجة ألهبت وجهها الرقيق نضرت الى وجهها المحمر في المرأة وأبصرت القلادة التي مازالت تزين رقبتها الناصعة البياض ..امسكتها بيد مثلوجة وسحبتها بعنف لتنقطع ولتقع الميدالية على ارض الحمام الباردة وليتردد صداها مع الكلمات التي نطقتها سهى بألم -أنها النهاية يا سامر

اهرب منك الليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن