الفصل السادس عشر

Start from the beginning
                                    

-سهى بنيتي ارجوك انتضري ! استدارت سهى ناحيتها بسرعة وهي مازالت تتشبث بأبنها وقال من بين اسنانها وقد تطاير شعرها هنا وهناك بفوضى بسبب

-لا تقولي ابنتي ..لو لم تكوني كبيرة في السن لقلت لك كلام اقسى من ان تتحمليه ..لكني مازلت فتاة مهذبه ولا اشتم كبار السن ! اجابتها احلام بصوت مهتز على وشك البكاء

-سامر يتعذب يا سهى وكل هذا بسببي ..لا استطيع النوم لا استطيع تناول الطعام ..انا مذنبه وانتي فقط من يستطيع ان يعيد حياتنا الى مجراها الصحيح ..فكري يا ابنتي في بيتك وفي زوجك ولا تحرمينا من مصطفى يا سهى ..هذا أخر رجاء لي ...!

انصرفت بعدها احلام وراقبتها سهى وهي متجمدة في مكانها لا تجرؤا حتى على الحراك وكأن هناك قوى جباره تثبتها في مكانها تمنعها من التحرك حتى ..ذكريات الماضي ..تلك الذكريات المؤلمة التي مرت امامها وكأنها شريط سينمائي لتبث التخدر في مشاعرها وجسدها. كل ما كانت تفكر فيه احلام هو ابنها سامر ..ألم تفكر فيها هي ؟ وفي عذابها !! في سهرها لليالي تلعق جراح قلبها كالحيوان المصاب ..تعزي نفسها بخسارة اعز انسان على قلبها ! راقبت احلام تعود لتجلس في مكانها ووضعت رأسها المتعب بين يديها وبجانبها تجلس يسرى ونادية واولادهم .. تنبهت أخيرا الى شد مصطفى الذي تضايق من تطويقها له ..حررته من سجن ذراعيها وانزلته الى الأرض واتجهت نحو الشارع العام لتأخذ اول سيارة اجرة تمر من امامها وجسدها يرتجف بالكامل بسبب تذكرها لذكريات الماضي التعس !

محطمة ..مكسرة ..مهشمة ..بلا روح ..بلا ماضي ..بلا حاضر ..بلا احاسيس كانت ناز مستلقية على احدى الأرائك في شقة والدها القديمة في المدينة الساحلية وقد مر على مكوثها فيها ثلاثة ايام ثلاثة ايام من العذاب ..من الألم ..من الآسى ..من الوجع ..لو كان الأمر يقتصر على الوجع الجسدي لكانت الآن تتماثل للشفاء من تلك الختوم التي ختمت بجسدها جراء اغتصابه لها ..لكن ما يختلج في نفسها وفي اعماق روحها هو أمر يتحدى وصفه بالألم .. عينان محمرتان تحيطهما الهالات السوداء الداكنة اللون ..وجه مصفر وفم شاحب مرتجف مستقليه على هذه الأريكة منذ يومين بلا طعام ولا شراب ..انتحار بطيء .. مرت احدى الشاحنات في الشارع فأوقعت احدى البراميل الحديدة ...كان الصوت مدويا وقويا ومفزعا !! اجفلت ناز من الصوت ووقعت من الأريكة وهي ترتجف ..زحفت نحو طرف الأريكة وتشبثت بالخشب المحيط بالأريكة وهي ترتجف ...حركت رأسها بحركات مضطربه وبسرعة خاطفة ..يمينا وشمالا لتتأكد من انها وحيدة في البيت ! ..كان قلبها يخفق بشدة وجسدها يرتعش بكامله ..وضعت يديها على اذنيها حتى تمحوا ذلك الصوت الذي ذكرها بصوت اعنف منه واقوى منه ..صوت تلك الرصاصة التي اطلقت قبل يومين ..في تلك الغرفة التي شهدت زواياها ألمها وعذابها وذلها ... بعد ان انتهى منها واحتضان جسدها بطوق من النار ..وترك وصماته عليه ..نهض من السرير بتثاقل واخرج ذلك المسدس الاسود ذي البكرة الصغيرة وتقدم منها ليقول جملته التي قتلتها وقتلت جزئيات روحها المتبقية ..

اهرب منك الليكWhere stories live. Discover now