الفصل الثاني

Start from the beginning
                                    

  الساعة الحادية عشر وأربعين دقيقة
وقفت ناز أمام المبنى الكبير تتأمله بفم مفتوح لم تظن أبداً أن بناية الشركة سوف تكون بهذا الحجم الشاسع .
لا تدري لماذا لكن أول ما خطر في بالها هو كمال ..بالتأكيد سوف تكون له مثل هذه البناية مع والد مروه فوالدها من أهم رجال الأعمال في البلد ولن يسمح لصهره أن يعمل محاسباً في الشركة مطولاً

دخلت من جانب رجال الأمن الذين كانوا جامدين كأنهم رجال مصنوعين من صخر ..دخلت من جهاز تفتيش الزائرين لتدخل إلى القاعة الكبيرة التي كانت تضج بالناس الداخلين والخارجين الذي يمسك هاتفه الثمين ويتحدث والذي يحمل عدة أوراق ويقوم بمناقشتها مع زميله موظفين موظفين موظفين كل هذا العدد الهائل من الموظفين في هذا المكان هل هناك فرصة لتجد عملاً هنا ؟
ذهبت مباشرة إلى مكان الاستعلامات
بدا لها الموظف لطيفاً جداً
قالت له مع ابتسامة مهذبة
: مرحباً أود لقاء السيد ضرغام
تغيرت ملامح الرجل الذي قدرت ناز عمره أنه في العقد الرابع من عمره
: السيد ضرغام ؟ رئيس الشركة ؟
:نعم !
:ربما تقصدين العم ضرغام المسؤول عن طلبيات الشاي والقهوة في الشركة
تجمد وجه ناز من الصدمة والقت نظرة على ملابسها بالرغم من أنها ترتدي جينز عادي و قميص عادي رخيص إلا أنها لم تكن سيئة المظهر لهذه الدرجة ّ!
قالت له بقليل من العصبية وهي تخرج البطاقة من جيبها الخلفي وتريها إياها
:من فضلك خذني إلى مكتب سيدك على الفور
تغيرت ملامح الرجل وهو يرى البطاقة التي تحتوي على توقيع المدير ,قام بإرشادها بنفسه إلى المكتب هناك لاقت ناز السكرتيرة الخاصة بسيد المكان التي بدت كمروى تماماً نفس العنج هي والنظرات الدنيوية التي تنظر بها إلى ناز وكأنها اأميرة أو سلطانة ..نظرت ناز بنرفزة إلى السكرتيرة التي كانت تستأذن من السيد ضرغام لإدخال ناز إلى المكتب ونظراتها مازالت تتفحص ناز بشكل مستمر . يا إلهي ما هذا المكان المليء بالمتعجرفين
وأخيراً دخلت ناز إلى مكتب ضرغام بعد تلك الجلبة التي حصلت منذ دخولها إلى المبنى
كان المكتب كبيراً وواسعاً جداً إنه أكبر من شقتهم المتواضعة بمرتين يحتاج وقت طويل للوصول إلى نهايته حيث يوجد هناك المكتب الخاص بالمدير ...نظرت ناز فرأت خيوط دخان تنبعث من الكرسي الذي كانت لا ترى سوى ظهره وهي متسمرة ...رائحة السجائر الفاخرة ملأت أنفها و أرسلت دغدغة لمشاعرها
لطالما تحسست ناز من رائحة السجائر لكن هذه المرة لا بدت الرائحة لذيذه ممزوجة بعطر رجالي من النوع الغالي لاشك
:تفضلي يا آنسة بالجلوس ..أنت دقيقة في مواعيدك جداً
جلست ناز على المقعد الوثير في ترقب
استدار ضرغام إلى ناز بسرعة بكرسيه الكبير فارتدت ناز إلى الوراء وكأنه سوف يهجم عليها في تلك اللحظه لقد بدت هيئته مخيفة جداً فهو ضخم جداً وعيناه ونظراته تنبؤها دائماً أنها في خطر
ابتسم ضرغام بسخرية من حركة ناز العفوية وقال لها
:ماذا تشربين يا آنسة ؟
امتعضت ناز من سخريته أثناء حديثة وقالت له
:لا وقت لدي لشرب شيء هل لنا أن ندخل في صلب الموضوع
ضرغام : لما أنت مستعجلة دائماً هكذا ؟
ناز : ولماذا تتحدث معي وكأنك تعرفني حق المعرفة لقد التقيت بك في العرس فقط
: حسناً حسناً
قال ضرغام وهو يغير الموضوع

