6/غير متوقع

78 6 3
                                    


بدأت لمار تقاوم غبضته حتى تستطيع التنفس وما بين محاولاتها أمسك فراس يد والده وأبعده عنها بقوة جعلته يقع على الأرض! 
تفاجأت لمار من تصرف إبنها، لتجده يقول مخاطبًا أبيه "أمي ليست دمية تلهو بها كما تشاء إن حاولت مرة أخرى إيذاءها فأعلم بأني سأنسى كونك والدي!".

خفض يوسف رأسه للحظات ثم وقف سريعًا مقلصًا المسافة بينهما، حاولت لمار تهدئة زوجها لكنه لم يستمع لها وقد وجه لإبنه لكمة قوية جعلته يسقط أرضًا، شهقت لمار بفزع وحاولت مساعدته في تلك الأثناء صاح يوسف قائلًا: أتظن كونك صرت شابًا سأسمح لك برفع صوتك علي! جلس بالقرب منه ثم أكمل: منذ متى وأنت تخدعني وتدعي بأنك تذهب إلى المدرسة، ما الذي تخطط له؟

  نظر فراس الى أبيه بغضب شديد ثم قال "أخطط للهرب منك... وعندما يحين الوقت المناسب لن تجدني في حياتك البائسة!" وقبل أن يكمل حديثه أمسكه والده من عنقه وألصقه على الحائط حتى تقطعت أنفاسه.

حاولت لمار إنقاذ إبنها لكنها ضعيفة ولا تقدر على فعل شئ وشعرت بأنفاسه تتقطع ويكاد أن يموت بين يديه!. أمسك فراس يد والده وحاول تخليص نفسه منه لكنه كالصخرة الصماء لم يتزحزح أبدًا لكن بعد لحظات شعر بإرتخاء عضلاته ثم هوى واقعا على الأرض وممسك بمؤخرة رأسه نظر فراس له ثم إلى والدته التي تحمل قطعة خشبية فأدرك بأنها قد ضربته بها، جلس على الأرض متحسس عنقه وجمع أكبر كمية من الهواء ثم أتجه إلى حيث أبيه قام بتفحص نبضه فوجد أنه ما زال حيًا، أمسك والدته من كتفيها ثم هزها قائلًا "لست مذنبة في شئ ما زال والدي بخير.".

"لقد حاولت قتله أنا زوجة سيئة!" قالتها لمار ثم أجهشت ببكاء مرير.

أوقفها فراس قائلًا بحزم "توقفِ عن كونكِ الملامة في كل شئ وساعديني في حمله إلى السرير حتى أعالج جرحه"، إستمعت لمار له وقاما بتطهير الجرح ولفه بضماد. 

                            *  *  *  *  *

  في اليوم التالي إستيقظ يوسف على صوت إبنيه كانا يصرخان ويحاول كل منهما الإمساك بالآخر حتى عاقبتهما لمار وأخرجتهما خارج المنزل فقد ملأ الأرضية بالوحل المنتشر في كل مكان، أعاد يوسف إغلاق عينيه عندما شعر بألم حاد في رأسه تلمسه بيده ليتفاجأ بضماد .

   جلس على حافة السرير محاولًا تذكر ما حدث بالأمس فلم يستفد شئ غير وجع الرأس، رفع عينيه ناحية الباب ليجد أرجوان تجلس القرفصاء وتنظر إليه بعينين بريئتين وقفت من مكانها وسارعت إليه ليقعدها على قدميه راسمًا إبتسامة في ثغره...

"هل يألمك رأسك بسبب هذا الضماد؟"  قالتها أرجوان بعفوية ليرد عليها بنعم، إستندت على قدمه ثم جلست على السرير طالبة منه وضع رأسه بالقرب من قدميها، فهم يوسف ما ترمي إليه فأستلقى على جانبه تاركًا إيها تدخل أصابعها الصغيرة في خصلات شعره وتقوم بتخليلها ثم بدأت بدلك جبينه، شعر يوسف براحة كبيرة فقد إعتاد هذا الأمر من زوجته.

"ما رأيك بالحياة صغيرتي؟" قالها يوسف وقد نسي بأن من يحادثها طفلة صغيرة، عقدت أرجوان حاجبيها وكأنها تفكر ثم قالت "إنها شئ معقد جدًا ولا أجد لها وصفًا مناسبًا".

تعجب يوسف من إجابة إبنته فهو لم يتوقع أن تفهمه، همّ بجلوس ثم قال "أحتاج حبة لوجع الرأس لا أدري أين وضعت الحبوب آخر مرة".

إبتسمت أرجوان ثم قالت " أنا أعرف مكانها"، وإتخذت طريقها إلى طاولة صغيرة بالقرب من النافذة أخرجت منها الحبوب ثم حملت مقعدًا صغيرًا ووضعته بالقرب من طاولة أكبر بها إبريق ماء تفاجأ يوسف من تصرفها وطلب منها النزول حتى لا تقع لكنها لم ترد على حديثه، سكبت الماء في الكأس بصعوبة وحملته إليه، أمسكه من يدها ونظر اليها ليجدها تضع يدها في جبينها قائلة: لقد كان الأمر مرهقًا جدًا كيف لأمي خدمتنا جميعًا دون أن تشعر بتعب؟!

إبتسم يوسف على طريقة حديثها وراوده شعور بندم فقد تذكر ليلة أمس حين أمسكها من عنقها وبدأت كل الأحداث تتوالى عليه. 

                           *  *  *  *  *

من جهة أخرى كانن فراس يجلس وحيدًا بالقرب من النافذة ولا يُبدي أي إهتمام للدرس، نظر المعلم إليه وخالجه شعور بندم حين لمح جرح على شفته السفلى وخده المتورم فقد علم بأن ما قاله ليلة البارحة جعل يوسف غاضبًا جدًا. إنتهى الدرس حينها وجد ليث الفرصة ليقعد مع صديقه وتفاجأ من إصابته.

ـ أهذا بفعل والدك؟

ـ أهناك أحد غيره ...

ـ لكن لما فعل بك هذا!

ـ لقد علم بكل شئ، أخبرته برغبتي في الهرب لهذا جُن جنونه وحدث ما حدث.

إلتزم ليث الصمت ولم يعرف ما يقول حتي يواسي صديقه فهو لا يظهر ضعفه وحزنه أمام أحد ويلعب دور البارد الذي لا يهمه شئ.

   في المساء دخلت لمار إلى الغرفة حتى تطمأن على حالة زوجها لتتفاجأ بأن الحمى قد إشتعلت في جسده وضعت يدها على جبينه لتجده بالغ السخونة وقد بدأ يتعرق بشدة وما لبثت شفاهه بالإرتجاف.

يتبع...

ــــ ـ ــــ ـ ــــــ ـ ـــــــ
ـ ـــــ ـ ـــــــ

ما رأيكم بالفصل؟

إنطباعكم عن يوسف وباقي الشخصيات، ارجوان، فراس، لمار، ليث؟؟!

 أحلام تائهة Where stories live. Discover now