كانت الألوان الزاهية والجريئة تقطُرُ من كُلّ مكان فالحوائط ملوّنة بعدّة تصاميم رائعة وجانب طاولة العرض المُغلقة بزُجاجٍ ملون جعلها تتذكّرُ مكانها القديم الذي يعبقُ بالجمال بالرغم من بساطته ولكنّها رفضت أن تسمح لحُزنها بالسيطرة عليها بل أرادت ان تكون هذه الليلة أجمل ليالي حياتهُما.

جلست على المقعد الذي ازاحهُ لها كِنان بلباقة وقبل ان يجلِس بمكانه امامها بمسافةٍ ليست بالقصيرة قالت بتأفُف:
- أجلب كُرسيّكِ واجلس بجانبي؛ فلن أستطيعُ التحدُّث إليكَ من هذا البُعد.
أطاعها لتبتسِم بعفويّةٍ غير مُهتمّة للقوانين والمسافات التي يصنعها الأغنياءُ فيما بينهُم فحُبّها لزوجها سيكونُ طِبقًا لقوانينها وحدها.

بعد دقائق قصيرة من أحاديثهما حول عطر التي وضعتها برفقة ليليان دلف النادِلُ حامِلًا أطباق العشاء ليضعها بترتيب ظنًّا منهُ انّ كنان سيعود لمكانه وقبل ان يعترِض كنان تبرّعت ريفال بالقول:
- ألا ترى اين يجلس؟ أتُراهُ سيأكُلُ عن بُعد ام ماذا؟!
نظر إليها كنان بحدّة لتهمِس بخفوت مُحاوِلةً تهذيب نبرتها:
- هلّا وضعتهُ هُنا من فضلِك؟.

اشارت إليه امام كنان ليهمِس بتهذيب:
- أعتذِر سيّدتي.
كانت ستتحدّثُ نافيةً لقب "سيّدتي" الذي لا تُحبّهُ ولكن كنان قال بهدوء:
- لا بأس.
غادر النادِلُ لتهمِس بحرج:
- آسِفة، أُحاوِلُ التصرُّف بلباقة ولكنني لا أستطيع.

- لا بأس حبيبتي، بمرور الوقت ستتحسّنين.
قال بعد ان قبّل خدّها ليأكُلا طعامهما بصمت قبل ان يردِف كنان بابتِسامة:
- إذن؟ ما رأيكِ بالمكان؟
- جميل، بل للصراحة أروع مطعم أراهُ بحياتي.

لم تُرِد ان يعودا للتناقُش حول أمر عودتها الى العمل لذا همست بجانب أُذُنه بدلال:
- أرغبُ بأن نبقى وحدنا، هل يُمكنُ ذلك؟
- بالطبع.
قالها بحنانٍ وأشار للنادِل بأن ينصرِف هو والطبّاخ بعد ان وضع أمامه قالب الحلوى الصغير المصنوع من الشوكولا والكرز، أشعل كنان الشمعة اليتيمةُ بمُنتصف القالب وأشار لريفال بالجلوس على حِجره لتقول بتذمُّر:
- لا، فالوزن الذي اكتسبتهُ بسبب ابنتكَ يجعلني أثقل من المُعتاد.

نظر الى جسدها بجُرأةٍ وهو يحفِرُ مُنحنياتها المُكتنِزة بأمومةٍ طاغية قبل ان يجذبها لاستقِرّ على قدميه قائلًا بحُب:
- النساءُ القصيرات عندما يُصبِحن أُمّهات لا يُقاومن؛ فالأمومة والطفولة عندما يجتمعان سويًّا بالأُنثى يُذهِبن بعقول الرِجال، ولذلك أغارُ من كُلّ من يلمحكِ، أرغبُ أحيانًا بأن أضعكِ هُنا على صدري وأُغلِقُ عليكِ معطفي الى الأبد لكي لا يراكِ أحدٌ سواي.

قهقهت بحياءٍ يُداهمها دومًا من كلماته الرقيقة وقالت ببراءة:
- سأُحاولُ ان لا أحقِدُ على ذوات السيقان الطويلة وأُصدّقُ حديثك، هيا لنُطفئ الشمعة.
قرّبها إليه مواجهًا وجهها وقال:
- قبل ان نُطفئ هذه الشمعة هُنالكَ حديث يجِبُ ان أقولهُ، بما انّنا تجاوزنا كُلّ ما سبق يجِبُ ان لا نصنع المزيد من المُشكِلات؛ فيُمكننا مناقشة كُلّ شيء بهدوء دون ان نلجأ للعصبيّة والصراخ، يجِبُ ان ننام كُلّ ليلةٍ براحة دون ان يكون أحد منّا مجروحٌ من الآخر، وأخيرًا يا حبيبتي سنعتني بابنتنا سويًّا ونجلِبُ لها الكثير من الإخوة.

سُكّر غامِقWhere stories live. Discover now