7/ الموافقة

81 7 4
                                    


   في المساء دخلت لمار إلى الغرفة حتى تطمأن على حالة زوجها لتتفاجأ بأن الحمى قد إشتعلت في جسده وضعت يدها في جبينه لتجده بالغ السخونة وقد بدأ يتعرق بشدة وما لبثت شفاهه بالإرتجاف.

"يوسف هل أنت بخير؟" قالتها لمار بخوف شديد لتبعد الأغطية عنه ثم أحضرت آنية بها ماء وطلبت من جمان إحضار الطبيب.

ركضت جمان بأقصى ما لديها لتجد الطبيب يقف بالقرب من الباب ويهم بذهاب أمسكته من قميصه وطلبت منه القدوم ليفحص والدها فهو مصاب بالحمى، نفث الطبيب الهواء بإنزعاج ثم ذهب معها.

  رجع فراس الى البيت ليجد الطبيب خارج من غرفة والده ليشعر بالخوف.

ـ ما الأمر أيها الطبيب ...ما به والدي؟

ـ لا تقلق والدك بخير لقد أصيب بالحمى، يبدو بإنه قد تبلل كثيرًا ليلة أمس إعطه هذة الأدوية كل خمس ساعات وسيصبح بخير.

   إبتلع فراس ريقه وشعر بالراحة بعد ما سمع حديث الطبيب ليذهب الى أبيه، كانت لمار واقفة بجانبه واضعة قطعة قماش باردة على جبينه، جلس بالقرب منه ثم أمسك يده ناظرًا إليه همس قائلًا "كن بخير أبي!".

  مرت الأيام بسرعة وبدأت حالة يوسف بتحسن
في هذا اليوم غادر من سريره وخرج الى الحديقة، إستنشق كمية كبيرة من الهواء وشعر بتحسن كبير فقد إعتنت به لمار جيدًا.

  صُوب أنظاره تجاه أرجوان التي كانت تجلس تحت الشجرة وتمسك ورقة وقلم، جلس وراءها خلصة ليجدها ترسم دوائر صغيرة وتحتها خطوط مستقيمة وأخرى متعرجة كانت مهتمة جدًا بما تفعل حتى شعرت بأنفاس والدها فأبتعدت بسرعة، أتكى يوسف على الشجرة ثم سألها قائلا: ماذا ترسمين؟

ـ لا شئ ... ردت ارجوان بخوف ثم نظرت اليه لتجده رافعا أحد حاجبيه صححت إجابتها "أرسم حلم يراودني كل يوم".

ـ أحكيه لي أريد أنا أعرف ما الذي تحلم به طفلة صغيرة مثلك!

ـ أحلم بدوائر صغيرة تطير في السماء وترتفع عاليًا لتلامس السحب ثم أجد نفسي بداخلها!

تعجب يوسف من حديثها وأغمض عينيه قائلًا "خيالك واسع إنه مجرد حلم فالأنسان منذ خلق لا يستطيع الطيران ولن يقدر على ذلك".

ـ لما لا! نحن لا نعيش وحدنا لابد أن يكون هناك أحد قد فعل ذلك بينما نحن نعيش في هذة القرية النائية أبي أنا أشعر بالإختناق أريد الخروج من هنا ...

تذكر يوسف حديث إبنه " أريد الهرب منك! " ليعقد حاجبيه بغضب ثم صرخ في أرجوان قائلًا: بحق السماء من أين لك هذا العقل لما تتحدثين كأنك شخص بالغ أشعر أحيانا بأن حديث والدتي صحيح!! صمت يوسف عندما رأى الدموع تتساقط من عيني إبنته ليضمها الى صدره ويعتذر من حديثه ثم همس قائلًا: لما أنا سريع الغضب حتى طفلتي الصغيرة لم تسلم من  غضبي!.

خرجت جمان مع والدتها لإحضار بعض الأخشاب لتصدما بيوسف نائما وواضعًا أرجوان في صدره، كان منظرهما رائعا ويشعرك بسعادة إقتربت لمار من زوجها ونظرت إلى وجهه بدا لها كطفل صغير، قالت جمان لأمها: هل نتركهما هكذا أنا حقًا أحببت منظرهما، وافقتها والدتها ليذهبا الى عملهما.

                             *  *  *  *  *

  دخل فراس الى غرفته في المساء ليجد والده جالسا وحاملًا الكمان في يده، تغيرت ملامح فراس وأكتسى الخوف قلبه بوقار، قال يوسف ببرود "لا تريد أن تصبح تاجرًا من أجل هذا؟".

إبتلع فراس ريقه وشعر بأن قلبه يكاد أن يتوقف ليكمل والده " لماذا لم تحاول إخباري من البداية؟".

"كنت أعلم بأنك لن توافق"، أكتفى فراس بقول ذلك

ـ هل تعلم الغيب أنت فقط جبان، إذا لم تستطع
مواجهتي فكيف يمكنك مواجهة العالم الخارجي هل تظن بأن الأحلام تتحقق دون أي جهد أو تضحية.
أكتست الصدمة وجه فراس ليقول " أبي أنا أريد أن أكمل دراستي وألتحق بالجامعة ليس لي رغبة في تعلم التجارة".

نظر يوسف إليه ثم أبعد أنظاره عنه قائلا " هذة حياتك إفعل بها ما تشاء". أغلق يوسف باب الغرفة وترك إبنه مصدومًا مما قال.

مرت الأيام بسرعة وقد أكمل فراس عامه الدراسي وتحصل على معدل جيد يسمح له بتقديم للجامعة حينها أفصح عن رغبته في الذهاب الى باريس كانت رغبته شبه مستحيلة لكن عندما صرح فراس بأن هناك رجل عجوز يعيش هناك وهو يرغب في مساعدته طلب منه والده احضاره للمنزل حتى يتعرف عليه فما كان له إلا أن ينتظر موسم الشتاء فذلك هو موعد قدوم القوافل التجارية .

سأل يوسف متسائلا عن مهنة ذلك الرجل ليجيبه فراس قائلا: السيد " الفريد " يتاجر بالألات الموسيقية وهو دائم السفر مع القوافل التجارية ليجمع أكبر قدر من الألات المختلفة من كل بلد أو قرية يزورها أخبرني أيضا بأنه عربي الأصل لكنه قضى جُل حياته في باريس كان الجميع فضوليين ليعرفوا ما هي باريس وأين تقع وهل هي مدينة كبيرة أم بلدة صغيرة؟ ليظل فراس يتحدث عنها طوال الليل .

يتبع...

ــــ ــــ ـ ــــ ــــ
ـ ـ ــــ ـ ـ ـــــ ـ ـ ــــــ

فصل صغنون النت عندي زفت 😠💔 ما يرسل فصل طويل ما كان عندي خيار غير أرسل فصول صغيرة.

 أحلام تائهة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن