النهاية (عبق الماضي)

Start from the beginning
                                    

افلتت قهقهاتٍ مُستمتِعةٍ من فم فينوس الصغيرة ما ان أشارت إليها والدتها بضع اشارات، صرخ أدهم مُنتفِضًا من نومه بألم ولا زالت اسنان الصغيرة متشبّةً بخدّه بقوّة، كبح يداهُ عن رميها على الارض لحنقه واكتفى بالهمس بحدّة:
- فينو، اترُكي وجه بابا لكي لا يغضب.

افلتت اسنانها عن خدّ ابيها وقبّلت فمه وعادت للضحِكِ وكأنّها تُدغدغ من قِبل الملائكة، ابتسم مُرغمًا وهو يُداعِبها قائلًا:
- ها قد افقِتُ من النوم، ماذا تُريدُ ابنتي الحُلوة؟
حاولت عضّ والدها مرّةً أُخرى فحملتها والدتها هامِسةً بضحكة:
- يكفي يا فتاة؛ فأبيكِ سيُطلّقني إن اقتربتِ منهُ هذه المرّة.

- صباح الخير كراميلا، صِدقًا سأفعلها ذات يومٍ مع شغب هذه الفتاةِ المُتوحّشة.
قالها مُدلّكًا خدّه وما ان قبّلت وجنته حتّى ابتسم كطِفلٍ صغير وأشار لخدّه الآخر لتُقبّلهُ بحنانٍ وتقول:
- لن تستطيع الخلاص مِنّي بهذه السهولة، هيّا فلديكَ يومٌ طويلٌ برفقة الأولاد.

ٌرنّت ضحكتها العاليةُ كجرسٍ يُفجّر السعادة بروحه وابنتها تنشِبُ اسنانها الصغيرة الحادّة بيد والدها فسارعت بحملها وخرجتا وشتائمُ أدهم تكالهُما سويّا، بعد دقائق ترجّل للأسفل وقد ارتدى ثيابًا رياضيّةً سوداء تلائمت مع قامته الضخمة الرجوليّة وقد زادتهُ السنينُ شغبًا وكأنّهُ يصغرُ عامًا بعد عام، وذلك الشيبُ الطفيفُ الذي زيّن شعره ولحيته الكثّة زاد من جاذبيّتهُ وغيرة كاميليا عليه من فتيات الجيل الجديد.

في منزِلهِما الذي جمعهُما طوال الأعوام السابِقة وتحديدًا بصالة الطعام المُرتّبة بذوق كاميليا جلس على رأس طاوِلة الطعام ومن حوله ابنائهُ الثلاثة الذين ردّوا عليه تحيّة الصباح بتهذيب بينما ركض أصغرُهُم ذو الخمس سنوات ليُقبّل والدهُ قائلًا بمرح:
- ستأخُذنا الى الملاهي اليوم؟!
- لن تذهب اليوم يا فُرات؛ فلدينا تدريب مُصارعة.

قال الأكبرُ سِنًّا بينما أضاف ذو التسعة أعوام:
- اليوم ستكونُ هُنالِك مُفاجاة، لذا لا تخرُجوا من المنزِل.
- حقًّا؟ وما هي المُفاجأة يا جوزيف.
سأل الصغيرُ بحماس ليُجيب جوزيف بمشاغبة:
- كيف ستكونُ مُفاجأة إن أخبرتُكُم بها.
- تناولوا إفطاركُم وبعدها سنتحدّثُ عن كُلّ ما تُريدون، هيّا يا فُرات.

قال أدهم وهو يُجلِس فُرات على مقعده ليشرعوا بتناول طعامهم بصمت واكتف كاميليا بسعادة رؤيتهم حولها وكأنّ الحياة تُعوّضها بهم عن كُلّ ما عانتهُ من عذاب، لم تكُن حياتها الزوجيّةُ مثاليّةً في السابِق فشعورها بالضآلة يمنعها بالتمتُّع بلحظات السعادة برفقة زوجها ولكن كُلّ حياتها تغيّرت بعد ذلك المعرض؛ فالنجاح الذي حققتهُ في تلك الأعوام نمّى ثِقتها بنفسِها بصورةٍ كبيرة وحتّى تفكيرها بإنجاب الأطفال جاء بعد تلك الفترة.

فمنذُ زواجهُما قد أخبرت أدهم بعدم رغبتها في الأطفال ولم يُصِرُّ هو على إجبارها بل قال بأنّهُ سيكتفي بالاعتِناء بها الى ان ترغبُ بالاطفال، لم يكُن أدهم مُجرّد حبيبٍ وفيّ او زوجًا وأبًا مثاليّ، بل كان ولا زال الكتِف الذي تستنِدُ عليه من تعب الحياة، شاركها أسوأ لحظات حياتها وصنع أجمل ذكريات عُمرها، أعانها على تربية أبنائهما الأربعة ونظرًا لأنّهُم جميعهُم ذكور عدا فينوس الصغيرة فقد كان من الصعب عليها السيطرة عليهم.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: May 11 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

سُكّر غامِقWhere stories live. Discover now