: قلت لي أنك خريجة لغات وأنا بحاجة إليك هنا
لم تعرف لماذا كلمة أحتاج إليك أثارت فيها رغبة غريبة في هذا الرجل فاحمر وجهها خجلًا وقالت بسرعة لكي لا يلاحظ خجلها
: نعم سيدي فأنا خريجة وأنا الثانيه على دفعتي ولا شك أني سوف أكون عند حسن ظنك
: جيد جيد
قاطعها ضرغام دون أن يترك لها المجال لإكمال حديثها
: تستطعين من الغد ابتداء العمل يا آنسة
ناز: ماذا بهذه السرعة ؟ بدون اختبار بدون أي شي ؟
: قلت لك مسبقا أنت مناسبة جداً للوظيفه لكن هناك شيء آخر يا ناز ..
قال اسمها بنبرة غريبة جعلت ناز تحس إحساساً غريباً وكأنها تسمع اسمها بهذه الحلاوه لأول مرة
ناز : ماهو سيد ضرغام ؟
نظر إليها بعينيه البنيتان نظرة سخرية وقال
: ملابسك يا آنسة لا تناسب العمل عليك إيجاد شيء أكثر رسمية
اشتعل وجه ناز خجلًا من ملاحضته حول ملابسها يا إلهي لقد قلتها منذ أن دخلت لهذه الشركة في اللحضة الأولى أنها شركة مليئة بالمتعجرفين فقط
ناز : حسناً أمر آخر يا سيد ؟
ضرغام : كلا يمكنك الذهاب إلى قسم توظيف الموظفين الجدد والاستفسار عن مواعيد العمل
قامت ناز من الكرسي وهمت بالانصراف من المكتب لكن في تلك اللحضه التي كانت تود أن تفتح فيها الباب دخلت امرأة في كامل أناقتها ذات شعر برغندي صارخ اللون ومشت ببطئ ودلال دون أن تنظر إلى ناز وكأنها غير موجودة
: حبيبي لقد اشتقت إليك لماذا لم تجب علي البارحه ؟
: وداعا سيد ...
لم تكمل ناز جملتها لأن ضرغام لم يكن ينظر اليها حتى كان يهمس في أذن تلك المرأة التي رمت نفسها عليه وهي تهم بالخروج .فخرجت وأغلقت الباب من خلفها

: حسناً يبدو أن العمل في هذه الشركة لن يكون سهلًا أبداً   

  بعد أن خرجت ناز قام ضرغام بدفع المرأة التي كانت ترمي نفسها فوقه برفق قائلاً
: رشا كم مره علي أن أقول لك استأذني قبل أن تدخلي المكتب !!
: أوووه حبيبي ضرغام لقد كنت مشتاقة جداً لم أستطع الانتظار أكثر من ذلك قالت هذا وهي تضع يديها بجرأة على صدره المفتول بالعضلات وتكمل قائلة :أنت لم تجب على إتصالاتي البارحة
..وهمت بتقبيله لكنه أدار وجهه فوقعت قبلتها على وجنته
ضرغام : من هذا الذي كنت معه في نادي الفروسية ؟
ارتبكت رشا وابتعدت عنه وهيه تقوم بتعديل فستانها القصير الذي يظهر أكثر مما يخفي وهي تقول مرتبكة
: إنه صديق العائلة يا حبيبي والده يعمل مع والدي على صفقة ما .
: جيد
قال ضرغام وهو يخرج سيجارة وويضعها في فمه
ناز : حبيبي ألن تأتيني اليوم ؟ لقد اشتقت لك ...
قاطعها ضرغام بعصبية

: أنا مشغول جداً في هذه الايام يا رشا لا تكوني لحوحة هكذا !!
رشا : حسناً حبيبي قالت وهي تحتضنه من الخلف ووقفت على أطراف أصابعها لكي تهمس في أذنيه بوقاحة
: سوف آتي انا إليك اذا ...
وعندما لم تجد أي تجاوب من ضرغام حملت حقيبتها وخرجت من المكتب بعد أن ودعته
أما ضرغام فقد كان في عالم آخر بعيد كل البعد عن رشا ...لقد كان ينظر من نافذة مكتبه نظرات سوداء خالية من أي تعبير غير الحقد للفتاة التي كانت تحاول عبور الشارع في زحمته للوصول إلى مكان سيارتها القديمه ...حسناً يا ناز لقد جئت بقدميك للفخ ..لن تستطيعي أن تفلتي من يدي ....  

اهرب منك الليكWhere stories live. Discover now